في عالم الوكيل - يحيى علي وإبراهيم عزب: أن تجمع بين الأهلي والزمالك

الثلاثاء، 31 ديسمبر 2019 - 13:56

كتب : فادي أشرف

يحيى علي + إبراهيم العزب

"يمكنك تغيير الكثير في حياتك، انتمائك السياسي، ديانتك، زوجتك، لكن لن تستطيع أبدا تغيير فريقك المفضل"، هكذا قال إريك كانتونا النجم الأسطوري لمانشستر يونايتد، وهكذا هو حال الكرة المصرية منذ قديم الأزل.

لا يتجمع الأهلي والزمالك، أو جمهورهما، على شيء، لكن الآن هناك قاسما مشتركا بينهما قد لا يعرفه كل الجمهور. يحيى علي وإبراهيم عزب.

في عالم الوكيل، سلسلة يطلقها FilGoal.com قبل انطلاق سوق الانتقالات، نحاول فيها فهم عالم وكيل اللاعبين بشكل أكبر، فهو في النهاية الطرف الأقل ظهورا من بين النادي البائع والنادي المشتري واللاعب، وبالتالي، هو الطرف الخفي على طاولة التفاوض.

الثنائي أحد أهم الوكلاء في السوق المصري، ويمتد عملهما للخليج العربي وأوروبا، ولمعرفة مدى أهميته، يكفي أن تعلم أنهما وكيلا كلا من ريني فايلر مدرب الأهلي وباتريس كارتيرون مدرب الزمالك، بجانب إخراجهما للعدد الأكبر من اللاعبين المصريين المحترفين أوروبيا.

"لا أظن أنها نعمة أن تكون قريبا لتلك الدرجة من تفاصيل الفريقين، الأمر يجعلك متحفظا للغاية في حديثك مع كل الناس، لأنك في النهاية تعلم تفاصيل كثيرة عن الفريقين وهذا بسبب الثقة المكتسبة على مر السنين التي تتطلب جهدا كبيرا للغاية ليس فقط لاكتسابها بل أيضا للحفاظ عليها وهو الأهم". يتحدث يحيى صاحب الظهور الإعلامي الشحيح لـFilGoal.com. "السرية هي أساس مهنتنا، في وجهة نظري، لا أظن أن الوكيل يجب أن يكون ظاهرا إعلاميا بشكل كبير".

يضيف يحيى "ليست هناك معايير بحذافيرها لكيفية العمل في مجال التسويق الرياضي وخصوصا في مصر. عوامل كثيرة تساعد في أن تنجح كوكيل مثل الخلفية الدراسية والذكاء الاجتماعي والاستمرارية والتعلم من الأخطاء والنجاحات وأهمهم بالطبع التوفيق من الله. قد يعتقد البعض أن الأمور تصبح سهلة أن تصبح وكيل لاعبين فور إتمام أول صفقة لكن على سبيل المثال انتظرت أنا وإبراهيم 4 سنوات كاملة قبل إتمام الصفقة الأولى. ليس هناك مجال لليأس في هذا المجال لأن بالفعل إن لم تجتهد، سيكون هناك شخص آخر يعمل أكثر منك للنجاح."

يشرح يحيى – المهندس في الأساس - أن طريقة عمله تختلف كثيرا عن المتداول عن وكلاء اللاعبين، وهنا يظهر صاحب الفضل الأكبر في النجاح، إبراهيم عزب، الرجل الذي يعمل خلف الكواليس في صمت. يمكن تلقيبه بأنه المسؤول التقني عن الأمور، الخبير الفني الذي يعقد المقارنات بين اللاعبين ويحلل احتياجات كل فريق سواء من ناحية المدربين أو اللاعبين.

"في معظم الأوقات، يشرح النادي احتياجه من اللاعبين بنسبة نجاح 70% فقط، الـ30% المتبقية هي عملنا في توفير هذا المطلب أو المشاركة في إيجاد حل أفضل للنادي"، يتحدث يحيى الذي يبدي فخرا شديدا بدور المستشار الفني الذي تؤديه شركته بجوار المهام التفاوضية المعروفة. "قد يأتي لنا مدير كرة أو مدير رياضي ويطلب منا ضم مهاجم رقم 9، هذا الطلب يعني أن له مواصفات خاصة، لكن أحيانا تكون الطلبات مركبة، على سبيل المثال أن يكون مهاجم بإمكانه اللعب كجناح عند الاحتياج وفي بعض الأوقات يحدد النادي إذا كان يريده أن يلعب على الجهة اليمنى أم اليسرى، علينا أيضا مراعاة عدة أمور من بينها الميزانية الموضوعة لإتمام الصفقة من حيث قيمة الانتقال وراتب اللاعب وهذا شيء مهم، لأن كل لاعب يختلف وضعه عن الأخر، وكل ناد وشروطه. على سبيل المثال هناك أندية تضع بنودا تساعد في المفاوضات وأخرى تضع بنودا تساعد في حالات معينة مثل الاختلاف بين الانتقال المحلي والخارجي أو قيمة انتقال محددة لتاريخ محدد يصبح بعده البند لاغيا".

فكرة أو وظيفة المدير الرياضي في أوروبا لا توجد في مصر، بحسب يحيى، يؤدي الثنائي دور المستشار الفني أكثر من دور المفاوض أو الممثل للاعب أو للنادي، بعكس الأمر الأصعب في مهنته حسبما يصف، وهي الصفقات الخارجية.

يشرح يحيى "كنا وكلاء في صفقة انتقال لاعب أرسنال السابق ناصر بارازيت من مالاتياسبور التركي إلى الجزيرة الإماراتي وأيضا مدافع المنتخب الأسترالي رييس ويليامز إلى القادسية السعودي. هذه هي الصفقات الأصعب في مهنتنا، لا يفوق تلك الصفقات صعوبة لأنك في معظم الأوقات لا تعرف اللاعب والعكس ولم تتقابلا وجها لوجه من قبل. يليها صفقة انتقال لاعب مصري لناد أوروبي لأن الأندية المصرية عندما تسمع باهتمام ناد أوروبي بأحد لاعبيها، تبالغ جدا في طلباتها المادية وبعض الصفقات (تطبخ على نار هادئة) لمدة قد تطول عن سنة".

وسبب الصعوبة أن "أهم ما في هذه المهنة هو بناء الثقة، وهذا ما يصعب الكثير من الصفقات. الأمر يأخذ وقتا، وأظن أننا حققنا ذلك، أن تكون الثقة موجودة بشكل طبيعي".

تلك الثقة، حسبما يصف يحيى، صارت سببا في كونه مسؤولا عن استقدام مدربي الأهلي والزمالك الحاليين.

هنا يتحدث عزب عن وجهة الأندية باختيار المدرب "العالم كله يتجه للمدربين صغار السن، المدرب الأكبر سنا يفضل أن يكون مشرفا على الأمور مع وجود بعض الاستثناءات ويترك الأمور لمساعديه، انظر للمدربين الناجحين حاليا، كلهم شباب، بيب جوارديولا وزين الدين زيدان واريك تين هاج لم يتعد أي منهم سن الـ50 إلا بقليل. المدرب الشاب تكون لديه مرونة كبيرة في التعامل مع اللاعبين والظروف. اللاعبون اختلفوا عن أي وقت مضى. التعامل الفردي مع كل لاعب صار من أهم الأشياء في عالم كرة القدم الحديثة. اللاعبون حاليا مفاهيمهم عن العالم مختلفة تماما عن التسعينات وما قبلها. في يوم يتحكم به التواصل الاجتماعي والشركات التي تدير أمورا كثيرة للاعبين مثل حقوق الإعلانات وأشياء أخرى، كرة القدم ليست المصدر الوحيد للرزق للاعبين الآن، صار بإمكانهم الكسب من الإعلانات المتلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي. وهنا يأتي دور المدرب الشاب الذي يعرف كيف يجعل لاعبيه بكامل تركيزهم في الملعب، مثلا في 2019 حسب الإحصائيات، كريستيانو رونالدو ربح من إنستاجرام أكثر من عقده السنوي مع يوفنتوس. الأمور أصبحت أكثر جدية الآن ونظرة العالم للاعب الكرة أصبحت مختلفة عن الماضي مما يجعل دور المدرب في التعامل خارج الملعب له أهمية أكبر من قبل".

هنا يوضح يحيى أن هدفهما من البداية كان "فتح المجال للاعبين المصريين للانتقال للأندية الأوروبية".

يحيي علي كان وكيلا في العديد من الصفقات الضخمة، مثل انتقال محمد صلاح من المقاولون العرب إلى بازل، ومن بازل إلى تشيلسي، وانتقال محمد النني من المقاولون العرب إلى بازل كذلك، ورحيل أحمد حمودي وعمر جابر عن سموحة والزمالك على الترتيب إلى نفس النادي السويسري، وكذلك انتقال محمود حسن "تريزيجيه" من الأهلي إلى أندرلخت البلجيكي، ثم إلى قاسم باشا التركي، وصفقات أخرى مثل انتقال محمود عبد المنعم "كهربا" إلى لوزيرن السويسري من إنبي، وعبد الله جمعة من إنبي كذلك إلى يونيون برلين، وانتقال ستانلي أوهاويتشي معارا من وادي دجلة إلى الزمالك، ثم من دجلة إلى القادسية السعودي، وكذلك انتقال حسين الشحات من مصر للمقاصة للعين الإماراتي.

"حينما خرج محمد صلاح من بازل إلى تشيلسي، كان أغلى لاعب يخرج من الدوري السويسري"، يبدأ يحيى، بفخر شديد، سرد بعض من الأرقام القياسية التي حققها "نحن أكثر شركة أدخلت عملة صعبة للأندية المصرية سواء عن طريق البيع المباشر، أو نسب إعادة البيع، كما أننا كنا الوكلاء في أضخم صفقات لأندية مصر للمقاصة ووادي دجلة وبالطبع للمقاولون العرب".

في تلك النقطة من الحوار يتذكر علي وعزب واحدة من أكثر اللحظات سعادة في مسيرتهما، لا ليس انتقال محمد صلاح إلى تشيلسي، بل الأمر خاص بلاعب آخر.

يقول عزب "إبراهيما نداي لاعب لوزيرن الحالي ووادي دجلة السابق كان مشروعا وخطة بيننا وبين دجلة وتحققت بنجاح كبير، فكرة خروج لاعب من السنغال إلى أوروبا من خلال الدوري المصري بهذا النجاح وأن يصبح هداف فريقه السويسري حاليا في الموسم الأول له في أوروبا، حققنا فيها نموذج إدارة لاعب أجنبي ومشروع نجاحه بشكل جيد ونتنبأ له بمزيد من النجاح".

Image result for ibrahima ndiaye

نداي انتقل لوادي دجلة عندما أتم عامه الـ18 من دياراف السنغالي في أغسطس 2016، وبعدها بعام خرج معارا لنادي إرجوتوليس اليوناني المملوك أيضا لماجد سامي مالك وادي دجلة، ثم انتقل مطلع الموسم الجاري إلى لوزيرن السويسري.

سجل 20 هدفا وصنع 13 مع دجلة في 75 مباراة، وفي هذا الموسم سجل 5 أهداف للوزيرن السويسري.

وهنا يشدد يحيى على أهمية الصعود خطوة بخطوة مثل حالة نداي "النجاح السريع أو الفشل السريع هما عدوا أي وكيل، قبل أي سوق انتقالات نقيم اللاعبين في آخر سنة أو أكثر. لا يوجد لاعب يأتي إلى ناد ومعه ضمان للنجاح".

للثنائي قصص نجاح مع وادي دجلة، حيث كان يحيى وكيلا لفلوران مالودا حين انتقل للنادي القاهري في النصف الثاني من موسم 2016/2017، حيث يروي يحيى "ماجد سامي أراد إتمام صفقة من تلك النوعية، ضم لاعب عالمي في الملاعب المصرية كانت فكرة جديدة وتتطلب ناديا طموحا للغاية وهو الأمر الموجود في وادي دجلة".

ويضيف "مالودا كان في الهند وتحمس لفكرة اللعب في مصر، والأمور تمت بسلاسة شديدة، والإعلام العالمي تحدث عن الأمر ووضع الكرة المصرية تحت بؤرة الضوء".

وهنا كشف يحيى عن أمر جديد، هو أن لاعبين من نوعية ديدييه دروجبا ومايكل إيسيان كانا مرشحين للعب في وادي دجلة، إلا أن الأمور لم تصل لمرحلة الجدية في النهاية.

ويكشف يحيى بأن "نجاحنا ليس ملكنا وحدنا، لدينا شركاء مثل أحمد يحيى وإسلام الملاح وهما من الوكلاء الكبار في مصر، وكذلك تلك المهنة أكسبتنا أصدقاء حقيقيين رغم العمل الاحترافي، مثل ستانلي ومؤمن زكريا".

ويتم "مؤمن شخص رائع وصديق جيد جدا، بعيدا عن كونه لاعبا موهوبا وصاحب إنجازات كبيرة للغاية، نحن دائما سعداء بالتعاون معه وفي انتظار عودته للتألق، التعامل مع مؤمن لطالما كان ومازال شرفا لنا فهو قدوة في الشخصية لكثير من اللاعبين".

طالع أيضا

التعليقات