شوقي غريب يعيد اختراع نفسه

الأحد، 17 نوفمبر 2019 - 15:59

كتب : فادي أشرف

شوقي غريب

اللاعبون والمدربون في كرة القدم الحديثة يعانون أكثر بكثير من نظرائهم السابقين. العلم تطور وإمكانيات الملاعب والتدريب صارت أفضل، ولكن ماذا يفعلون مع "الميمز" والـ"كوميكس"؟

مع الوقت، تصبح الكوميكس والميمز هي الحقيقة، لن يلق خبر تخطي كريم بنزيمة لأسطورة ريال مدريد ألفريدو دي ستيفانو في عدد الأهداف المسجلة في البطولات الأوروبية نفس رد الفعل لو تخطاه روبرت ليفاندوفسكي مثلا، لأن بنزيمة في عالم الكوميكس هو علامة إضاعة الفرص السهلة.

الكوميكس والميمز يصنعان الحقيقة الآن، والهروب منهما أمر شبه مستحيل، لأنهما يصنعان سمعة تلتصق باللاعب، أو المدرب في حالتنا هنا، للأبد.

مسيرة شوقي غريب كرجل أول ليست طويلة، بالطبع علامتها الأكثر تميزا هي برونزية كأس العالم للشباب 2001، ولكن دون ذلك، لم تحظ مسيرة غريب بنجاح كبير.

بالعكس، مع المنتخب الأول فشل فشلا ذريعا، لم يفز رسميا إلا ضد بوتسوانا ذهابا إيابا، وخسر من تونس والسنغال هنا وهناك، هتافات "روح يا شوقي" قبل 5 أعوام كانت تهز استاد القاهرة بعد الخسارة من السنغال، قبل أن يلحقها بخسارة أخرى من تونس وخروج مذل من تصفيات كأس أمم إفريقيا 2015.

من هنا، التصقت سمعة جديدة بغريب، لم يعد صاحب الإنجاز المونديالي الوحيد في تاريخ الكرة المصرية بل تحول للمتهم الرئيسي في ثالث فشل في التأهل للبطولة التي حصل عليها رفقة حسن شحاتة كرجل ثان 3 مرات.

فيديو شوهد 35 ألف مرة على يوتيوب، عنوانه "شاهد .. ماذا فعل شوبير في الاستديو للعثور على خطة شوقي غريب" كان أحد أجزاء عديدة من سمعة جديدة التصقت بغريب، ولاحقته حتى تعيينه مدربا للمنتخب الأولمبي، القرار الذي أخذه مجلس إدارة اتحاد الكرة السابق ولاقى بشكل مفهوم انتقادات عديدة.

ومع تحقيق المنتخب الأولمبي للعلامة الكاملة، ووقوفه على بعد فوز واحد من مباراتين مقبلتين للتأهل إلى الأولمبياد في العام المقبل، ذهبت الإشادات إلى اللاعبين ومدى قتالهم للوصول إلى طوكيو، ونسي الجميع شوقي غريب.

غريب 2001

"أنا بدين بالفضل لمجموعة اللعيبة دول، المجموعة دي هي اللي عملت شوقي غريب، مش شوقي غريب اللي عملهم. ساعات اللعيبة هي اللي بتظهر المدرب (بشكل كويس)، وساعات المدرب بيحتاج يعمل مجهود عشان يظهر اللعيبة بشكل كويس، دي الخبرة، وأنا في 2001 مكانش عندي الخبرة دي"، بلكنة محافظة الغربية التي مازالت تلازمه، لا يتحدث غريب في أي فنيات عن اللاعبين في حديثه مع مقدم برنامج "كورة وبس" على قناة النهار، وصانع ألعاب ذات الجيل ومساعد غريب الحالي، وائل رياض "شيتوس".

يعيد غريب ما حدث في الأرجنتين إلى أداء اللاعبين "الذين يستطيعون إدارة المباراة، في أحيان كنا نتدرب دون أن تصدر من اللاعبين كلمة، وكانوا يعرفون أين يتواجدون دون أن ينادوا على بعضهم البعض".

بعمر الـ42 عاما، ذهب شوقي غريب للأرجنتين بغرض مشاركة على الأغلب ستكون منسية في كأس العالم للشباب، بعد أن حل نفس المنتخب ثالثا على إفريقيا.

البداية كانت تعادل سلبي مع جامايكا، ثم خسارة سباعية أمام المستضيف.

الخروج من الدور الأول أصبح واقعا ينتظر فقط التنفيذ، ولكن على العكس تأهل رفاق حسام غالي ومحمد شوقي وجمال حمزة، وحصد المنتخب الميدالية البرونزية، الإنجاز الذي استند عليه شوقي غريب في كل خطواته اللاحقة.

إنجاز غريب وضعه ضمن جهاز حسن شحاتة بعد ذلك، وحققا رفقة حمادة صدقي وأحمد سليمان ثلاثية تاريخية.

الخلافات ضربت علاقة شحاتة بغريب بعد ذلك، ولم يصدر من الثنائي ما يشير إلى عودتها إلى مجاريها، حيث اتهم المعلم غريب في حوار مع قناة دريم بأنه قال "إنه يشيع (أي غريب) هو من يفعل كل شيء، كيف أهنئه على تولي تدريب المنتخب الأول وهو يفعل ذلك!".

ولكن رغم الخلاف، استفاد غريب من شحاتة في أمر اعتاد المعلم على فعله حين يضع تشكيل المنتخب.

"أكبر عدد من لاعبي كرة القدم"

لن تجد من يصف حسن شحاتة بالمدرب التكتيكي المميز، ولكن ستجد الكثيرين سيصفونه بأفضل مدرب تقني قد تشاهده.

وضع حسن شحاتة وعدا عاما بكرة قدم جميلة، لكن تلك الكرة الجميلة ليست نتيجة لخطة معينة يضعها المدرب، ولكن بسبب وضعه لكل لاعبيه المتمكنين من فنون كرة القدم في أكثر وضعية تساعدهم داخل الملعب، هذا سيعني التخلي عن فكرة الأجنحة بسبب راحة محمد أبو تريكة ومحمد زيدان في اللعب في العمق، واختراع مركز جديد أمام خط الدفاع لهاني سعيد للاستفادة من قدراته على التمرير في المساحات الضيقة، وهكذا.

"نلعب لعبنا"، كلمة اشتهر بها حسن شحاتة الذي سيطور من مهارات اللاعب الفردية لاستخلاص أفضل ما يمكن للاعب إنتاجه على أرض الملعب في أكثر وضع مريح بالنسبة له داخل الملعب.

استلهم شوقي غريب ذلك الأمر من المعلم، ربما يكون ذلك سبب تطبيقه لخطة 3-3-1-3 غير التقليدية مع المنتخب الأولمبي، للاستفادة من رمضان صبحي في الجناح الأيسر ومنح مصطفى محمد الحرية اللازمة للتواجد حينما يفضل، داخل المنطقة، والاستفادة من انطلاق أحمد فتوح وكريم العراقي الهجومي، رغم المتاعب التي قد تسببها تلك الخطة من مساحات واسعة بين أكرم توفيق وزملائه في الأمام، ومجهود بدني زائد على الظهيرين.

يروي الإعلامي أحمد شوبير في برنامجه الإذاعي على إذاعة "أون سبورت" حوار هاتفي جمعه بشوقي غريب عقب الفوز على الكاميرون في ختام دور المجموعات لكأس أمم إفريقيا تحت 23 عاما، أكد فيه غريب فيما معناه رغبته في وضع أكبر عدد من لاعبي كرة القدم في الملعب، مع منحهم الحرية داخل الملعب، لدرجة أن غريب قال لشوبير "منحت رمضان صبحي حرية تامة داخل الملعب، حتى إذا أراد النزول للتحضير مع ثلاثي الدفاع".

ربما يعتمد غريب على مدرسة قديمة رائدها هو حسن شحاتة الذي لم يحقق نجاحا تدريبيا قبل حوالي عقد من الزمان، ولكنها تحقق الانتصارات، ولكن في جعبة غريب هناك سلاح آخر.

"مثل والدنا"

يقول عمار حمدي لاعب المنتخب الأولمبي، الذي صار عنصرا أساسيا بعد إصابة ناصر ماهر: "على المستوى الشخصي، غريب شخصية مميزة وجميع اللاعبين يحبونه. لم يبخل علينا بأي شيء ويهتم بأدق التفاصيل مثل مشاهدة الفنادق والتأكد من جودة الأغذية. طالبنا بضرورة وجود الروح والإرادة. يتعامل معنا كوالد ونحن أبنائه، لم يتلفظ ضدنا بأي لفظ على الإطلاق".

في حوارات FilGoal.com مع 7 من لاعبي المنتخب الأولمبي قبل انطلاق البطولة، لم يتطرق أي لاعب لخدعة تكتيكية فذة أو مران مميز أو خطة محكمة من شوقي غريب، بل كان أول ما أشاروا إليه عندما تم سؤالهم عن المدرب هو "شخصيته الرائعة، وتعامله الراقي، ومحاضراته الحماسية ووضعه لهدف واضح أمام الفريق وهو الفوز بالبطولة والتأهل للأولمبياد، نعتبره مثل والدنا".

هذا ما حدث حرفيا، عندما قال لمحمد عبد السلام بعد الخطأ الذي تسبب في هدف غانا الثاني "العب وأنا المسؤول عن النتيجة في النهاية".

في حوار سابق مع شوبير على قناة صدى البلد، يروي محمد شوقي – مساعد غريب حاليا – إنه لم يكن على وفاق مع حسام غالي مع بداية تجمع الجيل المتوج ببرونزية 2001، ليقوم غريب بوضعهما في غرفة واحدة في أول معسكر خارجي للفريق، مشددا أن غريب كان يوزع زملاء الغرف بنفسه.

يملك غريب ما يوصف بـ Man Management، أو القدرة على إدارة المجموعة، وإبقاء الكل سعداء مع الحفاظ على النظام. ربما يكون ذلك سر الأداء القتالي الكبير الذي رآه الجمهور المصري من المنتخب الأولمبي، وربما أيضا سر قدرة رفاق محمد اليماني على المرور والحصول على البرونزية رغم تلقيهم 7 ضربات من أصدقاء خافيير سافيولا.

هذا الأداء الذي يقدمه اللاعبون قد يعود لأن غريب وضع هدفا أمامهم، أو لأنهم يحبون غريب، بجانب أهدافهم الشخصية في الظهور والاحتراف وهدفهم الجماعي الذي يشدد غريب عليه دائما.

ولكن بالتأكيد للمدرب دور في هذا المشهد، ربما لهذا السبب يقف غريب على حافة ثاني إنجاز كبير له مع الفئات السنية الأصغر.

بسلاحي وضع أكبر عدد من لاعبي كرة القدم في الملعب، والقدرة على إدارة المجموعة، أعاد شوقي غريب اختراع نفسه بعيدا عن السمعة التي لاحقته، في انتظار تحقيق التأهل للأولمبياد ليصبح لديه إنجازا آخر بعمر الـ60 بعد 18 عاما من أعظم انتصاراته.

طالع أيضا

كروس: ألمانيا الحالية ليست مرشحة لليورو

حازم إمام: رمضان الأنسب لمركز صانع ألعاب مصر

كيف سيتعامل اتحاد الكرة بعد غلق ملعب برج العرب؟

مصدر بالأهلي يكشف موقف النادي من كهربا

إصابة السعيد

مدرب جنوب إفريقيا الأولمبي يثني على مصطفى فتحي

التعليقات