داخل رأس البدري.. كيف يفكر وكيف يلعب

الخميس، 19 سبتمبر 2019 - 22:21

كتب : لؤي هشام

كيف يلعب حسام البدري

"أحب التدريب. كنت لاعبا يتشرب كل ما يفعله المدير الفني للأهلي وللمنتخب، وقد مر علي العديد من الأساتذة".

"تعلمت من محمود الجوهري التنظيم الفني والبدني، تعلمت الخطط وكيف أختار أنسب طريقة لفريقي من هيديكوتي. وتعلمت أن العمل بدون معد بدني لا معنى له".

"أرغب في العمل كمدير فني لأفرض رؤيتي على الفريق واختبرها وأتعلم (..) سواء كنت رجلا أول أو ثان يجب أن تكون مخلصا، تتعلم من الأكبر وتأخذ الإيجابيات منه وتشاهد السلبيات وتتحدث فيها في الوقت المناسب مع المدير، هكذا ستصبح مدربا. وهكذا سرت أنا".

هكذا يتحدث حسام البدري بأريحية عن نظرته ومسيرته التدريبية.

والآن بعد مسيرة حافلة مع الأهلي وتجارب أخرى عدة بات الرجل الأول في منتخب مصر ليقود الفراعنة خلفا لخافيير أجيري (طالع التفاصيل).

ولكن كيف يفكر البدري، وما هي ملامح فلسفته التدريبية؟ هذا ما نحاول شرحه في التقرير الآتي.

لكل مدرب مدرسته الخاصة، والبدري رجل تقليدي تكتيكي من الطراز الأول لديه الرغبة في الانتصار دائما ويعرف كيف يفوز بدون فلسفة، وبارع في الخروج من الأزمات بأقل الخسائر الممكنة.

يُفضل الاستحواذ والتدرج بالكرة بدءا من حارس المرمى صاحب التمريرات المتقنة، ويلجأ فريقه للضغط المتقدم أحيانا، والمتوسط أحيانا أخرى، ولكنه لا يُمانع التراجع الدفاعي والاعتماد على المرتدات مثلا إن كانت مواجهة الخصم تتطلب ذلك.

التوازن والمرونة التكتيكية من أبرز مميزاته.

في بداية المباراة يلجأ البدري لأسلوب الضغط العالي بكل شراسة على الخصم لفرض سيطرته على المباراة وإرباك حسابات المنافس وإجبار لاعبيه على الوقوع في الأخطاء.

خلال امتلاكه الكرة ينتهج التنظيم الهجومي 3-4-3 حيث يتراجع لاعب الارتكاز بين قلبي الدفاع لكي يتسلم الكرة ووجهه للملعب وهو الأمر الذي يساعده على اتساع مجال الرؤية ومن ثم التمرير للأمام.

ويتحول صانع اللعب للاعب وسط بجوار الارتكاز الآخر، بينما يتقدم الظهيران للخط التالي كلاعبي وسط وينضم الجناحان قليلا لعمق الملعب في أنصاف المساحات على يمين ويسار المهاجم.

ومع تلك الخطوات، تصبح الكثافة العددية الهجومية أكبر في عمق الملعب ويمتلك حلّين دائمين على الأطراف، وهما الظهيرين.

تحركات الجناحين في المساحة المتواجدة بين العمق والأطراف وسحب ظهيري المنافس تلعب دورا في أفكار البدري لخلق مساحات لتقدم ظهيري فريقه واختراق الأطراف.

أما في الحالة الدفاعية فيتحول أسلوب لعب الفريق إلى 4-4-2 بتقدم صانع الألعاب مع المهاجم وارتداد الجناحين بجوار ثنائي الارتكاز.

ولضرب ضغط الخصم يعتمد الرجل، الذي قارب الستين من عمره، على تجميع اللعب والتمرير في إحدى الجبهات ثم تغيير وجهة اللعب بسرعة للجبهة الأخرى.

ويركز كثيرا على التمرير ثم التحرك السريع خاصة في عمق الملعب وعمل التمريرات البينية في المساحات بين لاعبي خط دفاع المنافس مع التحركات القطرية للجناحين أو المهاجم أو حتى أحد لاعبي وسط الأهلي المتقدم.

استغلال أنصاف المساحات بين الظهير وقلب الدفاع الأيمن والأيسر في دفاع المنافس، واحدة من أبرز ملامح أفكار البدري.

في الشق الهجومي تلعب التركيبات في كلا الجبهتين فكرة أساسية لاختراق دفاعات الخصوم.

يمينًا يتواجد 3 لاعبين -أحمد فتحي وعمرو السولية وأحمد الشيخ مثالا في الأهلي، ويسارًا نفس العدد -عبد الله السعيد وعلي معلول وجونيور أجاي- لسهولة ضرب واختراق الجبهات أو العمق خاصة أنصاف المساحات بين قلب الدفاع والظهير.

في ولاياته الماضية مع الأهلي قال عن طريقة لعبه الحالية: "أحب جوزيه مورينيو وكارلو أنشيلوتي وزين الدين زيدان وبيب جوارديولا، كل منهم لديه مميزات، أحاول متابعتهم وأركز معهم والتعلم من كل مميزاتهم بالإضافة إلى فكري الخاص".

ويمكننا إضافة أنه يريد دائما اللاعب الجوكر صاحب المردود البدني الكبير الذي ينفذ التعليمات لحماية المرونة التكتيكية لخدمة خطط المدرب داخل المستطيل الأخضر.

فما هو الكتالوج المفضل للاعبي البدري؟

مركز حراسة المرمى

البدري يعطي حارسه دور ثانوي وهو بناء الهجمات بشكل أسرع عن طريق الكرات الطويلة لاستخدام سرعة مهاجميه لفك تكتلات منتصف الملعب للفرق صاحبة الأسلوب الدفاعي.

الدفاع

البدري يعطي ثقته للمدافع القادر على بناء الهجمة من الخلف.

وخبراته تكمن في التعامل النفسي والقدرة على توصيل أبجديات وأسس التمركز التكتيكي إلى لاعبيه، لذلك التمركز والدفاع المثالي، ونقل الهجمة من الدفاع إلى الهجوم هي مبادئ راسخة للمدرب.

كذلك يفضل وجود المدافع الذي يقدم الحلول دائما من حيث القدرة في اللعب في أكثر من مركز بين خط الوسط والدفاع.

مركز الظهير

يفضل مدرب المريخ السوداني الأسبق الأدوار الدفاعية بشكل كبير ليس فقط في التمركز على الطرف لكن أدوار أخرى ابتكرها كالتواجد في خط المنتصف كساتر ثان لغلق الطرق أمام الهجمات المرتدة للأندية المتبارية مع الفريق.

أما عن الشق الهجومي فيفضل المدرب تواجد الظهير على الطرف بشكل مكثف ومنح فرصة للجناح الذي يلعب أمامه بالتواجد في العمق الهجومي لضمان كثافة هجومية في منطقة العمليات.

يمكن أن نأخذ الجبهة اليسرى لـ الأهلي مثالا للتوضيح.

علي معلول النسخة الهجومية الأفضل للبدري، لكن على النقيض كان صبري رحيل يلعب دورا أيضا لإجادته بشكل دائم الأدوار الدفاعية.

خط الوسط

البدري لا يمتلك كتالوج ثابت لكنه يمتلك أساسيات في الملعب لا غنى عنها.. فكرة الاستحواذ التي يراهن عليها دائما.

اعتماد البدري في الوسط الدفاعي يتغير باختلاف المنافس المناسب ما بين ثنائي/ثلاثي دفاعي حديدي أو ثنائي هجومي صريح أو ثنائي ما بين الدفاع والهجوم.

هو مدرب تكتيكي في المرتبة الأولى لذلك أظهر تمسكا كبيرا بعبد الله السعيد في الأهلي لأنه يخدم طريقته الخاصة.

السعيد يجيد تماما ليس فقط اتخاذ القرار الصحيح عقب استلامه للكرة لكن يمتلك ذكاء كبيرا في قراراته الدفاعية بالرغم من عدم امتلاكه للسرعة الكافية والتحرك بدون كرة في الحالة الهجومية.

السعيد ضمن للبدري استراتيجية التمركز المثالي والتحكم في إيقاع المباراة، لذلك قد تكون أولى مهامه مع المنتخب البحث عمن يمتلك مواصفات لاعب بيراميدز الحالي.

خط الوسط المدافع

البدري يريد دائما حماية صانع ألعابه بوجود ثنائي محوري في الوسط، هذا شيء يفعله دائما.

لاعب ارتكاز دفاعي يقوم بإغلاق المنافذ ويجيد الضغط على الخصم مع نقل اللعب للأمام مع لاعب ارتكاز آخر يساند صانع الألعاب بالإضافة إلى صعوده للأمام أثناء بناء الهجمة مع دخول أحد الظهيرين لوسط الملعب.

يركز مدافع الأهلي الأسبق على الناحية الدفاعية جيدا قبل التفكير بالهجوم، ويستخدم في سبيل ذلك لاعبي الارتكاز أصحاب النزعة الدفاعية الواضحة.

خلاف ذلك بدى جليا أن خطة مدرب المنتخب الأوليمبي الأسبق تعتمد على ثنائي يمتلك تأثيرا حقيقيا في الدفاع والهجوم بتنفيذ استراتيجية التمركز المثالي والتحكم في المساحات داخل الملعب.

توليفة أولا تستطيع التحكم في إيقاع ومجريات المباراة وتنوع الضغط وقطع الكرات بشكل سريع ومن ثم إجادة التحول الهجومي بشكل فعال.

أمام الفرق الهجومية يحول البدري الخطة في منتصف الملعب إلى خطة دفاع محكمة وبتركيبة مغلقة تعتمد على الشق الدفاعي ولا مانع في إضافة لاعب ارتكاز دفاعي ثالث حينما يكون متقدما للحفاظ على المباراة والتصدي لمحاولات الفرق الأخرى الجامحة لهز شباك الفريق.

الجناح

يتلخص أهميته في عدة نقاط من أهمها الجملة الفنية الأشهر للبدري في ولايته الثالثة والتي سجل منها الأهلي أغلب أهدافه: تداول الكرة بأكبر شكل ممكن بإتقان والتحرك السريع بين أكثر من لاعب هذا في الدور الهجومي.. وهو ما سنتطرق له لاحقا.

أما عن الدور الدفاعي فيفرض واجبات للأطراف يمينا ويسارا يمينا لمعاونة ظهراء الأجناب. يرغب دائما في ثنائي يتميز بالسرعة للارتداد بشكل سريع لتقليل الضغط على الأطراف كذلك نقل الهجمة للأمام في حالة نجاح الفريق دفاعيا في امتلاك الكرة.

المهاجم

تشبث البدري مع الأهلي بإعطاء الفرصة لوليد أزارو رغم إضاعة الأخير للعديد من الفرص، فما الأسباب التي تقف خلف ذلك؟

تحدث البدري آنذاك، عن دور أزارو في فتح المساحات للقادمين من الخلف وإبعاد المدافعين خارج من المنطقة لتسهيل مهام لاعبي الجناح داخل المنطقة.

فيقول: "أزارو يتمتع بالسرعة والشراسة أمام المرمى، وهذا الأمر كان يفتقده الفريق بشدة بعد إصابة مروان محسن.. أزارو يصل بسهولة للمرمى وهذا أكبر دليل على امتلاكه حس هجومي عالي، رغم إضاعته العديد من الفرص أمام المرمى".

وأوضح "لو نظرنا للأمور بمنطق الهجوم دائما تجاه تعامل زيدان مع كريم بنزيما، سيجب علينا خنقهم فاللاعب يضيع الكثير من الفرص والمدرب يتمسك به رغم الانتقادات".

شاهد هنا كيف تساعد سرعة أجايي وأزارو الكبيرة في التحول للهجوم في أسرع وقت ممكن

لذا فمهاجم سريع ومتحرك ستكون أولى المواصفات التي يبحث عنها المدير الفني لمنتخب مصر في قائمته لتمثيل الفراعنة.

المهاجم الوهمي

البدري يعتبره دائما لاعبه الثاني المفضل، فالمهاجم يتحرك على الأطراف ويشغل المدافعين عن اللاعب الذي يكون دائما خارج اللعبة بدون رقابة ويأتي من الخلف ليتمركز في العمق والمناطق العمياء للمدافعين ليجد الطريق مفروش بالورود للمرمى.

ومع الأهلي لم يجد أفضل من مؤمن زكريا لللعب هذا الدور.

التحولات الهجومية والدفاعية

واحدة من أبرز ملامح ولاية البدري الثالثة مع الأهلي كانت قدرة الفريق على تسجيل أهداف من تحولات وسرعة انتقال من الدفاع للهجوم.

البدري مدرب يعتمد بشكل كبير للغاية في المواجهات الكبرى تحديدا على التحولات الهجومية السريعة سواء كانت هجوما مرتدا باستغلال انطلاق أحد الظهيرين وعمل overlap أو باستغلال سرعات المهاجم لنقل الفريق للحالة الهجومية.

شاهد هنا كيف أصبحت الهجمة مرتدة خلال أقل من 4 ثواني.

أما هنا فمع التحول من الدفاع للهجوم توفرت كثافة عددية خلقت أفضلية على دفاع المنافس.

كذلك ينتقل من الحالة الدفاعية للهجومية سريعا مستغلا الضغط القوي في افتكاك الكرة واستغلال عدم ترتيب صفوف الخصم.

أما عن أبرز الجمل التكتيكية التي شاهدناها رفقة الأهلي فكانت (one-three) بين ثلاثة لاعبين على أحد أطراف منطقة الجزاء، عاملا أساسيا في الكثير من الأهداف التي سجلها فريقه.

يمرر لاعب الكرة لآخر في ظل تحرك لاعب ثالث في المنطقة العمياء خلف دفاع الخصم ليتسلم تمريرة اللاعب الثاني، ومن ثم يصوب أو يمررها عرضية.

"أميل إلى طريقة لعب 4-3-3 لتطبيقها خلال الموسم المقبل مع أدوار مختلفة نوعًا ما لبعض اللاعبين" هكذا قال البدري قبل موسمه الأخير مع الأهلي في حوار سابق لـFilGoal.com موضحا رغبته في تغيير طريقة اللعب.

لذا فصاحب الـ59 عاما لا يُمانع تطوير وتغيير أفكاره وفقا لما يتناسب مع قدرات لاعبيه وإمكانياتهم.

ومع مصر ربما لا تجد الفراعنة يركنون إلى أسلوب واحد وفلسفة ثابتة، بل ستكون كل مباراة وفقا لطريقة المنافس.

المصادر:

- أنا حسام البدري (2) - الرجل الأول.. ومشكلة بونفرير

- كتالوج اللاعب المفضل لحسام البدري

- تحليلات سابقة عن البدري لمحلل الأداء محمود سليم

- الكورة مع عفيفي - تحليل مفصل للعب الأهلي الجماعي وطريقة لعب البدري

اقرأ أيضا:

رسميا - حسام البدري مدربا لمنتخب مصر

فيديو في الجول – لماذا بات البدري مدربا لمنتخب مصر

أول تعليق من المصري بعد استمرار إيهاب جلال

تنوع الهجمات وعزل الخصم.. أبرز نقاط قوة الزمالك مع ميتشو

5 نقاط سيركز عليها فايلر مع الأهلي.. قوة الأطراف وكثافة الهجوم

الجانب الآخر من كرة القدم - الإدمان

التعليقات