مايكل جاكسون والكرة

الخميس، 29 أغسطس 2019 - 23:58

كتب : لؤي هشام

مايكل جاكسون والكرة

كانت الأجواء أشبه بالهيستيرية، الآلاف من الجماهير تتفاعل بحماس بالغ مع الحفل، وتتراقص بنشوة كبيرة على أنغام موسيقاه.

وما إن بدأ عزف مطلع أغنية "بيلي جين" الشهيرة حتى دوى هتاف الجماهير بصوت عال تعبيرا عن سعادتهم بالأغنية الأشهر في تاريخ "ملك البوب".

♬♬ كانت تشبه ملكة جميلة من مشهد فى فيلم

قلت لا مانع، لكن ماذا تقصدين بأنى من سيرقص على الأغنية

قالت إنى من سيرقص على الأغنية

قالت إن اسمها بيلي جين

لأنها تسببت فى ذلك مشهد

بعد ذلك نظر الكل إلى العيون التى حلمت بأن تكون

من سيرقص على الأغنية

كانت الناس تحذرنى مما أفعل وألا أكسر قلوب البنات الصغيرات ♬♬

بدأ ملك البوب في التراقص شيئا فشيئا، وهو يغني، حتى اكتملت ذورة إحساسه بالأغنية فتوسط المنصة وأدى رقصته الشهيرة Moonwalk والتي تُعرف في عالمنا باسم "سحبة مايكل".

فجأة توقف المشهد بأكمله على وضع الثبات، مثلما يحدث في الأفلام، بينما تثبت الكاميرا نظرتها على بطل القصة.. وهنا يظهر صوت الراوي في الخلفية.

حسنا، أعتذر لكم إن قطعت هذا المشهد الرائع عليكم وتسببت في فتور حماسكم، لكني لست هنا للحديث عما تعرفونه بل سآخذكم معي إلى جانب آخر.. اسمحوا لي.

تنتقل الصورة ببطل القصة من مكانه حيث يقف على منصة الحفل وهو يؤدي رقصته إلى مكان آخر حيث الأرض الخضراء لملعب كرة قدم.

يدخل صوت الراوي من جديد: بالطبع لست هنا لأعرفكم من هو صاحب الصورة، جميعكم تعرفون مايكل جاكسون.

ولكن إن كنت أحد القلائل في العالم ممن لا يعرفونه فدعني أعُرفك عليه باختصار.

صُنف كأكثر فنان موسيقي شعبية ومبيعا للأسطوانات في العالم بحجم مبيعات تقدر بأكثر من 350 مليون تسجيل في جميع أنحاء العالم، كما اُعتُبر أهم وأقوى نجم تأثيرا في مجال الموسيقى على مر التاريخ وأول شخصية تدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية 21 مرة على الإطلاق.

جاكسون أحد الفنانين القلائل الذين قدموا مرتين في الصالة الفخرية للروك آند رول وقاعة مشاهير كتاب الأغاني وقاعة رقص المشاهير باعتباره الراقص الأول والوحيد من عالم موسيقى البوب والروك.

وقد حصد مئات الجوائز والعديد من الألقاب أكثر من أي فنان آخر أبرزها 13 جائزة جرامي بالإضافة لجائزة جرامي الأسطورة وجائزة جرامي لإنجاز العمر، 26 جائزة الموسيقى الأمريكية بما في ذلك جائزة "فنان الثمانينيات" و"فنان القرن".

وخلال مشواره الفردي تصدرت 13 من أغانيه الفردية المرتبة الأولى في الولايات المتحدة محققة نسب مبيعات تخطت المليار تسجيل حول العالم.

لكن هناك جانب آخر سلبي في شخصيته فعلاقاته الخاصة وتصرفاته أثارت العديد من الشائعات والجدل وتسببت في اتهامه أكثر من مرة بالتحرش الجنسي بالأطفال، وهو أمر مثار جدل كبير حتى الآن رغم وفاته في يونيو 2009.

حسنا، أعتذر عن الإطالة ولكن قصتنا اليوم ستكون عن علاقته في جانب آخر.. كرة القدم.. قالها الراوي ببطء ووضوح كي يستحوذ على كل حواس المشاهد.

طالع أيضا - (بن لادن والكرة)

وواصل...

"حظا طيبا لمن وصلوا إلى نهائي كأس العالم"، لا يبدو أي شيء غير اعتيادي في تلك التغريدة التي جاءت قبل نهائي المونديال بيومين حيث تعج مواقع التواصل الاجتماعي بمثلها.

ما كان غير اعتيادي أنها جاءت من الحساب الرسمي للراحل مايكل جاكسون مرفقة بصورة له وهو يرتدي قميص فريق نيس الفرنسي لموسم 79-80.

لا تبدو الصورة اعتيادية على الإطلاق، فالجميع يعلم أن علاقة ملك البوب لم تكن قوية باللعبة الأكثر شعبية في العالم، والأدهى أنها ليست بقميص أحد كبار اللعبة وإنما لفريق صغير مثل نيس.

التقطت تلك الصورة لجاكسون أثناء جلسة تصوير خاصة مع مصوره الشخصي تيد جراي عام 1983.

ارتدى جاكسون عدة أطقم في ذلك اليوم لكنه بمجرد أن وضع قميص نيس على جسده رفض خلعه لاحقا، ما السبب خلف ذلك؟ حقيقة لا نعلم.

ربما شاهد المهاجم اليوغسلافي نيناد بيجيكوفيتش يسجل 15 هدفا لفريق الساحل الفرنسي في ذلك الموسم ليقع في حبه.. نعم أعلم أن تلك الإجابة لا تبدو مقنعة ولكنها مجرد مزحة.

في الواقع لا أحد يعلم سبب ارتداؤه لذلك القميص أو من أين حصل عليه بالأحرى، إذ يصر جراي أنه لم يعطه هذا القميص.

بعض الجماهير تفترض أنه ابتاعه خلال إحدى جولاته الموسيقية في الريفييرا حيث مدينة نيس التي يتبع لها النادي.

تلك الصورة كانت قبل أن يصبح جاكسون الرجل الأول في العالم الغنائي، قبل أن يصبح آلة لصناعة الأموال وقبل أن يمثل نجاحه عبئا ثقيلا عليه.

صورة جراي تُظهر رجلا يتعامل على سجيته.

عند وفاة مايكل نشر الموقع الرسمي لنيس تلك الصورة ليثير جدلا كبيرا إذ ظنتها الجماهير صورة مزورة، وهو افتراض مقبول نوعا ما إذ ما الذي يدفعه لتشجيع هذا النادي وهو الذي لا يعرف الكثير عن اللعبة وكل ما قاله بشأنها إنه "لعبها قليلا".

ومع نشأته في ظل عائلة موسيقية وأب قاس كانت كرة القدم مجرد لعبة يشاهد الأطفال في سنه وهم يلعبونها، فقط كان يتعلم الموسيقى ويبدأ خطواته الراقصة.

على الرغم من ذلك أحب جاكسون إقامة العديد من حفلاته في أشهر ملاعب أوروبا.

(تُظهر الشاشة مقاطع عدة متتابعة لجاكسون خلال تواجده بملاعب مختلفة أثناء حفلاته)

ثم يدخل صوت الراوي من جديد:

في جولته الثانية بصيف 1988 مر ملك البوب على عدة استادات شهيرة مثل كامب نو في برشلونة وفيثينتي كالديرون بمدريد والملعب الأولمبي بميونيخ وحديقة الأمراء في باريس.

وذروة تلك الجولة كانت في ملعب ويمبلي القديم أمام 504 ألف من الجماهير من بين مليون ونصف شخص تقدموا بطلب للحصول على التذاكر، وهو رقم لم يقدر أحد على تحطيمه حتى الآن.

بعد 4 سنين من تلك الجولة زار جاكسون ملاعب أخرى كالمونيمونتال معقل ريفيربليت الأرجنتيني، وملعب الأزتيكا الشهير في المكسيك حيث احتشد 500 ألف شخص.

حينها أعاد ملك البوب إلى أذهان الجماهير اسم دييجو مارادونا.. حركة أقدامه ورقصاته ذكّرتهم بدييجو الذي صال وجال على نفس الملعب أمام إنجلترا وبلجيكا وألمانيا الغربية قبل أن يرفع الكأس الذهبية في 86.

مداعبات جاكسون مع الكرة اتخذت منعطفا مختلفا تماما مع نهاية القرن الماضي.

كان طبيعيا أن ترى أسماء أبرز نجوم العالم في الفن يحضرون مباريات في كأس العالم أو دوري أبطال أوروبا، لكن أن تتواجد في ملعب لأحد الفرق بالدرجة الثانية الإنجليزية!

كان ذلك ما فعله مايكل جاسكون حينما حضر إلى ملعب كرافين كوتج الخاص بفولام بدعوة من صديقه مالك النادي، المصري محمد الفايد ليشاهد مواجهة ويجان في أبريل 1999 حيث حيا 12 ألف مشجع.

"الأمر كان مثيرا وشغوفا، الجماهير هنا تشبه الناس الذين يأتون إلى حفلاتي، كانوا يصرخون ويحيون لاعبيهم.. أردت أن أقفز وأبدأ في الرقص لأنني اعتدت على فعل ذلك عند سماع كل تلك الصيحات".

هكذا عبّر جاكسون عن إحساسه أثناء حضور المباراة التي انتهت بهدفين نظيفين لأصحاب الأرض.

بعد المباراة تواجد مايكل داخل غرف ملابس فولام حيث ظن بعض اللاعبين أن من أمامهم مجرد شبيه بملك البوب، بينما حاول البعض الآخر محاكاته برقصة Moonwalk.. وعلق المغني صاحب الـ41 عاما وقتها "بدوا كفريق جيد للغاية يتمتع بروح كبيرة".

بينما قال كيفن كيجان مدرب الفريق اللندني: "بدا وأنه مهتم للغاية بالصور القديمة للجماهير التي التقطت عام 1920 حيث يرتدون جميعا نفس القبعات".

لم تكن تلك الزيارة الأخيرة لجاكسون في ملعب فولام. في أبريل 2011 كشف الفايد عن تمثال لملك البوب في ملعب كرافين كوتج.

لكن الجماهير لم تظهر رضاها عن ذلك التصرف حتى أن أحدهم قال لصحيفة "جارديان": "لماذا؟ لماذا نحن؟ جماهير فولام لا تريد تمثال جاكسون. هذا جنون تماما، لم يفعل أي شيء لنا. إنه آخر شخص نرغب في تواجده هنا".

ورد الفايد على جماهيره أتى ناريا "إن كانت بعض الجماهير الغبية لا تفهم ولا تقدر هذه الهدية فبإماكنهم أن يذهبوا إلى الجحيم".

بعد عامين ونصف أُزيل التمثال ونقل إلى متحف مانشستر الوطني، لكن المالك المصري بعد أن باع النادي إلى شاهيد خان ألقى باللوم على هبوط الفريق لعدم تواجد التمثال.

"هذا التمثال كان ساحرا وإزالته تسببت في غياب الحظ عن النادي والآن علينا دفع الثمن.. عندما أخبرني خان برغبته في إزالة التمثال أخبرته أنه بالتأكيد مجنون".

"كان تمثالا رائعا، تتباكي الجماهير عليه الآن لكننا دفعنا الثمن هبوطنا. بعدها هاتفني خان وأخبرني برغبته في استعادة التمثال لكني قلت له: مستحيل".

في مارس من العام الجاري قرر المتحف الوطني إزالة التمثال نتيجة الإدعاءات التي ظهرت على الساحة من جديد بتحرش جاكسون ببعض الأطفال جنسيا.

وقال المتحدث باسم متحف كرة القدم الوطني: "غيّرنا بعض الأشياء المعروضة خلال الأشهر الماضية كجزء من خططنا لإعادة توزيع القصص التي نرغب في حكايتها ولذلك قررنا إزالة التمثال".

رحلة جاكسون إلى مباراة ويجان وفولام قد تبدو غريبة لكن الأكثر غرابة لم يأت بعد.. السيدات والسادة، هل سمعتم من قبل عن ناد يدعى إكستر سيتي؟

أور جيلر كان رئيسا لذلك النادي الذي عانى من أزمة مالية ليقرر جيلر تنظيم بعض الحفلات لزيادة موارد النادي الذي عانى بشدة في يونيو 2002.

وبالطبع جلب جيلر صديقه مايكل جاكسون ليحيي إحدى الحفلات على أن يذهب نصف ريع الحفل إلى الأعمال الخيرية والمساعدات في إفريقيا.

ظهر جاكسون على المنصة وقدم بعض أغنياته لمدة 10 دقائق أمام 7 آلاف شخص، قبل أن يؤدي الساحر ديفيد بلين بعض خدعه الشهيرة.

سُئل جاكسون وقتها إن كانت إنجلترا قادرة على تخطي الدنمارك في دور الـ16 من كأس العالم في كوريا واليابان وقتها، وأجاب بأن الأسود الثلاثة ستنجح في العبور، ليحصل على تشجيع كبير من الجماهير.

تحقق توقع مايكل جاكسون آنذاك وبالفعل تأهلت إنجلترا، لكنه بالطبع أمر يمكن لأي شخص لا يتابع اللعبة أن يتوقعه.

يضيف سيمون كارتر -أحد الصحافيين مشجعي النادي الذي ينشط في دوري الدرجة الثانية- مزيدا من التفاصيل، قائلا: "مايكل جاسكون كان رئيسنا الفخري لفترة حينما كان جيلر رئيسا للنادي، وهذه قصة طويلة للغاية".

"خلال تلك الفترة أتى جاكسون إلى ملعبنا سانت جايمس بارك خلال إحدى الجولات التي دعا فيها للسلام على ما أتذكر، رؤيته يتواجد على أرض الملعب حاملا شمسيته".

"كان يبدو هذا المشهد خياليا بالنسبة لي: رؤية مايكل جاكسون يسير على أرض الملعب كانت غير قابلة للتصديق".

** كُتب هذا التقرير في الذكرى 61 لميلاد مايكل جاكسون.

-- المصادر:

(https://bit.ly/34cAygT)

(https://cnn.it/2zwKYdc)

(https://bit.ly/2Uhl46X)

اقرأ أيضا

كاريرا لـ في الجول: وكيلي على تواصل مع الأهلي.. وهذا موقفي من تدريبه

خبر في الجول – تعرف على القائمة النهائية لـ الأهلي للموسم الجديد

في الجول يكشف – لماذا فشلت مفاوضات الأهلي مع شميدت

خبر في الجول – وفد الأهلي إلى إيطاليا

سمير عثمان لـ في الجول: وقتي سيأتي مع من يفهمون كرة القدم

تذكروا هذا اليوم التاريخي.. فان دايك أفضل لاعب في أوروبا

التعليقات