بين مؤيد ومٌشكك في وطنيته.. القصة الكاملة لانتقال حارس فلسطين للدوري الإسرائيلي

الأربعاء، 05 أغسطس 2020 - 14:25

كتب : أحمد العريان

رامي حمادة حارس فلسطين لاعبا في الدوري الإسرائيلي

لاعب فريق إسرائيلي يحرس مرمى المنتخب الفلسطيني. هذا الحدث ربما نشهده قريبا جدا.

ورغم غرابة الحدث وصورته القميئة التي قد تثبت في ذهنك بمجرد سماعك به، لكن للخبر أبعاد أخرى.

رامي حمادة حارس منتخب فلسطين الأساسي، انتقل مؤخرا لفريق اتحاد أبناء سخنين الإسرائيلي، ما فتح باب مناقشة هذا الملف من جديد.

بمجرد سماعك للخبر فبالتأكيد ستتهم الحارس بالخيانة كونه يلعب في دوري البلد المحتل لبلاده، لكن ديموجرافيا فلسطين لها أبعاد أخرى عليك فهمها أولا.

رامي حمادة (26 عاما) يُمثل منتخب فلسطين الأول منذ عام 2013، وكان حارسهم الأساسي في كأس الأمم الآسيوية 2019. في فلسطين يقولون بأنه الأفضل منذ اعتزال رمزي صالح حارس الأهلي والمصري وسموحة السابق.

بداية القصة

قبل أيام قليلة، أعلن نادي اتحاد أبناء سخنين الناشط في الدوري الإسرائيلي، استقدام رامي حمادة الحارس الفلسطيني لفريق هلال القُدس السابق بشكل رسمي.

بعض الفلسطينيين هاجموا الحارس وشككوا في وطنيته، مطالبين بعدم حراسته لمرمى المنتخب مجددا.

في المقابل لم يمانع البعض الآخر الصفقة. ولهذا الانقسام أسبابه.

اتحاد أبناء سخنين

لإدراك الموقف من كافة جوانبه، يجب أولا أن تتعرف بفريق اتحاد أبناء سخنين.

اتحاد أبناء سخنين فريق أسسه عرب إسرائيل سنة 1991 في الداخل المحتل، ويلعب في الدوري الإسرائيلي الممتاز ممثلا لمدينة سخنين. والداخل هي المناطق التي احتلها الكيان الصهوني عام 1948.

سكان الداخل سنة 1948 انقسموا إلى قسمين. القسم الأول تركوا منازلهم هربا من الموت، وقضوا بقية حياتهم في المخيمات كلاجئين، والقسم الثاني اختار البقاء في بلده. والآن يُطلق على هؤلاء عرب 48.

فريق مدينة سخنين المحتلة يٌعد هو الفريق العربي الأنجح بين أندية عرب إسرائيل، إذ سبق وتوج بكأس الدولة موسم 2003/2004 بعد موسم واحد من صعوده للدوري الممتاز لأول مرة في تاريخه.

أغلب لاعبي سخنين من عرب إسرائيل. وتكون مبارياته مع فرق المتشددين اليهود بمثابة دربي دموي أحيانا.

مؤيد طنينة صحفي رياضي فلسطيني. تواصل معه FilGoal.com للاقتراب أكثر من المشهد، ولمعرفة أبعاد الصفقة ورد فعل الشعب الفلسطيني حيالها.

يقول مؤيد لـFilGoal.com: "العرب المقيمون في إسرائيل يمثلون جماهير نادي اتحاد أبناء سخنين. هو فريق محسوب على الدوري الإسرائيلي، لكنه الأكثر قرابة للجماهير الفلسطينية".

وأضاف "مباراة اتحاد أبناء سخنين مع فريق بيتار القدس تكون بمثابة دربي. ونادي بيتار القدس هو فريق اليهود المتشددين لمن لا يعلم به جيدا، ويمنع تمثيله من أي لاعب من أصول فلسطينية".

يمكنكم ملاحظة هوية نادي اتحاد أبناء سخنين وجماهيره بمجرد تصفحك لصفحتهم الرسمية بالمناسبة على فيسبوك. كل منشوراتهم بالعربية، وأغلبية التلعيقات أيضا باللغة العربية.

عام 2019 أعلن نادي بيتار القدس ضم لاعب يٌدعى علي محمد. الصفقة قوبلت بوابل من التعليقات العنصرية وردود الفعل الغاضبة من جماهير الفريق منددين بفكرة التعاقد مع لاعب عربي مسلم. فيما بعد تبين بأن اللاعب ليس عربيا بل من دولة النيجر، وليس مسلما رغم اسمه! مع ذلك استمرت الهجمة العنصرية على اللاعب بحجة "هل يفترض بأن نهتف (علي علي) أم (محمد محمد)؟".

القصة السابقة ربما تشرح لك فكر جماهير بيتار القدس، وحجم العداء بينهم وبين اتحاد أبناء سخنين.

لكن دعونا نعود لقصة رامي حمادة. لماذا أقدم اللاعب أساسا على فكرة الانضمام لفريق في الدوري الإسرائيلي؟

يقول مؤيد طنينة لـFilGoal.com بهذا الصدد: "رامي حمادة في الأساس من سكان الداخل الفلسطيني. ولتمثيل المنتخب الفلسطيني، اختار اللعب لفريق فلسطيني، لكن طلبات اللاعب المالية حاليا لم تعد بمقدور أي فريق فلسطيني، بجانب رغبته في اللعب لفريق قريب من منزله، ولذلك اختار الانضمام لفريق اتحاد أبناء سخنين، خاصة أنه الفريق الأقرب للجماهير الفلسطينية".

رامي حمادة من مواليد مدينة شفا عمرو -أحد مدن الداخل المحتل-. في مرحلة الناشئين كان يلعب لفريق هبويل شفا عمرو ثم فريق مكابي نتانيا الإسرائيليين.

وعند بلوغه مرحلة الفريق الأول، كان لا بد ألا يلعب في الدوري الإسرائيلي لكي يتسنى له اللعب للمنتخب الفلسطيني. لذلك اختار اللعب لفريق ثقافي طولكرم الفلسطيني في الضفة الغربية، ثم لفريق شباب الخضر، وأخيرا لفريق هلال القدس منذ عام 2017.

رامي حمادة مثل منتخب فلسطين تحت 17 عاما وتحت 23 عاما. وفي عام 2015 كان أصغر أعضاء قائمة منتخب فلسطين في كأس الأمم الآسيوية لكنه لم يشارك لصغر سنه، قبل أن يكون الحارس الأساسي لمنتخب الفدائي في أمم آسيا 2019.

_ _ _

خريطة فلسطين الحالية منقسمة إلى ثلاثة أجزاء. الضفة الغربية شرقا، وقطاع غزة جنوب غرب فلسطين على الحدود مع مصر، وفي المنتصف يوجد الداخل المٌحتل الذي أصبح تابعا للكيان الصهيوني بعد حرب 1948.

بالتالي. الدوري الفلسطيني مٌقسم إلى قسمين. دوري المحترفين الفلسطيني في الضفة الغربية، وهو مكون من 12 فريقا، ودوري قطاع غزة في الجهة الأخرى.

دوري الضفة الغربية هو الدوري المعترف به دوليا، والذي يلعب بطله في آسيا، أما دوري قطاع غزة فليس معترفا به دوليا.

يفترض أن يلتقي بطل كأس الضفة الغربية مع بطل كأس قطاع غزة سنويا في بطولة من مباراتين ذهابا وإيابا باسم "نهائي كأس فلسطين". لكن تلك المباراة تٌلغى أغلب الوقت لتعذر التنقل بين القطاعين.

_ _ _

مؤيد طنينة يحكي لـ FilGoal.com "في أحد السنوات كان محمود وادي لاعب النادي المصري حاليا، يلعب لصفوف فريق أهلي الخليل -أحد فرق الضفة الغربية- ثم تنقل مع فريقه إلى قطاع غزة للعب مباراة الإياب في نهائي كأس فلسطين بعد إقامة الذهاب في الضفة الغربية. قوات الاحتلال رفضت عودة اللاعب للضفة، وبالتالي اضطر للانضمام لفريق اتحاد خان يونس في قطاع غزة قبل أن يرحل إلى النادي الأهلي الرياضي الأردني، ومنه إلى النادي المصري".

كل هذه الأمور بررت لدى الجماهير الفلسطينية انضمام رامي حمادة لفريق اتحاد أبناء سخنين، بعكس لاعبين آخرين.

مؤيد يوضح هنا "وضع رامي حمادة أقل وطأة من عبد الله جابر الذي انضم في وقت سابق لفريق أبويل حيدرة. تلك الصفقة قوبلت بغضب جماهيري أكبر".

عبد الله جابر مدافع فلسطيني من الداخل الفلسطيني أيضا. مواليد مدينة الطيبة المٌحتلة، وبالتالي يحمل الهوية الزرقاء "الإسرائيلية" بجانب حيازته لجواز سفر فلسطيني.

لعب لمنتخب فلسطين في الفترة من 2014 وحتى 2020 أكثر من 50 مباراة دولية. ومؤخرا اختار الانضمام لفريق هبويل حيدرة الإسرائيلي.

لكن وضعية هبويل حيدرة تختلف عن اتحاد أبناء سخنين، لذلك فرد الفعل على الصفقة كان مختلفا تماما.

الجماهير الفلسطينية شنت هجوما قويا على صاحب الـ27 عاما، والاتحاد الفلسطيني لكرة القدم قرر منعه من تمثيل المنتخب الفلسطيني مجددا.

عبد الله جابر كان قريبا من اللعب في الدوري المصري قبل سنة من الآن. اللاعب وقع بالفعل لنادي الاتحاد السكندري، لكن الفريق الساحلي تراجع عن إتمام الصفقة بعد رفض الجهات الأمنية لاستخراج تصريح عمل للاعب لوجود دواع أمنية تمنع استخراجه.

اللاعب نفسه كان قريبا من الانضمام لفريق المقاولون العرب أيضا في فترة الانتقالات ذاتها، وفي النهاية لم تتم الصفقة أيضا.

شرط تمثيل فلسطين

قواعد الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم تحظر على أي لاعب فلسطيني سبق له اللعب في الدوري الإسرائيلي أن يمثل المنتخب الفلسطيني، لذلك فقانونا لا يحق لرامي حمادة حاليا اللعب لمنتخب فلسطين مجددا.

رامي صرح بعد التوقيع لاتحاد أبناء سخنين "أتمنى الاستمرار في تمثيل المنتخب الفلسطيني، وألا يؤثر انتقالي لفريق سخنين على اختياري لتمثيل بلادي".

مؤيد طنينة قال في هذا الصدد لـFilGoal.com "يوجد لاعب فلسطيني آخر يُدعى محمد درويش ربما يُعلن انضمامه لفريق اتحاد أبناء سخنين خلال الأيام القليلة المقبلة".

وأكمل "صفحة نادي سخنين نشرت صورة اللاعب في تدريبات الفريق، لكنهم لم يعلنوا عن الصفقة حتى الآن".

الصحفي الفلسطيني أتم "يوجد أنباء بإن جبريل الرجوب رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، بصدد مناقشة استثناء لاعبي فريق أبناء سخنين، والسماح للاعبيهم بتمثيل المنتخب الفلسطيني".

في حالة استثناء فريق اتحاد أبناء سخنين من قرار حظر لاعبي الدوري الإسرائيلي من تمثيل المنتخب الفلسطيني، سيكون من حق رامي حمادة استكمال مسيرته مع المنتخب الفلسطيني، وسيكون أول لاعب فلسطيني في الدوري الإسرائيلي يمثل منتخب فلسطين.

قريبا أيضا، نتمنى مشاهدة دوري فلسطيني معترف به دوليا، يجمع أندية الضفة الغربية وقطاع غزة. وبينهما رابط جغرافي يتنقل فيه الشعب الفلسطيني حرا دون قيود الاحتلال.

اقرأ أيضا:

وزير الرياضة يتحدث عن استئناف النشاط وموعد بطولة العالم لليد

وصول بنشرقي وأوناجم إلى القاهرة

بي بي سي تفجر مفاجأة بخصوص صفقة سانشو

هيسكي يتحدث عن فترة احتراف عمرو زكي بإنجلترا

حجازي يتمنى فوز الأهلي بإفريقيا والإسماعيلي بالبطولة العربية

التعليقات