في الأدغال - التحكيم الإفريقي ساحة الرشوة وضعاف النفوس

الأحد، 17 مايو 2020 - 22:41

كتب : محمد عبد العظيم

التحكيم ساحة الرشوة في أدغال إفريقيا

التحكيم في كرة القدم الإفريقية يشكل أحد أكبر الأزمات لمسئولي اللعبة في القارة السمراء بسبب حالات الرشوة المتكرره وبيع المباريات.

ورغم محاولات الاتحادات المحلية والاتحاد الإفريقي للحد من ذلك الفعل المشين، لكن الغريب أن كبار حكام القارة أو من يسند لهم المباريات الكبيرة، هم من تتم إدانتهم بتلقي الرشوة للتلاعب في نتائج بعض المباريات.

على سبيل المثال، أعلن الاتحاد الإفريقي خلال عام 2018، إيقاف 22 حكما بتهمة تلقي الرشاوى، من ضمنهم من كان مرشحا للتواجد في كأس العالم في روسيا.

وبالرغم من أن العقوبات تصل إلى المنع مدى الحياة، إلا أن حالات الرشوة بين الحكام ما زالت مستمرة حتى الآن.

يصحبكم FilGoal.com للحديث عن أبرز حالات الرشوة التي تورط فيها الحكام في إفريقيا.

تحقيقات أنس أريمياو أنس

أنس أريمياو صحفي استقصائي غاني، اشتهرت تحقيقاته بفضح فساد أنظمة ومسئولين كبار في إفريقيا في جميع المجالات، وتحقيقاته كانت بأدله مصورة، بل كان هو وفريقه من يقومون بها عن طريق عرض الرشوة على الشخص المسئول، ثم يصورون الواقعة بالفيديو، مما لا يدع أي شك في صحتها.

لم يظهر أنس أريمياو أبدا بصورته الحقيقية، أو تحدث عن معلومات عن شخصه، ودائما ما كان يظهر في الإعلام متنكرا.

أحد تحقيقات أنس أريمياو كان عن الكرة الإفريقية، ليبرز الجانب السيء فيها، وهو الفساد والرشوة لحكام كرة القدم، وبعض مسؤولي اتحادات كبيرة في القارة السمراء. عرض تلك التحقيقات في فيلم وثائقي مسجل مع هيئة الإذاعة البريطانية BBC.

أنس بدأ تحقيقاته على الدوري الغاني، والبداية كانت مع الحدث الأكبر في غانا. دربي أكرا بين أكبر ناديين في غانا. أشانتي كوتوكو وهارتس أوف اوك في مارس لعام 2017.

يحكي أنس أريمياو بأن قبل المباراة توجه فريق التحقيق الخاص به إلى فندق إقامة الطاقم التحكيمي الخاص بالمباراة واجتمعوا مع الحكام. أخبروهم أنهم من جانب جماهير هارتس أوف أوك، وقدم لكل واحد منهم مبلغ 1500 سيدي غاني، مقابل تسهيل فوز هارتس أوف أوك بالدربي، وقبل الحكام الأربعة المبالغ المالية.

لكن واجهت فريق التحقيق عقبة، وهي تعطل الكاميرا التي يستخدموها في تصوير الوقائع، لتفشل عملية توثيق حصول الحكام على الرشوة.

في اليوم التالي اجتمع مرة أخرى فريق التحقيق مع مساعد حكم المباراة ساليفو رحمن ومنحوه 500 سيدي غاني وأخبروه بأنها مكافأة إضافية من جماهير هارتس أوف أوك، وفي هذه المرة نجحت خطة فريق أنس أريمياو في تصوير الحكم المساعد وهو يحصل على الرشوة ويظهر في الفيديو الحكم يقول:"نستطيع مساعدتكم في تلك المباراة، لكن نتمنى أن يهاجم فريقكم طوال الوقت ولا يتراجع أبدا، وعليكم أن تعدوننا بأن لا ندخل في مشاكل أو أزمات".

الأمر لم يتوقف عند الطاقم التحكيمي، لكن تواصل فريق التحقيق مع مراقب المباراة من أجل مساعدة فريق هارتس أوف أوك في الفوز، وبالفعل قبل المراقب رشوة قدرها 300 سيدي غاني.

في المباراة وأثناء ما كانت النتيجة تشير إلى التعادل وبحلول الدقيقة 82، سدد أحد لاعبي هارتس أوف أوك كرة اصطدمت في ظهر لاعب أشانتي كوتوكو ليحتسب الحكم ركلة جزاء لفريق هارتس وتنتهي المباراة بهدف مقابل لا شيء.

_ _ _

بعد تلك الواقعة بعام واحد وأثناء عرض أنس أريمياو لتحقيقاته، قام بإذاعة الفيديو الخاص بالحكم رحمان لتتضح الصورة بأن المباراة تم بيعها مسبقا لصالح هارتس أوف اوك، وتبدأ تحقيقات الاتحاد الغاني الذي أعلن إيقاف الطاقم التحكيمي ومراقب المباراة مدى الحياة.

أنس أريمياو خلال الفيلم الوثائقي مع BBC قال إنه واصل كشف فساد المسئولين في غانا، إذ قال بأنه كان يتدخل في تعيين الحكام في المباريات بالدوري الغاني، لكنه لم يكشف عن هوية المباريات ولا هوية المسئولوين.

واصل أنس أريمياو جولاته في كرة القدم الإفريقية، وجاء الدور على دوري أبطال إفريقيا. حكى أنس أنه حاول تجربة الأمر على الحكام خارج غانا، وفي مباراة بدور الـ 32 بدوري الأبطال بين أدوانا ستارز الغاني ووفاق سطيف الجزائري.

وخلال مباراة الذهاب التي أقيمت في غانا، اجتمع فريق أنس أريمياو بحكم المباراة الإيفواري دينيس ديمبيلي ليقدم له رشوة بقيمة 700 ألف دولار هو وباقي الطاقم التحكيمي، من ضمنهم أبو كوليبالي أحد أبرز الحكام المساعدين في إفريقيا خلال السنوات الأخيرة.

وفي المباراة، حدث ما كان يريده أنس، إذ احتسب الحكم ركلة جزاء لفريق أدوانا مشكوك في صحتها قبل نهاية المباراة، والتي انتهت بفوز أدوانا بهدف للا شيء.

حقيقة المباراة لم تظهر إلا بعد فترة عندما أعلن أنس أريمياو عن نتائج تلك التحقيقات، وتم إرفاق الفيديو الخاص بالحكام في الفيلم الوثائقي لأنس، ليقوم "كاف" بإيقاف الحكام مدى الحياة.

محاولات أنس في كشف فساد حكام إفريقيا استمرت، وخلال معسكر الاتحاد الإفريقي للحكام بالمغرب في ديسمبر 2017 قبل كأس العالم في روسيا، كان الحكم المساعد الكيني مروة رانج أحد الحكام المرشحين بقوة للتواجد في كأس العالم بروسيا.

ذهب فريق التحقيق إلى المغرب للتواجد في المعسكر وكان الهدف والضحية الجديدة هو الحكم الكيني، بالفعل اجتمع الحكم مع فريق أنس وحصل على رشوة قيمتها 600 دولار فقط لكي يساعد فريق أدوانا ستارز الغاني في بطولات إفريقيا.

تم اختيار مروة رانج ضمن الحكام المشاركين في كأس العالم، لكن قبل انطلاق البطولة كان أنس أريمياو يذيع الفيلم الوثائقي الخاص به ويفضح الحكم الكيني، ليصدر الاتحاد الدولي قرارا باستبعاد الحكم من البطولة، كذلك قرر "كاف" شطبه وإيقافه مدى الحياة.

خلال تحقيق أنس عن الحكام في إفريقيا، تحدث عن 14 حكما آخرين، وهم أيضا صدر ضدهم عقوبات بالإيقاف والشطب.

فيديو للفيلم الوثائقي مع BBC وفيه كل وقائع الرشوة فيديو

من الأحق بلقب الحكم الأسوأ بين لامبتي وتشيبو؟

الحكم الغاني جوزيف لامبتي قد يكون أحد أكثر الحكام ذوي السمعة السيئة في تاريخ الكرة الإفريقية نظرا لكثرة التهم بتلقي رشاوى، والتي قُدمت ضده بسبب قراراته الجدلية في مباريات كرة القدم، لكن لم يثبت ضده أي شيء حتى عام 2017.

وقتها أصدر الاتحاد الدولي "فيفا" قرارا بشطب جوزيف لامبتي بسبب اتهامه بالحصول على رشوة على خلفية مباراة جنوب إفريقيا والسنغال في تصفيات كأس العالم 2018، والتي انتهت بفوز جنوب إفريقيا بهدفين لهدف، إذ احتسب الحكم الغاني ركلة جزاء لصالح جنوب إفريقيا، ليس لها أساس من الصحة.

بعد المباراة تقدم الاتحاد السنغالي بشكوى ضد لامبتي للفيفا بأنه قد تدخل في سير المباراة، لتبدأ التحقيقات مع الحكم ثم أعلن "فيفا" إيقافه مدى الحياة بعد إثبات إدانته وتلقيه للرشوة وقرر "فيفا" إعادة مباراة جنوب إفريقيا والسنغال.

على غرار تاريخ جوزيف لامبتي التحكيمي السيء، يوجد حكم آخر مثله من النيجر وهو إبراهيم تشيبو.

في يناير لعام 2019، أعلن الاتحاد الدولي إيقاف إبراهيم تشيبو مدى الحياة عن مزاولة مهنة التحكيم. تشيبو صاحب الـ53 عاما كان قد أعلن اعتزاله التحكيم قبل صدور قرار "فيفا" بعامين. لجنة التحقيق الخاصة بالاتحاد الدولي في بيانها، أوضحت أن عقوبة إبراهيم تشيبو بسبب تلقيه رشاوى تجاوزت الـ 30 ألف دولار، وقد تم تغريم الحكم 200 ألف دولار بجانب عقوبة الإيقاف.

بالرغم من أن لجنة التحقيق لم تفصح عن تلك المباريات، إلا أن وصف كريس إيتون عضو اللجنة لإبراهيم تشيبو يوضح كم كان الحكم مذنبا، إذ قال "خلال فترة عملي كمحقق في النزاهة الكروية، لم أشاهد حكما فاسدا مثل إبراهيم تشيبو، هو بالفعل أسوأ حكم في تاريخ كرة القدم. لقد حققت في نزاهة حكام آخرين من إفريقيا مثل جوزيف لامبتي وتمت إدانته وإيقافه لكنه ليس مثل تشيبو".

في نفس قضية إبراهيم تشيبو، تم الإعلان عن إيقاف حكم إفريقي آخر وهو التنزاني أودين تشارليز ماجبا، الحكم الذي كان يستعد لإدارة مباراة دربي تنزانيا، تمت إدانته بتلقي رشاوى خلال الفترة ما بين عامي 2010 و2012 في أكثر من مباراة دولية للمنتخبات، وتمت معاقبته بالإيقاف مدى الحياة وتغريمه 200 ألف دولار أيضا.

جوزيفوس تورجيلار والعودة من الإيقاف لإيقاف آخر

في إحدى مباريات الدوري الليبيري لموسم 2013-2014 والتي جمعت بين فريقي جوبيلي وريد ليونز. الفريقان كانا يتنافسان على الهبوط والمباراة بينهما كانت حاسمة في شكل المسابقة وتحت إدارة الحكم جوزيفوس تورجيلار.

انتهت المباراة بفوز جوبيلي بهدفين مقابل لا شيء من ركلتي جزاء وضمن جوبيلي بقاءه في الدوري بهذا الفوز. بعد مرور عام خرجت مستندات تدين مسئولي نادي جوبيلي والحكم جوزيفوس بشأن تلقي الحكم لرشوة تقدر بـ 70 دولار أمريكي من أجل تسهيل فوز جوبيلي بالمباراة.

بالفعل اعترف الحكم بالواقعة وتم إيقافه لمدة عامين حسب لوائح الاتحاد الليبيري، ومعاقبة نادي جوبيلي بخصم 6 نقاط من نقاطه في الموسم الجديد وغرامة مالية قدرها 5000 دولار.

بعد انتهاء الإيقاف للحكم جوزيفوس، عاد لقيادة مباريات الدوري من جديد في موسم 2016-2017، ولكن يبدو أنه لم يتعلم الدرس جيدا، إذ أنه خلال مباراة في الموسم الماضي ضمن آخر جولة في مباريات الدرجة الثانية بين فريقي سميركس وباجس لحسم الفريق الهابط للدرجة الثالثة، احتسب هدفا من تسلل لفريق سميركس وأيضا ركلة جزاء مشكوك في صحتها، وساعد الفريق في الفوز بنتيجة 2-1.

تقدم نادي باجس باعتراض بعد المباراة ضد الحكم تضمن مستندات صوتية تفيد بأنه اجتمع مع أحد مسئولي سميركس، وقام الاتحاد الليبيري بفتح تحقيق ليعترف الحكم بالواقعة وأنه تلقى 100 دولار أمريكي لمساعدة نادي سميركس على الفوز في المباراة، وتم إيقافه عامين مرة أخرى.

بيع مباراة في مالاوي مقابل 20 دولارا فقط

الواقعة هذه المرة تعود إلى بطولة الكأس في مالاوي عام 2017. مباراة في دور الـ 16 تجمع بين نشالو يونايتد وشيتيبا يونايتد. قبل المباراة قدم نادي نشالو يونايتد للحكم نزيز نيراندا وطاقمه التحكيمي 20 دولارا، وهو ما يعادل 15 ألف كواشا (عملة مالاوي) من أجل مساعدة الفريق على التأهل من هذا الدور.

وفي المباراة فشلت محاولات الحكم نزيز نيراندا في مساعدة فريق نشالو، إذ انتهت المباراة بالتعادل الإيجابي 1-1 ليحتكم الفريقان لركلات الترجيح ، والتي تأهل منها فريق شيتيبا.

بعد المباراة نشب جدال قوي بين مسئولي نشالو يونايتد والطاقم التحكيمي بعد مطالبة مسؤولي النادي للحكام برد الأموال التي حصل عليها أمام مراقب المباراة، والذي سجل الواقعة لتبدأ التحقيقات ويعترف نزيز نيراندا ومساعدوه بالحصول على الرشوة، وليصدر قرار من الاتحاد المالاوي بإيقاف الحكام الأربعة مدى الحياة برغم من أن قراراتهم لم تؤثر في سير المباراة.

بعد الإيقاف تقدم الرباعي باستئناف على القرار وقاموا بإعادة 15 دولارا لنادي نشالو، ولكن تم رفض الاستئناف، كذلك وقع الاتحاد المالاوي عقوبة على مسئولي نادي نشالو بعدم ممارسة المهنة لمدة عامين.

ولأن الجميع ليس فيكتور جوميز

في عام 2018 أعلن الاتحاد الجنوب إفريقي لكرة القدم أن الحكم الدولي فيكتور جوميز قد رفض تلقي رشوة تقدر بـ 30 ألف دولار للتلاعب في نتيجة مباراة بين فريقي بلاتو يونايتد واتحاد الجزائر ضمن مباريات الكونفدرالية الإفريقية.

أكد الاتحاد في بيانه أن تم عرض مبلغ مالي على الحكم من خلال الجانب النيجيري قبل بداية مباراة الذهاب، لكنه رفض ذلك وأخبر مراقب المباراة بالواقعة وانتهت المباراة بفوز بلاتو يونايتد بهدفين لهدف.

واقعة رفض فيكتور جوميز لتلقي الرشوة كانت نقطة تحول في مسيرة الحكم الجنوب إفريقي، إذ زاد اعتماد "كاف" عليه بعدها في المباريات الكبيرة والهامة في القارة.

اقرأ أيضا

اختفوا في ظروف غامضة - ناشئ الأهلي الذي رحل عن الزمالك بسبب الصفقات الكثيرة

"لدينا حالة ارتياح".. مصدر بـ اتحاد الكرة يكشف خطوات إمكانية استئناف النشاط

رئيس الوزراء يعلن فتح الأنشطة الرياضية تدريجيا من منتصف يونيو

أجانب منسيون – أورتيجال: تغيرت الأسماء في مباراة الـ6-0 واستمر الأهلي مميزا

تريزيجيه: الصيام في إنجلترا صعب للغاية

التعليقات