كتب : شريف حسن | الأحد، 07 سبتمبر 2014 - 12:47

لجنة "لا مؤاخذة" مرتضى منصور

في صيف 1990 قرر الصحفي جريج دايك مدير تحرير شبكة تلفزيون (London weekend) طرح فكرة مجنونة على تقاليد الكرة الإنجليزية العريقة.

دايك اتفق مع صديقه ديفيد دين المدير التنفيذي لنادي أرسنال أن ينظم له اجتماعا مع ممثلي أكبر خمسة أندية "جماهيرية" في إنجلترا وهم (مانشستر يونايتد - ليفربول - توتنام - إيفرتون وأرسنال).

وخلال الاجتماع عرض دايك عليهم أن ينفصلوا عن اتحاد الكرة الإنجليزي وينظموا مسابقة خاصة تذيعها شبكة القنوات التي يديرها مقابل أن يحصلوا على عوائد مالية تصل إلى ضعف ما يحصلون عليه من الاتحاد.

وبالفعل وافقت الأندية على العرض وقررت مخاطبة اتحاد الكرة الذي رفض الفكرة بحجة أنها ستؤثر على الكرة الإنجليزية وتقاليدها العريقة، ولكن الأندية أصرت على موقفها وانسحبت من الدوري وبدأت في تأسيس بطولتها.

انضمت باقي الأندية إلى ما سمي برابطة الأندية الإنجليزية المحترفة تباعا وانطلق أول موسم تحت اسم Premier League بمشاركة 22 ناد عام 1992.

---------------------------------------------------------

بعد ما يقرب من 25 عاما لا تزال الكرة المصرية لا تعرف من هم أصحابها ولا كيف توزع الحقوق فيها وبأي طريقة وآلية.

أعرف جيدا أن الوضع مختلف بحجة أن الأندية في الأصل ملك الحكومة وتشرف عليها وزارة الشباب والرياضة التي يعين وزيرها من الحكومة والذي يشرف بدوره على اتحاد الكرة (هيئة حكومية) ويتعاملون مع اتحاد الإذاعة والتليفزيون التابع لوزارة الإعلام المعينة من الحكومة.

وبالتالي الفشل في مجرد الوصول لدوري "محترم" وليس "ممتاز" هو من الأصل خطأ إداري روتيني بيروقراطي حكومي معتاد في بلادنا الحبيبة.

ولكن ومنذ ما يقرب من ثلاث سنوات بدأ الأمر في الحراك نسبيا عن طريق فتح النادي الأهلي الباب أمام الأندية للمطالبة بحقوقهم بشكل أكبر من عوائد البث الفضائي والتسويق الرياضي للمسابقة.

شكل في مصر ما يعرف باسم لجنة الأندية على غرار رابطة الأندية الإنجليزية ولكنها للأسف يرأسها شخص لا يعرف أصلا قواعد اللعبة أو السلعة التي يريد تسويقها أو حتى إدارتها.

بل وأدخلها رئيسها في خلافاته وصراعاته الشخصية ليصفي حساباته مع من يخالفه الرأي سواء من رؤساء الأندية (الأهلي- المقاولون- دجلة) أو الجماهير التي هي مصدر المكاسب المالية الأساسي.

--------------------------------------------------------

فكرة الصحفي جريج دايك كانت تتلخص في أن الأندية الجماهيرية هي المفضلة في النقل التلفزيوني وهي من يشاهد الأغلبية مبارياتها ومن الظلم أن تحصل على نفس المقابل مثل باقي الأندية بل ويحصل الاتحاد على نسبة أيضا.

الفكرة تطورت ليس فقط حقوق البث التليفزيوني والإذاعي ولكن في جلب رعاة للبطولة والحكام وإعلانات الملاعب.

ثم حتى تسويق تذاكر المباريات بشكل موسمي موسع، والاستثمار في الطباعة على التذاكر نفسها والتسويق الالكتروني عبر الانترنت وصولا الآن إلى تسويق الأهداف عبر رسائل الهواتف المحمولة الذكية.

والآن الدوري الإنجليزي بات هو الأكثر مشاهدة حول العالم حيث يصل إلى 212 دولة ويشاهده 4.7 مليار شخص، ووصلت إيراداته سنويا إلى 2.2 مليار يورو.

وهو ما ينعكس على حجم الانفاق الذي انفقته الأندية الإنجليزية في موسم الانتقالات الصيفي الجاري حيث صرف ما يقرب من 835 مليون استرليني ما يعادل مليار و52 مليون يورو.

-----------------------------------------------------------------

في الموسم الحالي انفصلت لجنة الأندية المصرية إلى فريقين الأول بقيادة الأهلي ويضم سموحة والمقاصة والمقاولون وغيرهم، والثاني بقيادة الزمالك والإسماعيلي وأندية الجيش والشرطة.

الانفصال يعني عوائد أقل لكل ناد ولكن اللجنة لا تهتم، فهي تحرم أصلا دخول الجمهور وتصدر بيانات تجرم فيها التشجيع.

اللجنة لا تعرف أصلا نقطة قوتها، المباريات تذاع لأن الناس تريد متعة مشاهدتها، والمباريات بدون جمهور بلا متعة، وبالتالي سينصرف عنها المتابعين أو على الأقل سينخفض عددهم ويهتم بدوريات أخرى أكثر قوة وإثارة وحماس.

اللجنة لا تعرف أن عدم تواجد جماهير في المدرجات يحرمها من عوائد تسويق التذاكر وتسويق إعلانات على التذاكر وشركات دعائية داخل الملاعب ويقلل من الاستثمار على قمصان الفريق لأن الشركة الراعية ترغب في تواجد اسمها على آلاف القمصان في المدرجات.

ولكن بدلا من تقاتل لجنة الأندية من أجل حضور الجماهير للمباريات لزيادة أرباحها وفرص استثمار وتسويق المسابقة، قررت محاربة الجماهير أنفسهم في معركة حتى لو انتصر فيها المحامي وحلفاءه مؤقتا فستنتهي حتما بانتصار الجماهير.

نعم نحن متأخرون عنهم بما يقرب من 25 عاما وربما أكثر فهم أنهوا ظاهرة الـ"هوليجانز" ومشاغبي الملاعب بدون إقامة أي مباراة بدون جمهور وبدون إدعاءات وصراعات شخصية تؤثر في الأساس على مصالح الأندية.

وفي النهاية ... جماهير الكرة لن تنتهي مهما أشتد الصراع، قد تتغير تنظيماتها أو أشكالها ولكن في النهاية سيعود مجانين الكرة في مكانهم بالمدرجات مهما طال الزمان.

للتواصل مع الكاتب عبر تويتر اضغط هنا Sherif7assan

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات
مقالات حرة