كتب : نصري عصمت | الإثنين، 24 أغسطس 2009 - 05:41

الفرسان الجدد للكرة المصرية

من يواصل السباق؟

انشغل الجميع خلال الأيام الماضية بتحليل أسباب خسارة الزمالك أمام بتروجيت والتي جاء معظمها من وجهة نظرهم لأسباب زملكاوية بحتة فيما من المنتظر أن ينشغل الشارع الكروي يوم الاثنين بأسباب أهلاوية بحتة لفقدان نقطتين أمام الحدود.

ولكن للأسف الشديد لا يشغل الكثيرون أنفسهم بفكرة بسيطة مفادها أن الدوري المصري صار أقوى مما عليه في الماضي وأن هناك جوانب فنية رائعة تستحق التحليل في أندية بتروجيت وحرس الحدود وإنبي.

وشاءت المصادفة أن تتسبب الأندية الثلاثة حديثة العهد في المسابقات المصرية في تكدير صفو الغالبية العظمى لجماهير مصر بعد أن أوقفت هذه الأندية الجديدة فرسان الكرة المصرية الثلاثة الأشهر (أهلي وزمالك وإسماعيلي) خلال أسبوع واحد.

لكن قراءة الواقع تؤكد أن ظاهرة الثلاثي (بتروجيت وحرس وإنبي) فرضت نفسها منذ الموسم الماضي على مستوى النتائج باحتلالها مراكز متقدمة في الدوري وبلوغها المربع الذهبي لكأس مصر، ولا أخفيكم سرا عندما أقول إني كنت أفتش الموسم الماضي في الفضائيات عن مباريات الأندية الثلاثة لأشاهدها نظرا للكرة الهجومية التي تقدمها وفوجئت إنه مع نهاية الموسم صرت أحفظ تشكيل الأندية الثلاثة عن ظهر قلب.

وإذا خلع مشجعو الأهلي والزمالك والإسماعيلي منظار التعصب أو الانتماء سيكون في وسعهم أن يشاهدوا متعة حقيقية في هدف السيد حمدي في الزمالك وعرضيات عمرو حسن وأسامة محمد ظهيري الجنب الرائعين في بتروجيت، وسيستمتعوا بعرضية أحمد المحمدي المحسوبة بالسنتيمتر إلى زميله أحمد رؤوف عند التسجيل في الإسماعيلي، وأخيرا انطلاقة مكي وعرضيته إلى سلامة الذي سجل هدفا رائعا في الأهلي.

ففي الوقت يبتسم فيه بعض المدربين ويشعرون بالسعادة وفريقهم يصنع حائطا دفاعيا أمام هجمات الأهلي المتوالية باعتباره "تكيتيك" عالي وقدرة فنية بارعة كان طارق العشري مدرب الحدود يطالب لاعبيه بالتقدم لوقف هجمات الأهلي ونصب مصيدة التسلل من جهة وتبديد راحة مدافعيه من ناحية أخرى ومبادلتهم الهجمات.

وفي لقاء بتروجيت والزمالك كان في الماضي من الطبيعي جدا أن يؤدي لاعبو أي فريق صغير أمام العملاق الأبيض مباراة روتينية بعد تلقيهم هدف مبكر .. فهذا هو الزمالك وهذه أرضه "مين يقدر عليه" .. لكن روح لاعبي بتروجيت كانت مفاجأة ولاعبوه أدوا 90 دقيقة ممتازة لأنهم كانوا مؤمنين أنهم الأفضل!، وحتى في حالة إنبي تمتع لاعبيه برباطة جأش غير عادية قد لا يتمتع بها لاعبو الأهلي والزمالك عندما يتلقون هدفا أمام جمهور الإسماعيلية الرهيب.

ما يحدث الآن يصب في مصلحة الكرة المصرية وليس ذلك فقط بل يصب في مصلحة المشاهد المصري فبدلا من مشاهدة فريقه لتشجيعه ومشاهدة لقاء منافسه للتشجيع ضده صارت هناك أندية تلعب بطريقة منظمة وممتعة، وأذكر في التسعينات أن هذه كانت رفاهية غير موجودة في الدوري المصري الذي كان عبارة عن أهلي وزمالك ودراويش والباقي يلعب بطريقة الدفاع والكرات العشوائية الطويلة مع استثناء المنصورة في موسمين والمحلة في موسمين والمصري "ساعات ساعات".

ولا أريد المبالغة عندما أقول – مع الفارق في التشبيه طبعا – أن حالة الدوري الممتاز حاليا تذكرني بالدوري الإيطالي مطلع العقد الحالي عندما كان لاتسيو وروما "في عزهم" فانضموا إلى الثلاثي العملاق ميلان وإنتر ويوفي ليمنحوا كل متابعي الكاليتشو متعة غير عادية، بل أن بعض مدمني الدوري الإنجليزي من أمثالي يشعرون بسعادة بالغة لارتفاع مستوى مانشستر سيتي وتألق توتنام هذا الموسم ليرتفع عدد كبار المسابقة الإنجليزية إلى ستة بدلا من أربعة.

وفي تقديري فإن النجاح الذي تعيشه الأندية الثلاثة يرجع لثلاثة أسباب أولها هو حالة الاستقرار التي يعيشها اللاعبين مع إدارات الأندية فلا توجد صراعات انتخابية ولا عقود مرتبطة باستمرار مجالس إدارات محددة، وأذكر أن أحمد الكأس عضو الجهاز الفني لطلائع الجيش قوله أن اللاعب ينضم لهذه الأندية وهو يعلم أن بوسعه الحصول على مقابل أكبر في الأندية الجماهيرية لكنه في أندية المؤسسات واثق أن حصوله على راتبه لن يتأخر ولن يقل طالما هو ملتزم.

والسبب الثاني هو عدم وجود ضغوط جماهيرية مما يسمح للمدرب بالعمل بهدوء وانظروا كيف نجح العشري في تغيير طريقة اللعب إلى 4-4-2 في الوقت الذي أقال فيه الدروايش مدربهم الصربي فوكوفيتش لتعثره في مبارتين بتطبيق هذه الطريقة، ويتعرض حسام البدري مدرب الأهلي لتشكيك في قدراته بسبب عدم صبر الجماهير عليها.

أما السبب الثالث فهو الكرة الهجومية التي تلجأ إليها الأندية الثلاثة وهذه الطريقة "بدون فذلكة" تساعد أي فريق على الفوز مهما كانت طريقة اللعب.

في النهاية .. أعلم أن الكثيرين سيغضبون مني لكن بصراحة شديدة سأكون سعيدا إذا فاز بتروجيت أو حرس الحدود بالدوري الممتاز هذا العام.

ملحوظة هامة : فوجئت بعد نشر مقالتي جمهورية طرطوريا عن أزمة البث وتصوير المباريات في هذا البلد الشقيق بسيل من ردود الأفعال المؤيدة لاستمرار هذا النوع من المقالات عن "الدول البعيدة جغرافيا عن مصر تماما" .. فهل تؤيدون استمرارها؟ .. أرجو معرفة رأيكم بالتعليق على هذا المقال أو بمراسلتي على البريد الإلكتروني [email protected]

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات