عودة "الهتاف الصاخب".. نهاية صمت جماهيري استمر عامين في مدرجات اليابان

السبت، 11 يونيو 2022 - 21:22

كتب : إسلام أحمد

جماهير فوكاكا اليابان

قبل انطلاق مباراة تونس وتشيلي في كأس كيرين والمقامة في اليابان، ظهر عبر شاشة الملعب رسالة للجماهير المتواجدة في أرض الملعب.

"التصفير والغناء والتشجيع بصوت عالٍ غير مسموح به"، جملة تكررت باللغة العربية والإنجليزية والإسبانية واليابانية.

لماذا يحضر مشجع مباراة دون أن يطلق صافرة أو يطلق أهازيج ناديه أو منتخب بلاده، أو يشجع بصوت عالٍ؟

اليوم السبت، وفي مباراة كاشيما أنتلرز وفوكاوكا بكأس ليفين، سُمح لأول مرة منذ عامين في اليابان بتشجيع فرقهم بصوت عالٍ وكذلك رفع الأعلام.

Image

في سبتمبر 2020، أجرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرا حول الصمت التام في مدرجات اليابان رغم الحضور الجماهيري، بعد 6 أشهر فقط من تفشي فيروس كورونا.

في الوقت الذي تسمع فيه صوت الكرة بأرض الملعب ورغم تواجد الجماهير، إلا أن ريما تسمع صوت أكياس بلاستيكية أو صوت مشجع يأكل.

كان هذا صوت الجماهير اليابانية في وقت فيروس كورونا، رغم أن العالم ظل لما يقارب عاما كاملا دون جماهير في المدرجات.

يعرف عن المشجع الياباني النظام والانضباط والغناء دون توقف خلال المباراة، يغنون ويهتفون ويقرعون الطبول ويلوحون بأعلام الفريق الهائلة.

بعد أشهر قليلة من تفشي فيروس كورونا سمحت السلطات اليابانية حضور ما يقارب 5 آلاف مشجع للمباريات، ومع الالتزام بالمعايير وتطبيق التباعد الاجتماعي، كان القرار الأهم، "حظر معظم الأنشطة الجماهيرية خوفا من إثارة الناس بسبب الصراخ وانتشار الرذاذ الذي يصبح ناقلا لفيروس كورونا".

في ذلك الوقت تستمع فقط لأصوات اللاعبين ينادون على بعضهم البعض أو كرة ترتطم بالعارضة.

حتى وإن سُجل هدفا فستجد الجماهير المتواجدة في الملعب تصفق وكأنها تحضر حفل غنائي في دار الأوبرا على سبيل المثال.

Fans of FC Tokyo showing their support while keeping a social distance during an August match at Ajinomoto Stadium in Tokyo.

تعامل مختلف

لم تلجأ اليابان على عكس العالم عقب تفشي فيروس كورونا للإغلاق الكامل، بل اعتمدت على حالة الطوارئ الوطنية التي أُعلنت في أبريل 2000.

يوريكو كويكي حاكم طوكيو وشينزو آبي رئيس الوزراء الياباني وضعوا فلسفة سُميت "مع كورونا" لتقليل المخاطر أثناء التعايش مع الفيروس دون التوقف بشكل تام.

وجزء من ذلك طُلب من الجمهور الالتزام بقواعد صارمة.

ارتدى معظمهم الأقنعة "الكمامات" بشكل طبيعي واستخدموا زجاجات الكحول والمطهرات.

وطُلب منهم في وسائل المواصلات العامة عدم الكلام، وذلك لتقليل احتمالية انبعاث جزيئات الفيروس المتطايرة.

وفي الملعب، خضع الجميع لمسح الحرارة بالأشعة تحت الحمراء عند بوابات الدخول. ووضعت العلامات على الأرض المشجعين على مسافة اجتماعية حيث اصطفوا لشراء الطعام أو الهدايا التذكارية.

في المدرجات، يُترك مقعدين شاغرين على جانبي كل حامل تذكرة. حتى أفراد الأسرة لا يجلسون سويا بجوار بعضهم البعض.

أحد المشجعين آنذاك وصف أن حضوره للمباريات من المدرجات أكثر أمنا له من التواجد في حانة أو مطعم.

Sitting in Silence With 5,000 Fans: The New Sound of Japanese Sports - The  New York Times

* قائمة الممنوعات في المدرجات بملاعب اليابان أثناء تفشي فيروس كورونا.

في المدرج

شوجي فوجيمورا المدير العام في مكتب الاستجابة لفيروس كورونا في الدوري الياباني صرّح قائلا آنذاك: "لأننا جميعا بشر، التلويح بالعلم أو الطبول يمكن أن يثير حماسة الجماهير، وهذا يمكن أن يتسبب في تجمع الآخرين، مما قد يؤدي إلى رفع أصوات الجميع، الشيء نفسه ينطبق على الكحول، وهو محظور أيضا".

وفي أحد المباريات التي حضرها مراسل الصحيفة الأمريكية بالدوري الياباني، كشف أنه من الممكن أن تسمع أصواتا بشكل فردي من أحد المشجعين يحذر مدافعا من قدوم لاعب الخصم أو آخر يطلب من لاعب أن يسدد.

والصوت الوحيد الذي يأتي من المدرجات كان أغنية "لن تسير وحدك أبدا" وهي الأغنية الرئيسية لنادي طوكيو عن طريق السماعات المبكرة في الملعب.

كيومي موراماتسو مشجعة طوكيو قالت: "لا نريد أن نتسبب في أي مشكلة لنادي طوكيو، أو نعود إلى الوضع الذي لا يُسمح فيه بدخول المتفرجين".

مشجع آخر قال: "عندما كنت أشاهد المباريات على الشاشة، أردت فقط أن أشعر بالهواء، وأشم الروائح وأسمع الأصوات، لم يكن الأمر كما كان من قبل، ولكن كان لدي هذا الشعور بالرغبة في أن أكون هنا".

كينتا هاسيجاوا مدرب الفريق أوضح إن التصفيق المفاجئ كان أفضل من لا شيء، وقال: "على الرغم من أنهم لا يهتفون لنا بأصواتهم وبإحداث ضوضاء، فإن كل هذه الإثارة تدخل في التصفيق".

وقال كي تاكاهاشي، المدير الإداري للنادي: "بعد مشاهدة بعض المباريات، لاحظنا أن التصفيق كان حتما، لكنه لن يؤدي إلى مزيد من الإثارة مثل رفع الأصوات".

الأولمبياد

في نهائي كأس اليابان العام الماضي، قال مشجع لكاواساكي فرونتالي: "تريد الصراخ عندما يسُجل هدف، لكن عليك محاولة الحفاظ على النظام".

وأضاف "لقد تمكنا من كبح جماح عواطفنا لخلق بيئة يمكن للناس فيها المشاهدة بأمان".

في 2020 حاولت اللجنة المنظمة لأولمبياد طوكيو تطبيق نفس الأمر في الأولمبياد بتجربة لا تتحدث بصوت عالٍ أو تأكل أو تشرب أو تلوح بالأعلام.

وبعد عدة أشهر، منعت اليابان الجماهير بالكامل من المشاركة في الأولمبياد لتقام خلف أبواب مغلقة.

لأول مرة

بعد 839 يوما انتهى الصمت الجماهيري في المدرجات بالدرجة الأولى والثانية من الدوري الياباني.

مباراة كاشيما أنتلرز وفوكاكا بكأس ليفين باليابان تقرر السماح للمشجعين بـ "الهتاف الصاخب" لأول مرة منذ عامين.

المباراة عرفت حضورا جماهيريا يقدر بـ 9.085 مشجع.

لكن الحضور له نظام خاص لأنك في اليابان.

ويسمح للمشجعين بارتداء قناع غير منسوج من أجل الهتاف للاعبي فريق في منطقة مخصصة لهم في المدرجات.

وسيقتصر المعدل الجماهيري على 50% وستتواجد منطقة المشجعين الذي يطلقون الهتافات خلف المرمى لكلا الفريقين.

تقام المباراة على أنها "هدف التحقق من العملية".

تومواكي أوكودا دكتور في المعهد الوطني للعلوم والتكنولوجيا الصناعية المتقدمة وجامعة كيو قال: "لقد وجدنا أنه إذا كنت ترتدي قناعا غير منسوج بشكل صحيح، حتى إذا كنت تهتف بصوت عالٍ، فيمكن تقليل كمية الرذاذ المتطاير بشكل كبير".

وفي المدرجات وضعت استخدام آلات خاصة لمراقبة معدل استخدام الأقنعة عن كثب، كما تمت مراقبة مستويات ثاني أكسيد الكربون.

أحد المشجعين قال عبر ياهو سبورت: "أخيرا يمكنني أن أرفع صوتي! لقد تحملت الأمر طوال الوقت. لقد أتيت إلى هنا أخيرا!".

وأوضح "استعددنا لبدء المباراة بإجراء "مراجعة" لأغنية و"إعداد" ترنيمة لاعب جديد".

ا

* كلمات الأغنية التي أطلقها مشجعو كاشيما أنتلزر قبل بداية اللقاء.

عبر موقع الاتحاد الياباني، التجربة ستستمر بين شيميزو بالس ويوكوهاما مارينوس وبحضور 10 آلاف مشجع.

فهل تعود الحياة لمدرجات اليابان، أم تستمر صامتة لحين إشعار آخر؟

اقرأ أيضا:

مكان مباراة القمة

لاعب سموحة في الزمالك

موعد مباراة مصر وكوريا

لاعب كندي ينضم لمنتخب مصر

التعليقات