خلف خطوط العدو – كيكي ماتيو.. الضحية "0"

الإثنين، 23 مارس 2020 - 19:01

كتب : زكي السعيد

خلف خطوط العدو - كيكي ماتيو

تحمِل هذه القصة بدايةً طبيعية، تمامًا كما كانت حياة أغلبكم قبل أسابيع قليلة. تنطلق أحداثها بسرد روتيني، وكلما تتابعت الأسطر، زاد سعالُ بطلها، حتى صار حبيس الحجر الصحي، وعندها تبدأ حربه الحقيقية مع... الانتظار.

العدو هو فيروس كورونا، أما من يحاربونه فهم كل الأطباء، والمرضى، والعلماء، وصانعي القرار، بل حتى من يلزمون منازلهم لإيقاف تفشي الوباء.

FilGoal.com يقدّم سلسلة خلف خطوط العدو، لنسلط الضوء يوميا على شخصية رياضية انسلت خلف خطوط العدو، وخاضت تجربة غير عادية مع الفيروس سريع الانتشار.

كيكي ماتيو، أو المريض "0" كما أُطلِق عليه، لأنه كان المصاب الرسمي الأول بفيروس كورونا في إقليم فالنسيا، هو بطل هذه القصة، التي لحسن الحظ، نهايتها سعيدة.

بدأ كل شيء في صباح الأربعاء 19 فبراير، يومها سافر كيكي إلى إيطاليا، لتغطية مباراة أتالانتا وفالنسيا في ذهاب دور الـ16 لدوري أبطال أوروبا، بحكم عمله كصحفي رياضي.

مهمة روتينية لـ كيكي ماتيو المعروف بمساندته الشرسة لـ فالنسيا، كما أكسبه ظهوره الدوري في البرنامج الإسباني الرياضي الأنجح، التشيرنجيتو، شهرةً إضافية في عموم البلاد.

العالم كان مختلفا للغاية حينها، لا يشبه حاله اليوم إطلاقا، فـ إيطاليا أكثر الدول تأثرًا بفيروس كورونا من حيث عدد الوفيات الآن، لم تُسجِل وقتها أكثر من 3 حالات رسمية تزامنًا مع زيارة الفريق الإسباني لمنطقة لومبارديا.

لكن على ما يبدو، فالعدد الحقيقي للمصابين في إيطاليا لم يمت لـ 3 بأي صلة، والعواقب ستأتي وخيمة على بعثة فالنسيا بأكملها: لاعبين، وجماهير، وحتى صحفيين.

بالعودة إلى كيكي ماتيو، فالصحفي الإسباني الخبير طار إلى مدينة بيزا الإيطالية صباح المباراة، ثم استأجر سيارة وقادها لمدة 3 ساعات وصولًا إلى ما سيُعرَف لاحقا بـ "البؤرة الأكثر خطورة في أوروبا": لومبارديا.

في ميلانو، لم يكن كيكي ليفوّت فرصة زيارة ساحة الكاتدرائية، الوجهة السياحية الأبرز في المدينة.

وفي المساء، تمركز كيكي على مقعده ليغطي المباراة المرتقبة من داخل الملعب العريق الذي استضاف نهائي دوري أبطال أوروبا 4 مرات في السابق.

حلت الصدمة، وخسر فالنسيا –وصيف بطل أوروبا مرتين سابقتين- أمام أتالانتا الذي يلعب للمرة الأولى على الإطلاق في دوري الأبطال، برباعية مع الرأفة.

الغيظ تملّك من كيكي، ليغرّد في سخط: "لقد أحرجتم كل مشجعي فالنسيا".

هذه الجولة من ذهاب مباريات دور الـ16 لدوري أبطال أوروبا، ستكون الأخيرة التي تُلعَب بشكل طبيعي، دون مدرجات خاوية، أو تأجيلات، أو مصير ضبابي كالذي انقض على كرة القدم في الشهر التالي.

بعد المباراة، بكثير من الاستياء والعبوث، حضر كيكي المؤتمر الصحفي للمدربين، ثم تواجد في المنطقة المختلطة لإجراء مزيدٍ من المقابلات مع اللاعبين.

أنهى عمله في سان سيرو، وغادر مستقلا سيارته المستأجرة، وبات ليلته في فندق خارج ميلانو، ثم قفل عائدا إلى فالنسيا في صباح اليوم التالي، ورمى المباراة الكارثية خلف ظهره.. لكنها ستعود لمطاردته، وستشكّل الذكرى الأهم والأكثر عمقا في حياته.

بعد عدة أيام، تحديدا الأحد 22 فبراير، أعاد كيكي ماتيو نشر تغريدة ساخطة على تعامُل إحدى خطوط الطيران مع الوضع الذي يزداد خطورة لـ فيروس كورونا في ميلانو.

كان ذلك الظهور الأول لأي تغريدة تتعلق بفيروس كورونا على حساب كيكي في تويتر، فقد عكف كما عادته على الحديث عن كرة القدم، وقريبا للغاية سيتحوّل حسابه إلى عيادة إلكترونية مصغّرة.

في اليوم نفسه، الأحد 22 فبراير، تلقى فالنسيا هزيمة كاسحة جديدة، وخسر بثلاثية دون رد أمام ريال سوسيداد.

وعندما وصلت الروح المعنوية لـ كيكي إلى انخفاض هائل بفعل الهزائم المُذلة للخفافيش، كان الوقت قد آن لفيروس كورونا حتى يبدأ حربه الشرسة مع جهازه المناعي.

في صباح الإثنين 23 فبراير، بدأ كيكي ملاحظة أعراض شبيهة بالإنفلونزا، سعال جاف، وشعور عام بالإعياء.

في ظروف طبيعية، لم يكن كيكي ليشعر بالقلق، لكن ما أثار الريبة في نفسه أنه خلال يومي الإثنين والثلاثاء لذلك الأسبوع، قفز عدد المصابين بـ كورونا وإيطاليا بشكلٍ مفاجئ من 79 إلى 229!

قلق كيكي تزايد وانعكس في صورة غضب، تجسّد ذلك في تغريدته يوم الثلاثاء:

"لو سافر 2300 مشجع لـ فالنسيا إلى بؤرة كورونا كبيرة في أوروبا، فماذا فعلت السلطات المحلية هنا لاتخاذ أي إجراءات؟ أم أننا سننتظر أسبوعين لنستكشف صوت المزمار؟ 2300 شخص يا سادة!".

لكنه قلق لم يكن قد وصل إلى ذروته، فنراه في وقتٍ لاحقٍ من اليوم يقوم بإعادة نشر لتغريدة ساخرة تتحسر على حال فريقه فالنسيا.

ويظهر "كوميك" ساخر في التغريدة لمريض يقول لطبيبه: "أيها الطبيب، أعتقد أنني مصاب بفيروس كورونا، لا أشعر أنني بخير، أشعر بهبوط ورأسي يؤلمني، وقد سافرت إلى إيطاليا مؤخرا، ومنذ عودتي ساءت حالتي...".

ليقاطعه الطبيب قائلا: "يا بني، دعك من فيروس كورونا، أنت تعاني من مشكلة حادة بسبب فالنسيا، وحتى الآن لا أعرف لها علاجا".

ربما اعتقد كيكي بالفعل أن الأهداف الأربعة التي سجلها الطليان في شباك فريقه المفضل، هي أكبر خسارة عاد محمّلا بها من ميلانو، فقد جهل تماما الفيروس الذي عرف طريقه إلى جسده.

ولأنه كان في زيارة قريبة إلى ميلانو بؤرة كورونا، وحتى يقطع الشك باليقين، قرر كيكي ألا يتظاهر بأن شيئا لم يكن، وهاتَف الخط الساخن 112 وأطلعهم على وضعه، فأخبروه أن وحدة طبية ستتواصل معه لفحصه.

يومها، ومن باب الشعور بالمسؤولية المجتمعية، منع كيكي زوجته من الذهاب إلى عملها، وأبقى ابنه في المنزل وجعله يتغيّب عن المدرسة، تحسبا لسيناريو إصابته بـ كورونا.

واصل كيكي انتظار الوحدة الطبية، لكن فالنسيا في ذلك اليوم تحديد كانت مدينة على وشك الانفجار.

في صباح الأربعاء 26 فبراير، بعد أسبوع من رحلته إلى إيطاليا، تحدّث كيكي إلى الطوارئ مجددا، وفهَم أنهم يواجهون صعوبات كبيرة في احتواء عدد الحالات المحتملة المتزايد، ولذا سيتوجب عليه الانتظار حتى اليوم التالي.

كيكي لم ينتظر، فتوجّه لتوه إلى عيادة خاصة، اكتشف هناك عدم جاهزيتها لفحص فيروس كورونا، لينتقل إلى مستشفى جامعة فالنسيا، ويجري الفحص.

في صباح الخميس 27 فبراير، أعلنت المملكة الإسبانية رسميا عن أول حالة إصابة بفيروس كورونا في إقليم فالنسيا: كيكي ماتيو.

ومن بين أكثر من 33 ألف إصابة بفيروس كورونا في إسبانيا –حتى اللحظة-، كان كيكي ضمن أول 16 حالة.

الصحفي الإسباني احتاج إلى مدة تجاوزت الأسبوع بعد زيارته الدامية إلى ميلانو، حتى يدرك إصابته بفيروس كورونا.

تعامل السلطات الإسبانية مع "رحلة الموت" التي قامت بها بعثة فالنسيا إلى ميلانو، ظهر فاشلا للغاية، إذ سُمح لقدرٍ هائل من المواطنين بالارتحال بحرية مطلقة إلى أخطر مناطق الوباء في القارة، وبالتالي عودتهم مُحمّلين بالفيروس الذي سيشل البلاد في الأسابيع التالية.

وكيلة وزارة الصحة الإسبانية صرّحت يوم 26 فبراير، أي بعد أسبوع كامل من المباراة:

"عرفنا بالأمس فقط أن نادي فالنسيا لعب مباراة كرة قدم في إيطاليا".

"لا أحب كرة القدم، هل يتوجب علينا أن نعرف ذلك؟".

هذه المباراة التي أغفلتها السلطات الصحية في إسبانيا –لعدم اهتمامهم جدا بكرة القدم-، تبيّن لاحقا أنها تسببت في إصابة 35% من أفراد فريق فالنسيا بفيروس كورونا.

اليوم، 23 مارس، وصل عدد الحالات المصابة في إقليم فالنسيا إلى أكثر من 1900 –ومن المرجح أن العدد يتزايد خلال قراءتك تلك الأسطر-، لكن أولهم على الإطلاق كان كيكي ماتيو.

أما الطريقة التي استقبل بها كيكي إصابته، فقد أكسبته شعبية كبيرة بين متابعيه في الأيام الماضية.

أولا، بعث كيكي برسائل نصية إلى كل الأشخاص الذين يتذكر أنه قابلهم بعد رحلة ميلانو، ثم، ومن داخل الحجر الصحي في المستشفى، سجّل مقطع فيديو قصير تحدّث فيه عن حالته والأعراض التي ظهرت عليه وطريقة العلاج التي يتلقاها، محاولًا طمأنة الناس.

هذا الفيديو نُشر عبر موقع "لاس بروبينثياس" الخاص بتغطية أخبار مدينة فالنسيا، وأشاد به سالبادور إيّا وزير الصحة الإسباني خلال مقابلة تلفزيونية: "ما فعله (كيكي) كان مهما للغاية، فقد قام بما يتوجّب عليه فعله في هدوء شديد".

في يوم السبت 29 فبراير، وبشكلٍ تلقائي، لخّص كيكي ماتيو كل المصاعب المحيطة بفيروس كورونا في تغريدة بسيطة:

"العارض الأكثر خطورة في فيروس كورونا، هو عدم قدرتك على البقاء في منزلك، لأني في أفضل حال، على أتم ما يرام تقريبا. العزل هو أسوأ ما في الأمر، لا تخافوا فيروس كورونا، لأنه لا يؤذينا، بل يضايقنا فحسب".

هذا اليوم كان مختلفا لـ كيكي، لعله سيذكر تاريخه طوال حياته، فلأول مرة منذ سنوات عديدة، غاب عن تغطية إحدى مباريات فالنسيا، واكتفى بمشاهدة فريقه المفضل يواجه ريال بيتيس عبر التلفزيون.

مباراة كانت عصيبة، حتى قتلها داني باريخو بهدفٍ ثانٍ في لحظاتها الأخيرة، لتنهمر الدموع من عيني كيكي الذي تأكد يومها أن لا وجود لفيروس في العالم قادر على أن يقهر حبه لـ فالنسيا.

في الأيام التالية، دخل كيكي في روتين ممل، وساعات طويلة من الجلوس وحيدا دون قدرة على مقابلة عائلته وأصدقائه.

انكب على قراءة الكتب، ومشاهدة التلفاز، ومطالعة أخبار العالم الخارجي عبر الإنترنت، وانحصر تعامله البشري مع الزيارات الصباحية اليومية للأطباء المشرفين على حالته.

يقول كيكي أن كل العاملين في المستشفى، يرتدون ملابسة واقية أشبه برداء رواد الفضاء، ويحاول من جانبه أن يستغل طبيعته المرحة، ويمازحهم كلما خطوا إلى غرفته.

هي ملحمة منفصلة تلك المتعلقة بالعاملين في المجال الصحي، عشرات آلاف الأطباء والباحثين والممرضين وعمال النظافة والتعقيم يقضون ساعات طويلة من العمل المتتالي في معزلٍ عن بيوتهم، يواجهون خطر التعرض للعدوى، ولا ينعمون إلا بساعات محدودة من النوم.

لذلك، وبشكل يومي في الثامنة مساءً، يخرج الإسبان إلى شرفاتهم، ويبدأون التصفيق جماعةً، في تعبير جلي عن العرفان والامتنان لأفراد القطاع الصحي.

ولأن كيكي ماتيو كان ممتنا إلى أقصى درجة للعناية الفائقة التي يلقاها، فقد قرر أن يصير مريضا مثاليا، وبدأ في يومه السابع داخل الحجر الصحي، نشْر تحديثات يومية عن تطور حالته وطبيعة الأعراض.

غرّد كيكي بكثير من التفصيل، عن مدى سوء سعاله الجاف، ودرجة حرارته، والصداع المصاحب للحمى، وشارك متابعيه بمشاعره أثناء انتظاره نتيجة الفحوصات التي أصرت على أن تكون إيجابية في كل مرة.

حتى أن كيكي بدأ يترقب نتيجة فحص سلبية في يوم العاشر بالحجر الصحي عندما تضاءلت الأعراض بشكل كبير، وبات يشعر أنه بخير، لكن الفيروس واصل مقاومته وأثبت وجوده في جسده مرة جديدة.

في 9 مارس، يومه الـ12 داخل الحجر الصحي، أجرى فحوصات جديدة، ونتيجته جاءت إيجابية، لكنه على الأرجح كان منشغلا يومها بحدث آخر أكثر أهمية من حالته الصحية: مباراة الإياب بين فالنسيا وأتالانتا.

في اليوم التالي، 10 مارس، استقبل فالنسيا نظيره أتالانتا في ملعب مستايا دون حضور جماهيري، وكيكي الذي كان يأمل في معجزة جديدة من فريق الخفافيش، أُجبِر على مشاهدة 4 أهداف إضافية تسكن شباك الطرف الإسباني.

في نهاية الملحمة، كانت خسائر فالنسيا جمة: خروج مهين من دوري الأبطال، وعشرات الإصابات بفيروس كورونا في صفوف الفريق، والمئات من سكان المدينة.

نتيجة العينة الإيجابية كانت نبأ تلقاه كيكي مجددا يوم 11 مارس، ثم 13 مارس.

في 14 مارس، أدرك كيكي أن حالته مستعصية للغاية، عندما اكتشف أن بعض ممن أصيبوا بالفيروس بعده، تعافوا منه بالفعل قبله!

الفيروس داخل جسد كيكي كان مقاوما للغاية، وهو عكف يوميا على حث نفسه على الصبر والتفاؤل، لكن الانتظار كان قاتلا.

أيام كيكي ازدادت صعوبة في الأسبوع التالي، لأن الأعراض زالت تدريجيا، حتى اختفت تماما، فالسعال الذي لازمه منذ يومه الأول، لم يعد له وجود بحلول 15 مارس، أي بعد 17 يوما في الحجر الصحي.

ولأن فيروس كورونا هو وباء مليء بالأسرار التي لم يستكشفها البشر كلها حتى اللحظة، فرغم تعافي كيكي من أي أعراض للفيروس؛ استمرت عينته في تسجيل نتيجة إيجابية بحلول يوم 16 مارس.

جوووووول

لم أكتبها لأني اشتقت إلى تقارير المباريات، وإنما لأن كيكي تلقى نبأ 19 مارس كما لو سجّل فالنسيا هدفا.

في يومه الـ22 داخل الحجر الصحي، تزامنًا مع عيد الأب في إسبانيا، تلقى نجل كيكي مكالمة من أبيه، هذه المكالمة لم تكن كمكالمات الأيام السابقة، لأن أبيه أخبره يومها: "أنا عائد أخيرا إلى المنزل".

ما حدث أن كيكي أخيرا، في 19 مارس، تلقى النبأ الذي انتظره 22 يوما داخل الحجر الصحي، عينته ظهرت سلبية.

لكن حتى يغادر كيكي ماتيو، عليه انتظار اليوم التالي لإجراء فحص آخر، وعندما يظهر سلبيا، يمكنه المغادرة.

هذا الفحص الثاني يكون روتينيا، للتأكد بنسبة 100% أن الفيروس غادر جسد المريض، ولذا في أغلب الحالات يكون الفحص الثاني سلبيا كذلك، ويغادر المريض المتعافي الحجر، لكن ليس مع كيكي.

في اليوم التالي، 20 مارس، ومنذ الساعات الأولى، كان كيكي قد استعد بالفعل لمغادرة هذه الحجرة التي قضى فيها سجنه الإجباري، وصل اشتياقه إلى عائلته لنقطة اللارجعة، وترقب الباب في انتظار نتيجة الفحص الثاني.

مرت ساعة تلو الأخرى، الترقب كان على أشده، كيكي شعر بتوتر شديد، وحتى كل متابعيه على تويتر، الكل انتظر تغريدة الخلاص، لكن الشمس غابت وبدأت الأسئلة تنهمر، أيكون قد تلقى عينته السلبية وهَب راكضا إلى منزله لمعانقة زوجته وابنه، ونسي إعلان النبأ على تويتر؟

في الساعة 11:36 مساءً، غرّد كيكي في يأس:

"فيروس كورونا، اليوم 23، لقد انتظرت اليوم بطوله حتى أطلعكم على نبأ العينة السلبية الثانية، لكن لم تصلني أي نتائج، ولذا لا أستطيع المغادرة، لا أعرف ماذا حدث، لكني حزين، فقد كنت مترقبا العودة إلى المنزل، أتمنى أن أتلقى أنباءً غدا".

كيكي ماتيو الذي حافظ على رباطة جأشه وروحه المرحة ومزاجه المتفائل طوال 23 يوما، انهار أخيرا وأعلن عن إحباطه علنًا.

أخيرا بعد 36 ساعة تقريبا من الانتظار، تلقى كيكي زيارة من طبيبه يوم السبت 21 مارس، وأطلعه على النبأ العجيب: عينته جاءت إيجابية في الفحص الثاني، والأطباء لا يفهمون ما حدث، فهذا ليس شائعا.

الحظ السيئ لـ كيكي وصل إلى مرحلة أسطورية، والأطباء افترضوا أن العينة السلبية الأولى كانت "زائفة"، أمرٌ وارد مع فيروس كورونا الماكر.

الرجل المهووس بكرة القدم، والمليء بحس الدعابة، شبّه العينة الثانية بتدخُل تقنية الفيديو لإلغاء هدف احتفل به بالفعل، لكن تقنية الفيديو لا تسلب فرحتنا كل الوقت، وإنما تُفجّرها في أحيان أخرى، أليس كذلك؟

أمس الأحد، 22 مارس، أعاد كيكي نشر فيديو هدف أندريس إنييستا التاريخي لـ إسبانيا في نهائي مونديال 2010.

كيكي علّق عليه قائلا: "لقد استمتعنا بهذه اللحظة الرائعة بالفعل، الآن لاحظوا التعليق المميز لأهم هدف في تاريخ إسبانيا، إنه أمر صعب للغاية، هذا الوصف وهذه التفاصيل، والسرعة، والمشاعر... ميجيل آنخل رومان (المعلّق) هو ناقِل عظيم".

وتماما كما كان انتظار 116 دقيقة طويلا للغاية على الإسبان قبل هدف إنييستا، فقد جاء انتظار كيكي 25 يوما في عزلته سرمديًا على نفسه، حتى اقتحم عليه طبيبه الغرفة، وقال له: "عينة سلبية ثانية، ستعود إلى منزلك".

في إحدى تغريداته خلال فترة الحجر الصحي الطويل، قال كيكي ماتيو:

"ما يهمني الآن فقط هو أن أخطو الشارع مجددا، أن أتنفس بعمق، أن أطالع السماء، أن أذهب إلى سيارتي، وأقودها حتى المنزل، وأحتضن عائلتي.

نعم يا أعزائي، هذا تماما ما نفعله كل يوم، لكنه أيضا ما يفصلني حاليا عن عيش حياة طبيعية".

الآن بات كيكي قادرا على تحقيق كل ذلك، سيعود ليعيش حياته الطبيعية التي اشتاق إليها، لكن بفارق بسيط: سيعرف قيمة هذه الأشياء.

كيف تحمي نفسك من فيروس كورونا.. اضغط هــــــــــنـــــــــــــــا

لمعرفة كل المصابين بفيروس كورونا من عالم كرة القدم وتطور حالاتهم، اضغط هــــــــــنـــــــــــا

لمتابعة تأثير فيروس كورونا على الأحداث الرياضية المحلية والعالمية

اضغط هنا

اقرأ أيضا:

بنشرقي: كنت محظوظا في رحلة عودتي للمغرب

إجابات مثيرة من المهدي سليمان في لعبة الـ8 أسئلة

حازم إمام لـ عاشور: اخرج من الباب الكبير

بسيوني: الغوا الدوري فورا

ليفربول يستعين بطبيب نفسي

التعليقات