تأثير الفراشة الذي خدع زيدان وخدم توخيل

الأربعاء، 27 نوفمبر 2019 - 15:53

كتب : محمد يسري

تأثير الفراشة - زين الدين زيدان

ما يميز زين الدين زيدان كمدرب هو تعلمه من الأخطاء ودراسة الخصوم جيدا قبل المباريات، لكن ما يعيبه هو عدم السير على نفس المنوال حتى نهاية المباراة، وهو ما حدث ضد باريس سان جيرمان.

في المباريات التي جمعت بين زيدان وتوماس توخيل في العموم، كانت الغلبة دائما لزيدان في الشوط الأول قبل أن يقلب الألماني الطاولة ويعود في النتيجة في الشوط الثاني. حدث هذا تحديدا إبان تولي توخيل تدريب توخيل مواجهة ريال مدريد في دور المجموعات موسم 2016-2017.

مباراة واحدة فقط تفوق فيها توخيل منذ بدايتها وحتى النهاية كانت في الجولة الأولى لدور المجموعات للنسخة الحالية لدوري الأبطال، وانتهت بثلاثية دون رد؛ ليتعلم منها زيدان كيف يواجه توخيل في الإياب، ولكن!

جديد قديم

في الولاية الأولى لزيدان كان الفريق يعاني ضد أتليتكو مدريد والمدرب دييجو سيميوني لأن رباعي وسط المدرب الأرجنتيني –الذي ينتشر عرضيا في الملعب- لم يكن يعطِ أي فرصة للاعبي زيدان في إيجاد متنفس، لذلك قرر زيدان اللعب برباعي في الوسط أيضا لكن على شكل ماسة، وهنا عاد التفوق لريال مدريد.

نفس الأسلوب اعتمد عليه زيدان ضد توخيل في مباراة الإياب، بعدما سيطر المدرب الألماني على وسط الملعب في المباراة الأولى وعزل لاعبي ريال مدريد تماما.

وبالفعل نجح زيدان في السيطرة الكلية على وسط الملعب في لقاء سانتياجو بيرنابيو.

استحوذ ريال مدريد على الكرة في وسط باريس سان جيرمان، بفضل الزيادة العددية وتحديدا بسبب إيسكو وفالفيردي الذي كان يتحول للجناح الأيمن أحيانا لفتح الملعب ومساعدة داني كارباخال هجوميا.

أما إيسكو فكان يميل ناحية اليسار ويشكل ثنائي مع مارسيلو وإدين هازارد أو يلعب أمام كروس بجوار كريم بنزيمة، وهو ما ساعد كروس كثيرا، لأن الألماني يتألق أكثر كلما وجد خيارات أكثر للتمرير.

هنا مثلا كان متمركزا كمهاجم.

في هذا اللعبة كاد إن يسجل لولا براعة كايلور نافاس وسرعة رد فعله في إنقاذ أصعب فرصة تعرض لها.

لكن أدوار إيسكو لم تكن هجوميا فقط، وإنما بذل مجهودا ضخما في الضغط واستعادة الكرة، وهو ما فعله وسط ريال مدريد بأكمله بفضل 4-4-2 ماسة أو دايموند.

لاعبو ريال مدريد منعوا عناصر باريس سان جيرمان من المرور من وسط الملعب في الشوط الأول كما توضح الصور.

لاحظ أماكن استخلاص الكرة من لاعبي ريال مدريد في وسط ملعب سان جيرمان، في النصف الأيمن من الصورة تحديدا.

ويمكنك أن تقارن بين عدد استخلاص الكرة من لاعبي ريال مدريد في وسط ملعب سان جيرمان، والعكس. لاعبو ريال مدريد باللون البرتقالي ولاعبو باريس سان جيرمان باللون الأزرق.

لاحظ أيضا أماكن اعتراض الكرة في وسط ملعب باريس سان جيرمان.

أما لاعبو باريس سان جيرمان فخسروا الكرة في منتصف ملعبهم أكثر من خسارتها في وسط ريال مدريد.

نحو المزيد من الاستحواذ

مع مرور الوقت وتقدم ريال مدريد في النتيجة بهدف، فكر زيدان في أن يفرض المزيد من السيطرة على الكرة والدفع بلوكا مودريتش. الفكرة في حد ذاتها رائعة، لأن مودريتش لا يخسر الكرة تحت الضغط، وهو أكثر لاعبي ريال مدريد إبداعا في صناعة الفرص –وهو ما ظهر في لقطة بنزيمة الثاني- لكن الخطأ كان في القرار.

أخرج زيدان فالفيردي ودفع بمودريتش، لتخرج المباراة من تحت سيطرته؛ لماذا؟

لأن في ذلك الوقت كان يعيد توخيل ترتيب أوراقه.

مع الوضع في الحسبان أن ريال مدريد كان قد خسر عنصرا هاما في الحفاظ على الكرة في وسط الملعب بخروج هازارد للإصابة الذي يعد صاحب الحلول الفردية ونزول جاريث بيل.

تأثير الفراشة

أثناء استعداد مودريتش للنزول كان توخيل يستعد للدفع بـ بابلو سارابيا ويوليان دراكسلر بدلا من ماورو إيكاردي وأنخيل دي ماريا، في تغييرات ستجعل سان جيرمان أخطر هجوميا.

ورغم تسجيل بنزيمة لهدف ثان بدا وأنه كتب انتصارا لريال مدريد إلا أن خطأ في التمركز من لاعبي ريال مدريد –جميعا- وهفوة قاتلة من رافائيل فاران جعلت كيليان مبابي يُسجل هدفا يعود به للمباراة.

تمركز دفاعي غريب لريال مدريد بعدم ظهور مارسيلو في الكادر وتقدم سيرجيو راموس للتغطية مكانه، وعودة كاسيميرو للتغطية خلف راموس مما جعل نيمار دون رقابة.

وبعد هدف باريس سان جيرمان خرج إيسكو ودخل رودريجو ليتحول الأسلوب إلى 4-5-1 في الحالة الدفاعية، لكن وضع أكبر عدد من اللاعبين في وسط الملعب لا يُعني صلابة الدفاع، خصوصا إذا كان الخصم قادر على استغلال كل خطأ.

فبعد خروج فالفيردي وإيسكو لم يستخلص ريال مدريد الكرة إلا مرتين فقط من الدقيقة 76 حتى نهاية المباراة، عن طريق كروس وراموس، وفي هذه الأماكن.

بخروج فالفيردي وإيسكو افتقد زيدان للاعب وسط قادر على الضغط وافتكاك الكرة، مما سمح للاعبي باريس بالاستحواذ والصعود بالكرة بأريحية، خصوصا وأن توخيل غَير من شكل الفريق.

مبابي تحول ليكون مهاجما بدلا من إيكاردي الذي تعامل بشكل خاطئ مع الكرات التي وصلت له، ونيمار عاد للجبهة اليسرى، وسارابيا لعب في اليمين ودراكسلر كان في وسط الملعب ليساند فيراتي وماركينيوس في الخروج بالكرة.

النتيجة كانت أن باريس سان جيرمان استحواذ على الكرة في هذه الدقائق بنسبة 57%.

عودة سارابيا ودراكسلر مع فيراتي وماركينيوس للخروج بالكرة تمت بكل سهولة لغياب لاعب يقوم بالضغط عليهم في عمق الملعب، ونيمار لعب بحرية في الجبهة اليسرى لأن فالفيردي ليس حاضرا ومودريتش لا يضغط بنفسه قوته.

لذلك تعادل باريس سان جيرمان.

الخلاصة أن زيدان قدم واحدة من أفضل مبارياته في الولاية الثانية مع ريال مدريد وأحسن استغلال قدرات لاعبيه في مواجهة تكتيك توخيل وكان الطرف الأفضل في المباراة حتى الربع ساعة الأخيرة أو بمعنى أدق حتى قرر الدخول في مباراة؛ فأخطأ في التغييرات ولم يحالفه التوفيق في تنفيذ ما أراده.

طالع أيضا

التعليقات