رافائيل نادال.. الإنجازات لا تولد إلا من رحم الألم

الخميس، 12 سبتمبر 2019 - 21:56

كتب : محمد سمير

رافائيل نادال - تنس

"رافائيل يعاني من الألم ومسكناته منذ عام 2005" هكذا وصف توني نادال عم رافائيل ومدربه السابق معاناة الماتادور الإسباني مع الألم منذ صغر سنه.

حقق رافائيل نادال ابن الـ 33 عاما لقب بطولة أمريكا المفتوحة للتنس ليضيف إلى رصيده 19 بطولة من البطولات الكبرى المسماه بـ "جراند سلام" في التنس، ويفصله لقب وحيد عن روجر فيدرير الأكثر تتويجا.

*يقام كل عام 4 بطولات جراند سلام في رياضة التنس وهم أستراليا المفتوحة ورولان جاروس وويمبلدون وأمريكا المفتوحة*

"السعادة لا تولد إلى من رحم الألم" مقولة شهيرة للروائية المصرية نور عبد المجيد في إحدى رواياتها، لكن مع نادال الأمر لا يتوقف عند السعادة بل يصل إلى حد الإنجازات.

البداية:

نشأ رافائيل نادال في ماناكور وهي بلدة في جزيرة مايوركا في إسبانيا، نشأة نادال كانت بين عميه ميجيل لاعب كرة القدم الأسبق والذي سبق له اللعب لريال مايوركا وبرشلونة، وتوني لاعب التنس الأسبق.

بدأت قصة نادال مع الرياضة منذ الصغر عندما كان عمره 3 سنوات فقط عندما تدرب مع عمه توني رياضة التنس.

بزغ نجم نادال وحقق بطولة إقليمية لسن تحت 12 عاما، عندما كان عمره 8 سنوات فقط وفي التوقيت ذاته كان لاعب كرة قدم واعد.

وصل نادال إلى عمر الـ 12 وهو يمارس رياضتي كرة القدم والتنس، ولكن هنا نادال الأب، نجله بالاختيار بينهما حتى لا يؤثر ذلك على دراسته.

وقال نادال في تصريحات سابقة: "هنا قررت اختيار التنس، كان يجب على كرة القدم أن تتوقف على الفور".

ولم يمنع ذلك نادال من تعلقه بكرة القدم حتى الآن، إذ يعتبر النجم الإسباني واحدا من مشجعي ريال مدريد ويسعى لحضور مباريات الفريق كلما سمح الوقت.

سلسلة إصابات لا تتوقف

واصل نادال مشواره في رياضة التنس وقدم أداءا جيدا، لفت الأنظار إليه خاصة على الملاعب الترابية إلا أن جاءت اللحظة الفارقة في تاريخه في عام 2005.

تعرض نادال في عام 2005 إلى إصابة قوية في القدم اليسرى وعمره 19 عاما، وكادت تلك الإصابة أن تنهي مسيرته الرياضية.

وقال توني عم نادال عن تلك الإصابة: "أخبرنا الطبيب المتخصص وقتها أن مسيرة رافائيل قد انتهت بنسبة كبيرة جدا".

وأضاف "منذ ذلك التوقيت ويعيش رافائيل في ألم دائم، وفي مرات كثيرة قمنا بإيقاف التدريب بسبب شعوره بالألم".

وكشف توني "في كثير من الأحيان أو دعوني أقل دائما تقريبا، كان يتوجب على رافائيل تناول مسكن للألم، لأن الوضع يزداد سوءا مع استمراره في اللعب".

وأوضح عم نادال "تلك الإصابة في القدم اليسرى تسببت في مضاعفات مستمرة مع نادال حتى الآن، إذ عانى بعدها من مشاكل في الركبة والظهر وأجزاء أخرى في الجسم".

وتابع "كل ذلك كان مترتبا على إصابته في 2005".

لم تكن إصابة نادال في 2005 هي الأولى في مسيرته، إذ تعرض لإصابة في المرفق قبلها بعامين، لكنها لم تكن مؤثرة مثلما لحق بقدمه اليسرى وتسببت فقط في حرمانه من مشاركته الأولى في بطولات جراند سلام.

بعد إصابة القدم اليسرى عام 2005، تعرض نادال لسلسلة من الإصابات، إذ أصيب في ركبته وباطن القدم اليسرى في 2006 مما اضطره للراحة لمدة شهر.

في 2007 تعرض نادال لإصابة جديدة إذ عانى من تشنجات في ذراعه الأيسر تجعله يفقد قوته ودقته، وهي مشكلة أخرى تضاف لسلسلة إصابات اللاعب بجانب إصابة الركبة المعتادة.

أصيب نادال مجددا في 2008 في الركبة بعد موسم طويل خاض فيه 111 مباراة، وفي 2009 تعرض لمشكلة في الأوتار في ركبتيه كما عانى من مشاكل في البطن خلال بطولة أمريكا المفتوحة التي خسرها في نصف النهائي أمام خوان ديل بوترو.

لم تتوقف إصابات نادال وكانت الإصابة الكبرى عام 2012 عندما عانى من مشاكل قوية في الركبة خلال بطولة رولان جاروس التي حصد لقبها.

وتوالت إصابات نادال في الركبة والظهر والمرفق مما جعله يغيب عن عدد كبير من المنافسات.

وعن ذلك قال توني نادال: "بسبب الألم والمسكنات كان الفوز كثيرا من الرفاهية عند رافائيل، أخبرني مراتي كثير أنه يرغب في الفوز بمباريات أقل من أجل ألم أقل".

الروح القتالية

"من يدري ماذا كان سيحدث لو كانت مسيرة نادال بلا إصابات" مقولة كانت تتردد كثرا مع كل إصابة تلحق بالماتادور الإسباني.

ورغم ذلك خرج نادال بعد إصابته في 2008 وقال: "لا يوجد أي سبب للقلق، مسيرتي ليست في خطر".

وتعتبر الروح القتالية أكثر صفة تميز رافائيل نادال ومسيرته، ويظهر ذلك خلال مبارياته ودائما ما تلعب دورا حاسما في انتشاله من حافة الهزيمة كما وصفها الموقع الرسمي للاعبين المحترفين لرياضة التنس.

وتحدث نادال عن ذلك قائلا: "أعتقد أن نجاحي ليس مرتبطا فقط بسبب الروح القتالية، هناك الكثير من الأشياء".

وأوضح نادال للموقع الرسمي للاعبين المحترفين "الروح القتالية لها دور أقل من صفات أخرى ساهمت في تحقيق إنجازاتي".

وكشف نادال "أعتقد أن لي شخصية مستقرة طوال حياتي المهنية، مما ساعد على أن أكون مسترخيا من الناحية النفسية وحاضر ذهنيا لأي منافسة، احترام الخصم دائما له دور كبير أيضا".

وشدد "ألعب كل نقطة وكل شوط وكل مجموعة وكل مباراة حتى أخر نفس، ولكن انتشرت مقولة أنني مقاتلا في الملعب وهذا ما يساعدني في النجاح".

وتابع نادال "أنا لست وحيدا، هناك الكثير من الذين يقاتلون دائما من أجل تحقيق الفوز".

تم ربط الروح القتالية لنادال بكريستيانو رونالدو نجم كرة القدم خاصة في ظل منافسته مع روجر فيدرير مثلما الحال لرونالدو مع ليونيل ميسي.

ويمتاز فيدرير وميسي باللمسات السحرية والمهارة الفائقة، لكن نادال ورنالدو يمتازان بالروح القتالية والإصرار على تحقيق الأفضل.

ربما هذا الجيل من المتابعين هو الأوفر حظا بمتابعة ثنائية نادال وفيدرير مثلما هو الحال في كرة القدم بين ميسي ورونالدو، فذلك الثنائي في رياضة التنس هو الأبرز في التاريخ ليس فقط فنيا ولكن من ناحية الأرقام القياسية ويأتي بجوار الثنائي اللاعب الصربي نوفاك دجوكوفيتش الذي يزاحمهما على قمة الأرقام القياسية.

الإنجازات تأتي من الألم

مسيرة نادال مليئة بالألم كما وصفها عمه توني، لكن في النهاية الإنجازات تأتي من الألم.

حقق نادال 84 لقبا طوال تاريخه بينهم 19 بطولة كبرى "جراند سلام" ويفصله لقب وحيد عن روجر فيدرير الأكثر تتويجا في البطولات الكبرى.

يبلغ نادال من العمر 33 عاما، أصغر من فيدرير بخمس سنوات ونظريا تخطيه للرقم القياسي في البطولات الكبرى قريبا للغاية.

يتفوق نادال على جميع منافسيه على الأراضي الترابية، إذ حقق وحده 12 لقبا من بطولات رولان جاروس.

ويأتي نادال على قمة ترتيب اللاعبين الحائزين على لقب بطولة من بطولات الجراند سلام، إذ لم يسبق لأي لاعب الفوز بـ 12 في بطولة كبرى، يليه روجر فيدرير برصيد 8 ألقاب لبطولة ويمبلدون.

لم تنل الإصابات والآلام من عزيمة الماتادور الإسباني الذي نجح في كتابة تاريخ لن يمحى من ذاكرة رياضة التنس إلى الأبد.

المصادر:

حديث توني نادال مع موقع CNN عام 2018

تاريخ إصابات نادال من موقع تنس وولرد يو آس إيه

حديث نادال عن روحه القتالية من موقع اتحاد اللاعبين المحترفين

التعليقات