كيف عادت الكرة الهولندية إلى الحياة.. إرث كرويف وخطة من 4 محاور

الجمعة، 06 سبتمبر 2019 - 18:58

كتب : رامي جمال

هولندا

"لعب كرة القدم بسيط للغاية.. لكن لعب الكرة ببساطة هو أصعب شيء" الأسطورة الهولندية يوهان كرويف.

هزت الكرة الهولندية كارثتين خلال سنوات قليلة تمثلا في الغياب عن المشاركة في يورو 2016 ثم عدم التأهل لكأس العالم 2018.

منذ الحصول على المركز الثالث في مونديال 2014 تحت قيادة لويس فان جال، غيّر المنتخب الهولندي أربعة مدربين وافتقد للاستقرار في ظل كبر سن نجومه وعدم وجود بدلاء.

سبب الأزمة

قال فرانك دي بوير مدرب أياكس والمدرب المساعد لمنتخب هولندا في 2010: "فان جال حظي بفكر رائع بوضع خمسة لاعبين في الدفاع في كأس العالم لأنه كان يعرف إن الفريق ليس قويا بما فيه الكفاية في تلك الجزئية".

وتابع "حظينا بلاعبين رائعين في الهجوم مثل فان بيرسي وروبن وشنايدر كان يمرر لهم".

وأكمل "بعد ذلك رحل فان دير فارت وشنايدر وتركا مساحة فارغة في الفريق، أصبح لزاما الاستعانة بلاعبين شباب لكن لم يكن ممكنا لأنهم يبلغون من العمر 17 أو 18 عاما".

وأردف دي بور "كل منتخب يريد التأهل لكننا بلد صغير التي ليس لديها مواهب كثيرة، لذا أحيانا نسقط للعمق لنعود أقوى".

لكن كل ما سبق ذكره تغير قبل 19 شهرا.

بداية العودة

عيّن الاتحاد الهولندي رونالد كومان مدربا للمنتخب والهدف الرئيسي كان بلوغ يورو 2020 وبناء جيل شاب للطواحين.

وعلق رونالدو كومان المدير الفني الحالي لهولندا على انتقادات وسائل الإعلام لمستوى المنتخب وقال: "يتحدث الجميع عن ضرورة تغيير النظام والتعلم من ألمانيا وبلجيكا لكن هذه كرة القدم".

وفي أول حديث مع لاعبيه قال كومان: "أنتم هنا لتدافعوا عن ألوان وقميص بلدكم".

لكن الاختبار لم يكن سهلا ففي دوري الأمم الأوروبية وقع المنتخب الهولندي في مجموعة ضمت أبطال العالم في النسختين الأخيرتين فرنسا وألمانيا.

لذا كان لزاما أن تكون هناك خطوات مدروسة من أجل العودة وكانت كالتالي:

** أول خطوة تمثلت في بناء الاتحاد الهولندي لمجمع تدريبي متكامل لجميع الفئات السنية فساهم في توفير الوقت لهم بدلا من كثرة التنقلات.

هذا بالإضافة لإتاحته الفرصة لتدرب الفرق في مختلف الأعمار السنية في آن واحد فيرغب كل لاعب في التطور للذهاب للفريق الأعلى مع تعاون تام بين جميع الأجهزة الفنية.

على سبيل المثال كومان يتشارك الغرفة مع مدربين الشباب لذا فهو يبقى على اضطلاع يومي بمستوى اللاعبين حال الاحتياج لهم مستقبلا.

علق كومان على ذلك الأمر "لدينا فريق جيد ونحتاج لوجود توازن بين الشباب واللاعبين أصحاب الخبرات، لدينا دفاع جيد وخط وسط كذلك، لكن في الهجوم لدينا اختيارات قليلة".

وأكمل "أتمنى أن يأتي لاعب من الفريق الشاب تحت 17 عاما".

وتابع "اللاعبون الآن ينتقلون وهم صغار ليحترفوا في الخارج أنا انتقلت إلى برشلونة بعمر الـ26، حينما يسألونني عن الأفضل لهم أقول لهم إن عليهم الانتقال لناد يلعبون فيه بشكل مستمر للتحسن".

فيما قال المدير الرياضي للاتحاد الهولندي أرت لانجيلير: "نتوقع من اللاعبين أن يسألوا عن سبب تدربهم بشكل معين ليفهموا كل شيء ويتحملوا المسؤولية".

وواصل "في بعض الأحيان يبدو ذلك صعبا لأن الشبان سيسألون كثيرا ولكن هذا يجعل كل منهم يتعلم ويتحمل المزيد من المسؤولية".

ويشعر المدير الرياضي للاتحاد الهولندي أن اللاعبين الشباب ليسوا أكثر مهارة من غيرهم ولكن لديهم عقولهم وتفكيرهم الخاص.

** الخطوة الثانية في طريق العودة تتمثل في زيارة مدربي الشباب للأندية والأكاديميات والمشاركة في التدريب لتتوحد الاستراتيجية كذلك، ذلك أدى في النهاية لفوز منتخب تحت 17 عاما بلقب يورو في 2018 و2019.

ولا يجب أن نغل أن أحد نتاج ذلك العمل فرينكي دي يونج لاعب أياكس السابق وبرشلونة الحالي.

هذا بالإضافة لأن فريق أياكس الذي توج بالثنائية المحلية الموسم الماضي وتأهل لنصف نهائي دوري أبطال أوروبا تضمن ثمانية من الفريق الفائز بلقب يورو تحت 17 عاما في 2018 ومن بينهم بكل تأكيد كذلك ماتياس دي ليخت مدافع يوفنتوس الحالي.

** الخطوة الثالثة تمثلت في تنظيم مباريات للاعبين الشباب في الخارج وفي ظروف جيدة وأخرى سيئة ليعتادوا على مواجهة كل شيء.

وقال المدير الرياضي للاتحاد الهولندي: "نظمنا مباريات ودية لفريق تحت 23 عاما مع بوليفيا وباراجواي وكانت تجربة رائعة لأن الظروف كانت سيئة والملاعب كذلك والجماهير معادية لهم".

وأكمل "كل شيء يتعلق بالبناء مع منح اللاعبين خبرات في سن صغيرة والآن هم أبطال يورو وسينتقلون لأندية كبيرة في سنة صغيرة قبل بلوغهم 20 عاما".

** الخطوة الرابعة كانت عبارة عن الاستفادة من خبرات الأندية الهولندية وأحد أبرز الأمثلة على ذلك أكاديمية أياكس أمستردام.

دي ليخت أصبح لاعبا في أياكس وهو فتى صغير إلى أن وصل لسن الـ19 وقال المدير الرياضي للنادي الهولندي إدوين فان دير سار: "هو لاعب في الأكاديمية منذ سنوات ويتدرب يوميا في نفس الملعب ويأكل على نفس الطاولة قبل أن يصبح قائدا للفريق".

وواصل "الآن الكثير من اللاعبين ينظرون إليه ليكونوا مثله".

كل ذلك بدأ في عام 2011 حينما عاد يوهان كرويف لإدارة أياكس وجاء معه روبن جونكيند لتطوير النادي وأهم شيء نصت عليه خطتهما هو لعب كرة هجومية وأن يكون نصف الفريق الأول على الأقل يتضمن لاعبين من الأكاديمية.

ما حدث جعل الاتحاد الهولندي يطلب من جونكيند خطته في أياكس لمعرفة أي شيء يمكن أن يفيدهم.

وقال المدير الرياضي للاتحاد الهولندي لانجيلير: "في اللحظة الحالية نحن نريد بناء أكاديمية تدريبية وننظر لإرث كرويف".

رونالد كومان

من أجل الاستمرار على نهج واحد جاء قرار التعاقد مع كومان فهو سبق وتدرب تحت إمرة كرويف في أياكس وبرشلونة الفريق الذي لُقب بفريق الأحلام وتوج بدوري أبطال أوروبا.

أما بالنسبة للشق الفني فركز كومان على إعطاء لاعبيه الحرية الهجومية وخاصة ممفيس ديباي ودفاعيا فهو مطمئن بسبب شراكة فيرجيل فان دايك ودي ليخت.

وقال كومان: "نحن في هولندا لدينا الكثير من المبدعين وكذلك في كرة القدم والتكنيك أهم شيء لدينا، الأمر متعلق بالإمكانيات وليس بالدفاع على طريقة الكاتيناتشو الإيطالية".

وشدد "نريد اللعب والفوز بأسلوب جيد نحتفظ به في المستقبل".

المباراة الأولى لكومان مع هولندا خسرها من فرنسا بهدفين لهدف في دوري الأمم الأوروبية ولكنه شعر بالتفاءل.

وقال: "خسرنا نعم لكن في تلك المباراة ضد أبطال العالم ساورنا شعورا بإننا نستطيع هزيمتهم وإننا نستطيع اللعب في أعلى المستويات، الأجواء حول المنتخب تغيرت الآن الأمر متعلق باللاعبين وكيف سنواصل في دوري الأمم الأوروبية".

وأضاف "نحن نبني المنزل من الأسفل ليس من السطح".

الآن منتخب هولندا لديه الكثير من اللاعبين من أصحاب الخبرات والأداء القوي فان دايك ودي ليخت في الخلف، فينالدوم ودي يونج في الوسط، ريان بابل وديباي في الهجوم.

وعلق ريان بابل على مستوى المنتخب مع كومان قائلا: "هو يعرف تماما ما يريده لديه رؤية واضحة ويعرف نوعية اللاعب الذي سيضمه".

نتيجة لذلك نجح منتخب هولندا في الفوز على ألمانيا وفرنسا في دوري الأمم الأوروبية وتصدر المجموعة بل وإقصاء إنجلترا -التي بلغت نصف نهائي كأس العالم 2018- من نصف النهائي قبل الهزيمة بهدف دون رد في النهائي من البرتغال.

وعلق بيير فان هويدونك والذي مثل هولندا من 1994 إلى 2004 على أداء المنتخب تحت إمرة كومان قائلا: "كل شيء عاد للقواعد الأساسية وبدأوا البناء، وكومان كان واضحا مع الجميع ولم يحدث أي شيء سلبي كل اللاعبين يريدون الانضمام للفريق والبقاء معه".

وأردف "في وقت قصير أصبح الفريق قريبا للغاية من الأمة".

وأتم "يفتقد الفريق إلى لاعب خلاق مثل فان دير فارت أو فان بيرسي".

أما رونالد دي بور لاعب منتخب هولندا السابق فقال: "ربما ما ينقص الفريق سيأتي في المستقبل من فريق تحت 17 عاما الفائز باليورو والآن الكل في سن صغيرة ونحن نتطلع لتحقيق شيئا في كأس العالم 2022".

الآن منتخب هولندا يقع في المجموعة الثالثة في التصفيات المؤهلة ليورو 2020 التي تضم أيرلندا الشمالية وألمانيا وبيلاروسيا وإستونيا.

ويأمل المنتخب في حجز مركز من الاثنين المؤهلين للبطولة مباشرة الصيف المقبل لينهي سنوات من الغياب عن البطولات الكبرى.

مصادر

هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"

صحيفة "جادريان" الإنجليزية

طالع أيضا

مدرب مصر – إيهاب جلال.. مستعدون لـ المليون سؤال

القصة الداخلية لجنون نيمار من أجل برشلونة.. وعقبة مبابي

ريتشارد كيز ولاعب ليفربول السابق عن أزمة صلاح وماني لـ في الجول: هذا طبيعي رأيناه من قبل

تعرف على المرشحين لجائزة لاعب شهر أغسطس في الدوري الإنجليزي

تقارير: بند يُتيح لـ ميسي الرحيل عن برشلونة بدون مقابل

التعليقات