الجانب الآخر من كرة القدم – تجربة بوبي روبسون في إيندهوفن.. كيف تفوز ولا تعتبر ناجحا

الخميس، 29 أغسطس 2019 - 13:38

كتب : إسلام مجدي

بوبي روبسون

لأن الأمر لا يتمحور فقط حول ركل الكرة في الملعب حتى هز شباك الخصوم، ولأن الأمور لا تكون بهذه السطحية قط، لذا دائما هناك جانب آخر.

كرة القدم أكثر من مجرد لعبة، دائما نسمع ونردد تلك الجملة، لكن معناها أعمق بكثير مما تبدو عليه، الأمر هنا ليس حول إثارة الأهداف التي تسجل بعد الدقيقة ٩٠ أو عودة فريقك في النتيجة بعد تأخره بهدفين.

لذا يقدم لكم FilGoal.com هذه السلسلة الجديدة الأسبوعية التي تقدم جانبا مختلفا من كرة القدم محورها الأساسي مقالات ورحلات سايمون كوبر وكتابه الأشهر "كرة القدم ضد العدو" بجانب مقالات مختلفة من الصحف والكتب وبعض الأفلام الوثائقية.

لنبدأ إذا..

لماذا قد يفشل المدرب في مهمته رغم أنه قد يتوج بالألقاب؟ سؤال معقد؟ مثلا مؤخرا مارتن لاسارتي خرج وقال :"لا أعلم لما أقلت من منصبي وقد فزت بالدوري"، وأيضا على سبيل المثال لا الحصر، فترة بوبي روبسون المدرب الأسطوري مع بي إس في إيندهوفن، رغم تتويجه بلقب الدوري مرتين في عامين، لقبت فترته رغما عنه بـ"الفاشلة"، ما الحكم الحقيقي على فشل المدرب من نجاحه؟

المناقشة هنا حيوية للغاية، فنحن نتحدث عن فكرة مختلفة في عالم كرة القدم الحديث، مثلا قد تحب أن يفوز فريقك بالألقاب لكن هل تقبل في المقابل أن يفعل ذلك بالتخلي عن هويته أو بأسلوب لعب لا يشكل "متعة" لك؟ مع الأخذ في الاعتبار أن المتعة من عدمها تحددها الجماهير وفقا لأولوياتها ورغباتها الفنية.

كيف ذلك؟

الفوز بالألقاب المحلية قد يكون أمرا ضخما للغاية في بلاد كثيرة بالنسبة لفرق بعينها، في إنجلترا مثلا لفترة طويلة من الزمن وحتى يومنا هذا الفوز بلقب الدوري أمر ضخم للغاية، في نفس الوقت في إسبانيا برشلونة يتوج بالدوري نعم؟ لكن إن خيرته بين ذلك والفوز بالأبطال فسيختار الأخير بكل تأكيد.

أبرز مثال على تلك المعضلة المحيرة هي فترة بوبي روبسون مع بي إس في إيندهوفن ١٩٩٠-١٩٩٢.

في تلك الفترة كان تتويج إيندهوفن بالدوري الهولندي أمرا اعتياديا وليس بالكبير مقارنة بأهداف النادي ورغبته في تعيين روبسون، لماذا؟

صحيفة "فيوتبول إنترناشيونال" الهولندية الكبيرة للغاية في الدولة نشرت عنوانا كبيرا يتساءل :"لماذا بوبي روبسون" والأسباب؟ لأنه مدرب إنجليزي من مدرسة لا تهتم كثيرا بالتكتيك مقارنة بمتطلبات الكرة العالمية في ذلك الوقت.

بالنسبة للهولنديين كان روبسون رجل يتحدث الإنجليزية فقط، يجيد اللعب بشكل تكتيكي واحد فقط، وبالطبع بعيد بعض الشيء عن الأهداف التي حددها الفريق.

قبل وصول روبسون كان فريق إيندهوفن يعاني من أزمة إذ أن لاعبيه دخلوا في شجار فيما بينهم وبالكاد كانوا يتحدثون مع بعضهم البعض.

كيس بلويجسما المدير العام للنادي الهولندي كان يبحث عن مدرب قوي سيحافظ على الهدوء بين اللاعبين، شخص بريطاني منضبط ولم يجد أفضل من روبسون لفعل ذلك.

خلال تلك الحقبة اشتهرت إنجلترا بأن اللعبة بالنسبة لهم مسألة "شرف" والتزام، وبالتالي كان المدرب الإنجليزي الخيار الأول فيما يخص الحفاظ على انضباط غرفة الملابس ونقل ذات السلوك للاعبيه المنشقين.

في إنجلترا لا يمكن للاعب في ذلك الوقت الحديث عن الفنيات مع مدربه أو مناقشته في خطته، لا يمكنه التحدث بدون إذن، وبالطبع يتحدثون للصحافة بالإذن.

حينما يذهب مدرب أجنبي إلى هولندا يجد شيئا واحدا حسب وصف روبسون نفسه :"المدرب لا يتحدث كثيرا، الحديث كله للاعبين".

مثلا آرييجو ساكي المدرب الإيطالي الأسطوري قال إن "رود خولييت وماركو فان باستن وفرانك ريكارد منحوه الكثير من الأفكار الفنية ووجهات النظر الجديدة".

حتى أنه قال بعد ذلك أنه بسبب الثلاثي الهولندي تم تقديم نظام إيطالي معدل بنكهة جديدة للغاية بنا على وجهات نظرهم، لأن وقتها فان باستن قال وناقش مدربه أن النادي بحاجة لنظام جديد. أمر لم يكن موجودا على الإطلاق في بريطانيا.

هانز جيلهاوس مهاجم بي إس في السابق قال :"خلال فترتي في أبردين وجدت أن اللاعب في الفريق مجرد رقم ويفعل ما يطلبه منه المدرب بالنص".

بالنسبة لروبسون التجربة كانت جديدة للغاية لأنه في بريطانيا نادرا ما يعبر اللاعب عن نفسه أو يتجادل مع مدربه حول طريقة اللعب.

قضى روبسون ١٨ شهرا في إيندهوفن يحاول أن يقرر ما إذا كان فريقه قادرا على اللعب بالطريقة البريطانية الأشهر ٤-٤-٢ أم لا، بجانب أنه دخل في خلافات مع لاعبيه بسبب تساؤلاتهم وطلباتهم بأن يفهموا ما يحدث.

في إحدى المباريات ضد مونبلييه قام روبسون باستبدال جون بوسمان ولم يفهم اللاعب فطلب شرحا، لم يكن يعترض لكن هذه هي الطريقة في هولندا، لكن روبسون قال له:"اللاعبون يفهمون التبديلات حينما يصبحون مدربين".

استمر اللاعبون في الشكوى من طرق مدربهم في إدارة الفريق، في حين أنه كان مؤمنا بأنه يقوم بالأمر "بطريقة عملية".

وصل للاعبين اعتقاد بأن روبسون ربما لم يكن يدرب كثيرا، لأن الأندية الإنجليزية عادة تلعب ٣ مباريات في الأسبوع وبالتالي يقضون وقتهم في الاستشفاء والتدريبات الأساسية البدنية أكثر.

في الموسم الثاني والأخير له مع إيندهوفن تعرض للمرض ليتولى فرانك أرنسين تدريب الفريق ويلعب بخطة ٤-٢-٤ ويقدم أداء جيدا للغاية وتبدأ صحيفة "فيوتبول إنترناشيونال" في التساؤل، لما تم تعيين روبسون؟

قال بلويجسما :"سألنا أنفسنا عم نبحث، قيم مثل الالتزام والخبرة والاحترام، ثم نظرا على من كان متاحا، هل كان روبسون مناسبا فنيا لنا؟ لم يكن ذلك ما نبحث عنه ولم يكن سؤالنا لأنفسنا".

إيندهوفن بحث عن المدرب الذي يمنحهم نقاطا تنقصهم في وقت حرج لكنه لم يفكر على المدى البعيد ولا المستقبل القريب في تبعات ذلك القرار، الأمر الذي أثر على المستوى الفني للاعبين والفريق وسبب حالة من الجدل.

بعد رحيله قال بيري فان أيرلي عنه :"روبسون شخص لطيف للغاية، لكن الشيء الوحيد الذي علمني إياه خلال عامين كان اللغة الإنجليزية".

تعقيب

وثائقي Trainer! كان يناقش مسيرة المدربين الألمان وطرقهم في التدريب وضمنه تواجد يورجن كلوب قبل توليه مهمة تدريب ليفربول وتحدث عن التدريب والتدريبات.

"لا يوجد ضمانات لنجاح المدرب، لكن هناك سؤال دائم، هل أرغب في وظيفة فقط أم أرغب في مشروع وتطبيق أفكار تناسبني وتطويع الفريق الذي أدربه وفقا لطريقتي؟ ما طبيعة العرض المقدم لي وهل أفهم جيدا التجربة التي أنا مقبل عليها؟".

الكثير من الأسئلة يجب أن توجه بين الطرفين، بعض الأندية تجري مقابلات مثل مقابلات التوظيف لمعرفة إذا ما كانت الأفكار ستتلاقى في نهاية المطاف، لكن البعض الآخر يتجه متسرعا لحل مشكلة لحظية دون التفكير في بقية الحلول الأمر الذي يضعها فيما بعد في مأزق.

أكبر مثال على الاختيارات التي لم يكن لها نمط هو مانشستر يونايتد.

بحسب صحيفة "جارديان" والصحفي مارك روبين :"لم يكن هناك نمطا في الاختيارات، لم يختر النادي مثلا أن يلعب تيكي تاكا ويعين المدربين على هذا الأساس، أو لم يقل إن لديه مشروعا شابا ثم يعين مدربين يعتمدون على ذلك النمط، بل عين مدربا مثل مويس، ثم لويس فان جال الذي قام ببناء فريق، ثم جاء مورينيو بمدرسة مختلفة كليا وبنى فريقه، وهكذا".

جزء كبير من المسؤولية في المقام الأول فيما يخص مسيرة الفريق قبل محاسبة المدرب يقع على عاتق الإدارة التي اختارته في المقام الأول، فمثلا موقف إيندهوفن، الفريق كان يمتلك عناصر قادرة على حسم الدوري والإدارة تعي ذلك، لكن كانت هناك بعض المشاكل بين اللاعبين فعوضا عن حلها بجانب التفكير في المستقبل والأفكار الكبيرة، أتى مدرب لم يعرف النظام جيدا ولم يعي الأهداف الحقيقية للفريق وربما قام بحل المشكلة المؤقتة لكنه لم يرتق للطموحات.

بجانب فكرة الإقالة، مثلا إن كان ليفربول أقال يورجن كلوب بعد فشله في نهائي الدوري الأوروبي ضد إشبيلة هل كان ليحصد دوري الأبطال بعدها بـ٤ سنوات؟

"النجاح اللحظي شيء والنجاح المتوقع شيء، لكن النجاح الكبير والإنجازات شيء آخر، التتويج بالدوري في هولندا أمر متوقع أليس كذلك؟ لكن ماذا عن دوري الأبطال أو الدوري الأوروبي؟ العكس في إنجلترا، أنت لا يمكنك أن تفوز بالدوري كل موسم إلا في حالات نادرة وأوقات مختلفة". كتب سايمون كوبر.

"لا يمكنك أن تقيل مدربا بعد عام وقد اتفقت معه على مشروع لتطوير فكرة، ثم فجأة يقرر أحدكما أنه أخطأ، يجب أن تكونا على نفس الصفحة منذ أول يوم".

"عملية التدريب معقدة ومدارسها مختلفة ومتشعبة للغاية، عليك أن تدرك وتضع إطارا خاصا وأن تكون صريح مع نفسك قبل الجماهير، لأنه في النهاية إن ارتكبت خطأ فلن ينتهي بإقالة المدرب فقط".

طالع أيضا:

تحديد موعد نصف نهائي كأس مصر على استادي الإسماعيلية وبتروسبورت

طلعت يوسف: غياب رفعت وسيسيه أمام الزمالك مؤثر.. يجب تحديد موقف واضح للحكام

رئيس الزمالك يهاجم الغندور

تنس - ميار شريف تكتب التاريخ.. حصدت ذهبية الألعاب الإفريقية والتصنيف يقربها من الأولمبياد

عبد الحفيط لـ في الجول: باسم علي إلى الجونة معارا.. وتحديد موعد مباراة دوري الأبطال

التعليقات