بيني ماكارثي.. الشرارة التي حولت فتى العصابات إلى بطل جنوب إفريقيا

الجمعة، 14 يونيو 2019 - 15:59

كتب : إسلام مجدي

بيني مكارثي - الصورة من these football times

"نيلسون مانديلا منحنا الفرصة، حينها كان علي أن أرتقي لها وأن أصنع ذكريات، رغبت في أن أكون مختلفا، وليس مجرد لاعب مباراة واحدة ثم يختفي بعد ذلك، أردت أن أكون مختلفا". بيني ماكارثي

لكرة القدم سحرها الخاص في تغيير الحيوات وحتى تحريك الدول نحو المستقبل، ليس فقط الشغف لكن العمل والتطور والسير على خطى محددة يجعلك تصل للتغيير المنشود.

عانت جنوب إفريقيا كثيرا على صعيد كرة القدم لفترة طويلة، بعد التحقيقات التي بدأها فيفا تجاه حالة كرة القدم في الدولة.

تم إيقاف جنوب إفريقيا من ممارسة أي نشاط يخص كرة القدم وفي ١٩٧٦ تم رسميا استبعادها من الاتحاد الدولي لكرة القدم بشكل تام.

لتستمر جنوب إفريقيا خارج نطاق الفيفا في الفترة من ١٩٦١ وحتى ١٩٩١ بسبب سياسة التمييز العنصري في الدولة لتحرم كليا من المنافسات الدولية من ضمنها كأس العالم ما ساهم في انحدار المسابقات المحلية.

بعد عام من الإقرار الرسمي بمنع جنوب إفريقيا تماما وبالتحديد في ١٩٧٧ ولدت موهبة سيكون لها أثر كبير في تطور كرة القدم في الدولة ووضعها في مكانة كبيرة، بيندكيت ساول ماكارثي.

ابن هانوفر بارك، منطقة شهدت ارتفاعا كبيرا في معدلات الجريمة والبطالة وانتشار التنظيمات العصابية والعنف.

"كنت ألعب في بداياتي وأنا طفل صغير ضمن دوري للعصابات، ساعدني ذلك كثيرا لكي أصبح الشخص الذي أصبحت عليه فيما بعد".

"كنت في الـ١٢ من عمري ألعب ضد رجال كبار وذلك يجعلك تنضج سريعا".

"مدينة كيب تاون كانت ممتلئة بالعصابات، لكن العنف كان يتوقف تماما يوم الأحد ما يعني أنه وقت لعب كرة القدم".

"يوم الإثنين تستأنف عمليات العنف وأيضا بعض مباريات الكرة، تقام دورات كبيرة وكنا نسميها بوندسليجا، لكن لسبب خاص بالتنافس بين العصابات، لعبت لعصابة أمريكية ثرية لأنهم كانوا يمنحوني الكثير من المال، كنا نرتدي طاقم البرازيل وكان لدينا لاعبون لعبوا على أعلى مستوى".

"الدورات كانت تقام كمراهنات على الأموال، والكثير منها أيضا، كنا نتشارك بعضا منه بيننا وبين بعضنا البعض".

اعتاد بيني أن يسرق بعض التفاح من الحدائق والمزارع وأيضا الفواكه الأخرى.

هناك في تلك المزارع تعلم بيني المراوغة وزيادة سرعته حسب وصفه :"إن أمسك بك المزارعون فسيركلونك بشدة، يجب أن تهرب، سيقومون بحبسك في غرفة وستلقى عذابا كبيرا مع تهديد ووعيد لأصدقائك".

سرعان ما التحق بيني بأكاديمية فريق يانج بايراتس، فريق صغير يدار بواسطة أقاربه، بعد ذلك انضم لفئات الشباب لفريق هواة يسمى كروسايدرز.

بزغ نجمه كثيرا، وأصبح البعض يتحدث عن موهبته، حتى خاض مباراة نهائي الكأس للهواة تحت ١٧ عاما، وكان هناك شقيقان يلعبان لفريق كروسايدرز لكن لفئة عمرية أكبر.

خاض الشقيقان مباراتهما أمام أعين والدهما، الذي قرر الانتظار لمشاهدة نهائي كأس تحت ١٧ عاما، ليرى بعينيه موهبة لم يتمكن أبدا سوى من ضمها.

خلال ١٥ دقيقة سجل بيني الصغير ٤ أهداف، أمر سيكرره فيما بعد في المستقبل القريب لكن على صعيد أكبر (فقط تذكروا الأمر).

بعد ٣ أيام فقط اتجه شقيق بيني للعب مباراة ودية مع أصدقائه ضد فريق سفن ستارز الذي ينافس في الدرجة الثانية.

أتى شخص ما إلى شقيق بيني ورأى الفتى وميزه جيدا.

نتيجة بحث الصور عن بيني ماكارثي

"أخبَر شقيقي أنه لم ينم منذ ٣ أيام كان يتساءل عن طريقة يمكنه بها تعقب فتى سجل ٤ أهداف في ١٥ دقيقة، كان الفريق في الدرجة الثانية، لذا تحولت من اللعب في فئات الهواة لتمثيلهم، كان ذلك الشخص هو بوب مور مالك النادي ومدرب الفريق وابناه هما من كانا يلعبان في نفس فريق الهواة السابق لي".

الفتى صاحب الـ١٨ عاما انضم خلال عام ١٩٩٥ إلى فريق سفن ستارز وسجل هدفا وحيدا في ٢٩ مباراة بموسمه الأول.

كان ذلك بعد ٣ أعوام من عودة جنوب إفريقيا إلى مظلة الفيفا والكاف، بعد ما يقرب من عقدين من الزمان من الانعزال التام، المنتخب لعب مباراته الأولى عام ١٩٩٢ ضد الكاميرون وفاز بنتيجة ١-٠.

جنوب إفريقيا دخلت إلى تصفيات كأس الأمم ١٩٩٤، وكذلك كأس العالم وفشلت في الحالتين، قضت الدولة ما يقرب من ٥ أعوام لإعادة بناء المنتخب.

وفي أفضل لحظاتها على الإطلاق حققت لقب كأس الأمم الإفريقية ١٩٩٦ ووصلت إلى المركز الـ١٦ في تصنيف الفيفا.

مع نجاح جنوب إفريقيا في عملية إعادة البناء كان الفتى الصغير بيني ينضج وينجح بدوره، ليسجل في موسمه الثاني ١٢ هدفا في ٢٠ مباراة لينضم إلى فريق كيب تاون سبيرز الذي اندمج بعد عامين في فريق سفن ستارز ليصبح أياكس كيب تاون التابع لنادي أياكس أمستردام.

عام ١٩٩٧ كان بداية القصة الحقيقية لأسطورة بيني، ذلك الفتى الذي اعتاد أن يكون لاعبا لأندية العصابات كان عليه أن يخوض بطولة لفتت أنظار الكثير من كبار أوروبا إليه، كأس إفريقيا للشباب ثم كأس العالم للشباب في ماليزيا.

جعل ذلك أياكس يسارع لضمه وموسمه الأول هناك كان ناجحا بكل المقاييس.

قرر كليف باركر مدرب منتخب جنوب إفريقيا ضمه للفريق الأول في يونيو ١٩٩٧، ليلعب ١٨ دقيقة في ودية ضد هولندا خسرها الأولاد بنتيجة ٢-٠ ثم دقيقة وحيدة ضد فرنسا في خسارة بنتيجة ٢-١ و٣٧ دقيقة أمام ألمانيا في خسارة أخرى بنتيجة ٣-٠.

كانت جنوب إفريقيا تستعد للمشاركة في كأس القارات ١٩٩٧، لكن بيني لم يكن جزءا من ذلك المنتخب.

"لم أرغب يوما في أن يتم اعتباري فاشلا، كان لدى جنوب إفريقيا الكثير من الرموز وأردت أن أصبح يوما ما واحدا منهم".

"كنا قد عدنا للتو للعب مع بقية العالم، ونيلسون مانديلا غير كل شيء، الطريقة التي يمكن أن تظهر بها جنوب إفريقيا، منحنا ذلك الفرصة وحينما حصلت على الفرصة كان يجب أن أرتقي لها وأصنع الكثير من الذكريات".

"أردت أن أتواجد وأكون مختلفا، وليس مجرد لاعب تألق لمرة وحيدة أو كمطرب أصدر ألبوما رائعا للغاية ثم تلاشى واختفى بعد ذلك، أردت الاختلاف، وأن أستمر وأنضج وأنجح وأصبح أفضل".

نتيجة بحث الصور عن ‪benni mccarthy‬‏

خلال موسمه الأول في الدوري الهولندي سجل ٩ أهداف وتوج بطلا للدوري، لكنه اعتبر ذلك الموسم صعبا للغاية.

التكيف على الأجواء في هولندا بالنسبة له وقد أتى لتوه من جنوب إفريقيا كان صعبا للغاية، كان عالما منظما للغاية وأكثر انضباطا مما كان عليه الحال في كيب تاون.

"في أياكس، تحولت من لاعب بلا أي قواعد إلى آخر يتم إخباره بالضبط ما يجب عليه فعله".

ذلك الانضباط أفاده كثيرا، خاصة بعد رحيل كليف باركر من تدريب منتخب جنوب إفريقيا فقط بعدما قاد المنتخب للتأهل إلى كأس العالم ١٩٩٨ للمرة الأولى في تاريخه.

كان باركر معجبا كبيرا بما يقدمه ماكارثي خاصة على صعيد العمل والتدرب.

قال عنه: "لقد كان لاعبا لم يخش أبدا من بذل الجهد طالما أنه في النهاية سيصل إلى الهدف".

حانت اللحظة التي كان ينتظرها بيني صاحب الـ٢٠ عاما، المشاركة في بطولة دولية رسمية مع منتخب بلاده.

خلال كأس العالم ١٩٩٨ لم يكن يعلم أن العالم بأكمله وجنوب إفريقيا سيعرفان بوجود مهاجم كبير سيكون له شأن فيما هو قادم.

جومو سونو تولى تدريب منتخب الأولاد قبل بطولة كأس الأمم الإفريقية مباشرة.

مجموعة جنوب إفريقيا ضمت كوت ديفوار وأنجولا وناميبيا.

مباراة الافتتاح كانت ضد أنجولا وانتهت بالتعادل السلبي، لكن ماكارثي كان أبرز لقطاتها، حينما تدخل في صراع قوي لللغاية مع أوريليو مدافع أنجولا ليبدأ شجارا عنيفا، الحكم كان على وشك طردهما.

تصرف سونو مدرب الفريق بسرعة وطلب من مارك فيش ولوكاس ريديبي أن يقوما بإعاقة الحكم ثم طلب من ماكارثي ادعاء الإصابة ليخرجه ثم يطلب منه التوجه فورا إلى الفندق وبالتالي تهرب من حالة الطرد.

والمباراة التالية كان ضد كوت ديفوار وانتهت بالتعادل بنتيجة ١-١، ولم يشارك سوى لدقائق معدودة.

المباراة الثالثة كانت ضد ناميبيا، وحملت طابعا خاصا للغاية.

ناميبيا كانت استقلت قبل ٨ أعوام عن جنوب إفريقيا بعدما ظلت تحت سلطتها لـ٧٥ عاما.

دولة ناميبيا كانت قد ولدت قبل ٣٦ عاما من موعد تلك المباراة، وقبل المباراة بـ٨ أعوام كانت قد أعلنت استقلالها والآن في هذا اللقاء ترغب في إثبات ذاتها نوعا ما.

لكن كان للفتى الصغير ذو الـ٢٠ عاما رأيا آخر، وقرر أن تلك الليلة هي له وحده ولا غيره، قرر أن يعلم الجميع أنه سيكتب التاريخ.

نتيجة بحث الصور عن ‪benni mccarthy‬‏

خلال المباراة يمكنك أن ترى بيني يسجل أول هدف دولي له في مسيرته مع منتخب جنوب إفريقيا لكن هل توقف عند هذا الحد؟ لا قرر كتابة اسمه بحروف من ذهب في تاريخ البطولة.

بعد ذلك الهدف سجل ٣ أهداف أخرى لينتصر الأولاد بنتيجة ٤-١ على حساب ناميبيا.

"الأهداف استمرت في سكون الشباك، كنت سعيدا للغاية في تلك الليلة لم أعرف ماذا أفعل أو كيف أحتفل".

الأهداف الأربعة سكنت شباك ناميبيا في ١٣ دقيقة وبالتحديد من الدقيقة الثامنة حتى الـ٢١.

"كنا قد وصلنا إلى ذلك الأمر بعد ٥ أعوام، كانت أعوام صعبة وأن تسعى للنجاح كان صعبا لكننا كنا أكثر تشوقا للنجاح".

"كنا نسعى لإثبات أنفسنا، كنت أرغب في تقديم نفسي للعالم ونحن جميعا".

لم يتوقف بيني عن التسجيل بعد أن هز الشباك للمرة الأولى بقميص الأولاد، سجل ضد المغرب هدفا في ربع النهائي ثم هدفين ضد الكونغو الديموقراطية في نصف النهائي ليقود جنوب إفريقيا للنهائي لكنه خسر وتوقف في النهاية أمام مصر.

ماكارثي أصبح هدافا للبطولة برصيد ٧ أهداف بالتساوي مع حسام حسن أسطورة مصر، بجانب تتويجه بجائزة أفضل لاعب.

بعد ذلك ستبدأ رحلته الحقيقية في التألق في الملاعب، سواء في أوروبا أو مع المنتخب، حتى أنه سيصبح الهداف التاريخي للأولاد برصيد ٣١ هدفا.

"بيني ماكارثي كان لاعبا متميزا للغاية، احتاج فقط للشرارة لكي يلمع في سماء كرة القدم سواء في إفريقيا أو العالم، مباراة ناميبيا كانت تلك الشرارة، استغل كأس الأمم ولم يترك الفرصة، كان يمتلك القدرة والموهبة حتى يومنا هذا وفي المستقبل سيظل بطلا ونجما يحتذى به". نيل توفي قائد منتخب جنوب إفريقيا ١٩٩٦ المتوج بلقب كأس الأمم الإفريقية.

اقرأ أيضا:

مدن كرة القدم: السويس

غينيا بيساو.. مستعمرة برتغالية تبحث عن التوهج في إفريقيا

أي هذه المنتخبات لم يشارك من قبل في كأس إفريقيا؟

منتخب مصر يتراجع مركزا في تصنيف فيفا

زيزينيو.. أعظم برازيلي لم يفز بكأس العالم ومعشوق بيليه

عرض كويتي للاعب الزمالك

التعليقات