الجزائر 1990: ملحمة بطولة استغرق تحضيرها 10 سنوات.. وكانت بداية النهاية

الخميس، 13 يونيو 2019 - 19:18

كتب : أحمد العريان

الجزائر بطل أمم إفريقيا 1990

بعد 28 سنة من الاستقلال و10 سنوات من ضياع حلم التتويج الأول، حانت الفرصة مجددا وأمام من حرمهم منها في المرة الأولى، الجزائر تنظم أمم إفريقيا 1990 ولا هدف سوى تحقيق اللقب.

رابح ماجر بطل أوروبا، وجمال مناد الهداف القدير، وشريف عوداني الماكر، ومعهم الشاب اليافع محمد رحيم في حراسة عنتر عثماني وتحت قيادة المخضرم عبد الحميد كرمالي. هؤلاء كانوا نجوم ملحمة الجزائر في تتويجها باللقب الإفريقي الوحيد.

"مهما لعبنا لن نقدم مثلما قدمه الأخضر بلومي أو محمود جندوز" هكذا تحدث عبد الحكيم سرار قائد دفاعات الجزائر في أوج احتفاله بالبطولة لتليفزيون الجزائر.

"في رأيي أننا قدمنا بطولة تاريخية، لكن المنتخب الأقوى في تاريخ الجزائر هو ذلك الذي هزم ألمانيا في 1982". عبد الحميد كرمالي مدرب الجزائر 1990 في فيلم وثائقي عن بطولة أمم إفريقيا 90.

هم الأبطال لكنهم لا يقولون أنهم الأفضل. لابد أن لإجماع جيل 90 على تلك الحقيقة واقع، ولذلك فبداية ملحمة الجزائر للظفر بأمم إفريقيا 90 لم تبدأ مع البطولة، بل قبل ذلك بسنوات، وتحديدا في 1980.

تأسس المنتخب الجزائري في عام 1963 رسميا، وإن كان يلعب قبل ذلك باسم جبهة التحرير منذ 1958، لكن الجيل الأخضر العظيم كان في فترة الثمانينيات.

في الثمانينيات تأهلت الجزائر إلى كأس العالم مرتين، عامي 1982 و1986. وفي الثمانينيات بلغت الجزائر نهائي البطولة عام 1980، والمركز الرابع في 1982، والثالث في 1984، قبل الخروج المفاجئ من الدور الأول في 1986 ثم العودة للمربع الذهبي واحتلال المركز الرابع في 1988.

كل ذلك كان تمهيدا للبطولة. البطولة التي استغرق طريقها 10 سنوات من المحاولات، حتى ابتسم الحظ أخيرا لثعالب الصحراء على أرضهم ووسط جماهيرهم.

اقرأ أيضا - الجزائر.. منتخب التحرير لتعريف إفريقيا "شكون إحنا"

1980

في بطولة 1980 وصل المنتخب الجزائري لنهائي كأس الأمم الإفريقية أمام نيجيريا، لكن ولسوء الطالع أن البطولة كانت في لاجوس. ونيجيريا لا يمكن أن تخسر على أرضها هذا اللقب.

أقيم النهائي على استاد لاجوس الوطني في حضور 85 ألف متفرج، ولم يتوان النسور عن افتراس الثعالب، لتفوز نيجيريا بثلاثية وتحقق اللقب للمرة الأولى في تاريخها. لقب كان بداية لأخذ كرة القدم منحنى آخر لدى النيجيريين، حتى وصلوا لإبهار العالم في مونديال أمريكا 1994.

فضيحة خيخون

في 1982 وصلت الجزائر لأعلى مستوياتها مع كرة القدم. أصبح لدينا منتخبا عربيا عالميا يناطح منتخبات العالم بأدائه.

وردا على سخرية شوماخر حارس ألمانيا حينها من الجزائريين، كان الرد داخل الملعب بهدفي رابح ماجر والأخضر بلومي ليكتبا انتصارا تاريخيا على الألمان في افتتاح مشوار البطولة.

في المباراة الثانية غلبت نشوة الانتصار على التركيز، فكانت الخسارة أمام النمسا بهدفين.

ثم كانت المواجهة الأخيرة أمام تشيلي، لتعود الجزائر للبطولة بالفوز على تشيلي بثلاثة أهداف مقابل هدفين.

ولأن المباريات وقتها لم تكن مثل زماننا الحالي، فلم تكن الجولة الأخيرة في دور المجموعات تجرى في نفس التوقيت، وانتظر المنتخبان الألماني والنمساوي لليوم التالي كي يلتقيان في ختام المجموعة.

كان المنتخبان على دراية بأن فوز ألمانيا بهدف هي النتيجة الوحيدة التي تؤهلهما سويا وتقصي الجزائر، فكان ذلك ما تحقق منذ الدقيقة العاشرة في المباراة، ووسط صيحات الاستهجان في المدرجات من الإسباني، ومن الألمان والنمساويين أنفسهم.

ودعت الجزائر البطولة، لكنها اكتسبت احترام العالم وتركت العار لألمانيا والنمسا أبد الدهر، وكانت البطولة حلقة جديدة في مراحل تكوين المنتخب البطل في 1990.

1982-1989

واصل المنتخب الجزائري فترته القوية. وصل لكأس العالم مجددا في المكسيك عام 1986، لكنهم ودعوا البطولة من الدور الأول بأداء سيء هذه المرة، وإفريقيا بلغوا المركز الثالث في بطولة 1988، حتى جاءت بطولة 1990.

الفرصة الأخيرة

جمال عماني متوسط ميدان الجزائر 90 يقول "في تلك البطولة كان جيلنا قد قارب على نهاية مشواره. الكل تخطوا حاجز الـ28 عاما، ومعنا مجموعة قليلة جدا من اللاعبين الشبان أمثال محمد رحيم، وطارق العزازي، ومحي الدين مفتاح".

الجيل الذهبي للجزائر كبر ووصل لأوقاته الأخيرة مع كرة القدم، والبطولة ستلعب في الجزائر، إذا فسيدون هذا الجيل في سجلات التاريخ أو لا. إنها الفرصة الأخيرة.

"كنت لاعبا ومدربا في الفريق. شعرت بمسؤولية كبيرة لأنني على علم بما ينتظره 30 مليون جزائريا مني في تلك البطولة". رابح ماجر أسطورة الجزائر

قبل البطولة بأشهر قليلة كانت الجزائر قد عرفت فعلا أنها لن تكون حاضرة في مونديال إيطاليا 1990 بعد التأهل لكأسي العالم السابقين، والسبب هو الخسارة أمام مصر في المباراة النهائية بهدف حسام حسن وسط الحشود المصرية في استاد القاهرة. كان ذلك في شهر نوفمبر لعام 1989 وبعدها بأربعة أشهر ستكون إفريقيا كلها في ضيافة الجزائر.

بطولة فريدة

صاحب الأرض يكون في المجموعة الأولى، لكن مجموعة الجزائر كانت قوية جدا على الورق. رفقة نيجيريا وصيفة النسخة السابقة، وكوت ديفوار العنيدة، ومصر المتأهلة لكأس العالم على حساب الجزائر نفسها قبل أشهر قليلة.

"بفضل مجهوداتنا في تلك البطولة تنظيميا، أصبحت أول نسخة توزع خارج قارة إفريقيا أيضا ليشاهدها كل العالم". محمد روراوة رئيس الاتحاد الجزائري الأسبق

ويقول حفيظ الدراجي المعلق الجزائري الشهير خلال تعليقه على مباراة الجزائر وكوت ديفوار في تلك البطولة "تم توفير كل الطلبات التي طلبها التليفزيون الجزائري من أجل بث تلك البطولة، كخدمة تقدمها الجزائر للمنتخبات العربية ولكافة دول إفريقيا".

تنظيم الجزائر لبطولة أمم إفريقيا 1990 كان ناجحا على كافة المقاييس وبمعايير هذا الزمان، فكانت فرصة لتوحد الشعب ولو مؤقتا بعد خلافات سياسية مضنية بلغت حد السلاح خلال هذه السنوات.

مشوار البطولة

بدأت البطولة في الثاني من مارس عام 1990 وكانت المباراة الافتتاحية أمام نيجيريا التي حرمت الجزائر من اللقب قبل 10 سنوات.

الآن اعتزل بلومي ورفاقه، لكن يبقى فقط رابح ماجر ممن كانوا شاهدين على الخسارة المريرة.

ولأنه كان الأكثر رغبة في الانتقام، فكان هو المبادر وسجل هدفين للجزائر في شباك نيجيريا. هدفان كانا بداية لفوز جزائري ساحق بخمسة أهداف مقابل هدف. الجزائر تعلنها مبكرة بأنها لن تكتفي بالتنظيم، بل تريد اللقب.

المواجهة الثانية كانت أمام كوت ديفوار، وكان الفوز سهلا بثلاثية، ليكون التأهل شبه محسوما للخضر قبل الجولة الأخيرة.

في المجموعة ذاتها كانت مصر تشارك بالفريق الثان بقرار من محمود الجوهري بعد التأهل لكاس العالم 1990، ولذلك كانت الخسارة أمام نيجيريا وكوت ديفوار في الجولتين الأولى والثانية مبررة.

وفي الجولة الثالثة حققت الجزائر فوزا ثالثا على مصر بهدفين مقابل لا شيء، لتتأهل لنصف النهائي.

ولم تخل المباراة من بعض المشاحنات كعادة مباريات منتخبات شمال إفريقيا.

وكان الخصم هذه المرة هو الأقوى. على الجزائر عبور السنغال في نصف النهائي من أجل تحقيق البطولة.

تقدمت الجزائر بهدف جمال مناد، لكن السنغال تعادلت سريعا قبل نهاية الشوط الأول.

وفي الشوط الثاني، أضاف جمال عماني الهدف الثاني، لتبلغ الجزائر النهائي الحلم ويتكرر اللقاء مجددا مع نيجيريا.

هل تكرر الجزائر فوزها الكبير على نيجيريا الذي تحقق في افتتاح البطولة؟ هل تثأر الجزائر لنفسها من نهائي 1980 الذي فازت به نيجيريا في لاجوس؟ أم تكرر نيجيريا الفوز في النهائيات وتثأر لنفسها من خماسية الافتتاح؟

لم تكن المباراة سهلة أبدا عكس لقاء الافتتاح، وكانت مليئة بالشد العصبي، لكن شريف عوجاني هو كاتب التاريخ الذي كتب اسمه بأحرف من ذهب. سجل هدف الفوز في الدقيقة الـ38 وجلب لبلاده اللقب الوحيد في تاريخها حتى الآن.

انتصرت الجزائر وسجلت نفسها بين قائمة الأبطال الأفارقة أخيرا، لكن البطولة لم تكن بداية لنهضة جزائرية، وإنما كانت هي بداية نهاية الجيل الذهبي، والذي تبعه اضمحلال كروي جزائر لحين العودة والاستفاقة في 2008.

رتب الهدافين التاريخيين لمنتخب الجزائر

اقرأ أيضا:

الكاميرون.. "مانيبين" الذي زأر لأول مرة فساروا على خطاه

رباعي مصري ضمن أفضل 30 لاعبا في تاريخ إفريقيا.. وغياب العميدين

ملاعب أمم إفريقيا - السويس.. فرصة أولى وأزمة تونسية

ناجي: لم أحسم الحارس الأساسي للمنتخب في أمم إفريقيا

رتب الهدافين التاريخيين لمنتخب الجزائر

تعرف على ترتيب مباريات صلاح مع ليفربول في الدوري الإنجليزي بالموسم الجديد

التعليقات