الكاميرون.. "مانيبين" الذي زأر لأول مرة فساروا على خطاه

الخميس، 13 يونيو 2019 - 12:11

كتب : إسلام مجدي

منتخب الكاميرون

"حينما يولد لدينا طفل جديد، فهو من يختار مصيره والتاريخ الذي سيكتبه وسيخلد اسمه للأبد، كل شخص بإمكانه أن يحقق شيئا يوما ما لا مجال للمستحيل".

نرى ذلك الشعار دائما، لونه أصفر على شكل أسد شديد البأس ينظر في تحد شديد وغضب حاد تجاه الخصوم، لا يرغب في إرهابهم لكن في الانتصار عليهم وتخطيهم.

لطالما كان يطلق على الكاميرون لقب "الأسود" لكننا لم نكمل ذلك اللقب أبدا كنا نقوله بشكل غير مكتمل.. إليكم اللقب كاملا: "الأسود التي لا تقهر".

لنعد سويا إلى عام ١٩٠٢ في قرية نيبولين، منطقة نديكينيميكي، قسم مبام وإنوبو، في المنطقة الوسطى من الكاميرون.

أصبح مانيبين تومبي زعيما للقرية ولديه جيشا قيل إنه يتمتع بقوى خارقة، ألحق الكثير من الخسائر بجنود الإمبراطورية الألمانية التي ظلت في الكاميرون في الفترة من ١٨٨٤ وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى.

هانز دومينيك قائد القوات الألمانية قرر استخدام خدعة ما، وأسر على أثرها مانيبين تومبي زعيم القبيلة بجانب زوجته.

أثناء اصطحاب زعيمة القبيلة الأشهر في الكاميرون قال لزوجته: "سأعود، لا تغلقي أبواب المنزل".

تم نقله إلى سجن في دوالا وأضرب عن الطعام، كان يزأر في السجن كالأسد، كان يطالب بأكل لحم الألمان عوضا عن الطعام الطبيعي.

قرر هانز دومينيك نقله إلى سجن أخطر وأقوى في ألمانيا، لكنه هرب من القوات في البحر مع الكثير من أصوات طلقات الرصاص دون جدوى.

"الأسد الأسمر هرب". هكذا صرخ الجنود ليلا.

بعد ذلك وأثناء عاصفة رعدية عاد الأسد الأسمر إلى زوجته التي كانت تنتظره كل يوم أمام باب المنزل كما طلب منها، بعد ذلك قرر اتخاذ الغابة ملاذا ومنزلا له.

تنتهي تلك القصة في السبعينيات، بعد نهاية الاحتلال الألماني بخسارة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، لتصبح الكاميرون من عصبة الأمم وتنقسم إلى الكاميرون البريطانية والكاميرون الفرنسية.

الجانب الفرنسي كان متكاملا بشكل اقتصادي متميز للغاية واستثمر الكثير من المال، بجانب بالطبع الجزء الأسوأ من الاحتلال، العبودية والعمل القسري بمقابل سيء.

الجانب البريطاني كان يدار من نيجيريا المجاورة للكاميرون، ووسط كل ذلك؟ الأسد الأسمر ورفاقه اشتكوا من تحول الملكية من مستعمرة ألمانية لمستعمرة مقسمة إلى جانبين.

توافد الكثير من العمال الأجانب من نيجيريا، لكن السكان الأصليون؟ كانوا غاضبين للغاية.

قصتنا تلك كانت على لسان أحمدو أهجيو الرئيس الأول للكاميرون بعد استقلالها عام ١٩٦٠، كان يقصها على زوجته، حينما سألته ما تعنيه كلمة "الأسود التي لا تقهر".

"إنها تعبر عن البطولة، والقدر الذي نصنعه بأنفسنا، التاريخ الذي نكتبه ونجبر الجميع على احترامه لأننا اكتسبناه بعملنا".

..وتلك كانت بدايتنا للدخول في رحلة مع الكاميرون، ثاني أقوى منتخب في تاريخ إفريقيا والأكثر تتويجا باللقب بعد مصر.

لا مجال للراحة.. لنكتب التاريخ

٥ ألقاب كأس أمم إفريقية في ١٧ مشاركة، تاريخ كبير تمتلكه الكاميرون في كأس الأمم على الرغم من أنها شاركت في عدد نسخ أقل من مصر وغانا وكوت ديفوار.

بوجود فرنسا وإنجلترا في الكاميرون كان ذلك يعني أن كرة القدم ستظهر لا محالة وقد كان ذلك في بدايات العشرينيات من القرن الماضي، تشارليس لالاني المعلم والتاجر المعروف في دوالا والذي أدخل كرة القدم إليها، وجورج جيوثي الوكيل التجاري والمصور الذي وصل إلى الكاميرون عام ١٩٢٢ وأنشأ أول ناد هناك: أتليتك كاميرون.

في عام ١٩٥٠ خاض المنتخب الكاميروني مباراة ضد نيس وخسر بنتيجة ٣-٢، وبنهاية الخمسينيات احترف أول لاعب كاميروني في تاريخ الدولة في الدوري الفرنسي، زاكري نواه.

فور الاستقلال الذي حدث في يناير عام ١٩٦٠، تم إنشاء دوري بعد عام، ثم انتسب إلى الفيفا عام ١٩٦٢، وأصبح عضوا في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم عام ١٩٦٣.

شاركت الكاميرون لأول مرة في التصفيات المؤهلة لكأس الأمم عام ١٩٦٨، كانت تلك هي النسخة السادسة للبطولة، مباراتهم الأولى في مجموعتهم الخامسة كانت ضد تونس، وبالطبع كانت صدمة كبيرة، خسارة فادحة بنتيجة ٤-٠.

جمع المنتخب الكاميروني شتات نفسه في مباراته التالية ضد الكونغو برازافيل وتعادل بنتيجة ١-١ لكنه خسر في المباراة الثانية خارج أرضه بنتيجة ٢-١ لتنتهي حظوظه في التأهل.

تطلب الأمر عامين فقط من الكاميرون لتتأهل للمرة الأولى في تاريخها إلى كأس الأمم بعد الفوز ضد زامبيا وأوغندا.

محترفان فقط في فرنسا هما جابريل أبوسولو وإيمانويل كوم انضما لمجموعة من اللاعبين الذين يمثلون فريقي كانون ياوندي وأريكس دوالا.

ودعت الكاميرون البطولة في نسختها الأولى من دور المجموعات بسبب فارق الأهداف.

وفي عام ١٩٧٢ فازت بحقوق تنظيم البطولة، وقامت الدولة ببناء ملعبين كبار للغاية، الملعب الرياضي في ياوندي وملعب إعادة التوحيد في دوالا.

تلك البطولة كانت نقطة تحول في تاريخ الكاميرون، إذ نجحت في تحقيق المركز الثالث بعدما فازت ضد زائير بنتيجة ٥-٢.

بأمر رئاسي من أحمدو أهيجو قرر أن يطلق لأول مرة وللأبد لقبا على منتخب بلاده: "الأسود التي لا تقهر".

"هنا في الكاميرون، كرة القدم هي حزبنا السياسي الأول والأفضل، كرة القدم هي ما توحدنا، وحدها تجلب الأشياء الجيدة، وهي نافذتنا في دولتنا، لذا لا نعبث مطلقا ولا نتهاون فيها". روجيه ميلا.

كانت محاولة لتوجيه رسالة، أن الكاميرون دولة قوية لن تخضع مجددا، ولا يوجد أفضل من كرة القدم ونجاح المنتخب وتنظيم كأس الأمم لإيصال تلك الرسالة، "لن تُقهر الكاميرون مجددا".

على الرغم من ذلك النجاح الكبير والذي كان من المفترض أن يكتب المزيد من التاريخ، لم يحدث ذلك، العديد من الإخفاقات المتكررة في التأهل إلى كأس الأمم، وتزايد احتراف اللاعبين للخارج، ورغم تفوق كانون ياوندي ويونيون دوالا، لم تتأهل الكاميرون للبطولة مرة أخرى سوى بعد غياب دام لـ٤ نسخ، لتدخل نسخة ١٩٨٢ في ليبيا وتودعها من دور المجموعات.

ينسب الفضل في الكاميرون إلى برانكو زوتيتش المدرب اليوغوسلافي الذي اعتمد على ما عرف بالجيل الذهبي الأول، تضمن روجيه ميلا وتوماس نكونو وجيان مانجا أونجويني.

لكن راديفويي أوغنيانوفتش كان من حصد ثمار هذا الجيل، بعد التأهل لكأس الأمم ١٩٨٤ ودورة الألعاب الأوليمبية في لوس أنجلوس.

بعد انتظار دام ١٢ عاما نجحت الكاميرون أخيرا في الفوز بكأس الأمم الإفريقية لأول مرة، تبعها الوصول للنهائي مرة أخرى عام ١٩٨٦ والخسارة بصعوبة بركلات الترجيح ضد مصر، ثم التأهل لنهائي ١٩٨٨ والفوز باللقب للمرة الثانية.

انتهى الجيل الذهبي الأول للكاميرون عام ١٩٩٠، حينما ودع البطولة من دور المجموعات، وفي ١٩٩٢ عاد المنتخب في مغامرة أخيرة في السنغال حصد خلالها المركز الرابع.

تعرضت الأسود للهزيمة بعد تذوق طعم النجاح واللقب مرتين، غابت عن نسخة ١٩٩٤ في تونس، ثم ودعت نسخة ١٩٩٦ من دور المجموعات، ووصلت ربع نهائي ١٩٩٨.

عادت الأسود لتزأر مرة أخرى مع بيير لوشانتر عام ٢٠٠٠ ثم حصدت اللقب في النسخة التالية، ومنذ ذلك الحين لم تودع الكاميرون البطولة منذ دور المجموعات، حتى عادت للغياب عن البطولة في نسختي ٢٠١٢ و٢٠١٣، ثم ودعتها من دور المجموعات في ٢٠١٥ وتوجت بطلة خلال النسخة الماضية.

أساطير الطواحين تقود الأسود السمراء

"الكاميرون دائما مستعدة لكأس الأمم، نحن جاهزون وفي حالة جيدة، لكن يجب أن ننقل ذلك إلى المباريات، لا أحد سيخوض ما يسمى بمباراة سهلة ضد الكاميرون في مصر". كلارنس سيدورف.

جهاز فني مكون من كلارنس سيدورف وباتريك كلويفرت هو من سيقود الكاميرون في كأس الأمم ٢٠١٩.

المدرب الهولندي يخوض تجربته الأولى على صعيد المنتخبات، بعدما كان قد بدأ مسيرته في ميلان لكن لفترة وجيزة قبل أن يرحل للتدريب في الصين ثم فترة قصيرة مع ديبورتيفو لاكورونيا.

"التدريب في إفريقيا مثل البرازيل، التركيز الأكبر على اللاعبين، إنهم يعنون الكثير للأشخاص في الدولة، إنهم مثلهم الأعلى. كرة القدم لغة عالمية والأمر منوط بأشياء متكررة في كل مكان".

سيدورف تولى المهمة في أغسطس ٢٠١٨، في ذلك الوقت لم يكن الجدل الكبير حول سحب التنظيم قد وصل إلى مراحله الجدية، والكاميرون كانت في بقعة هادئة للغاية فيما يخص الصراع على التأهل لكأس الأمم.

فجأة تصاعدت وتيرة الأحداث، ولجان المراجعة عادت بتقاريرها إلى الكاف، مع احتمالية كبيرة بسحب التنظيم.

"أخبرت لاعبي من اليوم الأول أنني أرغب في تصدر المجموعة، كانوا يعلمون أن كل مباراة هامة، أردت أن أبث فيهم تلك العقلية وأبعدهم عن التخاذل".

يعتمد الهولندي على خطة ٤-٢-٣-١ وفي بعض الأحيان ٤-٣-٣ أو ٤-٤-٢ ويفضل أن تكون هجومية، خاض حتى الآن ٦ مواجهات فاز في مباراتين وتعادل مرتين وخسر مرتين.

"٩٠٪ من المدربين يخسرون أكثر مما يفوزون، لا يوجد ضمانات للفوز، حتى وإن كنت تمتلك أفضل اللاعبين وأفضل الفرق".

"ما أبحث عنهم أينما ذهبت هو التأثير الإيجابي، الفاعلية، أن يكون هناك نتيجة دائما لكل ما تفعله على ارض الملعب، أن تكون مؤثرا أمام المرمى".

آمال معلقة على بعض الأسماء المألوفة والكثير من القلق.

كريستيان باسوجوج أفضل لاعب في كأس الأمم الإفريقية ٢٠١٧ بالجابون، سجل هدفا وحيدا في مشوار التصفيات، ومنذ انضمامه للصين لم يقدم تأثيره المعهود واكتفى بالمساهمة في ٧ أهداف في ١٩ مباراة مع فريقه.

الأسماء الثلاثة المألوفة والتي سيعتمد عليها هجوم الكاميرون وتعلق عليه الجماهير الآمال، هي التي سجلت أهدافا ضد جزر القُمر في المباراة الحاسمة من التصفيات.

إريك ماكسيم تشوبو موتينج (باريس سان جيرمان)، باسوجوج (هينان جياني)، وكلينتون موا نجي (مارسيليا).

الثلاثي الهجومي لمنتخب الكاميرون لم يكن في أفضل حال تحت إمرة كلارنس سيدورف، لكن الجماهير الكاميرونية تأمل في أن يجدوا طريقهم نحو المرمى في البطولة بجانب مساندة الوافد الجديد على التشكيل ويلفريد كابتوم لاعب برشلونة السابق.

الكاميرون مع سيدورف سجلت ٥ أهداف في التصفيات، منها ٣ ضد جزر القمر. تشوبو موتينج سجل مع فريقه ٣ أهداف في ٣١ مباراة، وموا نجي سجل نفس عدد الأهداف في ٢١ مباراة.

وبالطبع يتواجد المخضرم كارلوس كاميني في حراسة المرمى بجانب أندري أونانا المتألق مع أياكس.

مؤخرا قبل نهاية الموسم بشهر تقريبا، كان تشوبو موتينج يعاني من بعض الانتقادات من جماهير باريس سان جيرمان لإهداره فرصا سهلة، ولعل أبرزها فرصة اضطر اللاعب للاعتذار بعد إهدارها لأن الكرة كانت على خط المرمى وهو أبعدها، بالمعنى الحرفي لا المجازي.

حاول روجيه ميلا أيقونة كرة القدم الكاميرونية والإفريقية أن يهدئ جماهير بلاده قبل البطولة قائلا: "لم يعتقد أحد أننا يمكننا حتى أن نتخطى دور المجموعات في النسخة الماضية، لكننا فزنا باللقب، على الجماهير أن تكون صبورة، لنصبر ونرى ما يمكننا عمله في مصر".

والسؤال الذي سننتظر إجابته، هل يمكن للأسود التي لا تقهر أن تكسر حاجز القلق والخوف من ابتعاد بعض لاعبيهم عن مستواهم؟

مشوار التصفيات والمفاجآت

"لقد كانت نهاية عصيبة، كانت هناك جولة وحيدة متبقية والتغييرات تمت في اللحظة الأخيرة، الكاميرون لن تنظم البطولة ولكن مصر، ونحن مطالبون بالفوز ضد جزر القمر". سيدورف.

الكاميرون بدأت التصفيات بانتصار ضد المغرب في ٢٠١٧، ثم تعادل مع جزر القمر، وانتصار ضد مالاوي.

في النصف الثاني من التصفيات تعادلت الكاميرون سلبيا مع مالاوي ثم خسرت من المغرب بنتيجة ٢-٠ بهدفي حكيم زياش.

تأزم موقف المجموعة كثيرا قبل الجولة الأخيرة.

المغرب 10 نقاط

الكاميرون 8 نقاط

جزر القمر 5 نقاط

مالاوي 4 نقاط

وفي الجولة الأخيرة التي ستقام في شهر مارس سيلتقي منتخب الكاميرون على أرضه مع جزر القمر، والمغرب ضمنت التأهل بالفعل.

حال فوز جزر القمر بهدف دون رد فقط فإن رصيدها سيرتفع إلى ثماني نقاط وتتساوى مع الكاميرون.

وبالنظر للنتائج المباشرة بين المنتخبين، فإن جزر القمر تعادلت مع الكاميرون إيجابيا على أرضها بهدف لمثله وفازت خارجها بهدف دون رد، وحينها تقطع بطاقة التأهل مباشرة لأمم إفريقيا للمرة الأولى في تاريخها.

لكن هذا السيناريو لم يحدث، والكاميرون قدمت أداء متميزا للغاية ربما بث بعض الطمأنينة بعد تلك الساعات والحسابات المقلقة بالنسبة للجماهير وفازت بنتيجة ٣-٠، وحصدت نفس عدد نقاط المغرب المتصدر، ١١ نقطة.

تأهل الكاميرون للبطولة وضعها ضمن المجموعة السادسة التي تضم غانا وبينين وغيينا بيساو.

المباراة الأولى للأسود التي لا تقهر ستقام يوم ٢٥ يونيو ضد غينيا بيساو، والثانية يوم ٢٩ ضد غانا والثالثة يوم ٢ يوليو ضد بينين.

المصادر:

http://bit.ly/2MKx28Q

http://bit.ly/2wRk0Mc

http://bit.ly/2F7fY6T

http://bit.ly/2WDK9xa

اقرأ أيضا:

هل ألمح الأهلي لبقاء لاسارتي في منصبه؟

افتتاح الدوري الإنجليزي - صدام ناري بين يونايتد وتشيلسي.. ليفربول مع نوريتش

تعرف على ترتيب مباريات صلاح في الدوري الإنجليزي بالموسم الجديد

مواعيد المواجهات المصرية في الدوري الإنجليزي بالموسم الجديد

تشكيل مصر المتوقع – أجيري يدفع بـ دونجا وأحمد علي.. ودفاع "شبه أساسي" ضد تنزانيا

التعليقات