فان دي بيك.. الموهبة والتكامل يصنعان التفرد

الأربعاء، 17 أبريل 2019 - 15:49

كتب : لؤي هشام

دوني فان دي بيك

الأمر لم يحتج إلى الكثير من الوقت لإثبات الموهبة التي يمتلكها، والقصة لم تشهد أحداثا إعجازية أو استثنائية.. فقط كان يداعب الكرة وأنظار الآخرين تتكفل بالباقي، دون منعطفات سلبية أو أحداث تراجيدية.

الموهبة كانت واضحة للعيان، والمهارة لم تجد من يشكك بها، والطريق لم يكن طويلا. بالتأكيد واجه صعوبات كسائر البشر ولكن في قصته الخاصة كان واثقا ومتيقنا، ومع بعض التطور صار ما يقدمه متفردا.

طفل صغير يلعب بأكاديمية محلية يعمل بها والده، سرعان ما التقطته أعين كشافي أياكس وانضم إلى صفوفهم.. وعند تلك النقطة بدأت قصة النجاح الحقيقية التي وصلت إلى ذروتها خلال الموسم الجاري، وتحديدا في ملعب يوفنتوس أرينا.

أياكس واصل أداءه الإعجازي في دوري أبطال أوروبا، وأقصى يوفنتوس من البطولة بعد الانتصار عليه في تورينو بهدفين لهدف عقب التعادل في ذهاب ربع النهائي 1-1، بعدما أطاح بحامل اللقب ريال مدريد في دور الـ16.

ودوني فان دي بيك كان أحد أبطال تلك الليلة الاستثنائية بعدما سجل هدف فريقه الأول، ليضع حبة الكرز على الأداء الرائع الذي يقدمه طوال الفترة الماضية.

خلال الموسم الجاري نجح صاحب الـ21 عاما في تسجيل 14 هدفا وصناعة 11 خلال 42 مباراة مع فريقه الهولندي، وقد كان ذلك ثمار سنوات من العمل والتطوير داخل أكاديمية النادي.

يتمتع دي بيك بمرونة كبيرة فيما يتعلق باللعب في وسط الملعب، فما بين لاعب وسط دفاعي وارتكاز وصانع ألعاب، مر دوني على كل تلك المراكز وأدى فيها بشكل رائع.

والآن صار واحدا من أكثر لاعبي الوسط تكاملا في أوروبا، واسمه مرتبط بالانتقال إلى صفوف كبار أوروبا.

في أغسطس من عام 2014 انضم دي بيك إلى أكاديمية أياكس لمدة 3 سنوات، استهل مشوار مع الفريق D قبل يصعد من فئة عمرية إلى أخرى في ظل موهبته الواضحة.

وخلال أقل من 5 أشهر كان يلعب مع فريق الشباب ويتوج بكأس السوبر في يناير 2015، والنادي يمدد عقده حتى صيف 2018.. كان ذلك مؤشرا واضحا على التصاعد السريع لموهبة وأداء الشاب الصغير.

يقول دينيس بيركامب أسطورة النادي وأحد أيقونات أرسنال عن دوني الذي كان لاعبه في صفوف فريق الشباب "سيلعب مع الفريق الأول بلا شك إن تم تدريبه بشكل صحيح".

فقط كان بحاجة للتطور على عدة أصعدة، وتطويره لم يكن صعبا.

يشرح روبن يونجكيند الذي كان مسؤول تطوير المواهب خلال تلك الآونة بالأكاديمية "إنه يعلم أنه كان يركض مثل الـ***.. كان لديه قدرة جيدة على التحمل ولكن ليس لديه الكثير من القوة في ساقيه، لذلك تم العمل على ذلك وفي كثير من الأحيان من خلال جلسات مزدوجة".

وبالكثير من العمل على تلافي السلبيات وإبراز الإيجابيات ظهر اللاعب المولود في مدينة نايكيركيرفن ضمن جيل شاب كان نتاج سنوات من التخطيط للأسطورة يوهان كرويف.

اقرأ أيضا - (داخل مصنع مواهب أياكس.. كيف قادت ثورة كرويف الناعمة لتأسيس جيل ذهبي)

نتيجة بحث الصور عن ‪van de Beek‬‏

شهران فقط مرا قبل أن يقرر فرانك دي بور مدرب الفريق الأول تصعيده للتدرب معه وينضم لقائمة الفريق، و4 أشهر أخرى قبل أن ينال لقب أفضل موهبة مستقبلية داخل النادي.

التصاعد في النسق كان متواصلا.

في نوفمبر من نفس العام حصل دي بيك على فرصة المشاركة الأوروبية الأولى أمام سيلتك في الدوري الأوروبي، وبعدها بثلاثة أيام نال المشاركة الأولى بالدوري أمام زفوله، ثم في الشهر التالي سجل أول أهدافه أمام مولده النرويجي.

التسارع في صعود سُلمة تلو الأخرى لم يكن نتاج تسرع، وإنما نتاج تطور سريع وملحوظ في أدائه وتصرفاته.

ودي بور أعجب للغاية بما يقدمه لاعبه وقرر "سوف يستمر مع الفريق الأول من أجل المزيد من الملاحظة".

وفي فبراير من عام 2016 كان قد تم بقائه مع الفريق الأول بشكل رسمي بعدما كان يتناوب على اللعب مع الفئات الأقل عمرا، وحينها بدأت رحلة الانطلاق.

ويشرح دي بور مميزات لاعبه السابق قائلا: "دي بيك لديه عمق، وقدرات تهديفية، ويفهم فن الظهور أمام المرمى في الوقت المناسب".

وأضاف "أما فيما يخص العقلية فإنه ذهب أبعد من فرينكي دي يونج وجاستين كلويفرت".

نتيجة بحث الصور عن ‪van de Beek 2016‬‏

مع الموسم التالي كان دي بور يرحل وبيتر بوش يأتي، لكن الاعتماد على دي بيك لم يتوقف والمدرب الجديد منحه فرصة اللعب في دوري أبطال أوروبا لأول مرة.

ومع تصعيد دي يونج للمشاركة كوسط دفاعي تبدل المركز الذي لعب فيه دي بيك، رفقة دي بور، ليتحول إلى ارتكاز أو لاعب وسط هجومي في خطة 4-3-3.

قبل أن تستمر رحلة الثقة مع المدرب الحالي إيريك تين هاج، والذي صنع منه لاعب رقم 10 - رغم ارتدائه الرقم 6 - بمهام ووظائف مختلفة في ظل خطة 4-2-3-1.

صورة تُظهر المراكز المتعددة التي لعب بها، والخرائط الحرارية لتحركاته في الملعب.

مع قدراته الدفاعية والهجومية مثّل دوني نموذجا واضحا للاعب الوسط المتكامل، لكن ذلك لم يكن السبب الأبرز خلف تفرده.. التمرير والتحرك كانا كلمة السر.

واحدة من أكثر مميزات دي بيك هي قدرته على التمرير الرأسي والمباشر في اللعب، دوني يحب التمرير بشكل مباشر إلى لاعبي الهجوم، وخلف دفاعات الخصوم.

وللقيام بذلك فإنه بحاجة إلى رؤية واسعة وتفهم لكيفية استغلال المساحات بشكل سريع، والتمركز في المكان المناسب، ولذلك كان أكثر من 42% من تمريراته في الدوري الهولندي إلى الأمام.

يتميز دي بيك بمرونة جسدية تمكنه من استلام الكرة بالشكل الأمثل وسرعة اتخاذ الفعل، وهو ما يساعده على مواجهة الخصوم من لمسة واحدة.

ليس ذلك فقط، الهولندي الشاب يتمتع بميزة إضافية: قدرته على اللعب بكلتا القدمين، إذ سجل العديد من الأهداف من تسديدات بيسراه وأخرى بيمناه، وهو ما يجعله صعب التوقع ويمنحه مزيدا من الخيارات في التمرير.

ساهم أسلوب لعب الفريق كذلك في استخراج تلك المزايا بطريقة واضحة.

يعتمد الفريق على تمركز الأجنحة في الثلث الأخير وعلى أقصى الأطراف مما يجبر ظهراء المنافس على التراجع معهم، وعندها ينظم المنافس صفوفه بشكل عرضي، ما يخلق المساحات بشكل رأسي.. المساحات التي يستغلها صاحب الـ21 عاما أكمل استغلال.

كان ذلك ما شرحه موقع totalfootballanalysis، الذي أشار إلى إدراك زملائه لمهامهم الفنية كذلك، ما يساعد على خلق تحركات أكثر ذكاء، وتمريرات أكثر خطورة.

هنا يستلم دي بيك الكرة بنصف استدارة وبلمسة واحدة يمرر بشكل رأسي مستغلا المساحات الطولية لتذهب إلى مناطق الخطورة حيث يكون زملاءه قادرين على الاستفادة منها وهز الشباك.

هنا تُمثل تلك الصورة أيضا الوعي الكبير فيما يخص التمركز والتحرك. بينما ظهره مواجه للمرمى يستغل دوني الأمر بتمريرة من لمسة واحدة في المساحة الخالية.

القرار السريع الذي اتخذه والدقة التي مرر بها كرة مرتفعة لتفادي أقدام المدافعين يُظهران الوعي التكتيكي الكبير، وهو ما خلق في النهاية موقف واحد ضد واحد أمام حارس المرمى.

أما على صعيد التحرك تظهر القدرات على التواجد في المكان المناسب سواء بالكرة أو دونها.

مع القوة البدنية والطول الفارع - 1.83 متر - يتمكن صاحب القميص رقم 6 من الحفاظ على الكرة واستغلال مهاراته في المواقف الفردية.

ووعيه يساعده على تحديد أماكن المساحات واتجاه التمرير الأمثل لأي من زملائه.. مع سرعته يصبح الأمر أكثر خطورة.

بدون الكرة يبدو الوضع مماثلا.

يعلم متى لا يندفع للأمام ويبقى في مركزه، ومتى يتحرك في المساحة لصنع موقف الأفضلية، وبمساعدة نظام لعب فريقه كما ذكر سابقا يصبح التأثير والتهديد أكبر.

في هذه الصورة حافظ دي بيك على الكرة بعيدا عن المدافعين بفضل قوته البدنية، قبل أن يستغل سرعته للتحرك في المساحة، ثم مرر لزميله الذي كان في وضعية أفضل.

قوته البدنية الكبيرة جعلت متوسط ركضه 10 كيلو مترا في الـ90 دقيقة، والصورتان التاليتان توضحان كيف يمكنه الاستفادة من ذلك، رفقة قوة تسديداته.

مع كل تلك المميزات والقدرات أصبح فان دي بيك جاهزا لاعتباره أحد أهم لاعبي الوسط المتوقع لهم بمستقبل باهر في كرة القدم.

والأمر بات مسألة وقت ليس أكثر حتى ينتقل الدولي الهولندي إلى ناد أكبر ويُردد اسمه على لسان الجميع.

اقرأ أيضا:

خبر في الجول – الأهلي يجدد تمسكه بحضور جماهيره أمام بيراميدز

صلاح في قائمة أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم

صن داونز لـ في الجول: هذه أسباب اصطحابنا للمياه وطعام خاص قبل مواجهة الأهلي

ساسي يجري الجراحة بنجاح.. ويوجه رسالة للجماهير

بالأرقام.. أوباميانج ينافس صلاح بقوة على الحذاء الذهبي

فحص طبي يحدد موقف رمضان صبحي من المشاركة أمام بيراميدز

التعليقات