لوسيين فافر.. 28 عاما لتحويل الخوف الكبير إلى "البراعة" مع دورتموند

الأحد، 27 يناير 2019 - 13:53

كتب : إسلام مجدي

لوسيين فافر

"أشياء مثل الاستراتيجية والتواصل والثقة على المحك بيننا، الأمر ليس علم صواريخ إنه تدريب في عالم كرة القدم". هانز يواكيم فاتسكة المدير التنفيذي لنادي بوروسيا دورتموند منتقدا توماس توخيل مدرب الفريق السابق عام 2017.

مقابلة طويلة تحدث فاتسكة خلالها عن عدة أمور لكن غضبه الشديد كان واضحا للجميع، الرجل قد سئم من المشاكل التي دخل فيها توخيل مع اللاعبين ومع كشافي الفريق برئاسة سفين ميسلينتات، الأمر الذي جعل الفريق يتحول من منافس إلى مجرد فريق يمتلك عناصر جيدة والكل يتساءل عما حدث له.

بعد تلك المقابلة، بدا وكأن مستقبل توماس توخيل مع أسود الفيستفاليا قد انتهى، وفي مايو 2017 قامت الصحف بالكشف عن عدد كبير من المرشحين لتولي المهمة، ليقوم كريستوفر وير الصحفي الإنجليزي بترشيح لوسيين فافر لتولي المهمة. لماذا؟

صيف 1991

في عام 1991 قرر اللاعب لوسيين فافر، الدولي السويسري الذي مثل منتخب بلاده في 24 مباراة دولية وسجل هدفا وحيدا، كان صانع ألعاب وقضت الإصابة على مسيرته ليقرر الاعتزال.

قرر فافر العودة إلى بلدته والاتجاه إلى التدريب، فضل البداية من الصفر، مع فريق إيشلانز تحت 14 عاما، الفريق الأول كان ينافس في الدرجة الثالثة في سويسرا.

favre_echallens

"أفضل البدء من اللاعبين الصغار، وذلك لأفهم جيدا إن كنت قادرا على نقل أفكاري للاعبين الكبار فيما بعد".

"كنت خائفا للغاية".

عمل فافر كمساعد مدرب ومع فرق الشباب المختلفة حتى وصل إلى تدريب الفريق الأول، بل وحقق إنجازا تاريخيا بالتأهل إلى دوري الدرجة الثانية بالفريق عام 1995.

مجددا قرر فافر العمل مع أكاديميات الشباب لفهم التدريب أكثر، واتجه للعمل مع فريق نوشاتل زاماكس السويسري، وتولى إدارة أكاديميات الشباب مع الفريق.

ستيف ديفلوز أحد اللاعبين الذين تدربوا في بداية مسيرتهم مع فافر في إشيلانز ثم يفردون، صرح لمجلة These Football Times عن فافر قائلا :"كلاعب شاب، التدريبات التي قدمها لي فافر جعلتني أقوى، لقد كان يجعلني أشعر وكأنني يمكنني تحقيق أهداف أكبر، أوقاتي معه كانت الأفضل في مسيرتي على الإطلاق".

مع نيوشاتل كان مديرا للأكاديمية ووقتها قرر فافر دراسة التدريب من وجهة نظر مختلفة، إدارية أكثر ومحاولة فهم تطوير المواهب بشكل أوسع.

1996 – يفيردون

فريق ينافس بدوري الدرجة الثانية في سويسرا قرر تعيينه كمدرب للفريق، ليتأهل إلى الدرجة الأولى ويقدم أداء ممتعا للغاية، والجماهير أطلقت لقب يفردينهو على النادي.

"فكرتي عن كرة القدم مبنية على الاستخدام الجيد للاستحواذ والسرعة وتكثيف الهجمات والتنظيم الجيد، أن نفعل ذلك كل يوم".

بعد الأداء الجيد الذي قدمه رفقة يفردون، تلقى عرضا من فريق سيرفيت الذي لعب له سابقا لمدة 10 أعوام تقريبا، وعلى الرغم من النتائج الرائعة والأداء الجيد الذي حققه مع الفريق دخل في خلافات مع إدارة النادي بل وبعض اللاعبين الأمر الذي حدث له لأول مرة في مسيرته، لتتم إقالته بنهاية موسم 2001-2002.

ليصرح بعدها :"لا يمكنك أن تحب الجميع، حتى في كرة القدم".

قرر المدرب السويسري أن يستريح لمدة موسم، خلاله درس طرق التدريب المختلفة للمدربين الأوروبيين الموجودين على الساحة، وخلال عام 2003 تم تعيينه مدربا لنادي زيورخ، كانت تلك خطوة فارقة في مسيرته التدريبية.

كانت خبرة جديدة للغاية مع نادي لم يلعب له من قبل وبالتالي رصيده مع الجماهير يبدأ من أول يوم يتولى خلاله المهمة. الأمر ذاته مع إدارة النادي.

خلال 4 مواسم فاز بلقب الكأس مرة والدوري مرتين وأنهى حالة غياب الألقاب لمدة وصلت إلى 25 عاما.

بجانب الألقاب، كان واضحا أن فافر تطور كمدرب، غير طريقته في التدريب وطريقته في تطوير اللاعبين وتنظيمهم واللعب بطريقة هجومية مختلفة، وضم لفريقه عدد كبير من اللاعبين الشباب ليصبحوا أساسيين في الفريق الأول مثل جوخان إنلر وبيلريم دزمايلي، الأول شاهد له مقاطع فيديو من وكيله ثم قام بإجراء فترة معايشة فردية له 1 ضد 1، والآخر كان بمراقبة من فافر نفسه في المدرجات خلال بطولة تحت 18 عاما في سويسرا وقام بتصعيده فورا للفريق الأول.

قال دزمايلي عنه :"لوسيين بمثابة أب لي، ما تعلمته منه هو أساس نجاحاتي المختلفة على مدار مسيرتي".

Fussball Super League - FC Basel - FC Zuerich

يونيو 2007

خطوة جديدة رائعة يخطوها المدرب السويسري، إلى هيرتا برلين، وقرر اصطحاب اثنين من لاعبيه معه، المهاجم البرازيلي رافاييل والمدافع ستيف فون بيرجين.

هدفه كان استعادة فريق "السيدة العجوز" في ألمانيا، ونجح في ذلك بنسبة كبيرة بفضل أفكاره، فخلال موسمه الأول تجنب الفريق الهبوط نظرا لقلة الموارد المتاحة، وفي موسمه الثاني حقق المركز الرابع وشارك في التصفيات المؤهلة للدوري الأوربي، وضم لاعبين مثل سيمونيتش ودارداي وفورونين.

في كل مقابلة للمدرب السويسري كان يقول كلمة فرنسية تعني "البراعة" وحينما سأله المحاور عن معناها قال :"الأمر لا يتمحور حول امتلاك لاعبين قادرين على اللعب في كل مركز، بل لاعبين قادرين على الأداء بشكل جيد للغاية في مركزه المفضل في كل تشكيل لك". هذه هي البراعة.

إحدى أبرز اللمحات التي تركها فافر عالقة في برلين، كانت مواجهة بايرن ميونيخ في فبراير 2009، حينما فاز ضد العملاق البافاري الذي كان يدربه يورجن كلينسمان في ذلك الوقت بنتيجة 2-1، بل وتصدر جدول الترتيب مؤقتا.

لم تسر الأمور على ما يرام بعد ذلك، قررت الإدارة بيع لاعبين مهمين مثل سيمونيتش وفورونين، ثم دخل أرني فريدريتش قائد الفريق في خلاف مع فافر، وبداية موسم سيئة بعدما خسر 6 مباريات على التوالي، ليرحل فافر، وهاجم في مؤتمر صحفي إدارة النادي.

لمد يدرب فافر لمدة وصلت عام ونصف أي فريق، حتى شهر فبراير من عام 2011 حينما قرر بوروسيا مونشنجلادباخ تعيين فافر لكي ينقذ الفريق من التواجد في قاع جدول ترتيب الدوري، وبالفعل في نهاية الموسم تجنب الهبوط بعد مواجهة ضد بوخوم. وعمل المدرب السويسري مع ماكس إبريل المدير الرياضي للفريق لإعادة البناء من الصفر.

غير فافر الكثير في جلادباخ وقام بتصعيد عدد من الشباب مثل مارك أندري تير شتيجن وباتريك هيرمان، كما ضم الثلاثي الشاب ماركو رويس وجرانيت جاكا وكريستوفر كرامر، بعد مراقبة متواصلة من فافر وإبريل.

قام فافر بإعداد ما وصفه موقع "موندو فوتبول" بـ واحد من أفضل الفرق في تاريخ بوروسيا مونشنجلادباخ الحديث.

طريق طويل قطعه المدرب السويسري مع اللاعبين ليتأهل إلى دوري أبطال أوروبا مرتين، وحقق المركز الثالث في الدوري وتلك كانت أفضل نتيجة للفريق منذ موسم 1986-1987، وفي بداية موسم 2015-2016 كانت البداية سيئة للغاية بالخسارة في 5 مباريات في الدوري، وبسبب تلك النتائج السيئة قرر الاستقالة من منصبه، بل وحاولت الإدارة منعه من ذلك القرار خاصة وأنها تثق للغاية في عمله لكنه لم يغير رأيه، ليرحل في نهاية شهر سبتمبر.

Trainer Lucien Favre Borussia Mönchengladbach am Spielfeldrand gibt Thorgan Hazard Borussia Möncheng

تجربة نيس كانت مختلفة بعض الشيء بالنسبة لـ فافر، العودة إلى اللغة الفرنسية بعيدا عن الألمانية، وفي أجواء مختلفة كليا عن الدوري الألماني، وسط هيمنة تامة من باريس سان جيرمان ومحاولات مستمرة من موناكو.

كان فافر قبل تولي مهمة نيس ينتظر تولي تدريب إيفرتون، كان يرغب بشدة في الدخول إلى معركة الدوري الإنجليزي الممتاز، لكنه قبل في النهاية بنيس وقال :"سئمت من الانتظار لأن يتخذ إيفرتون قراره". ولم يضم معه سوى شخص واحد إلى جهازه وهو أدريان أورسي. وفي موسمه الأول خطف الأنظار فعليا، ضم إليه ماريو بالوتيللي وويلان سيبريان ودانتي، ولعل أبرز لمحاته كانت استعادة مسيرة بالوتيللي.

favre_balotelli

وخلال موسمه الأول احتل المركز الثالث وزاحم الكبار وتأهل لدوري أبطال أوروبا وحقق أفضل مركز للفريق في جدول الدوري لعقود. وبعد عامين تولى مهمة تدريب بوروسيا دورتموند.

أسود الفيستفاليا

في مايو 2017 قامت الصحف بالكشف عن عدد كبير من المرشحين لتولي مهمة تدريب بوروسيا دورتموند، ليقوم كريستوفر وير الصحفي الإنجليزي بترشيح لوسيين فافر لتولي المهمة.

عوضا عن قبول تلك الآراء التي نادت بتولي فافر للمهمة خاصة بعد اشتعال الأجواء ورغبة عدد من النجوم مثل عثمان ديمبيلي وبيير إيمريك أوباميانج وجوليان فايجل في الرحيل، قرر النادي الاتجاه إلى بيتر بوش مدرب أياكس السابق.

لم يكن بأفضل حال أو اختيار وبعد بداية جيدة نوعا ما، ساءت الأمور كثيرا ولم يستمر سوى 5 أشهر ليقود بيتر شتوجر تدريب الفريق مؤقتا حتى نهاية الموسم.

القرار الذي تأخر لمدة موسم قد تم، وتم تعيين فافر كمدرب للفريق بعقد يمتد حتى صيف 2020.

الرجل الذي أعاد بالوتيللي إلى منتخب إيطاليا وحول جاكا إلى لاعب وسط بقيمة 40 مليون يورو، تولى مهمة جدية مع مجموعة مختلفة من الشباب والنجوم الكبار.

كان لديه فعليا موهبة بحاجة للصقل، هو جادون سانشو الذي انضم للفريق قادما من مانشستر سيتي وهو في عمر الـ17، وبصفته واحد من أفضل المدربين الذين يجيدون إدارة اللاعبين نفسيا فكان الأمر سهلا عليه.

ماركو رويس قال فور توليه المهمة إنه أفضل مدرب عمل معه، أتى في الصدارة على يورجن كلوب ويواكيم لوف وتوماس توخيل الذي عمل معهم.

ديفلوز قال عنه :"فافر لديه كلمة لكل لاعب، حتى هؤلاء الذين ليسوا ضمن التشكيل الأساسي، المجموعة ستستمر بنسبة 100% معا لأنه يقدر ذلك الأمر؟، سيحتاج من الجميع أن يوحدوا هدفهم واتجاههم لكي يحقق الفريق أهدافه".

"ذات مرة لم أتمكن من الذهاب إلى تدريبات الفريق تحت 14 عاما لأنني كنت قد كسرت معصمي، كان فافر يتجه إلى منزلي يأخذني إلى الملعب لأتدرب وحدي على أشياء مثل التمريرات والتحكم في الكرة حتى أتعافى".

طريقة فافر في التعامل مع اللاعبين نفسيا والحديث معهم أعادت دورتموند من بعيد وبعناصر شابة، حتى لاعبين مثل أشرف حكيمي الذي أتى معارا وهو في الـ19 من عمره وحاليا هو أحد نجوم الفريق، وعبدو ديالو مدافع ماينز وتوماس ديلاني لاعب الوسط الدنماركي المتميز من فيردر بريمن وأكسيل فيتسل من تياجن تيانهاي ماريوس ولف وباكو ألكاسير من برشلونة.

بعضهم كان بحاجة لإعادة إحياء مسيرته مثل ألكاسير وفيتسل الذي كان يلعب في الصين، الأول أصبح هدافا، والثاني خالف توقعات الكثيرين الذين سخروا من الصفقة وقت إبرامها.

قال فافر في حوار مع مجلة 24 ساعة السويسرية :"الحديث التقليدي المباشر ليس ضمن أفكاري بعد، سرعة التنفيذ والمساهمة واستخدام كلتا القدمين، واللمسة الأولى والثانية هي عناصر مهمة للغاية لجودة التمرير في فريقي، الكرة تبتعد عنك وربما تخسرها، كل مثل تلك التفاصيل الصغيرة أركز عليها للغاية".

"من المهم بالنسبة لي أن يتمكن اللاعبون أنفسهم من تغيير نظام اللعب خلال المباراة، أن يفهموا الجانب الفني وحدهم دون حاجة لتدخلي في بعض الأحيان، ما يسمى بالوعي الفني".

قال ديفلوز عن ذلك الأمر في حواره مع مجلة These Football Times :"فافري كان يضع حصصا تدريبية لمدة ساعتين يقوم خلالها بدفع اللاعبين على تجربة أكثر من طريقة لعب لكي يكيفهم على مواجهة مختلف خصومهم".

بعد 25 عاما من ذلك الأمر الذي حدث عام 1993-1994، يستفيد فافر من ذلك الأمر سواء مع نيس أو دورتموند.

خلال التدريبات في دورتموند، يقوم فافر بتقسيم اللاعبين إلى فريقين، أحدهما مطالب باللعب بطريقة التمريرات الهادئة، والآخر يضغط ويلعب على المرتدات.

قال ماكسيميليان فيليب لاعب الفريق قال عن تدريبات فافر قبل بداية الموسم :"الهجمة تبدأ من حارس المرمى، مع الصبر لكي تدع الخصم يركض حولك كما تقوم بتغيير الأطراف وتشتيت الخصم، بالطبع الفوز بالكرة والمرتدات السريعة والتسديد للتسجيل نقوم بكل هذا، هناك الكثير من الأشياء المختلفة التي نتدرب عليها، نحن بحاجة لأن نكون قادرين على اللعب ضد كافة المتغيرات، سواء في الاستحواذ أو الارتداد".

"أصبحت لدينا ثقة في أنفسنا، لا نلعب فقط في الخلف نحن نخاطر كذلك، الأخطاء ستحدث لكننا سنعوضها".

خلق فافر حالة رائعة في دورتموند جنى ثمارها لاحقا، خسارة وحيدة و15 انتصارا و3 تعادلات، الفريق في القمة بفارق 9 نقاط عن صاحب المركز الثاني بوروسيا مونشنجلادباخ.

قال ديفلوز :"فافر كان يحذرنا خلال التدريبات، إن كان الخصم يحظى بوقت جيد في الملعب لا يجب أن تفزعوا، يمكننا الرد".

مفهوم البراعة نجح في تطبيقه مرة أخرى في دورتموند، ويبقى السؤال قائما، هل يتمكن فافر من تحقيق الألقاب مع دورتموند؟ هل يفوز بالدوري هذا الموسم حتى وإن استفاق بايرن ميونيخ؟

المصادر (mondofutbol - These Football Times- بيلد - مقابلات سابقة للمدرب السويسري مع قناة RTS - مجلة 24 ساعة السويسرية - الموقع الرسمي لرابطة الدوري الألماني - صحيفة بيلد)

طالع أيضا

تعرف على مساعدي دياز في بيراميدز

مؤمن عن أزمات المنتخب في عهد كوبر: حدث موقف معي

مؤمن زكريا يكشف: بيراميدز أرادني

شوبير: تأجيل انطلاق كأس إفريقيا

موراتا يصل مدريد تمهيدا للانضمام لأتليتكو

شاهد اشتباكات عنيفة وإصابات بين جماهير إيفرتون وميلوول

التعليقات