كلاسيكيات الميركاتو - لويس إنريكي.. بحث في أسباب الخيانة

"من الغريب أنهم ألقوا عليه رأس خنزير فحسب؛ اعتقدت أنهم سيلقون بالخنزير كاملا".

كتب : زكي السعيد

الإثنين، 27 أغسطس 2018 - 12:38
لويس إنريكي - بيب جوارديولا

"من الغريب أنهم ألقوا عليه رأس خنزير فحسب؛ اعتقدت أنهم سيلقون بالخنزير كاملا".

_لويس إنريكي معلّقا على حادثة رأس الخنزير بحق لويس فيجو

في مارس 1991، سجّل اليافع لويس إنريكي هدف المباراة الوحيد بشباك برشلونة، دافعا فريقه سبورتنج خيخون نحو الانتصار على الضيف الذي أنهى الموسم بطلا للدوري لاحقا.

إنريكي سجل 14 هدفا في دوري 1990\1991، رقم رائع لمهاجم يخوض موسمه الأول بين الكبار، وإدارة خيخون أدركت سريعا أن الانتعاشة القادمة لخزانتهم ستكون عبر بيع هذا المراهق البري.

النادي الشمالي الواقع في منطقة أستورياس، اعتمد بشكل أساسي على بيع أبرز نجومه طوال فترة الثمانينيات، والأمر لن يختلف في العقد التالي، فبعد انتقال مهاجمهم الأسطوري كيني إلى برشلونة عام 1980، ورحيل المدافع الهداف أنطونيو ماثيدا صوب ريال مدريد عام 1985؛ حان وقت فتح المزاد على إنريكي بصيف 1991.

يوهان كرويف مدرب برشلونة أعلَم إدارته بإعجابه باللاعب، فيما أبدى الثنائي العاصمي: أتليتكو مدريد وريال مدريد اهتماما بدوريهما، إلا أن الأخير لم يستوعب المبلغ المطلوب في مهاجم يبلغ 20 عاما ولعب موسما واحدا فقط في الدرجة الأولى.

خيخون علّق لافتة مدوّن عليها "250 مليون بيسيتا إسبانية" قيمة الشرط الجزائي للويس إنريكي، وترك حسم القرار في يد الأندية المهتمة لسداد المبلغ وإلباس إنريكي قميصها أيا كان لونه.

وبينما وصلت إدارة برشلونة إلى مرحلة متقدمة من المفاوضات مع إدارة سبورتنج، تواصل رامون ميندوزا رئيس ريال مدريد مع اللاعب، محاولا منع انتقاله إلى برشلونة.

والدة لويس إنريكي صرّحت لصحيفة "إل بايس" الإسبانية يوم 21 يونيو 1991: "لا أعلم أي شيء، ولكني أعتقد بأن الفتى سيذهب إلى مدريد، تلك هي نيته".

في المقابل، أبدى بلاثيدو رودريجيز رئيس خيخون غضبه علنا من السياسة التي اتبعها ريال مدريد في المفاوضات: "هذا ليس صحيحا (أن مدريد حسم الصفقة)، من الممكن أن مدريد توصل لاتفاق مع اللاعب، ولكنه لم يتوصل لاتفاق مع النادي، كما أني أعطيت كلمتي لبرشلونة وصرت ملتزما بها. كل ما يمكن لمدريد فعله الآن هو دفع 250 مليون بيسيتا قيمة الشرط الجزائي في عقد اللاعب".

إدارة ريال مدريد أدركت المأزق الذي دخلته بأقدامها عندما ذهبت للحديث مع اللاعب دون التواصل مع ناديه؛ مما دفع برئيس خيخون إلى غلق باب المفاوضات في وجه ريال مدريد، أي استحالة تخفيض مبلغ 250 مليون بيسيتا الخاص بقيمة الشرط الجزائي، خصوصا أن إدارة برشلونة كانت مستعدة لدفع 300 مليون بيسيتا إن وافق اللاعب.

وعليه تم السداد، ريال مدريد دفع الشرط الجزائي وفسخ عقد إنريكي مع خيخون، ليبرم عقدا مدته 5 سنوات مع المهاجم الشاب الذي اختار الذهاب إلى العاصمة طواعية، بالرغم من تقدُم برشلونة بعرض أكبر.

صرّح إنريكي بعد الانتقال إلى ريال مدريد: "لم تتملكني الشكوك أبدا بشأن اختياراتي على الرغم من عرض برشلونة".

وواصل تصريحات السعادة لصحيفة "ماركا": "الانضمام لريال مدريد حلم، هذا الفريق يستحق الانضمام إليه بالرغم من أن العرض قيمته أقل بـ15% من عرض برشلونة. هو ليس عرضا أفضل على المستوى الاقتصادي، ولكني فخور بالتواجد في ريال مدريد، تماما حيث أردت أن أكون".

ولأن التوقيع على العقد والتقاط الصور التذكارية مع القميص الجديد، تكون آخر لحظات ما قبل الشقاء؛ فقد استفاق إنريكي من حلمه على حقيقة دخوله في منافسة شرسة مع: أوجو سانشيز، إيميليو بوتراجينيو، ألفونسو بيريز، ولاحقا مع إيفان زامورانو، وبيتر دوبوفسكي.. مركز المهاجم والمهاجم المتأخر كان مكتظا بأسماء من العسير على المراهق القادم من أستورياس منافستها.

ما حدث في السنوات اللاحقة، أن إنريكي وجد نفسه مجبرا على تغيير مركزه، ابتعد كثيرا عن مرمى الخصم، تم توظيفه في خط الوسط وعلى الجناح، حُرم من ملامسة الكرة في منطقة الجزاء كما اعتاد في بداية مسيرته.

إنريكي الذي لم يلعب في ريال مدريد بمركزه المفضّل، بدا مُقيّد الساقين طوال مسيرته في العاصمة الإسبانية، ولأنه مقاتل لا يعرف الاستسلام، فقد حاول استخراج أفضل ما يمكن بتلك الظروف القهرية، ولعله عبّر عن كثير من الضغوط باحتفاله الصاخب فور تسجيله هدفا في الكلاسيكو، يوم أن سحق ريال مدريد نظيره برشلونة بخماسية نظيفة عام 1995.

سجّلوا هذا الاحتفال في أذهانكم، لأنه سيكرره مجددا بعد 3 سنوات، بقميص عكسي..

يقولون أن الانتصارات تدفن السلبيات، والهزائم تُبرزها على السطح جلية، هذا ما حدث مع ريال مدريد موسم 1995\1996 عندما انهار كل شيء فوق رأس المدرب خورخي فالدانو.

ريال مدريد حامل لقب الدوري، مر بموسم كارثي، لعله الأسوأ للفريق في عصر الألوان، 12 هزيمة و10 تعادلات واحتلال المركز السادس في جدول الترتيب وغياب عن المنافسات الأوروبية في الموسم التالي.

موسم الفضائح في ريال مدريد صنع في نفس إنريكي ضيقا ككرة الجليد، بدأ في التعاظم بمرور الجولات، خصوصا في أكتوبر 95 عندما خرج اللاعب من قائمة مباراة ألباسيتي، ليصرّح بعد اللقاء:

"هذا يكشف تماما عن مستقبلي، أرى الأمور بوضوح وسأتحدث مع وكيلي لبحث ما سنقدم عليه".

بالتزامن ظهر اعتقاد يقيني لدى العديدين أن إنريكي لن يكون لاعبا في ريال مدريد بنهاية عقده في الصيف التالي، خصوصا عندما فاوضه فريقه السابق، سبورتنج خيخون، وحاول إغرائه بعقد طويل الأمد ومكانة رفيعة في نادي طفولته.

المدرب خورخي فالدانو فسّر قلة اعتماده على إنريكي برغبته في "إراحته" حتى لا يتعرض لانزعاجات عضلية.

ليرد إنريكي بقوة: "راحة؟ بمعدل الراحة الذي أحصل عليه الآن، فسأكون قادرا على اللعب حتى سن الـ60 أو الـ70".

في يناير، طغى مزاج إنريكي المتعكر على سلوكه فوق العشب الأخضر، واعتدى على توماس كريستيانسن لاعب ريال أوفيدو، ليفرض عليه لورنزو سانز رئيس ريال مدريد عقوبة، تقبّلها اللاعب على مضض، ولكنها حملت في طياتها رسالة مفادها: "فلترحل".

سانز الذي كان قد جلس مؤخرا على كرسي الرئاسة، حضر بفكرة واضحة في ذهنه: التخلُص من اللاعبين أصحاب الأجور العالية والذين تنتهي عقودهم في صيف 96، وهي قائمة تضم مايكل لاودروب، وإيفان زامورانو، ولويس إنريكي؛ حتى يكون قادرا على الدخول بكامل قوته في سوق الانتقالات وانتداب أسماء كبرى قادرة على إعادة لقب دوري أبطال أوروبا الغائب منذ عام 1966.

سانز الذي لم يخش أبدا الإفصاح عن أرائه في موظفيه علانية، انتقد مستوى إنريكي، واصفا إياه بـ "المثير للغضب". ليسخر منه إنريكي قائلا: "إن أراد، فسأبكي عندما أسجل".

بالطبع لم تكن مدرجات ملعب سانتياجو برنابيو بعيدة عن المشهد، ولم تقف صامتة أمام هزائم فريقها المتتالية في بطولة الدوري، وأمام خسارة السوبر لصالح ديبورتيفو، وأمام توديع دوري الأبطال على يد يوفنتوس، وأمام الخروج من كأس الملك في ثمن النهائي أمام إسبانيول.. لابد من متهمين، والأصابع ستشير حتمًا إلى اللاعبين أقل شعبية في التشكيلة، لعلنا نتحدث هنا عن إنريكي.

لم يكن إنريكي لاعبا محبوبا أبدا في مدريد، لم يألفهم ولم يألفوه، لا في أفضل مستوياته ولا في أسوأها، كان كبش فداء يسهل ذبحه مع أول مناسبة سانحة، وأولتراس سور لم يكن ليكبح صافراته العنيفة في حق اللاعب الذي وصل لنقطة اللارجعة في علاقته بريال مدريد.

في 27 مايو 1996، قبل 3 أيام من انتهاء عقده مع ريال مدريد، وقّع لويس إنريكي مع برشلونة.

قام ريال مدريد بالتعاقد مع المدرب الإيطالي فابيو كابيللو، وفور أن تم الاتفاق، سألهم: "إنريكي؟"، فأخبروه: "فات الأوان، ميستر".

"أُحب البحر"

بولادته وترعرعه في منطقة أستورياس، كان إنريكي محاطا بالساحل طوال طفولته، وضع جغرافي حُرم منه لـ5 سنوات في العاصمة مدريد. وفي برشلونة، على الساحل الشرقي لإسبانيا، عاد نسيم الساحل ليزيّن صباح إنريكي الذي لم يقع أبدا في حب مدريد.

يقول إنريكي لاحقا: "أحب البحر".

حسنًا، ليس البحر فقط، بل صديقته الكتالونية إيلينا، التي تزوجها عام 1997. إنريكي وقع في عشق المدينة، وبدأ التحدث باللغة الكتالونية، لقد صار مواطنا بقلبه.

أما داخل أرض الملعب، فحري الذكر بأنه سجل 18 هدفا في 5 سنوات مع ريال مدريد، ومع برشلونة في 8 سنوات لاحقة؟ 109 أهداف!

يفسر إنريكي هذه الإحصائية: "لم تسنح لي العديد من الفرص داخل منطقة الجزاء، وعدم حضورك الدائم في المنطقة المؤثرة لن يساعدك على التسجيل بالطبع. في المقابل، مع برشلونة، أحظى بحرية حركة أكبر على أرض الملعب".

"أفضّل أن أكون قريبا من مرمى الخصم عن القرب من مرمى فريقي".

في موسم 1996\1997، لعب رونالدو ومن خلفه مباشرة إنريكي في خط هجوم برشلونة، الأول سجل 47 هدفا، والثاني سجل 18 هدفا. موسم واحد بقميص أحمر وأزرق كان كل ما احتاجه إنريكي حتى يعادل إجمالي أهدافه بقميص أبيض.

لحظة الحقيقة

في 2 نوفمبر 1997، هبط إنريكي رفقة زملائه الكتلان على ملعب يعرفه حق المعرفة: سانتياجو برنابيو.

تقدّم ريفالدو للضيوف منذ الدقيقة الخامسة، قبل أن ينفجر البرنابيو طربا في الدقيقة 48 بهدف التعادل الذي سجّله راؤول جونزاليس.. دقيقتين فقط قبل أن تقع الواقعة.

في الدقيقة 50، انطلق إنريكي باندفاع كبير في اتجاه منطقة جزاء ريال مدريد، قبل أن يسدد بكل قوته، لتصطدم الكرة في روبيرتو كارلوس، وتسكن شباك سانتياجو كانيزاريس.. إنريكي يسجل في ريال مدريد للمرة الأولى.

بكاء؟ اعتذار بالأيدي؟ أو حتى احتفال هادئ؟ لا، أنتم لا تعرفون اللوتشو إذًا.

بكل قوته، اندفع لويس صوب المدرجات عينها التي شاركها احتفالا مليئا بالمشاعر قبل 3 سنوات عندما سجل في شباك برشلونة، وباحتفال مشابه كاد إنريكي يمزّق قميصه من فرط الانتشاء، ركّز نظره مطولا على مجموعة أولتراس سور شديدة الخطورة الجالسة خلف مرمى كانيزاريس، بدا في غير وعيه، ملامحه طرحت مزيجا من النشوة والجنون، لعله لم يفطن لمقذوفات المعدنية التي رُميت صوبه، أو للسباب الذي اهتز به ملعب سانتياجو برنابيو الموشك على الانفجار؛ أو لعله فطن ولم يهتم كثيرا.

لاحقا، سجل دافور سوكر هدف التعادل لمدريد، قبل أن يخطف جيوفاني المباراة لبرشلونة في الدقيقة 79، وعلى الرغم من قسوة الهدف الأخير وتأثيره الأكبر على المباراة، إلا أن مدرجات ملعب برنابيو لم تبد غضبا مماثلا للذي أبدته مع هدف إنريكي.

إنريكي لم يكف لسانه بعد المباراة، ورد على سؤال يخص غضب جماهير ريال مدريد: "لا أهتم بما يظنه هؤلاء القوم".

"في هذا الملعب، أنا معتاد على مثل هذه الأمور، لقد مررت بها بالفعل في موسمي الأخير هنا، لنقل أن فترتي في مدريد كانت بمثابة فترة إعداد لما سيحدث لي عند توقيعي لبرشلونة. أنا فخور بارتداء قميص برشلونة وبالتسجيل في سانتياجو برنابيو".

"كانت كرة استرجعتها من دفاعهم، وسددتها بروحي، أعتقد أنها اصطدمت بالمدافع، لست متأكدا، ولكن الأمر لا يهم، فالواقع أنها ذهبت بشكل جميل وانتهى بها الأمر في المرمى".

إنريكي وصف الهدف لاحقا أنه "أكثر هدف استمتع به في مسيرته دون أدنى شك".

اللوتشو مضى ليسجل 4 مرات إضافية بقميص برشلونة في شباك ريال مدريد، وصار بطلا قوميا في أرض الكتلان، حمّلوه شارة قيادتهم، وأغدقوا عليه بالمحبة والمشاعر التي لم يجدها أبدا في مدريد.

"لا أملك ذكريات جيدة من وقت تواجدي في ريال مدريد، أرى نفسي في الصحف والتلفاز، لم أتعرف على نفسي في قميص ريال مدريد الأبيض، أشعر بالغرابة في اللون الأبيض، أظن أن الأزرق والأحمر يلائمني أكثر".

"لطالما كنت مشجعا لبرشلونة، سبورتنج خيخون أولا، ومن ثم برشلونة".

"بعد أن غادرت ريال مدريد، أخبرت شقيقي أننا سنبدأ في الاستمتاع حقا".

"فوز برشلونة على ريال مدريد 6-2، هو شبق كروي".

_لويس إنريكي

طالع أيضا

نبيه: رشحت غالي للقيام بدور السعيد

نبيه: اختلفنا مع كوبر في الجابون

اتحاد الكرة يصدر بيانا بشأن أزمته مع صلاح

الزمالك يواجه طموح النجوم

في الجول يكشف تفاصيل أزمة صلاح مع اتحاد الكرة

كلوب: أتفق مع جوارديولا بشأن مستوى اللاعبين