خرج خورخى فالدانو مدير الرياضة بنادى ريال مدريد على وسائل الإعلام الاسبانية بتقييم شامل لفريق الأحلام لعام 2003 ، معلنا أن الفريق الكبير حصل على درجة "جيد جدا" خلال العام المنصرم , بحكم الإنجازات العديدة التي حققها الفريق المدريدى على مدار العام كامل.

ولكن , على الرغم من حقيقة فوز ريال مدريد ببطولة دوري ابطال اوروبا ثلاث مرات في السنوات الخمس الاخيرة 1998 و2000 و2002 ، واختياره كأفضل ناد في تاريخ كرة القدم , وحصوله على ألقاب مثل "نادي القرن" و"زعيم اوروبا" لنجاحه في حصد تسع بطولات لدوري ابطال اوروبا ، فإن هذا كله لا يمنعنا من النظر بصورة سليمة ومتأنية لهذا الكيان العملاق.

فمن الناحية المادية , دخلت خزينة ريال مدريد قرابة 100 مليون دولار من الجولة الأسيوية التى قام بها الفريق قبل بداية هذا الموسم ، بالإضافة إلى بيعه حقوق بث المباريات والتذاكر والشركات المعلنة والراعية للفريق , وهنا يجب أن نسأل : أين يمكن أن تنفق إدارة النادى كل هذه المبالغ؟

الاجابة بسيطة , فمعظم إيرادات النادي تذهب لدفع الأجور المبالغ فيها جدا للاعبين الكبار الذين سعى فلورنتيرو بيريز رئيس النادى إلى ضمهم خلال الأعوام الماضية ، مثل لويس فيجو وزين الدين زيدان ورونالدو , وكان أحدث المنضمين إلى الفريق اللاعب الإنجليزى ديفيد بيكام ، الذى عقب اولى هونيس مدير الكره بنادى بايرن ميونيخ على صفقته قائلا : "لقد أصبح ريال مدريد أشبه بالسيرك بعد انضمام بيكام له"!

كل هؤلاء يتقاضون رواتب سنوية تصل إلى 40 مليون دولار ، فمثلا , راتب زيدان وحده يصل إلى 14 مليون دولار سنويا ، وراتب راؤول يبلغ 15 مليون دولار , وراتب فيجو 13 مليون دولار , وراتب رونالدو 9 ملايين دولار ، هذا بخلاف كتيبة النجوم الأخرين الذين يكتظ بهم الفريق.

الملاحظ هنا أن كل هؤلاء النجوم - الباهظي الثمن - هم من المهاجمين فقط ، فالنادى لم يشتر أي مدافعين بارزين بعد استغنائه عن قائده السابق فيرناندو هييرو ، الذى فضل الاحتراف في قطر عن اعتزال اللعب.

وبعد أن تحطمت آمال ريال مدريد في الاحتفاظ بلقب البطولة الاوروبية التي حصل عليها عامي 2000 و2002 بخروجه من الدور قبل النهائي امام يوفنتوس الايطالي الذي تغلب عليه 4-3 بمجموع مباراتي الذهاب والعودة , كان من الحكمة ان يعيد بيريز النظر في سياسته بشراء قلب دفاع للفريق بدلا من هييرو ، إلا أن السعى وراء الشهرة والأضواء غلب على مصلحة الفريق.

وفى نسخة موسم 2003-2004 من دوري أبطال اوروبا , لم يتعلم الريال من أخطائه السابقة ، فعلى الرغم من تصدره للمجموعة السادسة برصيد 14 نقطة وصعوده للدور الثانى ، فإن نتيجة أخر مباراتين جاءت غير مطمئنة ، حيث تعادل مع بارتيزان بلجراد اليوجوسلافي بدون أهداف ، ومع بورتو البرتغالي 1-1 بملعب سانتيجو برنابو.

ولندع الآراء جانبا كي نترك الأرقام لتتحدث عن دفاع الريال ، ففى الدور الأول لدورى هذا العام ، دخل مرمى ايجار كاسياس حارس مرمى الريال 19 هدفا ، بالإضافة إلى تلقيه ثلاثة هزائم مدوية أمام سيفيليا 1-4 ، وأمام فالنسيا 0-2 ، و أخيرا أمام ريال سوسيداد وصيف العام الماضى بهدف دون رد ، مقابل هزيمة واحدة فقط في الدور الأول من العام الماضى.

ومن الناحية التدريبية ، اتسم قرار إدارة ريال مدريد بإقالة مدربه السابق ديل بوسكى بالكثير من التسرع ، لأن ديل بوسكى كان قد بدأ "يحفظ" الفريق تماما , وعرف كيف يتعامل مع أفراده وكيفية توظيفهم ، كما أنه حقق الكثير من النتائج الجيدة ، ولكن أداءه فى بعض المباريات كان يميل إلى الدفاع ، وهو ما لم يروق لإدارة النادى التى تهتم بتقديم نجوم العالم لجماهيرهم حتى ولو على حساب الناحية الفنية.

وجاء كارلوس كويروش على رأس الجهاز الفنى الجديد للريال لتحل معه سلسلة من المشكلات ، بدأت منذ الرحلة الاستعراضية في شرق أسيا ، التى انتقدها زين الدين زيدان بشدة قائلا : "لقد أصابت اللاعبين بالإرهاق دون استفادة حقيقية".

تصريحات فالدانو التى ترفع من ريال مدريد إلى عنان السماء قد تضره فى العام الجديد ، الذى يحتاج الفريق فيه إلى التماسك بصورة أفضل ، خاصة وهو مقبل على مهمتين شاقتين ، سواء فى الدور الثانى للدورى الإسبانى ، أو الدور الثانى لدوري أبطال اوروبا.