كتب : جلاء جاب الله | الأحد، 19 ديسمبر 2004 - 21:51

قوائم الجبهات الحاكمة في الأندية المصرية .. تفوز دائما

فوز جبهة حسن حمدي بالكامل في انتخابات الأهلي بعد فوز جبهة حسين صبور في نادي الصيد وجبهة الدكتور كمال شلبي في الاتحاد السكندري .. ظاهرة تستحق الدراسة والتحليل والمتابعة خاصة أنها تكررت في الفترة الأخيرة في أندية كبيرة وصغيرة.

فوز الجبهات الحاكمة في الأندية لا يعني الرغبة في الاستقرار فقط وليس نتيجة منطقية لقوة العلاقة بين أعضاء هذه الجبهة والأعضاء .. بل هو نتاج لأشياء عديدة ومقدمات ، بعضها سياسي والبعض الآخر مرتبط بالاقتصاد والاجتماع وكذلك علم النفس الاجتماعي ، إلى جانب قوة الآلة الإعلامية التي تكون في الغالب مع هذه الجبهة وتلك ، ناهيك عن أسباب وتأثيرات خاصة بكل ناد تكون عادة لصالح شخص الرئيس بالذات دون غيره.

في النادي الأهلي على وجه الخصوص لم تكن المفاجأة فقط في فوز الجبهة الحاكمة بالكامل .. بل أيضا في الفارق الكبير من الأصوات بين آخر عضو في الجبهة وأول عضو من خارجها والذي زاد عن أربعة آلاف صوت .. كذلك فارق الأصوات بين حسن حمدي وأقوى منافسيه حسام بدراوي (حوالي ستة آلاف صوت من حوالي أربعة عشر ألف صوت هي الأصوات الصحيحة) .. وكانت المفاجأة أيضا في فوز محمود باجنيد مرشح الجبهة على أمانة الصندوق على حساب محمود طاهر الذي كان من أقطاب الجبهة لمدة ثماني سنوات وبفارق زاد عن 1600 صوت.

حقق حسن حمدي ما لم يحققه صالح سليم نفسه .. ففي الانتخابات التي قاد فيها "المايسترو" رحمه الله الانتخابات .. لم تنجح القائمة بالكامل وبهذا الفارق الكبير من الأصوات وكان واضحا تأثير الآلة الإعلامية الرهيب لصالح القائمة .. ونجح الإعلام في إبراز إنجازات الجبهة ونسبت هذا الإنجاز للقائمة الانتخابية برغم أن خمسة من بين المرشحين العشرة يدخلون الانتخابات لأول مرة ، ومن المرشحين خارج القائمة اثنان كانا من الجبهة حتى الأمس القريب هما محمود طاهر وإبراهيم الكفراوي.

السياسة كان لها دور وتأثير : سلبا وإيجابا .. ففي الوقت الذي حورب فيه حسام البدراوي باعتباره باحثا عن منصب سياسي عن طريق بوابة الأهلي تم فصل السياسة تماما عن الأندية وكان المنصب السياسي لبدراوي باعتباره أحد أعضاء لجنة السياسات في الحزب الحاكم ورئيس لجنة التعليم بالبرلمان وعضو بارز به نقطة انطلاق لضربه على أساس أنه من الضروري فصل السياسة تماما عن الأندية وأن الدور السياسي للنادي مرفوض في هذه المرحلة .. "وكلنا وطنيون".

الاقتصاد والمال ورجال الأعمال والمصالح والإعلانات كانت صاحبة الصوت الأعلى في هذه الانتخابات .. وأكدت أننا مقبلون على مرحلة "خصخصة بلا تخصيص .. والفردية في الأندية العامة" .. المال هنا لا يشتري أسهما في النادي ولا يمتلك حصة .. بل يمتلك القرار السيادي ويشتري مصير النادي لأربع سنوات مقبلة .. والشراء لا يعني هنا الفساد ــ لا قدر الله ــ بل يعني تحديد المصير واتخاذ القرار وملكية المستقبل مؤقتا.

وشاهدنا كيف صرف المرشحون الملايين بطريق مباشر وبغير مباشر .. حتى أن أحد الزملاء حاول بحسبة بسيطة معرفة ثمن أوراق الدعاية المطبوع والذي غطى أرضية النادي تماما وعندما وصل إلى رقم المليون جنيه رفض إكمال الحساب وهو يضرب كفا بكف .. ويمكن القول ‘ن بند الدعاية المباشرة وحده أنفق عليه المرشحون أكثر من خمسة ملايين جنيه!

الاجتماع وعلم النفس الإجتماعي كانا أحد أسلحة الجبهة الحاكمة والمستقلين على السواء ، غير أن تغلغل الجبهة في مقري النادي وتحكمهما منذ فترة فيهما من خلال المديرين وأجهزة الناشئين لجميع اللعبات جعل الغلبة للجبهة الحاكمة ، أضف إلى ذلك قوة الآلة الإعلامية الرهيب والذي تم تكثيفه في الأيام الحاسمة واستخدم كل الوسائل واعتمد على ركائز ومرتكزات إعلامية ونفسية مميزة مما أثر على الرأي العام بقوة.

وتبقى نقطة أساسية لا يمكن إنكارها برغم مرارتها وهي الخاصة بالجهل الثقافي لدى الغالبية ، لدرجة أن النادي الأهلي ، وهو أحد أندية الصفوة ، كانت الأصوات الباطلة فيه حوالي 10% من الأصوات التي شاركت في الانتخابات .. كما أن مفهوم "القطيع" السياسي له دوره غير العادي في التأثير على القرار ، لدرجة أن عضوا عاملا سألني : "هل يكون الصوت صحيحا لو أنني اخترت عضوا من خارج القائمة بدلا من عضو بالقائمة"؟

ما حدث في الأهلي هو نفسه ما حدث في الصيد ، لدرجة أن أعضاء النادي أنفسهم لم يصدقوا "رسوب" مرشح بحجم وقوة يسري عبد العزيز الانتخابية في أمانة الصندوق ، وهو نفس إحساس آخرين في الأهلي بالنسبة لمحمود طاهر ، أو نجاح قائمة الاتحاد السكندري بدون أمين صندوق حتى الآن برغم أن المرشح الوحيد كان يمكن الفوز بالتزكية.

فوز قوائم الجبهات الحاكمة لا يعني رفض التغيير بدليل أن هذه القوائم نفسها حققت التغيير بداخلها ، ولا يعني "الرضا بالواقع" لأن الواقع ليس ورديا

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات