كتب : جلاء جاب الله | الجمعة، 18 مارس 2005 - 23:37

إبراهيم سعيد ضحية قبل أن يكون جانياً

أخطأ إبراهيم سعيد خطيئة كبيرة وليس خطأ عاديا في عالم الكرة ، ويستحق أقصى عقوبة على جريمته في حق لاعب المنصورة أحمد عبد الحكم ، ولكن ، وأنتم تعاقبون إبراهيم سعيد اسألوا أنفسكم أولا : من يستحق العقوبة الأكبر؟ اللاعب أم الذين ساندوه في خطئه حتى أصبحت أخطاؤه خطايا؟

اختلطت القيم واهتزت المباديء ، ولم تعد هناك مفاهيم محددة لأي شيء في الرياضة ــ وللحق في أمور أخرى كثيرة غير الرياضة ــ حتى أن البعض دافع بقوة عن أخطاء واضحة لأنها كانت ضد خصمه أو لصالحه ولو لفترة بسيطة .. ولا أقصد هنا واقعة ابراهيم سعيد على وجه الخصوص ، بل أقصد ما حدث في الوسط الرياضي كله ، حتى أصبح كل شيء مباحا تحت مسميات جميلة والمصلحة الشخصية هي المسيطر والحاكم لكل القرارات.

ابراهيم سعيد مجرد حالة من حالات الخلل الكروي ، ومجرد ظاهرة سلبية تعبر عن الخلل في الواقع الرياضي والكروي على وجه الخصوص ، نفخنا فيه واعتبره البعض بطلا ومضطهدا وصاحب قضية ، وهو في الحقيقة مجرد لاعب وهبه الله موهبة جميلة ففشل في المحافظة عليها ، وبرغم أنه كان مشروع نجم كروي رائع ، فإنه صمم على أن يكون "نجم شباك" للمشاكل والأحداث الساخنة السلبية ، وكأنه يهوى الأضواء بأي شكل حتى لو كانت أضواء عاكسة أو حتى معكوسة.

عندما تمرد على ناديه الأهلي وتم إيقافه وجد من يدافع عنه ويضمه لصفوف المنتخب ، وقيل وقتها إنه موهبة ويجب ألا يعاقب مرتين : مرة من ناديه وأخرى من المنتخب خاصة أن فريق بلده في حاجة لموهبته ، لكن سرعان ما تم ترحيله من المنتخب ، ولم يتعلم الدرس لأنه وجد من يدافع عنه ، بل إن البعض اعتبر أن إعادته لناديه بطولة كبرى وتنافس الكبار في إعلان من هو الذي أقنع إبراهيم بالعودة والتوقيع للأهلي!

ولم تنجح الصفحة الجديدة البيضاء التي فتحها ناديه ، وهو خطأ جسيم وقع فيه الأهلي ويتعارض تماما مع المباديء التي يدافع عنها النادي دائما ، المهم استمرت المشاكل وزادت ووجد من يدافع عنه ويقول إن إدارة النادي الكبير هي التي فشلت في التعامل مع اللاعب اللاعب " الفلتة" ، بل قرأنا من يروج لمقولة إن في الأهلي نجوما يغارون من "مبعوث العناية الإلهية" لإنقاذ الكرة المصرية ، حتى وصلت علاقته بناديه إلى طريق مسدود بعد أن دخل خصمه اللدود "الزمالك" في الصورة.

وفي الزمالك لم تتوقف المشاكل بل استمرت ، برغم أن المنطق يقول إن المكان الجديد له رهبته واحترامه ، حتى إن الإنسان عادة يتخلى عن عاداته السيئة عندما يبدأ صفحة جديدة مع مكان جديد ، وبرغم أن النادي دفع مليون ونصف مليون جنيه وهي الغرامة الموقعة على اللاعب ، فإن ذلك كله لم يشفع للنادي عند مزاج اللاعب الكبير ، وتم إيقافه بعد مشاكله مع وكيله الإنجليزي وتلك قضية أخرى ، لكن يبدو أن إبراهيم سعيد مصر على أن يظل نجما ، وما دامت الكرة لا تعطيه النجومية الآن لأن فريقه بعيد عن مستواه كما أن لياقته لا تسعفه ، فقد وجد طريقة أخرى لجذب الأضواء ، ويالها من طريقة مقززة.

الغريب أن البعض ما زال مصرا على "النفخ" في اللاعب والدفاع عنه أمام جريمة أخلاقية غير مقبولة بحجة أن هذا التصرف المشين يحدث كثيرا في الملاعب وأن هناك لاعبين غيره يفعلون ذلك ، لكن حظه العاثر أوقعه في ورطة الكاميرا التي اصطادته على غرة ، وهو دفاع لا يستحق عناء الرد ولا يستحق حتى مناقشته إلا للتدليل على أن هناك من يستحق العقاب قبل اللاعب نفسه على تلك الجريمة.

هل تذكرون موقف اتحاد الكرة الأخير وخطاب رئيس الاتحاد لنادي الزمالك ليلة مباراة الفريق مع إنبي وقبل اجتماع المحكمة الكروية بحوالي 12 ساعة فقط بالعفو عن ابراهيم سعيد ليلحق بالمباراة وكأنه المنتقذ الذي ارسلته العناية الإلهية لإنقاذ الزمالك من كبوته؟ لقد خالف رئيس الاتحاد اللوائح وضرب بالمحكمة ورجالها الأفاضل عرض الحائط من أجل اللاعب الفذ الموهبة ، وهو واحد من سلسلة أخطاء أدت إلى تدليله وفشلت في تقويمه حتى كان ما كان.

ويبقى السؤال : هل يستحق إبراهيم سعيد وحده العقاب؟ وقبله : أليس اللاعب ضحية حقيقية للذين فشلوا في تقويمة أو حتى بتره من الوسط الكروي؟ أليس اللاعب ضحية قبل أن يكون جانياً؟ ألا تستحق كل هذه الأطراف أن تتحمل المسئولية؟

القضية ليست إبراهيم سعيد وما فعله .. القضية أكبر بكثير .. إنها قضية قيم ضاعت ومباديء لم يعد لها مكان ورجال فقدوا مصداقيتهم ووسط كروي لم يعد كما كان .. ولله الأمر من قبل ومن بعد.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات