
كتب : أحمد سعيد | الثلاثاء، 15 يناير 2008 - 12:47
الكعكة أم الزينة؟
زار هذا الفريق القاهرة في عام 2006 لمواجهة الأهلي في دوري أبطال إفريقيا ولكنه لم يصمد ولو شوط واحد أمام الشياطين الحمر ليتلقى أربعة أهداف ويغادر إلى بلاده في صمت.
ولكن غانا لم تبك المجد الضائع أو تأسف على الأسد الذي فقد أنيابه لأنهم في العام نفسه كانوا يتمتعون بالظهور الأول في كأس العالم، والذين تأهلوا فيه إلى دور الـ16 ولولا وقوعهم أمام البرازيل لكانوا في طريقهم إلى مراحل أبعد.
وفي الوقت نفسه، كان محمد أبو تريكة ورفاقه من نجوم الأهلي والمنتخب المصري يشاهدون البطولة على شاشات التلفزيون.
وغانا مثلها مثل باقي دور غرب إفريقيا لديها مشروع كروي بسيط لكنه فعال: الاحتراف للجميع.
فالمواهب الكروية دون 20 عاما أو حتى 18 يمكنها الرحيل إلى أندية أوروبية سواء عبر الأندية الغانية أو أكاديميات الكرة التي ترعاها أندية أوروبية كثيرة .. بل وبعض هؤلاء اللاعبين يلجأون إلى أكاديميات غير شرعية في سبيل تحقيق هذا الحلم، وهو ما ينتهي بهم أحيانا في الشوارع الخلفية لفرنسا بلا مأوى.
الوضع نفسه يسري في كوت ديفوار والكاميرون ومالي ودول أخرى كثيرة، اتخذت قرارا معلنا ومفهوما للجميع بالتضحية بالسطوة التي تمتلكها الأندية المحلية في مقابل الحصول على منتخب قوي .. وفي أسماء مثل أفريكا سبور وكانون ياوندي دليل.
بلاد مثل المغرب أو تونس تتبع مشروعا آخر. الاحتراف ليس للجميع ولكن للمواهب المتميزة وبسعر مغر، أما من يتوقف مستواهم عند "جيد" ولا توجد جدوى اقتصادية أو فنية كبيرة من مغادرته للبلاد، فأفضل له أن يبقى حتى تزداد مسابقة الدوري المحلي قوة.
فالنجم الساحلي الفائز بدوري أبطال إفريقيا سمح باحتراف سيف غزال قائد الفريق ومدافعه ثم صابر بن فرج في أوروبا، وقد يتبعهم قريبا المهاجم الخطير أمين الشرميطي وآخرون إذا تلقوا عروضا جيدة.
لم يقل مسؤولو النجم للاعبيهم بعد الفوز ببطولة إفريقيا "انتظروا حتى نحسم الدوري" ثم يخبروهم بعد انتهاء الدوري بأن عليهم "الانتظار حتى حسم بطولة إفريقيا" في دائرة مفرغة لا تنتهي مثلما يفعل الأهلي أو يشبهوا مهاجمهم الشرميطي بواين روني مثلما صرح رئيس الزمالك فيما يتعلق بعمرو زكي.
وإذا قدر للأهلي أو الزمالك مواجهة النجم في النسخة الجديدة من دوري أبطال إفريقيا، فقد يجد الجمهور المصري نفسه في مواجهة نجم جديد يختلف عن نجم 2007 الذي كان بدوره مختلفا تماما عن نجم 2005.
وفي ظل هذه السياسة نجد احتراما لجدول الدوري التونسي، بلا تأجيلات أو توقفات وهو الاحترام الذي يرتفع إلى درجة التقديس في المغرب، التي يستمر فيها الدوري أثناء كأس الأمم الإفريقية من دون النظر إلى عدد اللاعبين المحليين المتواجدين مع "أسود الأطلسي" في البطولة.
ولكن بالنظر إلى مصر، يجد المتابعون صعوبة في تحديد المشروع الكروي لبلاد الفراعنة.
فنحن نعرقل احتراف نجومنا بكل الوسائل الممكنة بدءا من المطالب المالية المضحكة مرورا بالتعالي على خوض التجربة في البلاد المتوسطة كرويا في أوروبا – وهي أفضل كثيرا من مصر – وانتهاء بسلوك اللاعبين أنفسهم الذين باستثناء عدد قليل يعودون إلى مصر في أول طائرة.
وفي الوقت نفسه، ومع اقتراب موعد كأس الأمم الإفريقية كل عامين أو الدخول في تصفيات كأس العالم، لا نكف عن الصراخ والعويل بسبب مواجهتنا لدول تقتصر قوائمها على المحترفين في أكبر أندية أوروبا.
السؤال الآن: ماذا يمثل المحترفون لمصر؟ هل هم الكعكة بكامل قوامها ومكوناتها ودسامتها أم هم الزينة التي توضع على قمة كعكة أخرى مصنوعة من مكونات محلية خالصة. هل نريد أن نكون كوت ديفوار أم تونس؟ هل تستهوينا تجربة غانا أم المغرب؟
هل نتجه إلى فتح باب الاحتراف لأبو تريكة ومتعب وزكي وشيكابالا وكل من يأتيه عرض جاد ونرضى بتخفيف قبضتنا المحكمة على بطولات الأندية الإفريقية ... أم نحتفظ بالجميع في مصر ما عدا من ينجح منهم في الفرار ونبدأ في إصلاح المسابقات المحلية وتنقيح اللوائح وحسم أمور بديهية لأي دوري قوي مثل حقوق البث التلفزيوني التي ليس لها صاحب إلى الآن؟
ماهية الإجابة ليست هامة ولكن المهم أن يكون هناك إجابة .. وأن تتحول هذه الإجابة إلى مشروع يبدأ الجميع في تطبيقه فورا حتى لا نتعامل طوال العام مع المحترفين باعتبارهم "الكريز" ونطالب قبل البطولات الكبرى بتحويلهم إلى كعكة كاملة.
مقالات أخرى للكاتب
-
للمبتدئين والتقليديين .. كيف تختار مدربا في 5 خطوات؟ الخميس، 20 نوفمبر 2014 - 12:26
-
لماذا "7" بدلا من "3"؟ الأربعاء، 09 يوليه 2014 - 01:14
-
عضة سواريز.. والحضارة الانسانية الجمعة، 27 يونيو 2014 - 21:46
-
قصتان ينبغي على محمد يوسف أن يقرأهما الإثنين، 17 مارس 2014 - 22:15
نرشح لكم





