برشلونة.. أخطاء فادحة تسببت في عاصفة مثالية

الإثنين، 17 أغسطس 2020 - 17:18

كتب : إسلام مجدي

برشلونة - بايرن ميونيخ - 8-2

قبل فترة قصيرة تصدر برشلونة قائمة تسمى "دوري المال" لأندية كرة القدم بترتيب تصدره شركة "ديلويت" أحد كبار شركات المحاسبة حول العالم، والآن نتحدث عن أزمة مالية طاحنة، فما الذي اختلف في أشهر قليلة؟

هل الوباء كان السبب؟ قد يكون واحدا من ضمن الأسباب لكن ما المبرر أن يكون أعلى ناد حقق أرباحا حول العالم هو أكثر من يعاني من غيره، حتى أن أندية أضعف اسما ومكانة من برشلونة لا تعاني مثلما يحدث معه، هل كان "كورونا" هو السبب الرئيسي وراء كل تلك الأزمات؟

حاول سيد لو الصحفي البريطاني الشهير والذي يعمل لـ"جارديان" وصف حالة برشلونة الحالية فقال: "إنهم يبدون رائعين المظهر كزجاجة شمبانيا فاخرة سيئ الطعم من الداخل".

إرث لابد من سرده

خلال عدة سنوات من 2008-2012 كان لبرشلونة طريقة لعب حاول الجميع محاكاتها، نادرا ما كان بالإمكان التغلب عليه، والانتصار ضده في مباراة يعني إنجاز في حد ذاته.

مدعوم بتشافي هيرنانديز وسيرخيو بوسكيتس وليونيل ميسي وأندريس إنييستا جميعهم لم يدفع لهم سوى راتبهم، إن حاول ضمهم فسعرهم سيتخطى بمقاييس تلك الحقبة 250 مليون يورو وربما أكثر.

خلال تلك الفترة نمى مفهوم "أكثر من مجرد ناد". لاعبون عديدون من لاماسيا مدرسة الفريق الشهيرة، أبناء النادي، ومدرب من أبناء النادي لم يكن مشهورا قبل تدريب الفريق كما أصبح بعده، ونجوم أصبحوا أساطير في غضون أعوام قلائل، وصفقات ناجحة مثل داني ألفيش ويايا توريه وإريك أبيدال، بجانب تفاخر الفريق بإدارته المنتخبة من أعضائه وأبناءه في وقت انتشرت الاستثمارات الأجنبية في الدوريات الأوروبية، في إنجلترا كان مانشستر سيتي مع أبو ظبي، ثم جاء بعد ذلك باريس سان جيرمان في أواخر فترة بيب جوارديولا.

ربما امتلك برشلونة مدرسة قوية أخرجت العديد من المواهب التي مرت علينا منها ما كتب اسمه في التاريخ ومنها من مر مرور الكرام، أوير أوليزبال، جيوفاني دوس سانتوس بويان كريكيتش، بيدرو، فيكتور سانشيز، جيفرن، أندرو فونتاس، إيزاك كوينكا، مارك بارترا، كريستيان تيو، مارتين مونتويا، جوناثان دوس سانتوس.

ما الملاحظ بين كل تلك الأسماء التي تم تصعيدها من 2008-2012؟ بعيدا عن بيدرو لم يكن أي من هؤلاء صالحا لكتيبة برشلونة، لم يستمر أي منهم طويلا، حتى أن أحدهم كان صاحب لقطة شهيرة للغاية أمام ريال مدريد لكن لصالح جاريث بيل.

ربما امتلك برشلونة في الماضي مدرسة ناشئين قوية للغاية أخرجت له مجموعة من ألمع نجوم الجيل الذهبي، بل وساهموا كذلك في تتويج إسبانيا بكأس العالم واليورو مرتين، لكن بعد ذلك؟ دخل الفريق في عدة دوامات انتهت بغرقه أكثر من مرة.

لم ينج برشلونة سوى في حقبة لويس إنريكي، حينما نجح في استخدام نيمار وميسي ولويس سواريز بشكل مثالي، ما أتاح له النجاح وحصد الثلاثية أمر سبقه إليه جوارديولا، كلاهما امتلك نفس العامل الحاسم وهو السيطرة على غرفة الملابس.

من تلك المقدمة نستخلص بعض النقاط، واقعية اختيارات برشلونة الفنية، اختفاء دور الشباب في الفريق، سوء الإدارة، الأزمة المالية، والعديد من الاختيارات الخاطئة التي كانت دائما وأبدا مكلفة.

What is La Masia? Barcelona's famous youth academy & the star ...

الاختيارات الفنية

حينما يحقق فريق النجاح خاصة لو كان نجاحا ساحقا، خاصة مثلما حدث مع بيب، طريقة لعب ممتعة للجماهير ومحبطة للخصوم، نجوم كبار منهم أفضل لاعب في العالم و14 لقبا، قد يظل الفريق أسيرا لها، يبحث عن تكرار لتلك التجربة عن محاولة لاستنساخها أو عن حتى مدرب يُسير أمور الفريق بنفس البنود السابقة لكن ذلك الخطأ الأكبر.

لا توجد تجربة تتكرر في عالم كرة القدم، هذا ما يجعل للمتعة رونقا خاصا، تجربة بيب كانت فريدة ولفتت الأنظار وقتها، لكن حينما رحل كان يجب أن يتغير برشلونة وفقا للمعطيات التي أمامه، نعم نجوم الفريق كانوا مازالوا في القمة وانضم سواريز وخافيير ماسكيرانو ونيمار وراكيتيتش غيرهم لكن النجاح تم تحقيقه في حقبة لويس إنريكي بشكل مختلف عن بيب.

هل تعتقد أن عودة برشلونة مرهونة بأن يعود بيب لتدريب الفريق؟ يجيب عن هذا السؤال جونزالو كابيزا صحفي إل كونفدينشيال الإسبانية لـFilGoal.com قائلا: "لا، مستحيل، إنه مدرب كبير، لكن هناك مشاكل أكبر ليست مرتبطة بذلك الأمر".

هل المدرب هو مشكلة برشلونة الوحيدة؟

يجيب جونزالو: "إقالة فالفيردي كانت خطوة يائسة من الإدارة، أعني أن الفريق لم يتحسن، لكن لا يوجد مدرب قادر على جعل هذا الفريق ممتاز، لأنه في الواقع التشكيل به لاعبين عديدين يؤدون بشكل جيدة لفترات قصيرة للغاية، لا يمكنك أن تنافس وأنت في هذه الحالة".

وتابع "فالفيردي على الأقل كان يفهم هذا الفريق، سيتيين كان سيئا في وظيفته وحتى لو كان جيدا النتائج كانت ستصبح مشابهة في النهاية".

سنعود إلى المشكلة الرئيسية.. غرفة الملابس

في برشلونة وفي آخر 12 عاما كان النجاح مرهونا بالسيطرة على غرفة الملابس. المدرب القادر إما على السيطرة أو التعامل أو حتى الصدام، أو مسايرة لاعبيه في غرفة الملابس كان يحقق نجاحا سواء محليا أو قاريا، جوارديولا ثم إنريكي وأخيرا بدرجة أقل للغاية كان فالفيردي.

يتحدث جونزالو في هذا الصدد "ميسي هو القائد وهو من يتحدث وله الكلمة العليا في غرفة الملابس، قد لا يحب أن يشاع عنه ذلك لكن الجميع يعلم تلك الحقيقة".

وواصل "أتذكر أن سيتيين أراد أن يجري بعض التغييرات في التدريبات والخطة حينما وصل، ورفض ميسي ذلك الأمر وبالطبع لم يتغير شيء".

وأكمل "من الصعب عكس ما حدث ضد بايرن، كان تكليلا لكل المشاكل التي يعاني منها برشلونة".

In Pictures: Barcelona's brand new La Masia | Goal.com

مشاكل إدارية لا تنتهي

عدد من المشاكل ضربت برشلونة منذ نهاية العام الماضي، حينما حذر وانتقد جيرارد بيكيه إدارة ناديه من استخدام الصحف والصحفيين التابعين لهم على خلفية انتقادهم. (طالع التفاصيل)

حتى أتت الفضيحة الأكبر، حينما نشرت إذاعة كادينا سير الكتالونية نشرت تقرير قال إن إدارة برشلونة عينت شركة كرست آلاف الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي للدعاية لها وحماية صورة جوسيب ماريا بارتوميو رئيس النادي ومجلس إدارته.

وهاجمت تلك الحسابات عددا من اللاعبين الحاليين والسابقين مثل ليونيل ميسي قائد الفريق وجيرارد بيكيه وكارليس بويول وتشافي هيرنانديز وجوسيب جوارديولا، وخوان لابورتا الرئيس السابق للنادي وغيرهم.

وصرفت إدارة برشلونة الحالية مبلغ يقارب المليون يورو على عقدها مع الشركة، وقسمت الدفعات المالية على 6 مبالغ تدفع لأقسام مختلفة في الشركة. (طالع التفاصيل)

كما، خاض ليونيل ميسي نجم وقائد برشلونة حربا علانية مع إريك أبيدال المدير الرياضي، على خلفية تصريحات الأخير بأن بعض اللاعبين طلبوا رحيل إرنستو فالفيردي دون ذكر الأسماء، ليخرج ميسي غاضبا وينتقد أبيدال.

لنضف إلى ذلك، استقالة 6 من أعضاء مجلس الإدارة فيما وصف صحفيا بـ"الأمر أشبه بمسلسل صراع العروش في كواليس برشلونة". (طالع التفاصيل)

كل ذلك حدث في أقل من عام وحيد وما خفي كان أعظم، ذلك بالإضافة للمشاكل العديدة المالية، فالنادي يعاني بشكل غير طبيعي لدرجة أنه خلال توقف نشاط كرة القدم كانت هناك تقارير حول مواجهة خطر الإفلاس.

ما أضفى منطقية على تقارير إفلاس برشلونة، هو انسحاب النادي من محاولة ضم لاوتارو مارتينيز مهاجم إنتر والأمر ذاته مع نيمار.

يقول جونزالو: "لا أعتقد أن إدارة برشلونة تركز على الأرباح كما هو متعارف لدى الأوساط الجماهيرية، هم يعلنون الأرقام لكن بواطن الأمور أكبر من ذلك".

وواصل "في الحقيقة، تشكيل برشلونة هو أغلى تشكيل في كرة القدم وتلك مشكلة عميقة للغاية في النادي، خاصة في ظل الظروف الحالية، هناك مشكلة ثانية هي ما يعرف إعلاميا بـ ميسي وأصدقائه".

وأكمل "ليونيل ميسي يربح العديد من الأموال التي لا يستردها النادي متمثلة في راتب سنوي يقدر بـ50 مليون يورو، كما أن الإدارة ليست جيدة تماما في التعاقدات".

على مدار سنوات عديدة برشلونة كان يتخلى عن بعض من شبابه ثم يستعيدهم بالمال أو يضم صفقات لا يستفيد منها، مثال على ذلك بويان كركيتش الذي انضم من روما بـ13 مليون يورو في نفس عام ضم نيمار وتوماس فيرمايلين الذي لم يشارك كثيرا وأردا توران وأليكس فيدال وأندري جوميز وباكو ألكاسير ولوكا ديني والأهم من كل ذلك، كان ضم الثنائي فيليبي كوتينيو وعثمان ديمبيلي.

ريتشارد فيتزباتريك صحفي "بليتشر ريبورت" كتب تعليقا على صفقة ديمبيلي :"برشلونة فقد بوصلته، ضم عثمان ديمبيلي لتهدئة الجماهير، لاعب في الـ20 من عمره الذي سجل في الموسم الماضي في الدوري الألماني 6 أهداف فقط ودفع 155 مليون يورو".

يقول كابيزا تعليقا على ذلك الأمر: "برشلونة لديه إدارة رياضية سيئة للغاية، ليس فقط لما تعنيه الكلمة لكن انظر لكم ذلك العمل، آخر 6 أعوام كانت غير مبررة بالمرة".

وواصل "برشلونة لديه أكبر ميزانية نعم، لكن الأمر غريب، لماذا؟ لأنهم اعتادوا أن يكون لديهم نفس ميزانية ريال مدريد كلاهما لديه نفس عقد البث ونفس التسويق ونفس الملاعب وكل شيء، لكن ميزانية ريال مدريد تطورت بثبات كبير وبرشلونة الذي باع نيمار بـ222 مليون يورو، زاد ذلك من ميزانيته في تلك الفترة بقوة كبيرة".

وأكمل "ما يضفي بعض الغرابة هو أن الناديين لديهما نفس الأرقام، لماذا يعاني أحدهما بشدة والآخر يتدبر أموره ببراعة؟".

واسترسل "حينما زادت الميزانية كان ذلك يعني أمرا ما نعم لكن ليس بالضرورة جيد، الأرقام مشابهة يمكنكم مراجعتها، لكنها قائمة لم تحصد الكثير من الألقاب مقارنة بالمال المدفوع لها وفيها".

وواصل جونزالو: "من المفترض أن راتب ميسي 50 مليون يورو كصافي ربح بعد الضرائب، ما يعني أن النادي قد يتكبد مبلغ يصل إلى 90 مليون لدفع راتب لاعبه الأفضل".

وأردف "تلك ميزانية فرق صغيرة في الدوري الإسباني، بل وأكبر منها، لماذا؟ لأنهم لا يمكنهم قول لا، عكس ريال مدريد حينما أراد رونالدو زيادة مماثلة رفض فلورنتينو بيريز، لأن تلك الزيادة لن تعكس ربحا كافيا للنادي".

واستكمل حديثه "ليس فقط ميسي، لقد أراد أن يلعب مع فيدال وبوسكيتس وسواريز وغيرهم، لا يوجد لاعب من بين هؤلاء حاليا يصلح لأن يكون لاعبا مهما في تشكيل برشلونة ورواتبهم من رواتب الدرجة الأولى الفاخرة لكنهم لا يؤدون في الملعب وفقا لذلك الراتب".

ربما يعاني ريال مدريد من مشكلة مماثلة مع جاريث بيل الذي يتقاضى راتبا كبيرا ولا يمنح في المقابل أي شيء، في برشلونة هناك 6 لاعبين وباستبعاد ميسي، هناك 5 لديهم نفس مشكلة بيل.

اختيارات خاطئة مُكلفة

هل يمكن لنافذة انتقالات الصيف الجاري أن تصلح برشلونة بعض الشيء؟ هل يمكن للإدارة التحرك؟

النادي بالفعل ضم ميراليم بيانتش في صفقة تبادلية رحل بموجبها أرثر إلى يوفنتوس، لم تجد الصفقة استحسانا كبيرا بقدر ما لاقت استغرابا بشأن جدوى الصفقة نفسها. خاصة وأنها تمت من أجل ميزانية النادي وفي تاريخ محدد. (طالع التقرير الخاص بشرح العملية من هنا)

في الموسم الماضي أجرى برشلونة صفقة تبادلية مشابهة للغاية لتلك الصفقة ولم تكن لها جدوى رياضية وهي مبادلة ياسبر سيليسين بنيتو.

كيكي سيتيين سيرحل عن تدريب الفريق وكذلك أبيدال عن الإدارة الرياضية، الأمر بات مسألة وقت.

من قد يخلف أبيدال؟

يجيب كابيزا: "الاسم المطروح حاليا إدواردو ماسيا، أتتذكرونه؟ كان يعمل رئيسا لكشافي ليفربول ثم مستشارا للنادي منذ 2006، وعمل في فالنسيا وإشبيلية وليستر سيتي وريال بيتيس".

وواصل "من الغريب الحديث حول الأمر، لأننا جميعا نعلم أن بارتوميو يسعى للاستمرار لعام جديد، ومن الغباء التفكير في مدير جديد إن كنت تعلم أن رئيس النادي سيرحل، السيناريو الآخر المنطقي هو رحيل بارتوميو مباشرة وهذا لن يحدث".

وأكمل "أي كان ما سيفعله بارتوميو فلن يدوم طويلا سيكون على المدى القصير، ولهذا السبب أعتقد أنه من الصعب إصلاح كل شيء في هذا الصيف، لا أعلم لا أحد يعلم من سيحاول أن يدخل إلى الانتخابات في وضع النادي الحالي، لكن في أي حال أي من يخلف بارتوميو سيكون لديه مهمة صعبة للغاية".

واسترسل "لدى برشلونة تشكيل لم يحقق الكثير وسنه كبير ومشاكل عديدة مع الديون وفي الميزانية وفي طريقة العمل بسبب الوباء، إنها عاصفة مثالية".

برشلونة كان يسعى لتجديد ملعب كامب نو وأوقف ذلك المشروع بسبب المشاكل المالية التي كان يعاني منها النادي.

كما أن تقارير صحفية قالت في وقت سابق إن النادي أراد تخفيض رواتب لاعبيه وخصمها لضبط الميزانية.

قال سيد لو أثناء تواجده في استوديو ESPN للحديث عن محاولات برشلونة لضم نيمار: "هل برشلونة نادي غني؟ لا ليس كذلك، الوضع الاقتصادي في النادي سيء للغاية حتى قبل تفشي فيروس كورونا".

تقارير صحفية أشارت إلى أن دين برشلونة يقدر بـ888 مليون يورو، في حين أن النادي يشير إلى أنه 460 مليون يورو فقط.

ما بين تخبط دام لسنوات وصفقات دُفع فيها ملايين كبيرة ورواتب أكبر، برشلونة حاليا يدفع ثمن التخبط الإداري الذي دام لفترة طويلة.

النادي حاليا في انتظار الإعلان عن تولي رونالد كومان تدريب الفريق حسبما أعلن فابريزيو رومانو صحفي "سكاي إيطاليا"، فهل يكون المُخلص لكل ما يعانيه الفريق ويعيده إلى الطريق الصحيح فنيا وانضباطيا في الملعب بعيدا عن الإدارة على الأقل؟

ملف:Camp Nou més que un club.jpg - ويكيبيديا

اقرأ أيضا:

الإسماعيلي يكشف رأيه في العرض التركي لباهر المحمدي

ماني يتوج بجائزة فردية

هل يتم مبادلة نيمار مقابل جريزمان؟

التعليقات