الجانب الآخر من كرة القدم - معاناة النساء مع اللعبة ومقارنتها بالرجال

الخميس، 14 نوفمبر 2019 - 14:57

كتب : إسلام مجدي

الكرة النسائية

لا يتمحور الأمر فقط حول ركل الكرة في الملعب حتى هز شباك الخصوم، ولأن الأوضاع لا تكون بهذه السطحية قط، لذا دائما هناك جانب آخر من القصة لا نعرف عنه شيئا.

يقدم لكم FilGoal.com هذه السلسلة الأسبوعية التي تقدم جانبا مختلفا من كرة القدم.

لماذا لا تحصل اللاعبات على مقابل مادي وعقود رعاية بنفس درجة عقود الرجال؟ لما لا يهتم المشجعون بكرة القدم النسائية؟ أين دور اتحادات اللعبة المختلفة بدء من فيفا وصولا إلى الدول وغيرها؟ ما المميز للغاية بشأن الرجال وليس موجودا في لعبة النساء؟

"الكرة لعبة رجال" أو "النساء مكانها المطبخ" وغيرها من العبارات العنصرية التي يتناقلها المشجعون وغيرهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي للرد على تلك الأسئلة بالأعلى، لكن بشكل موضوعي؟ لا يتم الأمر كذلك ويتحول إلى حرب بين الرجال والنساء.

اليوم نرصد بشكل موضوعي في محاولة للإجابة عن كل تلك الأسئلة وأكثر.

تاريخ الكرة النسائية

كرة القدم النسائية ظهرت تزامنا وربما قبل كرة القدم للرجال، بل إن أول مباراة تم تسجيلها بالفعل كانت بواسطة الاتحاد الاسكتلندي لكرة القدم وحدثت في جلاسكو عام 1892، أما في إنجلترا فكان عام 1895.

خلال عام 1920 ازدهرت رياضة كرة القدم كثيرا حول العالم، وفي إنجلترا وحدها كان هناك أكثر من 150 فريقا للنساء، قبل أن يصدر أكثر قرار أضر باللعبة تماما.

في الوقت الذي كانت فيه كرة الرجال تزدهر حول العالم، قام الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بمنع الكرة النسائية في بدايات 1921، كان ذلك في أعقاب الحرب العالمية الأولى، والكرة النسائية كانت بمثابة مصدر دخل للاتحاد خاصة وأنها جذبت العديد من المشجعين والمهتمين.

الاتحاد الإنجليزي مع مرور الوقت عانى من انجذاب الجماهير إلى مباريات كرة القدم الإنجليزية، وأبرز تلك الأحداث كان يوم البوكسينج داي عام 1920 حينما حضر أكثر من 53 ألف مشجع في جوديسون بارك لمشاهدة فريق ديك كيرز لايدز يواجه سانت هيلين وقتها كان أكبر جمهور في إنجلترا يحضر مباراة على الإطلاق.

بعد ذلك بعام، قرر الاتحاد الإنجليزي أن اللعبة "غير مناسبة للنساء". وطلب من أندية الرجال أن ترفض بالسماح للنساء باستخدام ملاعبهم.

--

جلست جايل نيوشام لاعبة فريق ديك كيرز لايدز تتذكر ما حدث في الماضي خلال احتفال محلي عام 1992، بنبرة حزينة للغاية أمام الجماهير القليلة التي تحتفل.

"نشرت العديد من الإعلانات في الصحف الملحية، لأي أحد يعلم شخصا ما يمكننا أن نتواصل معه، أن نقدم استئنافا أو أي شيء".

"لم أصدق ما حدث، كان من الصعب للغاية أن يعرف أي شخص أي شيء في تلك الفترة، قمت ببحث موسع ووصلت لشيء ما".

خلال بحث نيوشام التي تحدثت عنه، لاحظت أن كرة القدم النسائية كانت مشهورة للغاية في ذلك الوقت، خاصة وأنها تواجدت في وقت اندثار لكرة الرجال.

"أول امرأة وصلت إليها، أرتني صورة لفريق في الخمسينيات، لم أصدق عدد الجماهير المتواجدة، كان هناك مدربا وكلبه، فقط، ولا أحد آخر ليشاهدنا".

وجدت نيوشام أنه يجب أن تحفظ تاريخ اللعبة بنفسها، لذا قررت نشر كتابها الأول "أسطورة أنفسهم"، كان ذلك عام 1994، ثم حدثته بعد ذلك في أكثر من نسخة تالية.

"حينما أرى الإحصائيات وذكر أفضل اللاعبين على الإطلاق، لا أحد يتذكر أو يفكر في نادي ديك كيرز لايدز وما حققن".

"يجب أن يتم تضمينهم، بدونهم لم يكن لدينا أي تاريخ في اللعبة، لا أحد آخر في العالم لديه مثل هذا التاريخ".

حاولت الاتحادات الحاكمة للعبة مساعدة نيوشام وأشارت إليها بالبحث داخل أرشيف الصحف، لكنها لم تجد ما كانت تبحث عنه.

رفضت النساء الاستسلام لذلك الإيقاف والقرار الظالم، ليظهر اتحاد للنساء عام 1969، الإيقاف حرمهن من استعمال المرافق الرياضية لذا اضطررن لاستعمال ملاعب الرجبي والمدارس أو أي أرضية يمكنهن اللعب عليها.

قالت سيلفيا جور التي كانت تلعب لنادي مانشستر كورنثيانز: "لعبنا في ملاعب المنتزهات، كانت لدينا كشك صغير استعملناه للاغتسال من خلال بعض دلاء المياه التي جلبها لنا المدرب، لم يكن هناك أي سبيل للتدفئة أو أي شيء".

أما سو لوبيز لاعبة ساوثامبتون فصرحت: "اعتدت لعب كرة القدم مع اثنين من الفتية كانا جيران لي".

لم تعد المدارس كذلك تحتوي على فرق كرة قدم للنساء ما تسبب في تراجع اللعبة أكثر فأكثر، لم يكن هناك فرصة للتدرب مبكرا أو التعامل مع الكرة مبكرا وبالتالي لم تكن هناك أي جاهزية.

أصيبت لوبيز وغيرها من اللاعبات أصحاب الموهبة بالإحباط مع العديد من العوائق للعب كرة القدم، خاصة وأن اللعبة كانت ستنطلق من إنجلترا إلى العالم مثلما حدث مع كرة قدم الرجال، لوبيز رحلت إلى روما عام 1971 ولعبت كرة القدم لكن ليس على الصعيد الاحترافي، فقط كانت تحصل على مقابل للتنقلات والطعام وشاركت مسكنها مع زميلتها في الفريق.

اتحاد النساء الإنجليزي لكرة القدم وجه وقتها إنذار للاعبات المحترفات طيلة فترة السبعينيات، وهدد اللاعبات في الخارج بأنهن مُجبرات على العودة خاصة وأنه يمتلك القدرة على منعهن مطلقا من اللعب مرة أخرى.

تدهورت حالة الكرة النسائية أكثر. لم يكن هناك قدرة على الركض طيلة المباراة، لا توجد سرعات أو مهارات، مجرد ممارسة صورية في شكل محترف للعبة كانت في أوج قمتها يوما ما.

---

تطلب الأمر من النساء 50 عاما حتى يتمكن من لعب كرة القدم، تقريبا عام 1975 تم إصدار قانون التمييز الجنسي والذي سهل أكثر على النساء أن يتدربن ويصبحن حكم ساحة محترف.

وكأن مشاكلهن ليست كافية، كان من الصعب للغاية إن لم يكن مستحيلا أن تشاهد مباراة لكرة القدم النسائية، فقط في نهايات السبعينيات كانت تذاع تقارير حول نتائجهن في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي للنساء.

في عام 1989 قررت القناة الرابعة البريطانية أن تذيع بشكل طبيعي تغطية للكرة النسائية، الاتحاد الإنجليزي أعلن فيما بعد عن خطته لتطوير كرة القدم النسائية لتحويلها إلى لعبة للصفوة عام 1997، وتطلب الأمر بعد ذلك أعواما عديدة من البناء.

وفي عام 2011 تم تقديم الموسم الافتتاحية من دوري السوبر للنساء، وفي سبتمبر 2014 كان هناك أكثر من 2.6 مليون امرأة وفتاة يمارسن كرة القدم في إنجلترا، وفي نوفمبر من نفس العام بيعت أكثر من 55 ألف تذكرة لمباراة نساء إنجلترا ضد ألمانيا، في حين أن هناك 40 ألف مشجعا تواجدوا لمشاهدة مباراة ودية في نفس الموعد في ملعب ويمبلي لمنتخب الرجال.

نهايات السبعينيات كانت الفترة التي أعيد خلالها إحياء اللعبة مرة أخرى بالنسبة للنساء، أصبحت هناك بطولات دولية بينهن ودخل النظام الاحترافي شيئا فشيء، قبل أن تقام أول بطولة كأس عالم للنساء عام 1999، وبيع أكثر من مليون و194 ألف تذكرة، وأصبح هناك بعض الدعم للنساء لممارسة اللعبة مرة أخرى.

هل مشكلة الكرة النسائية تكمن في مساواة الأجور مع الرجال؟

قررت آنيا ألفاريز صحفية "جارديان" أن تقوم ببعض البحث حول الأسباب الرئيسية، لما لا تحصل النساء على رواتب مماثلة للرجال ولا يتم الحديث عن اللعبة مثل نظريتها لدى الرجال ولماذا يصاحب الأمر دوما تعليقات "عنصرية".

"في كرة قدم النساء نتحدث كثيرا حول المساواة في الدفع، المحادثات عادة تتجه إلى أننا يُدفع لنا أقل من الرجال، وعدم وجود عدل، وأننا نضطر للعمل بجانب لعب كرة القدم لتوفير المال".

المنتخب الأمريكي للنساء كان قد ناقش تلك المشكلة بعد تتويجه بلقب كأس العالم 2015، تم التوضيح وقتها أن فريق النساء يُدفع لها تقريبا ربع ما يحصل عليه الرجال، وذلك رغم أنهن يربحن أكثر مما حصد فريق الرجال في ذلك العام بـ20 مليون دولار.

حتى أن المنتخب قرر التقدم بشكوى تمييز جنسي في دفع الرواتب ضد الاتحاد الأمريكي وفي المقابل حُكم له بزيادة ضخمة للغاية كما تم إضافة حوافز للمباريات وتحسين وضعهن وكذلك طريقة السفر وغيرها من المساعدات للاعبات الحوامل أو من يتبنين أطفال.

قد ترى منتخب كرة قدم نسائي ناجح للغاية على الصعيد القاري والدولي عكس منتخب الرجال، مثل المنتخب الأمريكي على سبيل المثال لكنه لا يتربح المثل.

المشكلة لم تكن قط حول المساواة في الدفع، لكن التسويق والدعاية.

"ربما يكون هناك بعض التحيز في الدفع، حينما تضع الملايين لتسويق الرياضيين وتسمح للجماهير بمعرفة اللاعب يتطور اتصال بينه وبين الرياضي أو بين أي شيء ليصبح هناك تفاعلا أكثر ويستمر في الرغبة في معرفة المزيد، كيف سيحصل أي منا على أي من هذا إن لم يتم تسويقنا بنفس القدر؟".

جذور المشكلة ليست فيما يخص الدفع لكن قلة التأسيس في البناء هي المشكلة، الكرة النسائية اختفت ما يقرب من 50 عاما وحينما عادت عانت لتكتسب نفس الصيت الذي كان موجودا في الماضي، في وقت كانت الكرة الرجالية تزدهر وتصبح مرتبطة بصناعات مختلفة وضخمة للغاية قائمة بأساسها على تسويق اللاعبين وكل ما يخصهم. (للمعرفة أكثر طالع حلقة الأسبوع الماضي عن القيمة التجارية للاعبين)

الأمر أشبه بالدائرة المغلقة حينما يتعلق بالتسويق، لا يوجد تسويق كاف، وبالتالي سيكون الرد الدائم "إنهن لا يجذبن الكثير من انتباه المشجعين"، وبالتالي تكون العوائد قليلة وهكذا.

وفقا لتقرير نشرته مجلة "ماركتنج ويك" فرياضات النساء تستقبل نسبة 0.4% من عقود الرعاية بالكامل.

بعيدا عن المنتخبات الشهيرة، فبطولة بحجم كأس العالم للنساء ثلث اللاعبات كشفن عن أنهن لم يحصلن على أموال أو رواتب أو مكافآت حتى أن بعضهن اضطر للدفع لكي يذهب للمشاركة، ليس هذا فقط، بل أن أغلبية الدول التي أبلغت لاعباتها عن عدم حصولهن على الرواتب كانت دولا لديها نظاما مطورا للعب كرة القدم للنساء، من ضمنها الولايات المتحدة، إذ أن 77% من اللاعبات لا يحصلن على أموال وفرنسا 62.2% منهن.

حتى في حالات الدول التي تدفع للاعبات، فـ42% منهن قنل إنهن لا يحصلن على ما يكفي ليغطي نفقات السفر والتواجد في معسكرات المنتخبات، مثل البرتغال 100% منهن أبلغن، واليابان 67% وإيطاليا 60% وألمانيا 80%، إذ أن النفقات اليومية الممنوحة تقدر بـ75 دولار بجانب علاوة إن فزن بمباراة، وأحيانا يحدث تفاوت في الدفع وتصل المكافأة إلى 754 دولار وأعلى مكافأة فوز حصل عليها فريق نسائي كان 3000 دولار.

---

تواجه كرة القدم النسائية العديد من المشاكل التي تتسبب في قلة جودتها، الأمر أشبه بدائرة شبه مغلقة، ما بين قلة التسويق أو انعدامه، وضعف الرعاية وصولا إلى قلة الدفع في الرواتب، ولا تتخذ الأندية وروابط الدوريات والمنتخبات والاتحادات إجراءات كافية لدعمهن ما يشعرهن دوما بأنه يتم التقليل مما يفعلنه خاصة مع اضطرارهن إلى العمل بجانب ممارسة الرياضة.

ربما يوجد دعم معقول فيما يخص الجانب الطبي والنفسي والمساندة إن تعرضن لعنصرية، لكن لازال الطريق طويلا للغاية أمام اللعبة لتعود إلى سابق عهدها قبل الإيقاف الطويل ولكي تتطور وتصبح قوة كبيرة.

قد يكون الوقت حان لاتخاذهن على محمل الجد أخيرا ومنحهن فرصة للتعبير عن أنفسهن ومنحهن المساحة الكافية في اللعبة لكي يستمتعن بظروف عمل عادلة ومناسبة لكي ينتجن مثلما تنتج كرة الرجال.

المصادر:

http://bit.ly/32Rty7D

http://bit.ly/36YRlFT

http://bit.ly/32KGLz0

https://bbc.in/32NqCIZ

https://econ.st/2O8ju4C

اقرأ أيضا

تقرير: تشان يقترب من مغادرة يوفنتوس في يناير

الأهلي يواجه الاتصالات وديا.. جاهزية حسام عاشور وكدمة خفيفة لسليمان

حلم طوكيو 2020 - في الجول يوضح - ما الذي يحدث إن تساوى منتخبان أو أكثر في النقاط بالمجموعات

الإسماعيلي يطلق علامته التجارية الجديدة: النادي سيطلق منتجاته الرسمية قريبا

مصر ضد كينيا - رحلة البدري للبحث عن انطلاقة مثالية في التصفيات الإفريقية

التعليقات