تامي أبراهام.. دروجبا الجديد الذي "وُلد ليفوز بكل شيء"

الثلاثاء، 17 سبتمبر 2019 - 15:20

كتب : محمد يسري

تامي أبراهام - دروجبا

"عليك أن تتخطى الصعاب وتصل للقمة، أن تنسى الذكريات السيئة وتواصل؛ فهذا ما جعلني رجلا" تامي أبراهام مهاجم تشيلسي يشرح كيف يتعامل مع المواقف الصعبة في حياته.

لم يكن التعارف الأول بين أبراهام وجماهير تشيلسي هو الأنسب، فبعدما أخفق في تحويل فرصة في شباك ليفربول كانت كافية لحصد كأس السوبر الأوروبي؛ أهدر ركلة ترجيح كانت سببا في خسارة اللقب، إلا أن العقلية التي يتمتع بها ساعدته في تخطي هذا الموقف الصعب.

سريعا استجمع أبراهام قواه وأمطر شباك المنافسين بالأهداف ليتصدر قائمة هدافي الدوري برصيد 7 أهداف بالتساوي مع سيرجيو أجويرو هداف مانشستر سيتي.

أهلا بكم في حكاية تامي أبراهام

في 2004، وبعمر الثامنة انضم "تامي" المولد من أب نيجيري وأمي إنجليزية إلى أكاديمية تشيلسي لتبدأ رحلة شهرته سريعا، ليس بسبب تميزه كلاعب وحسب ولكن لطول قامته. أبراهام كان أطول لاعب في الفريق.

اختار أبراهام الانضمام إلى تشيلسي بدلا من أرسنال للسير على خطى ديديه دروجبا، نجمه المفضل وهداف تشيلسي.

وبالصدفة، كان دروجبا أول من استقبل أبراهام في تشيلسي.

ويحكي أبراهام "في أحد الأيام شديدة البرودة كنت أسير تجاه مبني الأكاديمية، لأجد دروجبا يطلب مني الركوب في سيارته ليقوم بتوصيلي ملعب التدريب".

ويضيف "بمجرد وصولي للملعب خرجت من السيارة وأنا أبحث عن زملائي لأقول لهم: لقد أتيت مع دروجبا، لكنني لم أتمكن من إيجاد أي شخص".

لاحقا قال أبراهام عن دروجبا: "لطالما تمنيت أن أصبح مثله جائعا لتسجيل الأهداف مثله، أريد أن أضيف هذا الأمر لطريقة لعبي".

وتابع "السير على نفسه نهجه (أن أكون المهاجم الأساسي للفريق) أمر رائع".

في ذلك التوقيت كان تشيلسي قد وضع برنامجا خاص لتطوير لاعبي الأكاديمية، واستفاد أبراهام كثيرا من تخطيط النادي اللندني، حتى جنى الجميع ثمار هذا التفكير في موسم 2014-2015.

في ذلك الموسم شارك أبراهام مع فريق دون 18 عاما، وقاد الفريق للفوز بدوري أبطال أوروبا وكأس الاتحاد الإنجليزي للشباب، بجيل ضم أسماء مثل كالوم هودسون أودي، مايسون ماونت، ريس جيميس، روبين لوفتيس تشيك ودومينيك سولانكي.

سجل أبراهام ضد مانشستر سيتي 3 أهداف في مباراتي النهائي ليفوز تشيلسي بنتيجة 5-2، وفي أوروبا شارك كبديل ضد شاختار دونستيك في النهائي الذي انتهى بنتيجة 3-2 لتشيلسي.

وتوهج أكثر في الموسم التالي، وقاد تشيلسي للحفاظ على ألقابه: كأس الاتحاد ودوري أبطال أوروبا للشباب.

في النهائي المكرر ضد سيتي سجل أبراهام هدفا ليفوز تشيلسي بنتيجة 4-2 في مجموعة المباراتين، وأوروبيا، كان من نجوم البطولة بعدما سجل 8 أهداف احتل بها المركز الثاني في ترتيب الهدافين، وكانت أهدافه سببا في وصول تشيلسي للمباراة النهائية.

لم يسجل أبراهام ضد باريس سان جيرمان لكن أمن لتشيلسي انتصاره بهدفين مقابل هدف.

ظهور أبراهام المميز كان سببا في حصوله على فرصة مع الفريق الأول بعدما قرر المدرب جوس هيدينك تصعيده للفريق الأول ليشارك لأول مرة ضد ليفربول في الجولة 30 من موسم 2015-2016، ثم ضد ليستر سيتي على ملعب ستامفورد بريدج في الجولة الأخيرة من المسابقة.

الوصول لهذه المرحلة تطلب عملا كثيرا أشرف عليه أدي فيفيش المدير الفني لفريق الشباب في تشيلسي.

وأوضح فيفيش "حين جاء لي وترك فريق تحت 18 عاما كان يحتاج أن يتطور في مسألة اللعب بظهره للمرمى ويصبح أقوى".

وأضاف "كان يلعب في دوري الأطفال بعمر 16 و17 عاما، ثم أصبح يلعب مع فريق تحت 21 عاما وأحيانا كنا نلعب مع فرق لديها لاعبين بعمر 23 عاما، لكنه كان بحاجة لهذه الخبرة وهذه التجربة وهذا هو التطور الأكبر في عالم كرة القدم".

عقب نهاية الموسم آتى أنطونيو كونتي لتدريب تشيلسي، ولم يكن موقف أبراهام معروفا بالاستمرار مع الفريق أم لا.

وقال عنه فيفيش في ذلك الوقت: "لا أعرف إذا كان سيستمر أم لا، هذا القرار ليس لي وإنما بيد أصحاب القوة، القرار الآن لهم".

أما كونتي فقال: "لا يزال صغيرا، لقد دربته لمدة أسبوع في فترة الإعداد، يمتلك فنيات رائعة وقوة بدنية كبيرة ولديه قدرة على التطور".

وأوضح "لذلك قررنا أن نعيره لكي يلعب كل أسبوع ويحصل على المزيد من الخبرة على أن يعود لنا مرة أخرى".

وهنا ظهر لي جونسون مدرب بريستول سيتي الذي آمن بقدرات أبراهام صاحب الـ18 عاما وقتها.

فسر جونسون لماذا اختار أبراهام "بذلنا الكثير من العمل لإتمام الصفقة، لقد جلسنا مع أسرته وأقنعنا تشيلسي بفلسفة النادي، ورأينا أنه يستحق أن نتعاقد معه لأنه يتمتع بموهبة كبيرة".

وأضاف "أتطلع لمساعدة لاعب صغير لديه إمكانيات هائلة، علينا أن ندفع به كثيرا في المباريات ونجعله يتطور".

أما أبراهام فوافق على العرض رغم أنه لم يكن يعرف الكثير عن بريستول سيتي.

فيقول: "أتذكر مكالمة لي جونسون، لقد قال لي أنه سيأتي لمنزلي للحديث معي حول اللعب هناك، لم أكن أعرف الكثير عن بريستول سيتي، لكن ذهبت إلى هناك وأنا خائف قليلا".

ورغم الخوف إلا أنه شعر بشعور مختلف "قلت لنفسي (واو)، أنا سأذهب للعب كرة القدم مع الرجال (يقصد ترك مرحلة الناشئين)، فكيف سأتعامل معهم؟ الأمر ليس مشابها للعب مع الأطفال حيث أنا أطول منهم جميعا، الآن سأتنافس مع الرجال".

لكن كيف تعامل مع الخوف؟ يوضح أبراهام "قلت لنفسي لا يوجد داع للخوف، الآن أنت هنا وقدمت أداء جيدا في الموسم الماضي بالتسجيل العديد من الأهداف مع الأكاديمية، وبعدها قررت أن استمتع وأن أسجل الأهداف وأقدم أفضل ما لدي".

مع بريستول سيتي، قدم أبراهام موسما رائعا بكل ما تحمله الكلمة من معنى وأظهر جودته، فبعدما لم يسجل في مباراته الأولى التي شارك فيها كبديل ضد ويجان بعدما احتسب الهدف الذي سجله لزميله هورور ماجنوسون، لم يتوقف عن التسجيل.

هدفه الأول كان ضد ويكومبي في كأس الرابطة وكان سببا في انتصار بريستول سيتي، بعدها سجل هدفين في مرمى بورتون ألبيون بالجولة الثانية في دوري الدرجة الثانية "تشامبيونشيب" في فوز فريقه بهدفين مقابل هدف ثم سجل 4 أهداف وصنع هدفا في 3 مباريات متتالية ضد أستون فيلا وروتيرهام وشيفيلد وينزداي قبل أن يصوم عن التهديف ضد ديربي كاونتي، ويعود ويسجل هدفا في مباراة فولام.

أهداف أبراهام كانت سببا في حصوله على جائزة لاعب الشهر في شهري أغسطس وسبتمبر المقدمة من رابطة النقاد بعدما حصد العدد الأكبر من أصوات الجماهير.

وفي يناير وصل أبراهام لهدفه الـ16 ليكسر رقم موسى ديمبيلي لاعب فولام كأصغر من يسجل أهدافا منذ بداية "التشامبيونشيب"

اختتم أبراهام الموسم بتسجيله 23 هدفا ليكون ثاني هدافي الدوري بعد كريس وود الذي حصد الحذاء الذهبي برصيد 27 هدفا.

ما قدمه أبراهام كان سببا في تتويجه بجائزة العام في بريستول وأفضل لاعب صاعد وهداف الفريق ليكون أول لاعب في تاريخ النادي يجمع بين هذه الجوائز.

لكن ما حصده أبراهام لم يكن الجوائز الفردية فقط، وهذا ما وضحه اللاعب بنفسه.

فيقول: "في إحدى المباريات ضد كارديف سيتي، كان هناك التحاما مع سول بامبا بعدما لمست الكرة مباشرة، صحيح أن أتعرض دائما للعرقلة لكن ليس بهذا النوع، لذلك حاولت أن التحم معه مرة أخرى لكنه كان قويا".

هذا الموقف كان سببا في أن يطور أبراهام من نفسه "لذلك قررت أن أذهب للجيم وأتدرب لأنني لم أكن حتى قادرا على التعامل معه، لقد تعلمت من هذا الموقف وأن استخدم قوتي في بعض المواقف".

أما فيفيتش فلاحظ تطوره في شيئا أخر "في بريستول سيتي أصبح لديه الكلمة العليا، مؤهلاته كقائد تطورت في المستوى الأول في كرة القدم".

وأضاف "تامي لديه شخصية قوية جدا، يؤمن بأنه الأفضل، وللأمانة فأرقامه تعكس قدراته بأنه لاعبا كبيرا، هو يؤمن أنه سيصل للقمة ويعمل بجد للوصول لها، هو يحب تسجيل الأهداف ويحب الفوز".

وأكمل "لقد ولد ليفوز بكل شيء، حتى إذا كان يلعب "tiddlywinks " أو يلعب مع أخيه في حديقة المنزل".

بنهاية الموسم عاد أبراهام إلى تشيلسي، لكن كونتي لم يكن يريده في هذا التوقيت رغم الاستغناء عن دييجو كوستا هداف الفريق، ليرحل معارا مجددا إلى سوانزي سيتي ويخوض تجربة اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز.

لكن أبراهام لم يتألق مع سوانزي. مع تراجع نتائج النادي الذي أدى إلى هبوطه بنهاية الموسم، كان قد سجل 5 أهداف فقط خلال 31 مباراة في الدوري الإنجليزي.

وتصريحات تامي عن فترة سوانزي تعكس حالته بأنه لم يكن سعيدا "لن أقول إن التجربة كانت سيئة، لكنها لم تكن التجربة الأمثل".

وواصل "في بريستول كنا نفوز أحيانا ونخسر أحيانا أخرى، لكن مع سوانزي أغلب المباريات كانت تنتهي بهزيمتنا".

وعن الهبوط: "كان أمرا صعبا بالنسبة لي، خصوصا وأنني في أكاديمية تشيلسي كنت أفوز في كل مباراة، لكنك تتعلم من هذه التجارب وتكون ناضجا بشكل أسرع".

انتهى الموسم وعاد أبراهام إلى تشيلسي ورحل كونتي وجاء ماوريسيو ساري، لكن الإيطالي قرر أن يخرج أبراهام في إعارة أخرى، وتلك المرة كانت إلى أستون فيلا.

احتاج أبراهام إلى مباراتين ليبدأ رحلته في تسجيل الأهداف، وبنهاية يناير كان قد سجل 18 هدفا، منها 6 في شهر نوفمبر الذي توج فيه بجائزة لاعب الشهر.

ومع فتح سوق الانتقالات حصل أبراهام على عرض من ولفرهامبتون للعب في صفوف الفريق الذي ينشط في الدوري الممتاز، لكنه فضل الاستمرار مع أستون فيلا، والسبب وجود جون تيري أسطورة تشيلسي ضمن الجهاز الفني للفريق.

أسهم أبراهام في الصعود أستون فيلا للدوري الإنجليزي الممتاز بعدما سجل 26 هدفا في 40 مباراة.

أوضح أبراهام سر تألقه مع "الفيلانز"، وقال: "حين يؤمن بك شخصا ما؛ تحصل على المزيد من الثقة، وعليه فإنك تلعب كل مباراة لتقدم أفضل ما لديك ليس لنفسك فحسب، ولكن للمدرب وللعاملين بالنادي وللجميع".

وأضاف "دين سميث وتيري يتصلان بي كل يوم ويقولوا لي أنني سأسجل الأهداف وأساعد النادي في الصعود".

قبل نهاية إعارة أبراهام كان تشيلسي قد وُقعت عليه عقوبة من قبل الفيفا بعدم إبرام تعاقدات لفترتي انتقالات بسبب التوقيع مع لاعبين قُصر، مما جعل عودة أبراهام حتمية للنادي اللندني.

مع التأكد من عودة أبراهام، دخل تشيلسي في مفاوضات مع فرانك لامبارد لتدريب الفريق. النجم الذي كان دائما قريب من لاعبي الأكاديمية سيكون مديرا فنيا للفريق مما يعني استفادة أكبر من الصغار ومنهم أبراهام.

جاء لامبارد وعاد أبراهام لتشيلسي أخيرا.

وثق لامبارد بأبراهام كثيرا وساعده بعدما أهدر ركلة الترجيح ضد ليفربول، وحين يثق شخص ما بأبراهام فلن يخذله أبدا.

تصدر أبراهام قائمة هدافي الدوري وجلب النقاط لتشيلسي، حتى حصل على إشادة مثله الأعلى: دروجبا، الذي احتفى به عبر "إنستجرام" ونشر صورته وكتب عليها "ليحفظك الله يا ولدي".

تحقق حلم أبراهام وها هو الآن يسير على خطى دروجبا مع تشيلسي.

"كطفل صغير لطالما آمنت بأنني سألعب لتشيلسي، دائما ما آمنت بذلك".

طالع أيضا

عودة البطولة الممتعة دوري أبطال أوروبا

ليفربول في تحد صعب أمام نابولي

دورتموند وبرشلونة.. معركة السيطرة

علي ماهر يجيب على سؤال المائة مليون

الغندور: نجد صعوبة في استقدام أجنبي لإدارة السوبر

فانتازي في الجول - تعرف على أغلى اللاعبين

التعليقات