حرس الحدود.. وحافة الهاوية

الجمعة، 13 سبتمبر 2019 - 22:11

كتب : نادر عيد

حرس الحدود

منذ أشهر، كان حرس الحدود يقاتل من أجل البقاء، في بطولة يوما ما كان أحد منافسيها البارزين، بل وتصدرها في إحدى المواسم لكن حظه العاثر جعل انتصاراته تذهب أدراج الرياح وتعجل برحيل مدربه المحنك.

الآن، ومع تغير خريطة المنافسة في الدوري المصري الممتاز، وامتلاك أندية عديدة لقدرة شرائية أكبر من النادي المنتمي للإسكندرية، بات حرس الحدود أمام مهمة مستحيلة، ليعود ضمن فرق النخبة في البطولة المصرية التي ازدادت تعقيدا بتضخم أسعار اللاعبين.

2002

قبل 17 عاما حين عاد الحدود إلى الدوري بعد غياب استمر 38 عاما، كان ندا قويا للجميع بلا استثناء.

هزمه الأهلي بصعوبة مرتين بنتيجة 1-صفر، وتفوق على الزمالك، بطل الموسم في النهاية، بنتيجة 2-1 في الدور الأول وتعادل بهدف لمثله في الدور الثاني.

مع مدرب مخضرم هو حلمي طولان وفي وجود لاعبين موهوبين أبرزهم عبد السلام نجاح ومحمد حليم، كان النادي، الذي تأسس في 1932 تحت مسمى السواحل، خصما عنيدا ومواجهته ليست سهلة حتى على العملاقين الأهلي والزمالك، وكذلك الإسماعيلي، الذي كان لا يقهر وفاز بالدوري في موسم 2001-2002.

أنهى الحدود الموسم (2002-2003) في المركز الخامس ولم يتوقف طموحه عند هذا الحد، دعم قائمته بلاعبين رائعين ليحافظ لسنوات على المكانة التي بلغها.

طالع أيضا - (المقاولون العرب.. حان وقت استعادة شخصية الماضي)

ظل الحدود بين السبعة الأوائل في الدوري حتى موسم 2010-2011 الذي أنهاه ثامنا.

أحمد عبد الغني وأحمد عيد عبد الملك وأحمد مكي وعبد الحميد بسيوني وعمرو الدالي وأحمد سلامة وأحمد سالم صافي وأحمد سعيد "أوكا" وماتوران كاميني وغيرهم، صنعوا تاريخا لا ينسى للفريق الذي بلغ ذورة مستواه في عهد طارق العشري، المدرب الذي يقود النادي حاليا في ولاية ثانية.

شارك الحدود في كأس الكونفدرالية 5 مرات واعتلى منصات التتويج محليا 3 مرات، النادي الوحيد مع إنبي الذي قارع الأهلي والزمالك في كأس مصر خلال آخر 15 عاما.

هزم الأهلي في 2009 في طريقه نحو لقب البطولة، وتوج في 2010 على حساب الأول، وظفر بالسوبر في 2009 بالفوز على الفريق الأحمر بنتيجة 2-صفر.

بات الحدود من نخبة أندية الدوري مع طولان، أبدع وأمتع وبلغ المجد مع العشري الذي قاد الفريق من 2006 إلى 2012 قبل أن يعود لإنقاذه في 2018.

لم يكن لطموح الحرس حدودا مع العشري، ففي موسم 2011-2012 وقبل انقضاء الدور الأول بجولات قليلة كان يتربع على قمة ترتيب الدوري بفارق نقطة عن الأهلي و4 عن الزمالك وله مباراة مؤجلة.

لكن لسوء حظه لم تكتمل البطولة التي كان قريبا من التتويج بها أو على الأقل احتلال المركز الثاني ليشارك لأول مرة في تاريخه بدوري أبطال إفريقيا.

منذ العودة إلى الدوري استمر الحدود بين الكبار حتى سقط في الهاوية في 2016 وعاد إلى دوري الدرجة الثانية ليضطر للبحث من جديد عن طريق يعود به للمستوى الأعلى من الكرة المصرية.

مدربون كثر تناوبوا على تدريب الفريق، لم يقدر أحدهم على إعادة الأيام الخوالي، بما فيهم حلمي طولان الذي عاد لقيادة النادي بعد رحيل العشري في 2012.

طولان وبسيوني وأبو طالب العيسوي وأحمد أيوب ومحمد صلاح كلهم قادوا النادي، وصاحب الفضل في إعادته إلى دوري الأضواء والشهرة هو سامي قمصان.

طالع أيضا - (نادي مصر.. فكرة بدأت من موقع رياضي)

2019

معاناة شديدة عاشها مجلس إدارة النادي وجهازه الفني ولاعبوه خوفا من العودة السريعة إلى دوري الدرجة الثانية.

ظل النادي في منطقة الهبوط تقريبا طوال الدور الأول من الموسم الماضي مما جعل إدارته في الأشهر الأولى من الموسم تستبدل عماد سليمان بالعشري.

ولدراية العشري بخبايا الدوري المصري ولسابق خبرته في قيادة النادي، تحسنت النتائج نوعا ما، لكن ظلت المعاناة إلى أن بقي الفريق في البطولة بفارق 3 نقاط عن الهبوط.

هذه المعاناة قد تستمر في الموسم الجديد من الدوري بالنظر إلى قائمة الفريق، والتي أسوأ ما فيها فقدانه لأهم لاعبين في الموسم الماضي.

أودو موسيس وإمام عاشور.

المهاجم النيجيري هداف الحدود في الموسم الماضي رحل إلى مصر للمقاصة، وانتهت استعارة عاشور ليرجع إلى غزل المحلة الذي بدوره استغنى عن اللاعب الموهوب إلى الزمالك.

في المقابل، وبسبب القدرة الشرائية كما ذكرنا، لم يبرم النادي تعاقدات قوية، معظم اللاعبين المنضمين له انتهت عقودهم مع فرقهم السابقة مع نهاية الموسم الماضي.

أبرز المنضمين للحدود هم الإثيوبي جاتوش بانوم وعمرو الحلواني وأحمد شرويدة ، وظفر النادي باللاعب المصري الإيطالي محمد سليم المنتقل من الملعب التونسي.

طالع أيضا - (أسوان.. حلقة الوصل بين الصعيد وكبار الدوري المصري)

وكاد الفريق يدعم قائمته بالمهاجمين أحمد جعفر والمغربي بدر كاشاني لكن اللاعبين لم يستمرا مع الفريق بعد انضمامهما إليه في الصيف الحالي.

مهمة الحدود في الموسم الجديد لن تكون سهلة من أجل البقاء بين الكبار، فالفريق يحتل المركز 15 في ترتيب القيمة السوقية لأندية الدوري المصري وفقا للموقع العالمي transfermarkt.com.

وهو ما جعله ينفق بحذر في سوق الانتقالات، الأمر الذي جعل العشري مترددا في الاستمرار قائدا لحرس الحدود.

فمع نهاية الموسم الماضي أعلن اللاعب السابق للاتحاد رحيله عن النادي، لكن بعد أيام قرر البقاء بعدما وعدته الإدارة بدعم الفريق بلاعبين جدد. (طالع ما قال)

ثلاثة أندية فقط قيمتها المالية أقل من الحدود، هي الصاعدة إلى الدوري الممتاز، طنطا وأسوان وفريق مصر.

يستهل الحدود مسيرة إثبات الذات بمباراة صعبة للغاية أمام مضيفه المصري، فريق صعب المراس في السنوات الأخيرة. رغم فقدانه للاعبين رائعين آخرهم إسلام عيسى إلا أن قدميه لا تزالا ثابتتين مع المدرب الرائع إيهاب جلال.

مواجهة بين مدربين من الأفضل في مصر، ومع رجوح كفة لاعبي المصري، يعول الحدود على خبرة العشري في الصمود أمام النادي البورسعيدي.

العشري 300

الرقم 300 لا يرمز إلى جنود الملك ليونيداس في الفيلم الأمريكي الأسطوري عن حرب الإغريق أمام الفرس، لكن إلى الكم الهائل من مباريات الدوري المصري الممتاز التي خاضها المدرب المخضرم البالغ عمره 54 عاما والتي تجعله عالما بالبطولة.

أول خطوة للعشري على سلم التدريب تعود إلى 18 عاما، قرر خوض التجربة مع حرس الحدود الساعي للعودة إلى الدوري المصري الممتاز.

نجح في مهمته، لكن حذر الإدارة أجل حلمه في التدريب بالدوري الممتاز، كان لابد أن يتتلمذ على يد خبير، قرر النادي التعاقد مع مدير فني يعرف البطولة جيدا على أن يعاونه العشري.

حلمي طولان

اتجه النادي لمدير فني خبير قادر على قيادته وسط وحوش الدوري الممتاز، نجح طولان ومساعده العشري بامتياز في المهمة وثبت النادي السكندري أركانه في بطولة الأضواء والشهرة.

وبعد 4 مواسم حانت الفرصة للعشري ليبرهن على قدراته وليثبت أنه تعلم الدرس جيدا ويستطيع قيادة حراس الحدود وسط النيران الحارقة.

ولم يقف عند هذا الحد، بل بنى على إرث طولان ليقود الفريق إلى منصات التتويج.

حقق مع الحدود 3 ألقاب، ولم تنحصر إنجازاته على أرض الكنانة، بل توج بالدوري الليبي مع النادي الأهلي ببنغازي.

حقق المدرب القدير المركز الرابع في الدوري مع الحدود في موسم 2008-2009، ومهد طريق إنبي ليحتل المركز الثالث في موسم 2015-2016.

وسوء حظه حرمه من مواصلة القتال على لقب الدوري مع الحدود في موسم 2011-2012 الذي لم يكتمل، كان متصدرا للبطولة مع اقتراب انتصافها.

المنافسة القوية والنتائج المبهرة لم تكن حليفة العشري دائما، لم يوفق في رحلة قصيرة مع المقاولون العرب، لم يستمر طويلا مع وادي دجلة رغم إبقائه للفريق في الدوري، وولايته الثالثة مع إنبي لم يخطف فيها الأضواء مثلما فعل من قبل.

لكن يبقى العشري "قاهر الأهلي والزمالك"، فاز على كل فريق 6 مرات. مدرب هجومي يعشق طريقة 4-2-3-1 لكن يجيد التعامل مع المباريات الصعبة التي تتطلب حذرا شديدا.

وها هو العشري في الولاية الثانية مع الحدود، يدرك جيدا أن الزمن تغير وباتت المنافسة في الدوري أصعب وأشرس، لكنه يتمسك بالأمل ولا يقدر على رفض النادي الذي جعله من أفضل المدربين.

حقق العشري أكثر من 100 فوز في الدوري، من 300 مباراة في البطولة بلغت نسبة انتصاراته 37%.

تحد صعب ينتظره إذا أراد إثبات أنه لا يزال قادرا على مقارعة الكبار وتحقيق نتائج غير متوقعة.

فهل يظهر الحدود معه بوجه يذكرنا بذلك الفريق المرعب منذ 10 سنوات؟ أم يقف مجددا على حافة الهاوية؟

التعليقات