حكايات في رمضان – جورج ويا.. "الفتى الصغير الذي طارد حلمه واتبع قدره"

السبت، 11 مايو 2019 - 19:31

كتب : إسلام مجدي

جورج ويا

"الفتى الصغير استمر في البحث عن حلمه، طارده، شاهد نفسه يلعب الكرة ويسجل الأهداف الكثير من الأهداف، كانت طريقة من الله ليريه قدره، واتبع قدره، هذا الفتى هو جورج ويا". ماير ويسا يتحدث عن قريبه الذي سيصبح أسطورة كرة القدم فيما بعد.

أن تولد لأسرة فقيرة للغاية، وتتحداك الظروف تلو الأخرى، وتنتقل من حالة فقر إلى حالة أسوأ، ربما كانت تلك الحالة سمة سائدة في إفريقيا وأمريكا الجنوبية وبعض المناطق الشبيهة، لكن الحالة هنا مختلفة.

Image result for young george weah

الطفل الصغير جورج، انفصل والده ويليام ويا الميكانيكي عن والدته التي كانت بائعة، ولديه 3 أشقاء هم ويليام وموسيس وولو.

قررت جدته التي لم تكن بأفضل حال لكنها أقل فقرا تربيته، لنكن منصفين لم يكن والده ليقدر على فعل الكثير لكي يسلك الفتى طريقا غير الذي سلكه، لكنه القدر الذي وضعه في مكانته الصحيحة حتى حينما كان على وشك احتراف الملاكمة، لم يفعل وفضل لعبته الأهم.

"أتيت من عائلة فقيرة للغاية، كان لديهم أولويات كثيرة غير الكرة، كرة القدم تتحدث بلسان كثيرين إنها تبقيهم بعيدين عن الشوارع وأهوالها". جورج ويا عام 2000.

"كل الدقائق والثواني والساعات في مسيرتي وحياتي، أهديها إلى جدتي".

طفولته كانت تعج بالمشاكل، ليقضي الفتى معظم وقته في الشوارع، لولا جدته التي كانت تقاتل من أجل الحفاظ على أخلاقه وعدم انحرافه مع أي تيار، ليقرر الفتى مشاركة زملائه لعب الكرة والجميع كان يثني عليه "إنه سريع، لديه رأسيات متميزة للغاية، يجيد توجيه الكرة". وغيرها من الكلمات.

ارتاد ويا الكثير من المدارس وحصل على أكثر من منحة، لكنه كان طالبا مختلفا للغاية قرر الابتعاد عن المدرسة والعمل، ليترك المدرسة تماما في العام الأخير ويبدأ في لعب كرة القدم في عمر الـ15 مع فريق يانج سورفايفورز.

الحياة لم تكن سهلة أبدا، جدته كانت تستيقظ في السادسة صباحا لكي تبيع الأسماك، وحينما لم يكن هناك طعام وذلك غالبا ما يحدث، يقوم الجيران بإطعام ويا.

لم يكن الفتى المراهق ذلك الملاك، فبعض من أصدقائه كانوا يحكون قصصا لصحيفة "جارديان" البريطانية عام 2000 عن تدخينه ومعاقرته للخمر.

مع الوقت أصبح تركيزه في كرة القدم أمرا كاملا، وفي الفترة من 1981 حتى 1984 لعب لفريقه يانج سورفايفورز، كانوا ضمن الدرجة الرابعة حينما انضم إليهم وفي الدرجة الثانية حينما تركهم.

بارلي ديكسون مدربه في ذلك النادي قال عنه: "لقد كان عبقريا، لم يمر قط علي لاعبا مثله".

"اعتاد اللعب بأي شيء متاح، حتى بقطعة متبقية من علبة صغيرة أو نفايات".

"كان يتحدث عن المنتخب طيلة الوقت، كان واثقا كليا من اللعب له وقيادته".

سرعان ما قرر فريق بونج رانج يونايتد أن يضمه، وشارك للمرة الأولى كبديل، زملائه السابقين وصفوا تسجيله للأهداف بـ: "كان يسجل كيفما شاء".

انضم إلى فريق إنفينسبل إيليفن، وسرعان ما أصبح قائدا للفريق وهدافه، ثم جاءت اللحظة التي غيرت كل شيء.

ويا تألق كثيرا وفاز بعدد من الألقاب في سن صغيرة، وقدراته اكتشفت بواسطة المدرب الفرنسي كلود لوروا الذي كان يدرب منتخب الكاميرون ونقل النبأ إلى أرسين فينجر.

يقال إن أرسين فينجر سافر إلى أفريقيا وشاهد الفتى المتميز بعينه ووقع معه بمبلغ 12 ألف جنيه إسترليني.

منذ ذلك الحين وتولى فينجر رعاية الفتى الجديد على أوروبا، وفي المقابل قرر ويا بينه وبين نفسه ألا يخذله مطلقا. كان حريصا في تناول الطعام وينام جيدا، ولم يتناول أي خمور ولم يسهر أو يعثو فسادا، كان يتدرب بانتظام والتزام، وسرعان ما نجح في حجز مكانا أساسيا بعد 6 أشهر من عدم المشاركة.

"حينما بدأت في لعب كرة القدم لم أظن قط إنني سأحقق شيئا أو سأصبح شيئا كبيرا".

"حينما انتقلت إلى مونتي كارلو للعب لموناكو قادما من فريق تونيري ياوندي الكاميروني، لم ألعب في أول 6 أشهر، لكنني عقدت العزم على إظهار موهبتي، أن أثبت نفسي لمن هم في ليبيريا، ومن اعتقدوا أنني ذهبت إلى أوروبا لتضييع الوقت، حاولت إثبات أنني لاعب جيد".

"أرسين فينجر كان أشبه بوالدي واعتبرني دوما كابنه، كان متواجدا دائما من أجلي، كانت العنصرية في أوجها في ذلك الوقت لكنه أظهر لي الحب، وأراد مني أن أدخل الملعب كل يوم من أجله".

لدي حب كبير للعبة وعملت بقوة كل يوم، كنت أفضل التدرب عن تناول الطعام أو النوم".

Image result for young george weah

"في إحدى الأيام كنت متعبا من التدريبات وأخبرته أنني أعاني من صداع، فقال لي، أعلم أن الأمر صعب عليك لكنك بحاجة للتدرب بقوة، أنا واثق من موهبتك، يمكنك أن تصبح واحدا من أفضل اللاعبين في العالم".

"لذا استمعت إليه واستمريت في العمل، بجانب الله، لا أعتقد أنني كنت سأصل إلى أي شيء بدون أرسين فينجر".

حينما وضع قميص موناكو وشارك حجز مكانا أساسيا، وعندما سجل لم يتوقف قط عن التسجيل.

بعد رحلة ناجحة مع موناكو فاز خلالها بكأس فرنسا، انضم إلى باريس سان جيرمان ليفوز بلقب الدوري الفرنسي مرة وكأس فرنسا مرتين وكأس الرابطة مرة، ثم ميلان وتتويجه بلقب الدوري مرتين.

ويمكننا أن نتذكر واحدا من أفضل الأهداف في تاريخ اللعبة، ضد فيرونا عام 1996، بعدما تغلب على 7 لاعبين، وأصبح أول لاعب أفريقي يفوز بجائزة أفضل لاعب في أوروبا وإفريقيا والعالم في نفس العام والموسم.

استمر ويا مع ميلان حتى عام 2000 قبل أن يخرج في إعارة إلى تشيلسي ثم يلعب لمانشستر سيتي مرورا بمارسيليا والجزيرة الإماراتي قبل اعتزاله.

"اليوم الذي رحلت فيه عن ميلان علمت أن الحلم قد انتهى بالنسبة لي، اتخذوا القرار وكان نهائيا، كنت أنتظر نهاية الموسم، كنت أعلم أنني لن أرتدي قميص ميلان مجددا".

لكنه لم يتوقف عند هذا الحد، دخوله للمشهد السياسي الذي نتج عنه جلوسه على مقعد الرئاسة وحبه الشديد لليبيريا جعلاه يبدأ في الدخول إلى المشهد منذ عام 2000.

تشارلز تايلور رئيس ليبيريا الذي أحكم السيطرة عليها بعد الحرب المدنية الأولى عام 1997، كان يسعى للسيطرة على الشعب من خلال كرة القدم، بل وفي مواجهة تشاد وليبيريا عام 2000 أصدر بيانا رسميا قال فيه: "أي وزير أو مسؤول لن يتواجد في ملعب اللقاء سيكون في مشكلة كبيرة".

ذلك اللقاء الذي انتهى بالتعادل السلبي وشهد وفاة 3 مشجعين على أثر الاختناق بسبب الأعداد الكبيرة للغاية في الاستاد.

الحرب الأهلية الثانية بدأت في 1999، وواجه تايلور انتقادات دولية عديدة لاستعمال القوة الغاشمة، وبسبب شهرة ويا كان نجم كرة القدم هدفا رئيسيا للرئيس المستبد.

وحسب تقارير كان تايلور وراء الهجوم على منزل عائلة ويا، وقتها تم جذب الرجال خارج المنزل وضربهم، ثم الاعتداء على النساء ومن ضمنهم اثنان من بنات عمومة ويا، ليس ذلك فحسب، تم نهب كل ما هو قيم وإشعال النار فيه وسرق سيارتين.

كان ذلك كله في أثناء خوض ليبيريا للتصفيات المؤهلة لكأس العالم ومع التعادل السلبي في ليبيريا وانتصار تشاد في اللقاء الثاني وضعت ليبيريا ضمن مجموعة صعبة للغاية تضم غانا ونيجيريا وسيراليون والسودان.

افتتاحية التصفيات كانت ضد السودان وخسرت ليبيريا، لتتم إقالة المدرب، ويقوم ويا بتدريب المنتخب، وفي مباراته الأولى حقق الصدمة بالانتصار بنتيجة 2-1 أمام نيجيريا في مونروفيا.

مع وجود صراع قائم تعقد الموقف أكثر بخوض المنتخب للتصفيات مع وجود خلافات على مصاريف الانتقالات والرواتب وحتى بتهديدات بالإضراب إن لم يتم الدفع مقدما، ثم ذهبت ليبيريا إلى أكرا وهناك تألق المنتخب وفاز ضد غانا بنتيجة 3-1.

استمرت انتصارات ليبيريا ومع وجود الحرب التي مزقت الدولة، كان ألمر أشبه ببصيص من النور، ومع وجود مخاوف كبيرة من زوجة ويا بأن يتم اغتياله وطلبت منه عدم العودة، لكنه عاد واستقبله فرانسوا ماساكي نيابة عن تايلور.

"جورج ويا وكرةا لقدم هما الشيئين اللذين تماسكنا فيهم، كرة القدم هي ما يجمع دولتنا مع". ماساكي.

استمر تأثير ويا على تشكيل المنتخب وبث الروح فيهم حتى نهاية التصفيات طيلة فترة الحرب الأهلية، ذلك بجانب دوره التدريبي كما قام بدفع رواتب اللاعبين وإمدادهم بالإمكانيات والأطقم ودفع تكاليف السفر، ومن بين 25 لاعبا دوليا 10 منهم احترفوا في أوروبيا بفضل توصيات ويا.

استمرت هذه القائمة حتى أن بعضهم لم يعد يلعب لأي فريق ومع ذلك كان يمثل المنتخب، وتواصلت رحلة ليبيريا في التصفيات المؤهلة لكأس العالم، واحتاج المنتخب انتصارين فقط للتأهل لكن كان عليه أن يواجه نيجيريا.

"نحن نعيش قصة خيالية، أعتقد أن حلمي باللعب في كأس العالم قد يحدث في النهاية".

لكن الحكاية لم تكتمل بنهاية سعيدة واحتلت ليبيريا المركز الثاني في المجموعة خلف نيجيريا، وارتفع تصنيف المنتخب إلى 66 في الفيفا الأعلى في تاريخ ليبيريا، بجانب التأهل إلى كأس الأمم 2002 في مالي.

ورفض ويا أن يترك المنتخب يتدرب في ليبيريا من أجل الوقوف في صف تايلور، وعوض عن ذلك أقام لهم معسكرا من ماله الخاص في كوت ديفوار.

ودعت ليبيريا كأس الأمم 2002 من دور المجموعات، وتم إعلان حالة الطوارئ في ليبيريا بنهاية الشهر، واستقال تايلور عام 2003، وتولت إلين جونسون سيرليف الرئاسة في 2006، التي استمرت في منصبها حتى هذا العام، حينما حل بدل منها محب وعاشق لليبيريا، لطالما اعتبرها منزله وادفع عنها ورفض التآمر ضدها، جورج ويا ذلك الطفل الفقير الذي كان يلهو في الشوارع يوما بات يحكمها.

"حينما أنظر إلى مثلي الأعلى، بيليه ومارادونا وبيكينباو وكرويف، جميعهم قاموا بأشياء رائعة، دخلت للعبة وكتبت التاريخ بدوري أيضا".

"حينما غادرت ليبيريا الجميع قال إنني أضيع وقتي، لكنهم كانوا مخطئين، أظهرت لهم أنهم كانوا كذلك، ذهبت للكاميرون وهيمنت عليها، ثم فرنسا وشككوا بي لكنني أثبت نفسي، ثم إيطاليا وقالوا إنه أصعب دوري في العالم لكنني هيمنت هناك أيضا".

"لكل شخص قدره، لكن عليك أن تستخدم كل الفرص المتاحة، قضيت 15 عاما وأنا في القمة، ويجعلني ذلك سعيدا، أحب هذه اللعبة وأحب تسجيل الأهداف، لكنني كنت آخذ الأمر دوما على محمل الجد، الأمر ليس حول ما تمنحه لك اللعبة لكن ما تمنحه أنت لها، عليك أن تعمل بقوة لتحقق كل شيء يمكنك تحقيقه".

اقرأ أيضا:

أجانب منسيون – حوار في الجول.. ماكي: لم أفشل مع الأهلي ولكن كيف استمر مع منتخب مصر

إنيستا.. رسام تاريخ برشلونة وإسبانيا

تشكيل الأهلي المتوقع - لا تغييرات.. ومفاضلة بين الشحات وجيرالدو أمام سموحة

"سيظل في قلبي دائما".. رسميا - أول الراحلين عن مانشستر يونايتد

10 لاعبين مستقبلهم غامض في سوق الانتقالات الصيفية

الصراعات المتبقية في الدوري.. 10 فرق تحارب للبقاء.. والإسماعيلي ينافس على المربع والهبوط

التعليقات