حكايات في رمضان - رشدي "روشتو".. "حينما أفكر في الماضي ليتني لم أنضم إلى برشلونة"

الجمعة، 10 مايو 2019 - 14:54

كتب : إسلام مجدي

روشتو

رشدي رتشبر حارس تركيا الأشهر في كأس العالم ٢٠٠٢، أو كما عرفته الجماهير العربي بـ"روشتو" ذلك المقاتل الذي يضع على وجهه تلك العلامات كأنه يدخل إلى ميدان المعركة لا الحرب، لم تميزوه بعد؟

هناك بعض الأحلام التي تبدو في ظاهرها جميلة للغاية لكن عليك أن تسأل نفسك دوما ما التالي بعد تحقيق حلمك؟ ماذا ستفعل بعد أن تجد نفسك في المكان الذي اعتقدت أنه مكانك الصحيح؟

قد يحلم بعض اللاعبين بتمثيل برشلونة وريال مدريد لكن لا يصل جميعهم إلى القمة، بل كثيرين يسقطون من أعلى الحلم بعد تحقيقه لأنهم لم يكونوا جاهزين بعد لتسلق تلك القمة.

رشدي رتشبر حارس تركيا الأشهر في كأس العالم ٢٠٠٢، أو كما عرفته الجماهير العربي بـ"روشتو" ذلك المقاتل الذي يضع على وجهه تلك العلامات كأنه يدخل إلى ميدان المعركة لا الحرب، لم تميزوه بعد؟ إليكم صورته..

حسنا لننعش ذاكرتنا أولا بأبرز تصدياته في ٢٠٠٢.

البعض سيتذكره، كيف لم يلعب لفريق كبير؟ أين اختفى بعد كأس العالم ٢٠٠٢؟ ألم يفترض بعد الأداء المتميز أن يلعب لأكبر أندية العالم؟ حسنا ما حدث بعد ذلك أنه تم اعتباره ضمن أسوأ ١٠ صفقات في تاريخ برشلونة فكيف ذلك؟

ابن مدينة كوركوتلي التركية، بدأ لعب الكرة من هناك، كان فتى قوي البنية وطويل القامة فلعب في مركز المهاجم.

انضم إلى فريق هواة في تلك المنطقة قبل ان يلعب لفريق هواة آخر هو ديمريسبور، وقتها كان مهاجما لا بأس به، لكن طوله كان يزداد وبالتالي تم نقله إلى مركز حراسة المرمى خلال عام ١٩٨٩ حينها كان يلعب لنادي بوردورجشو.

كان أمرا غريبا أن يتحول وهو في هذه السن إلى مركز جديد تماما، ربما شاهده فاتح تريم وهو في الـ١٦ من عمره يسجل الأهداف كمهاجم لكنه لم يكن يعرف أبدا أن سيصبح واحدا من أفضل الحراس في تاريخ تركيا بل وسينصح به أكبر الأندية هناك.

حينما انضم رشدي إلى أنطالياسبور كان حارس مرمى شابا تحول للتو من مركز المهاجم، إيليا داتكو مدرب الحراس الروماني قدمه إلى فاتح تريم، تريم انبهر بمستوى ومرونة رشدي في حراسة المرمى بل وأخبره بأنه سيصبح أفضل حارس في تاريخ تركيا يوما ما.

استمر رشدي عامين مع أنطاليا، حتى عام ١٩٩٣، وخلال آخر مواسمه هناك ١٩٩٢-١٩٩٣ قرر فاتح تريم ضمه إلى منتخب تركيا تحت ٢١ عاما على الرغم من أنه كان الحارس الثالث لفريقه.

خلال ذلك الموسم تألق رشدي كثيرا، ليقرر تريم ترشيحه لأكبر ٣ أندية في إسنطبول، جالاتاسراي وفينيربهاتشة وبشكتاش.

كان الحارس قد وقع فعليا مع بشكتاش لكن حادثة سيارة وإصابة قوية جعلته يفشل في تخطي الفحص الطبي وتم إلغاء الصفقة، ومن يعلم ربما كان ذلك لمصلحته فيما بعد.

"دخلت في غيبوبة لمدة ١٠ أيام، وجهي كان محطما ومازال هناك آثار من تلك الحادثة، كان هناك الكثير من الجراح في ركبتي وصدري، المشكلة الحقيقية كانت في منطقة الفخذ".

"حينما تحدث بشكتاش مع الأطباء وجدوا أن الأمر مخاطرة كبيرة، اعتقدت أنني لن ألعب الكرة مرة أخرى، كنت غاضبا للغاية، وازددت غضبا حينما علمت أن صديقي توفي في هذه الحادثة".

"بعد شهرين ونصف عدت مجددا للعب وانضممت إلى فينيربهاتشة، يوما ما علمت أنني سألعب لأكبر الأندية وها أنا أفعل".

تمت إعارة رشدي إلى أنطاليا سبور لكي يكتسب المزيد من اللياقة وحساسية المباريات قبل تمثيل فريق فينيربهاتشة، وفي الموسم التالي في إحدى المباريات تعرض إنجين إبيكوغلو حارس فينيربهاتشة ومنتخب تركيا للإصابة وحصل رشدي على فرصة لإثبات نفسه.

مع مشاركاته مع فينيربهاتشة قرر الرجل الذي رشحه للعب في هذا المستوى المرتفع أن يضمه لتمثيل المنتخب لأول مرة، كان تريم قد أصبح مدربا للمنتخب الأول ليمنح رشدي فرصته للمشاركة الأولى في أكتوبر ١٩٩٤ خلال انتصار تركيا بنتيجة ٥-٠ أمام أيسلندا.

خلال ذلك الموسم وما تلاه أثبت رشدي أنه يمتلك موهبة كبيرة للغاية سواء بطوله الفارع الذي يجعله يفوز بالكرات العالية أو الالتحامات بجانب دوره كمدافع أخير وسرعة ردود أفعاله مع قدرته على التصدي لركلات الترجيح.

لكن مع هذا تأتي قرارات خاطئة خارج منطقة الجزاء قد تكلف فريقه عادة أهدافا.

وبحلول موسم ١٩٩٦-١٩٩٧ حل رشدي محل إنجين في المنتخب، ولعب دورا متميزا في التصفيات، لكن في بطولة يورو ١٩٩٦؟ لم تسجل تركيا أي أهداف واستقبلت ٥ وخسرت مبارياتها الثلاثة في مجموعة ضمت كرواتيا والبرتغال والدنمارك.

وتم انتقاد رشدي على مستواه في البطولة خاصة ضد كرواتيا في المباراة الافتتاحية حينما خرج ليواجه جوران فلاوفيتش ثم سقط أرضا ليتخطاه المهاجم مع تبقي ٤ دقائق على النهاية ليفوز الكروات بنتيجة ١-٠، ثم خطأ آخر أمام الدنمارك.

تطور مستوى رشدي كثيرا في الأعوام التالية، وحافظ على مكانه الأساسي سواء في فريقه أو المنتخب، وفاز بالدوري ليأتي الاختبار الجديد، يورو ٢٠٠٠.

استقبل صاحب الـ٢٦ عاما في ذلك الوقت هدفا واجه بسببه انتقادات عديد في افتتاحية المجموعة أمام إيطاليا، لكنه بعد ذلك صحح خطأه بتقديم مستوى متميزا للغاية أمام السويد ثم إيطاليا.

كان أمام تركيا خصما عنيدا للغاية هو البرتغال، وفي البداية تصدى رشدي كثيرا لعدد من الفرص، قبل أن يخطف نونو جوميز هدف التقدم، ثم هدف آخر لتودع تركيا البطولة.

الموسم التالي بدأ بحادثة شهيرة نوعا ما، في مواجهة فينيربهاتشة أمام رينجرز بدوري الأبطال، حينما ركض رشدي ٥٠ ياردة إلى منتصف الملعب للدخول في شجار، بعدما ركل مايكل مولز، صامويل جونسون لاعب فينير ليدفع رشدي مولز إلى الأرض ويطرد الحكم الثنائي بعد أداء متميز كاد أن يجعله رجلا للمباراة.

ما حدث بعد موسم ٢٠٠٠-٢٠٠١ هو ما يمكننا التحدث عنه، إذ أنها كانت اللحظة الفارقة في مسيرته، تركيا ستشارك في كأس العالم بكوريا واليابان لأول مرة منذ ١٩٥٤.

المجموعة كانت تضم البرازيل وكوستاريكا والصين.

افتتاحية المجموعة كانت ضد البرازيل، تقدم حسن شاش من هدف رائع ثم تعادل رونالدو بهدف أروع جعل المباراة مشتعلة، وبسبب إبعاد سيء من رشدي وصلت الكرة إلى لويزاو ليقوم ألبي بعرقلته وتصبح ركلة جزاء لينتهي اللقاء بخسارة تركيا ٢-١.

المباراة التالية لم تكن بأفضل حال فبعد خروج سيء وقرار أسوأ سجلت كوستاريكا التعادل مع تبقي دقائق قليلة من خروج تركيا بالنقاط الثلاثة.

المباراة الأخيرة مع الصين شهدت انتصار تركيا بنتيجة ٣-٠، وأصيب رشدي إصابة عضلية لكنه عاد فيما بعد قبل مواجهة اليابان.

تألق رشدي فيما بعد خاصة ضد السنغال في ربع النهائي بعدما بدأ هجمة مرتدة تم تسجيل الهدف الذهبي من خلالها.

وفي نصف نهائي البطولة كان على تركيا مواجهة البرازيل مرة أخرى، وخسرت بنتيجة ١-٠ مع عدد من التصديات الممتازة من رشدي لتسديدات رونالدو وريفالدو ما جعل الأضواء تسلط عليه.

تم اختيار رشدي ضمن فريق البطولة، وشارك القفاز الذهبي مع أوليفر كان حارس ألمانيا، واختير كثالث أفضل حارس في العالم في ذلك العام متفوقا على جيانلويجي بوفون وغدوين فان دير سار، كما اختير ضمن فريق العام في الاتحاد الأوروبي "يويفا".

تعرض رشدي لإصابة قوية في الظهر جعلت بداية موسم ٢٠٠٢-٢٠٠٣ سيئة للغاية وانتهى عقد الحارس الدولي التركي، مع وجود أكثر من فريق مهتم بضمه، كما أن التقارير الصحفية قالت إن أرسين فينجر وسير أليكس فيرجسون كلاهما مهتمان بضم الحارس، لكنه "طارد حلمه" حسب وصفه وقرر الانضمام إلى برشلونة.

خوان لابورتا كان قد وعد في الانتخابات بضم رشدي إلى صفوف برشلونة وأصر على تحقيق ذلك الوعد.

الكثير من الوعود والحديث المتميز عن رشدي وبرشلونة وخططهما معا.

"رشدي هو أفضل حارس في العالم حاليا". فرانك ريكارد مدرب برشلونة.

انهار كل شيء سريعا، أرجعت التقارير الصحفية في ذلك الوقت حالة الانهيار تلك إلى عدم قدرة رشدي على تحدث الإنجليزية أو الإسبانية، ما دفع فرانك ريكارد للقلق الشديد حيال عدم القدرة على تواصل خط الدفاع مع بعضه البعض، ليقرر الاتجاه إلى فيكتور فالديز ليكون الحارس الأساسي. وفي موسمه الأول شارك رشدي في ٧ مباريات فقط، ٣ منها في الدوري الأوروبي و٤ في الدوري الإسباني.

وما جعل الأمور تسوء أكثر هو مستواه السيء الذي نتج عنه الكثير من الأخطاء وخلال ٤ مباريات في الدوري استقبل ٦ أهداف، منها مباراة شارك كبديل بعد إصابة فالديز ضد ريال بيتيس في الجولة الـ٣٠ من ذلك الموسم، ومنذ تلك اللحظة لم يحرس رشدي مرمى برشلونة مجددا.

خلال أسوأ أوقاته كان مازال الخيار الأول لمنتخب تركيا، بل تم اختياره في قائمة بيليه لأفضل ١٠٠ لاعب من الفيفا، وضمن قائمة أفضل ١٢٥ لاعبا في عام ٢٠٠٤، خاصة بعد ما قدمه في مواجهتي إنجلترا في التصفيات المؤهلة ليورو ٢٠٠٤.

في المباراة الأولى ضد إنجلترا رشدي تصدى ببراعة لأكثر من هجمة لإنجلترا وانتهى اللقاء بنتيجة ٢-٠ بهدفي ديفيد بيكام ومايكل أوين في لقاء قال المحللون أنه كان يجب أن ينتهي بنتجية تاريخية لولا رشدي.

عاد رشدي إلى فينيربهاتشة معارا وحقق لقب الدوري بجانب مواجهة شهيرة للغاية ضد مانشستر يونايتد.

لماذا هي شهيرة؟ صرح قبل المباراة قائلا :"واين روني ليس لديه أي خبرة ولست قلقا منه".

في مساء اليوم التالي سجل روني في ظهوره الأول هاتريك في انتصار يونايتد بنتيجة ٦-٢، وفي اللقاء التالي بدور المجموعات بين الفريقين تألق روشتو وزاد عن مرماه كثيرا ليفوز فينير بنتيجة ٣-٠.

كان رشدي يحلم بالعودة لبرشلونة وتحقيق حلم طفولته بتمثيل النادي الذي يشجعه، لكن تشيكي بيجريستين قال :"رشدي لن يستمر معنا". ليعود الحارس مرة أخرى إلى فينيربهاتشة بشكل دائم.

ربما عاد الزمن لتكرار نفسه مرة أخرى معه، كيف شارك لأول مرة؟ حينما أصيب إنجين، وأتى حارس شاب اسمه رشدي ليحل محله، هذه المرة كانت الفرصة أمام ولكان دميرل الذي أصبح خيار فينيربهاتشة المفضل على الحارس كبير السن رشدي.

استمرت معاناته في الموسم التالي، ليقرر الرحيل، وينضم إلى بشكتاش الخطوة التي حالت الحادثة القديمة دون تحقيقها، وبقتال كبير ومستوى متميز نجح في أن ينضم إلى منتخب تركيا في بطولة يورو ٢٠٠٨.

ولكان كان الحارس الأساسي في المنتخب، لكن بعد تدخل على يان كولر تم طرده في آخر مباراة بدور المجموعات ليتولى رشدي حراسة مرمى المنتخب في ربع النهائي ونصف النهائي.

يظل تصديه المتميز أمام داريو سرنا من ركلة حرة مع تبقي ٩ دقائق على نهاية المباراة أحد أبرز لمحاته ضد كرواتيا في ربع النهائي، بجانب ارتكابه خطأ لا يغتفر بعد مطاردته للكرة أمام الشاب لوكا مودريتش الذي أرسل الكرة إلى إيفان كلاسنيتش ليسجل، بدا الأمر وكأنه كلف المنتخب بطاقة نصف النهائي، لكن بعد ذلك بدقائق قليلة أرسل رشدي كرة طولية من ركلة حرة لينتج عنها هدف التعادل.

ودعت تركيا البطولة وتلاشت شيئا فشيء أسطورة رشدي "روشتو" الحارس الذي كان يطير ليتصدى بكل براعة، أخطأ وأنقذ منتخب بلاده وفريقه وطارد حلما ظن أنه الغاية حتى وجد الكثير من الفشل لتنتهي أسطورته بعده بفترة قليلة.

"كنت سأستمر مع فينيربهاتشة لو لم أنضم إلى برشلونة، لابورتا أخبرني أنه سيجلب جوس هيدينك أو رونالدو كومان لتدريب الفريق، وأنه تحدث معهم لكنه لم يأت بأحد واستمر ريكارد".

"بسبب الحديث مع لابورتا وقعت لبرشلونة، كنت أفكر كثيرا في اللعب لفريق مثل برشلونة".

"لا أعتقد أن أي لاعب سيوقع لفريق إذا ما علم أنه لن يلعب".

"كانت لدي فرصة للذهاب إلى إنجلترا، وكيلي تحدث مع سير أليكس فيرجسون، حكمت قلبي وانضممت إلى برشلونة وخبرتي كانت سيئة للغاية وحينما أعود للماضي لم يكن علي أن أختار برشلونة أبدا، كان يجب أن أذهب إلى إنجلترا".

**المصادر: (مجلة These football times- مجلة فور فور تو – شبكة "سكاي سبورتس" – موقع Haberler – جريدة الصباح – تقارير صحفية مختلفة)

اقرأ أيضا:

بالفيديو – أوبا لفالنسيا لا ريمونتادا اليوم.. مدفع أرسنال يغتال خفافيش الميستايا

رحيل 13 لاعبا يبدأ "ثورة تصحيح" في برشلونة بعد الخروج من دوري الأبطال

ضربة لبرشلونة قبل نهائي الكأس.. إصابة سواريز

تقرير: المدرب الأسبق للنني يريده في بوردو

هل يصبح صلاح ثالث عربي يتوج بدوري الأبطال؟

التعليقات