كتب : شريف حسن | الثلاثاء، 04 مارس 2014 - 21:42

ولماذا لا تقام المباريات بدون شرطة؟

"قياس مستوى النجاح يكون بالقدرة على إيجاد حلول للمشاكل التي تواجهك، بينما قياس الفشل يكون عبر هروبك من مواجهة المشكلة أو المنع".

تجددت مرة أخرى أزمة حضور الجماهير للمباريات عقب مباراتين فقط للأهلي والزمالك في بطولة إفريقيا شهدت اشتباكات بين الجماهير والشرطة.

وبالتالي وعلى الفور قررت الشرطة منع حضور الجماهير للمباريات نهائيا وفرقت جماهير الزمالك من أمام الاستاد لرغبتهم في حضور مباراة فريقهم الأخيرة أمام كابورسكورب الأنجولي بالغاز والخرطوش.

بيان الشرطة جاء كالتالي "بعد دراسة الوضع تأكدت وزارة الداخلية بوجود مندسين يحاولون إثارة الفتنة، ولذلك حفاظا على سلامة الجماهير وأمنهم قررنا منع إقامة المباريات بحضور الجماهير".

وأسفر عن قرار المنع إصابة أكثر من 15 مشجعا بطلقات خرطوش بالإضافة إلى اختناقات بالجملة للمئات.

منطق الشرطة "حرصا منا على سلامتكم وأمنكم ووجود مندسين قد يعرضونكم للخطر، قررنا ضربكم بأنفسنا وتعريض سلامتكم للخطر بأيدينا".

-----------------------------------

يقول أحمد حسام ميدو المدير الفني للزمالك "الداخلية تتحدث عن وجود مندسين بين الجماهير، إذا فلنغلق المسارح والسينمات والحفلات ونجلس في بيوتنا".

قرار منع جماهير الزمالك من حضور مباراة فريقها كان ظالما للغاية، فهي لم ترتكب أي خطأ تعاقب عليه.

ولكن القرار لم يكن لمعاقبة جماهير الزمالك بالقصد ولكنه كان للاستسهال كالعادة، فلو كانت الشرطة تعلم بوجود مندسين بين الجماهير فعليها تكثيف العمل في التفتيش على المداخل أو رصد العناصر المخربة قبل دخولها للاستاد.

ولكنها قررت بمنتهى السهولة منع الجماهير ثم رفضت إقامة مباراة الإياب للأهلي في القاهرة وربما تتسبب في خروج الفريقين وكل ممثلي مصر من البطولة الإفريقية ولوم الجماهير في النهاية.

من يفكر في إلغاء الفصل الدراسي الثاني في المدارس والجامعات، ويمنع السياحة في سانت كاترين بدلا من تأمينها، ويحرم الجماهير من مباريات الكرة، ربما يلغي غدا الانتخابات أيضا بنفس الحجج.

------------------------------------------

سيقولون لك "ولكن هؤلاء الشباب مشاغبون ويعشقون العنف والخروج عن القانون ويجب أن يتم ردعهم ومعاملتهم مثل الجماعات الإرهابية".

إذا قبضت الشرطة على أكثر من 50 مشجعا في الاشتباكات مع جمهور الأهلي وجمهور الزمالك والآن لابد من تقديمهم للمحاكمة.

في اليوم التالي حصل الجميع على إخلاء سبيل من النيابة بسبب عدم وجود تهمة أو أدلة أو أي شئ يدين الشباب.

تمهل للحظة .... هل ستشكك في القضاء المصري الشامخ؟

-----------------------------------------------------------

سيخرج آخرون في الإعلام ليقولون "ماذا ستفعل لو كنت ضابط شرطة تؤدي خدمتك ليأتي شاب أهوج ويسبك أو يلقي عليك الحجارة؟".

بالفعل لن أقبل هذا الأمر وأراه خروجا عن الآداب والقانون، ويمكنني ببساطة التقدم بطلب للقيادات لجلب كاميرات تصور كل ما يجري من انتهاكات ضد أفراد الشرطة.

الكاميرات ستصور من سيقوم بمخالفة القانون وهي دليل على إدانته ويمكننا حينها القبض عليه من منزله بدون قطرة دم واحدة وتخليص العالم من شروره بدلا من معاقبة الجميع بلا ذنب.

للتذكير .. بعد مذبحة بورسعيد توقفت كرة القدم لما يقرب من عامين بحجة وجود توصيات للنيابة تمنع إقامة المباريات قبل وضع أبواب الكترونية للتفتيش على مداخل الاستاد ورفع الأسوار وتركيب كاميرات لرصد المخالفين.

وللتذكير أيضا ... لم يتم تفعيل أي شئ مما أوصت به النيابة واستأنفت المباريات بدون أي جديد قبل أن يصدر قرار المنع من جديد.

------------------------------------------------------------

عزيزي الجالس في منزلك أمام الشاشات، أنهم يحاولون أن يخدعوك بأن كل ما حولك يهدد أمنك وسلامتك فلا تفعل أي شئ ولا تشارك في أي نشاط لمجرد أن آخرون لا يريدون القيام بدورهم في حمايتك.

لو كنت ذهبت إلى الاستاد في أي مباراة بحضور الجماهير في الفترة الأخيرة سواء نهائي إفريقيا أو مباراتي الأهلي والزمالك كنت ستكتشف أن دخول الاستاد أسهل من عبور بوابات منزلك.

فلا يوجد تفتيش لأي شئ أو حتى مراقبة للتذاكر والإجراءات الأمنية كانت ضعيفة للغاية واكتفت بحشود كبيرة داخل الملعب.

فمن كان يريد دخول الاستاد بقنبلة كان قد دخل ومن كان يريد ارتكاب جريمة كان سيفعل بمنتهى السهولة واليسر.

"كل المنشئات الشرطية مؤمنة تأمين كامل وبالأسلحة الثقيلة، واللي عايز يجرب يقرب" وزير الداخلية الحالي قبل يومين من تفجير مديرية أمن العاصمة.

-------------------------------------------------------------

سيرد غاضبون الآن، أنت خائن أنت عميل أنت ماسوني عدو للجيش والشرطة والأمن والأمان وتسلم الأيادي.

يا سادة عشرات المحللين في الفضائيات يناقشون االقضية منذ سنوات بلا جدوى ولم يطرح أي منهم حلا واحدا منطقيا وقابل للتنفيذ لهذه الأزمة إلا "فلنقضي عليهم جميعا" على طريق كفار قريش.

فالشرطة لا تريد الجماهير والجماهير لا تحب الشرطة وفي كل مرة يلتقي الطرفين تحدث مشكلة بشكل أو بآخر أيا كان المخطئ فيهما، ولأننا نختار الحل الأسهل يتم منع الجماهير.

وطالما تدار الأمور بعقلية "شيل ده من ده يرتاح ده عن ده" فالأفضل هو إبعاد الشرطة عن ملاعب كرة القدم وليس العكس.

مباريات كرة اليد تقام بحضور الآلاف بدون وجود شرطة وتمر بأمان دون حتى أن ينزل فردا إلى أرض الملعب مما دفع الاتحاد المصري لكرة اليد للتقدم ببيان شكر للجماهير على اللوحة الحضارية التي يقدمونها في كل المباريات.

الحفلات تنظم بدون شرطة ويحضرها الآلاف في سلام، والمسارح والسينمات والمصالح الحكومية والمترو وكل مجالات حياتنا اليومية تقريبا لا تتواجد فيها الشرطة بوضوح.

فكروا مرة واحدة مثل كل بلدان العالم التي حلت المشكلة بإبعاد الشرطة عن المدرجات والاكتفاء بدورها في تنظيم المرور خارج الملعب أو بقاء قوات احتياطية فقط تتدخل في الحالات الصعبة عند الاقتحام الجماعي مما يعرض البعض للخطر.

فالشرطة ليس دورها أن تحمي أرضية الملعب ولكن دورها حماية الأرواح وليس تربيتها، وأمن الأندية بالتعاون مع قيادات الجماهير قادرون على تأمين المدرجات ومنع أي تجاوز لأنه في النهاية يضر الفريق الذي يشجعونه أكثر، ومرة بعد مرة سيتعلمون.

دعهم يحكمون أنفسهم .. دعهم يتحملون المسؤولية .. دعهم يحددون مستقبلهم

للتواصل مع الكاتب عبر تويتر Sherif7assan

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات