كتب : إسماعيل يوسف | الخميس، 12 فبراير 2004 - 00:00

التجربة الفرنسية

انشغل الشارع الكروي المصري بقضية المنتخب الوطني وخروجه من الدور الاول لبطولة الامم الافريقية الـ 24 بتونس والغضب الجماهيري المحتدم من اتحاد الكرة واتهامه بأنه السبب الاول والرئيسي في خيبة الكرة وتعرضها للأنهيار .

لاشك ان الغضب الجماهيري في محله خاصة وان مستوي الكرة المصرية في تراجع بشكل عام منذ فترة ليست بالقصيرة . كما ان المنتخب لم يقدم المنتظر منه بعد الامال الكبيرة التي كانت تعلق عليه في الوقت الذي شهدت فيه البطولة تراجعا في مستوي اغلب الفرق الكبيرة التي كانت مرشحة للقب ... ولكن !!

للابد وان نعترف ايضا اننا مبالغين في الضجه المثارة الان حول مستوي الكرة مع الاعتراف بتدني مستواها والصوت العالي لن يجدي ولن يفيد في ظل ان الكل يتكلم ولا احد يستمع ولن نصل لنتيجة طالما استمر الحال علي ما هو عليه .

مشكلة الشعوب الشرقية بشكل عام انها تبالغ في مشاعرها سواء بالفرح أو بالحزن ولا تعرف الطريق الوسط .. فكرة القدم في النهاية رياضة فيها المكسب والهزيمة وعندما يحدث الفشل لابد وان ندرس اسبابه بهدوء وترو ودون انفعال ولان تغلب مثل هذه المشاعر لن يفيد في الحل . كما يجب علينا ان ندرس تجارب الاخرين الذين مروا بنفس المأزق الذي نعيشه الان ونجحوا في الخروج منه .

نذكر انه مع كل اخفاق للمنتخب الاول تحديدا تحدث نفس الافعال التي نشاهدها الان وفي كل مرة تعود ريما لعادتها القديمة بعد فترة قليلة وننسي المشكلة ونعود للأنشغال بالدوري المحلي وتكون لجان ولجان منبثقة من اللجان الرئيسية لقتل المشكلة دون الوصول لحسم ولم نجرب مرة واحدة ان نهدأ وندرس تجارب الاخرين .

امامنا التجربة التي خاضتها فرنسا في الثمانينيات عندما تراجع مستوي الكرة الفرنسية وكيف فكر المسئولين عن الكرة هناك للخروج من المأزق التي كانت تعيشه وبعد سنوات خرجت فرنسا علي العالم بمنتخبات قوية نجحت في حصد البطولات من كأس العالم وكأس العالم للقارات واصبح لديها عدد كبير من اللاعبين الكبار امثال تيري هنري وزيدان وغيرهم من نجوم الكرة الفرنسية الان فلماذا لا ندرس تلك التجربة مع الفارق ونسعي لنطبق ما يصلح عندنا ؟

مشكلة الكرة المصرية اكبر من اتحاد الكرة الحالي أو السابق أو القادم واكبر من محسن صالح أو أي مدير فني سيأتي للمنتخب المصري ولكنها قضية نظام كروي فاشل والغريب اننا نعلم جميعا ذلك ولم نفكر يوما ما في الاصلاح الحقيقي ولكننا في كل ازمة نبحث عن كبش فداء لتهدئة الجماهير فقط دون النظر للمصلحة العامة .

المشكلة الاخري التي يجب ان نبحث لها عن حل هي العزف المنفرد لكل مسئول في الوسط الكروي لأبعاد المسئولية عن نفسه ولم نفكر يوما في توحيد المسئولية وتحملها حتي لو كانت تلك المسئولية ستطيح بعدد من هؤلاء المسئولين من اجل الاصلاح اذا كنا راغبين فعلا في هذا الاصلاح .

ولأننا شعوب عاطفية لا تعرف الحل الوسط فمع كل ازمة نعلق المشانق ونبحث عن كل ما هو جميل لنقتله ونسعي للأنتقام من انفسنا وتلك مشكلة اخري . فهل لايوجد في الكرة المصرية الان شيء واحد حلو ؟

الاكيد اننا نمتلك منتخب جيد بأعتراف الخبراء الاجانب الذين تابعوا بطولة الامم الافريقية الاخيرة ويحتاج للمسات بسيطة للنجاح ولكننا بمجرد الخروج من الدور الاول للبطولة هلنا التراب علي الفريق ونسينا ان مجموعة اللاعبين الحاليين علي مستوي جيد رغم اننا اعطينا هؤلاء اللاعبين قبل البطولة احساسا بأن قادرين علي صنع اشياء جيده .

نسينا ان ميدو لم يبلغ من العمر 21 عاما وحملناه مسئولية المنتخب بأكمله وعندما لم يوفق في تحقيق طوحاتنا قتلناه واتهمناه بأبشع الاتهامات . فاللاعب مهما كان مستواه واسم النادي الذي يلعب له فمن الوارد ان يخفق ولكن ليس معني ذلك ان ننسي انه وجهه مشرفة للكرة المصرية وقادر علي صنع انجازات لمنتخب بلاده ولنفسه في البطولات القادمة . كما ان الهجوم المستمر علي اللاعبين يقتل روح الطموح بداخلهم ويجعل الاجيال القادمة تخاف من المواجهة .

نسينا ان مصر لديها فريق من الشباب جمع من 11 ناديا نجح في الفوز ببطولة افريقيا وخرج منه احسن لاعب في بطولة الاندية الافريقية هو حسني عبد ربه وتم اختيار حارسه شريف اكرامي في منتخب العالم وهذا انجاز لا يجب ان يطمس في الجنازة المقامة الان .

الحل الان الذي يجب ان نسعي اليه اذا كنا راغبين فعلا في الاصلاح هو ان نهدأ قليلا لنفكر في الطريق الذي يجب ان نسلكه ثم نقرر ضرورة فتح باب الاحتراف للاعبين صغار السن دون مبالغة في الاسعار وهو الحل الذي اتبعته كل الدول الافريقية وصنع الفارق الموجود حاليا بين الكرة المصرية ونظيرتها الافريقية لان تطبيق الاحتراف الصحيح في دول العالم الثالث لن يحدث لأسباب كثيرة .

الكلام عن ضرورة اقامة دوري قوي قادر علي افرا

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات