كتب : جلاء جاب الله | الثلاثاء، 31 أغسطس 2004 - 22:55

ميداليات أثينا .. و" الإصلاح الرياضي " إياه !!

لأن لكل فوز ألف أب .. ولكل انتصار مليون صاحب .. ولكل إنجاز ملايين المنتفعين والمستفيدين .. فمن الطبيعي أن تبدأ بعد إنجاز أثينا " زفة الكدابين " إياهم ويكثر الكلام عن الإصلاح والتصحيح والثورة الرياضية القادمة .. وتدريجيا يهدأ الكلام حتى يخفت ويتلاشى وننسى ويصبح ما حدث مجرد ذكرى .. وترجع " ريما لعادتها القديمة " .

لست متشائما .. ولا أحب أن أبدو كمن يبحث عن المصائب وسط الأفراح ــ أعرف أن هناك هواية مصرية للخوف من الفرح والضحك " واللهم اجعله خير " ــ وهذا الكلام ليس بحثا عن النكد بل تحذير من العادة المصرية الأصيلة " عادة التهليل والهيصة وعدم الاستفادة المثالية من النجاح " .

ماحدث في أثينا ليس نتيجة للتخطيط العلمي والدراسات الجادة والتنفيذ والمتابعة وخطط الإعداد ــ كما يقول البعض ــ لأن مشروع البطل الأوليمبي " وارجعوا للملفات " كان يعد الأبطال الواعدين لأوليمبياد بكين 2008 وليس أثينا .. أي أن ماحدث في أثينا نتيجة جهود فردية سواء للاعبين أو المدربين أو الاتحادات وليس من خلال منظومة متكاملة تخص الرياضة المصرية .

ولا يقلل من قيمة الانجاز أن يكون نتاجا لجهد فردي بل لابد أن نواجه أصحاب الزفة الكدابة وأن نواجه أنفسنا بالواقع وليس بالأحلام والأماني والأمنيات .. وفي هذا الإطار مطلوب وضع النقاط فوق عدة حروف أساسية من منطلق ضرورة استثمار ماحدث في أثينا لصالح الرياضة المصرية :

أولا : لست مع المطالبين بالاهتمام بالألعاب الفردية على حساب الألعاب الجماعية خاصة كرة القدم على أساس أن الفردية هي التي حققت لنا الميداليات الأوليمبية منذ بدء الأوليمبياد حتى أثينا بينما الألعاب الجماعية خاصة كرة القدم لم تجلب لنا سوى النكد والهم والغم والكرب العظيم .. لأن الاهتمام بشيء لايعني أبدا أن يكون على حساب الآخر والكرة بالذات هي اللعبة الشعبية الأولى والمطلوب فقط تعديل مسارها وتنظيم لوائحها وأن تكون احترافا حقيقيا ومحترما وليس ما نشاهده ونراه الآن .

ثانيا : لا أؤيد الذين يرون أن المكافآت المخصصة للفائزين بالميداليات مغالى فيها وكبيرة لأن هؤلاء الأبطال يستحقون أكثر وفي كل دول العالم ينال أمثالهم أكثر .. لكن مطلوب التدخل في نتائج هذه المكافآت .. أو بالأدق لابد من متابعة هؤلاء الأبطال حتى لا يتحولون إلى نسخ من بعض نجوم الكرة الذين أسكرتهم كثرة " الفلوس " في أيديهم فعرفوا طرق الشقق المفروشة وعرفت الفتيات إياهن طريقهم .. واستثمر بعضهم أمواله في افتتاح قهوة يسهر فيها حتى الصباح ( بدون ذكر أسماء ) .

ثالثا : على وزارة الشباب أن تساند وتدعم استثمار هؤلاء النجوم .. فالذين سيستكملون مشوار البطولات لابد من وضعهم في برامج جادة وحقيقية واستثمار امكانياتهم الفنية بما يعود عليهم وعلى الرياضة بكا خير ... والذين سيعتزلون يمكن أن تمدهم الدولة بقطعة أرض مثل أي خريج لبناء أكاديمية رياضية في تخصصه مثلا " أكاديمية كرم جابر للمصارعة الرومانية " وليكن مشروعا استثماريا في الاسكندرية والقاهرة وبعض المحافظات الأخرى بمقابل للبراعم والناشئين باشراف أساتذة ومدربي اللعبة في الكليات والأندية وأطباء وأخصائين للعلاج والصحة والتغذية ويتم استثمار اسم وشهرة وخبرة النجم العالمي فيها ليستفيد ويفيد الرياضة المصرية .

رابعا : فتح أبواب الرعاية وتبني المواهب في مصر ولكن على أسس علمية وتربوية واقتصادية بحيث يشعر أصحاب الرعاية الذين سيدفعون أنهم مستفيدون اقتصاديا مقابل تلك الرعاية .. ويشعر الرياضي أن هذه الرعاية حقه وليست هبة أو عطية يمن بها البعض عليه ولابد أن ترعى الدولة هذا المشروع .

خامسا : هناك أفكار كثيرة منطقية وواقعية لاستثمار انجاز أثينا الأولمبي بشرط أن ترى الواقع ولا تظل مجرد كلام وأحلام .. وأن تكون النوايا صادقة بعيدا عن شلل المنمتفعين وكدابي الزفة .. فهل يمكن أن يحدث ذلك أم سيحرموننا حتى من الفرحة الحقيقية ؟؟

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات