كتب : جلاء جاب الله | الجمعة، 10 سبتمبر 2004 - 22:27

"سيب وأنا أسيب" .. أو "شيلني وأشيلك"

تعيش الكرة المصرية حاليا حالة من الهرجلة والارتجالية والعشوائية لم يسبق لنا معايشتها من قبل حتى في أسوأ حالات الوضع الكروي مما يؤكد أن ما يحدث وراءه شيء ما ويقع بفعل فاعل.

قضايا إسلام الشاطر وإبراهيم سعيد وأحمد جلال ودوري أبطال العرب والمطالبة بحل اتحاد الكرة على أساس عدم شرعيته .. وغيرها من القضايا الكروية الملحة تعبير مباشر عن هذه الحالة .. لأنها قضايا واضحة ولا تستدعي كثير من الاجتهاد .. فما بالك اللجوء للمحاكم .

الملاحظة الأولى في هذه القضايا المطروحة على الساحة الكروية مؤخرا أن الأهلي هو الطرف الرئيسي في معظمها بنسبة 80% يليه الزمالك بنسبة 80% وإن كانت بدرجة أقل نسبيا ثم الإسماعيلي بنسبة تقترب من 50% أي أن الأندية الأكبر والأكثر شعبية والأكثر تألقا في الكرة هي التي تثير المشاكل وتتحدى اللوائح والقوانين وتحاول فرض إرادتها .

الملاحظة الثانية أن الأهلي لجأ للصوت الهاديء والقنوات الشرعية بينما لجأ الزمالك والإسماعيلي للصوت العالي والقضاء بغض النظر عن صحة موقف هذا أو ذاك .. الأهلي تعاقد مع الشاطر استنادا إلى ثغرة في عقد اللاعب مع الزمالك .. وعاقب ابراهيم سعيد استنادا إلى رغبته في الانتقام من اللاعب الذي دوخ ناديه .. وتعاقد مع أحمد جلال الذي كان يتدرب مع الإسماعيلي بل وتعاقد معه على أساس أن العقد الإسماعيلاوي لم يكن مسجلا في الاتحاد أو المنطقة .

الأهلي في سعيه لتحسين وضعه الكروي بعد ضياع الدوري لعدة سنوات ــ على غير المعتاد ــ بدأ في البحث عن تصحيح أوضاعه من خلال الأوراق المتاحة أمامه .. وهذا حقه مادام يتبع اللوائح والقوانين المنظمة لهذه العملية .. وإذا كام مقبولا ــ كاحتراف بعيدا عن المباديء الأخلاقية التي لم يعد لها مكان ــ أن يستغل ثغرة في عقد الشاطر إلا لم يكن مقبولا أن يتعاقد مكع ناشيء متعاقد فعلا مع الإسماعيلي حتى لو جاء اللاعب بنفسه إلى النادي لأنه كان يجب أن يحسم موقفه أولا مع الإسماعيلي .

الزمالك أخطأ أولا في عقده مع الشاطر لأنه سمح لنفسه أن يتعاقد وهو النادي الكبير البطل مع اللاعب بعقد إذعان يسمح للاعب أن يترك النادي خلال الشهور الستة الأولى من عقده .. والشاطر هنا بحث عن مصلحته الشخصيته وقد يكون أصر على هذا الشرط حتى ينتقل للأهلي لأن ناديه الأصلي " الإسماعيلي " لم يكن ليسمح له بالانتقال للأهلي أبدا وتلك قضية أخرى .

والزمالك لم يخطيء عندما تعاقد مع ابراهيم سعيد لكنه أخطأ عندما جعل من نفسه طرفا في قضية اللاعب مع ناديه الأصلي وأخطأ في اللجوء للقضاء بالمخالفة لتعليمات الفيفا .. يعني ببساطة شديدة .. الكل بحث عن مصلحته الشخصية بغض النظر عن صحة موقفه أخلاقيا أو قانونيا .. والخاسر الوحيد هو الكرة المصرية.

وبرغم كل شيء كان يمكن اعتبار ما حدث صراعا طبيعيا " ميكيافيليا " بمنطق " الغاية تبرر الوسيلة " لكن الغريبي والمريبي هم موقف وزير الشباب أنس الفقي واتحاد الكرة برئاسة عصام عبد المنعم .. الوزير رفض التدخل المباشر لكن يبدو أن هناك تعليمات صادرة منه لاتحاد الكرة " المعين " والذي استمر في موقعه بقرار وزاري.

تعليمات الوزير ــ غيما يبدو ــ عدم اللجوء للفيفا مهما كانت المبررات وبغض النظر عن الحق المهدر .. وأيضا ترك الأمور كما هي حتى تستقر الأوضاع وتهدأ النفوس ثم يكون القرار هو تقسيم البيعة بين الكبار بمنطق " سيب وأنا أسيب " أو بمنطق ´شيلني وأشيلك " .. يعني يذهب الشاطر للأهلي وإبراهيم سعيد للزماتلك ويادار ما دخلك شر .. وكله عند العرب صابون.

إذا حدث ما توقعه أو ردده البعض وكانت تلك هي تعليمات الوزير للاتحاد المعين فقل على الكرة المصرية السلام وعلى القوانين واللوائح " الله يرحمك " .. فلا يمكن أن تدار الكرة بهذا المنطق لأنه لابد أن نحترم لوائحنا حتى لو كانت خطأ .. لا بد أن نحترم أنفسنا وأن نحترم الشرعية ونبتعد عن حلول "المصاطب".

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات