كتب : محمد سيف | الأحد، 18 يونيو 2006 - 20:45

معاداة "الغانية"!

لقطة واحدة حولتني من أشد المتعاطفين مع المنتخب الغاني الذي يمثل الكرة الأفريقية في تجربته المونديالية الأولى إلى واحد من أشرس الساخطين عليه وعلى أي نجاحات يحققها في البطولة ، وذلك عندما رفع اللاعب "الغاني" جون بنتسيل العلم الإسرائيلي احتفالا بهدف منتخب بلاده الثاني في شباك التشيك ، ليثبت بالفعل أنها كرة قدم "غانية"!

فاللاعب الذي ظن أن كونه لاعبا ضمن صفوف نادي هابوئيل تل أبيب يشفع له أن يرفع العلم الإسرائيلي أمام شاشات مباراة يشاهدها المليارات ولا أقول الملايين ، وقد وصلتهم جميعا الرسالة التي أراد إرسالها إليهم ، فقد تعاطف الملايين من جموع العالم الإسلامي التي شاهدته وهو يقوم بفعلته المستفزة للمشاعر وغير المبررة على الإطلاق.

وربما لا يهتم هذا الـ"بنتسيل" بكل هؤلاء الملايين ، لكنه بالطبع يهتم أكثر بمن يدفعون له ربما عشرات الدولارات شهريا - وإن زادت فلن تتخطى مئات الدولارات - ومن المؤكد أن قيامه بتلك الحركة "السخيفة" لم يكن نابعا من حبه الشديد للكيان الإسرائيلي أو سعادته بوجوده في "الجنة الإسرائيلية" ، وإنما من المؤكد أن وراءها الكثير والكثير من الأغراض المادية.

وهذا يصل بنا إلى تساؤل عما إذا كان بعض المنتخبات التي نتعاطف معها تستحق تعاطفنا بالفعل أم لا ، فأنا كنت واحدا من ملايين تابعنا المباراة وصرخوا بحماس مع كل هجمة غانية ، ثم تحول صراخهم إلى ذهول وندم مع رؤية القماش الأبيض ذي النجمة السداسية.

الغريب أن بنتسيل لم يرفع علم بلاده للاحتفال بفوزه ، ولم يكلف خاطره باحتضان زملائه فرحا بالهدف والفوز ، بل كان كل همه إخراج العلم أمام العالم ، ليرى الجميع وجود العلم الإسرائيلي داخل الملاعب الألمانية حتى وإن لم تصل إسرائيل إلى المونديال.

وإني لأتساءل عن السبب الحقيقي الذي يدفع لاعبا لكي يحضر معه علم إسرائيل خصيصا إلى ملعب المباراة ، ثم يضعه في جوربه متحملا درجة الحرارة العالية ، وينتظر حتى يحرز منتخب بلاده هدفا أو هدفين لكي يخرجه ويلوح به وعيناه تلمع بسعادة المنتمي إلى هذا الكيان!

ثم أنه لو كان أي من لاعبي السعودية أو تونس قام بمثل هذه الحركة وخلع قميصه ، ليظهر قميصا تحت كتب عليه "نحن معك يا رسول الله" أو أي من هذا القبيل ، فهل كان الاتحاد الدولي لكرة القدم سيتغاضى عن الواقعة مثلما فعل مع بنتسيل؟ أم كان سيحذره على أقل تقدير بزعم أن هذا نوع من التعصب الديني أو العرقي أو العنصري؟!

ربما يكون بنتسيل يسعى للحصول على الجنسية الإسرائيلية كي يحيا بـ"سلام" في "أرض الأمان" ، وربما يكون قد وُعد بمئات الدولارات الإضافية مقابل هذا الإعلان المجاني ، وربما يكون للأمر علاقة بالمظاهرات التي خرج فيها بعض اليهود في فرانكفورت أمام ملعب مباراة البرتغال وإيران ، أو أي سبب آخر ، لكنه بالتأكيد قام بالدور المطلوب منه في الإيحاء بدور إسرائيل في تحقيق الفوز بالمباراة!

وقد يقول عني البعض إنني أبالغ في تشجيعي لأي منافس للمنتخب الغاني في المونديال ، وأن هذه الحادثة تعد حادثة فردية لا تعبر عن المنتخب الغاني ، ويدلل بسجود علي مونتاري لله شكرا بعد نهاية المباراة ، خاصة وأنه لا تربط بين إسرائيل وغانا أي صلات دبلوماسية..

لكن أعتذر لكل هؤلاء ، لأني لن أستطيع تشجيع فريق أعلم أنه من كل هدف أو انتصار سيتسبب في رفع علم إسرائيل ليخفق في سعادة وحبور ، كصورة رمزية قد يكون لها معناها عند الجمهور الغاني ، قد تصل إلى درجة التنويم المغناطيسي للشارع الغاني الذي لا تربطه أي صلة بالشارع الإسرائيلي المغرق بدماء الشهداء الفلسطينيين.

اسمحوا لي أعزائي "الأفارقة" أن أشجع أي فريق يواجه المنتخب الغاني ، بل وأي فريق آخر يرى أي من أعضائه أن إعلان تأييده للسياسة الإسرائيلية بوضعها الحالي تصب في صالحه.. وأقولها من الآن : عزيزي بنتسيل.. لقد نجحت في أن تزرع بداخلي "معادة الغانية"!

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات