كتب : أحمد سعيد | الجمعة، 11 أبريل 2008 - 16:52

أن تكون حسام حسن

غريب أمر هذا الفتى.

كلما حاصرته التوقعات بالسقوط، عاد أقوى مما كان .. وحينما يحوم حوله الشك، يثبت بالدليل القاطع أنه بالفعل يجيد ما يفعله.

إنه أمر في غاية الصعوبة "أن تكون حسام حسن" ... وأستوحي هذه العبارة من مؤلف رائع هو أحمد العايدي الذي كتب رواية جميلة بعنوان أن تكون عباس العبد.

فهذا الفتى الأربعيني يواجه سلسلة متواصلة من الشكوك لأكثر من عشر سنوات الآن في كل ما يهم على فعله.

اختياره ضمن قائمة كأس الأمم الإفريقية عام 1998 كان مثار جدل، ولكنه توج هدافا للبطولة .. انتقاله للزمالك صاحبته ضجة كبرى، لتصبح الأعوام الأربعة التي قضاها في القلعة البيضاء من أنصع فترات تاريخه الشخصي وتاريخ النادي.

اللعب بعيدا عن القطبين سواء في المصري أو الترسانة أو الاتحاد السكندري أطلق عليه هجمات شرسة، إلا أنه أثبت فيها كلها فعالية لا تخطئها العين، ولكن العين للأسف لا تتابع أخبار هذه الفرق كثيرا.

عودته إلى منتخب مصر في 2006 التي كانت مادة للتندر، باتت مادة للإعجاب والتأريخ، بإحرازه هدف ومشاركته في صنع أكثر من هدف آخر في مشوار مظفر انتهى بحمل كأس الأمم بعد 20 عاما من حملها في القاهرة أيضا.

الآن .. ومع دخول تجربة جديدة تماما في مقعد المدير الفني .. يواجه حسام حسن شكوكا معتادة، والمبهر أنه يرد أيضا رده المعتاد، وهو النجاح.

وسواء بقى المصري في الدوري الممتاز أو هبط إلى الدرجة الأدنى – والهبوط أمر لا أتوقع حدوثه – فإن حسام حسن أدى مهمته الجديدة بصورة تستحق الإعجاب.

ولأنني للأسف مثل آخرين ممن لا يتابعون المصري سوى أربع مرات في الموسم، قد ترتفع إلى خمس أو ست مرات في ظروف معينة، فإنني ذُهلت مما قدمه الفريق البورسعيدي أمام الزمالك في القاهرة.

حسام حسن نقل تاريخا كاملا من الرغبة العنيفة في الفوز إلى 11 رجلا يلعبون تحت قيادته، فالمصري يهاجم الزمالك بأربعة وخمسة لاعبين في كل هجمة، ولاعبوه يضغطون على كل من يتسلم الكرة في منتصف ملعبهم بمنتهى القوة منذ اللحظة الأولى، على الرغم من أن اللياقة البدنية لم تسعفهم لمواصلة هذا الضغط طوال المباراة

أعتذر إلى المحللين الذين أسهبوا في وصف الهجمة المرتدة للمصري، فالفريق الأخضر لم يلعب هجمات مرتدة، وإنما هجوما منظما من على الأطراف ومن العمق ومن الركلات الثابتة، مستخدما المراوغة والتسديد البعيد والكرات العرضية.

وهذا كله مختوم بكلمة حسام حسن .. إنه العميد بلا شك.

ويبدو حسام حسن في بداية مشواره التدريبي مثل بداية مشواره لاعبا للكرة .. وكأنها دورة حياة تعود إلى مرحلتها الأولى.

فحسام حسن الذي جنح في المواسم الأخيرة إلى الهدوء والابتعاد عن الاعتراض والاشتراك في المشادات مع المنافسين والتحكيم مثلما كانت عادته في بداية حياته كلاعب، استعاد ذلك كله دفعة واحدة وهو مدرب.

فربما تكون المرة الأولى التي ينفعل فيها مدير فني بهذا الأسلوب على قرار حكم، وتجد لاعبيه هم من يحاولون تهدئته وليس العكس!

وعلى الرغم من أن اعتراضات حسام كان لها ما يبررها بعدما أدرك أن أحد لاعبيه طرد بسبب الإنذار الثاني من دون الحصول على إنذار أول في الأساس، فإن مشهد حسام حسن لم يكن مقبولا من مدير فني، وهو ما على "العميد العنيد" أن يتداركه قريبا.

حسام حسن حول فريقا مجهدا، حزينا، على وشك الاستسلام إلى آخر يقاتل ويلعب كرة جيدة ويفوز .. وربما تكون النقاط التسع التي جمعها في المباريات الخمس الأخيرة، لاسيما أمام الزمالك، طريق المصري وحسام للبقاء في الدوري الممتاز.

وعندما يبقى المصري في الممتاز، قد تشاهد اسم حسام حسن في قائمة الفريق الموسم المقبل، باعتباره لاعب-مدرب أو player-manager مثلما يقولون في الإنجليزية .. لتعود الشكوك من جديد ويعود هو للنجاح أيضا من جديد.

إنه قدرك، إذا أراد لك القدر "أن تكون حسام حسن".

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات