كتب : أحمد الخشاب | الإثنين، 08 يونيو 2009 - 11:44

اعتزلت التشجيع

ليس من عادتي أن أتحدث عن مسألة أو حالة شخصية في مقالاتي؛ لكن في هذه المرة اعذروني، فحالتي أعتقد أنه يمر بها كثيرون من أبناء هذا الشعب المسكين.

فأنا حالي مثل كل المصريين أعشق كرة القدم، وبالطبع أعشق بلدي إلى حد الجنون، رغم المعاناة اليومية التي نعانيها جميعا، لكننا نحبها كما هي؛ بمرها قبل حلوها، وكما سبق وطالبت الجميع بمؤازرة المنتخب في مقال سابق، أطالب -من يستطيع -بالحذو حذوي فيما نويت عليه.

"لقد اتخذت قرارا أريد أن تساعدوني عليه"، لقد اعتزلت تشجيع منتخب مصر نهائيا وبلا رجعة لأسباب صحية ونفسية، إذ أصبح تشجيع المنتخب ضدي صحتي وصحة الشعب المصري بشكل عام ؛ خاصة وأن هذا الشعب لا يفرحه سوى كرة القدم.

فمنذ نعومة أظافري وأنا أساند أحد الأندية المحلية في كل الألعاب الجماعية، ومع بلوغي العقد الثاني من العمر قررت أن أشجع كرة القدم فقط؛ نظرا لأن هذا التشجيع كان يكلف والدي الكثير من أجل تصليح الكراسي والمناضد التي أكسرها أثناء انفعالي، باعتباري شابا مراهقا في مقتبل العمر يتأثر سريعا فرحا وحزنا.

ومع دخولي عقدي الثالث قررت أن أتوقف عن تشجيع فريقي المحلي بسبب فوزه الدائم على كل منافسيه محليا ثم إفريقيا، و"أنا لا أساند فريقا يفوز دائما لمجرد أن منافسيه ضعفاء".

رغم هذا لم أتوقف يوما عن تشجيع منتخب مصر؛ الذي قاسيت وعانيت منه الكثير والكثير على مر السنين، فكدت أن أتوقف عن التشجيع بعد مباراة ليون الشهيرة أمام زيمبابوي؛ بسبب رأس مجدي طلبة، لكن الأمل راودني مجددا في الوصول لكأس العالم وساندت فاروق جعفر والخطيب ثم الجوهري في تصفيات مونديالي 1998 ثم 2002.

وكدت أموت كمدا بسبب طارق السعيد وانفراده الضائع في مباراة المغرب عام 2001، التي انتهت بالتعادل السلبي بالقاهرة، وتبخر حلم الوصول للمونديال، وبعدها قررت أن أتوقف عن مساندة المنتخب، لكن عدت مجبرا في أمم إفريقيا 2006؛ بسبب هدف عمرو زكي في مرمى السنغال، والحمد الله منذ هذا الحين وأنا والشعب المصري جميعا مبسوطون وسعداء.

حتى جاء يوم 7 يونيو 2009، الذي قررت بعده أن أتوقف نهائيا عن تشجيع هذا المنتخب ما دمت حيا؛ بسبب ما ألم بي جراء الخسارة المذلة من الجزائر، إذ فشلت في النوم بعد المباراة لمدة ليلة كاملة ، كما أنني اعتزلت الناس (أي ناس) حتى لا أسمع أي حديث عن هذه المباراة، وكذلك حتى لا أرى أبناء هذا الشعب محبطين وعلى وجوههم الحزن والأسى.

وقررت ألا أتابع أي برنامج أو صحيفة مصرية رياضية لمدة لا تقل عن شهرين، كل هذا حفاظا على صحتي من أن يطالها أي مرض بسبب الضغط العصبي والتوتر الذي يسببه لي المنتخب على مر عصوره، وبدأت من الآن في تلقين ابني الرضيع دروسا في عدم تشجيع المنتخب ، خوفا عليه من الإصابة بالأمراض المزمنة في سن مبكرة، وأوصيته بذلك حتى بعد مماتي ، "فتشجيع المنتخب فيه سم قاتل فاجتبوه".

كلامي هذا قد يبدو للبعض مبالغا فيه، وليس هذا وقته ، ويجب التكاتف للخروج من عنق الزجاجة التي دائما ما نضع أنفسنا بداخلها، لكن هذه هي حالي الآن، ولا أستطيع أن أصمت، فصمتي قد يقضي علي!

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات