كتب : أحمد الخشاب | الإثنين، 16 نوفمبر 2009 - 14:34

فليذهب المونديال للجحيم

قبل شهور وعبر عدة مقالات حذرت من الفوضى الإعلامية التي تجتاح الفضائيات "المصرية" الخاصة التي حوّلت مقولة "الصحافة الصفراء" إلى ما يمكن أن نطلق عليها "الفضائيات الحمراء" في إشارة للدماء التي خلفها الشحن الإعلامي الزائد قبل وبعد مباراة مصر والجزائر بالقاهرة.

هذا الشحن الذي تفرد فيه بعض اللاعبين المعتزلين المتحولين إلى الإعلام بحثا عن الشهرة التي ولّت و"السبوبة" السهلة.. تفردوا جميعاً في "تهييج" الجماهير ضد كل ما هو جزائري، وتمادوا في المزايدة في الوطنية من أجل مصالح شخصية ضد منافس معين تم تكريمه في الجزائر قبل أيام ، فضلاً عن حصد أكبر كمٍّ من الإعلانات التي تجلب لهم مرتباتهم.

الفضائيات تلاعبت بمشاعر 80 مليون مصري معظمهم من المراهقين العاطلين محدودي الثقافة والتعليم الذين يبحثون عن أي شيء يفرغون فيه طاقتهم، فالمزايدة على حب مصر بين "مهيّج ومهادن" شحنت الملايين ضد كل ما هو جزائري، وتسببت في وقوع الكثير من الإصابات بين الأشقاء قبل وبعد يوم المباراة.

وكرد فعل طبيعي على الفضائيات الحمراء، استخدمت وسائل الإعلام الجزائرية المحدودة المتمثلة في الصحف الصفراء آلة "التهييج"، واعتمدت في مصدرها على روايات الجماهير العائدة من القاهرة دون التدقيق فيما يقولون أو حتى محاولة التأكد من رواياتهم، وذلك في محاولة منهم للرد على الإعلام المصري المكتسح فضائيا، فضلاً عن توزيع أكبر عدد من النسخ طالما لا يوجد فضائيات جزائرية خاصة.

فعناوين على شاكلة (الجيش.. الشعب معاك يا سعدان والفرحة في السودان)، (دم الجزائريين لن يذهب سدى)، (اعتداءات وحشية وانتهاك حرمات النساء الجزائريات في القاهرة)، (جرحى وحديث عن قتلى في مجزرة القاهرة) حملتها صحيفة جزائرية واحدة في عددٍ واحد عقب مباراة السبت، وطبيعي بالنسبة للشعب الجزائري الذي لا يختلف كثيرا عن شقيقه المصري ويعشق الكرة لحد الجنون، تحرك الشباب على الفور ضد كل ما هو مصري للدفاع عن كرامتهم ودماء شهدائهم في القاهرة!!!

وقديما تعلمنا أن لكل فعل رد فعل مساويا له في المقدار ومضادا له في الاتجاه، وكما فعلت الفضائيات وشحنت المصريين فعلت الصحف وتحرك الجزائريون ضد العاملين المصريين لديهم.. لدرجة حصارهم ومطالبتهم بمغادرة البلاد فورا!

لماذا وصلنا لهذه الدرجة من العشوائية والهمجية ولمصلحة من؟ كل هذا حتى يصل أحد المنتخبين لكأس العالم ليعود بعد ثلاث خسائر متتالية يجر أذيال الخيبة، فليذهب للجحيم هذا المونديال لو كان سببا في وفاة مصري أو جزائري، فليذهب للجحيم أي إعلامي أو صحفي تسبب متعمدا أو غير متعمد في ما وصلنا إليه الآن من ترويع للمصريين في الجزائر وللجزائريين على أرض الكنانة.

فلتذهب حكومتا البلدين للجحيم لاستخدامهما الكرة في تخدير الشعبين وإلهائهما عن المصائب اليومية المتلاحقة، وأبرزها أنفلونزا الخنازير، وقبل أن ينتقدني المتعصبون ، دعوني أسألكم "لو كان والدك أو أخوك أو أحد أقاربك من المصريين العاملين بالجزائر هل ستفضل الوصول للمونديال على أن يتعرض والدك لأي أذى من جزائري متعصب؟ فكر قبل أن تجيب.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات