
كتب : أحمد سعيد | الأحد، 28 فبراير 2010 - 16:57
دوري "القسمة والنصيب"
نادرا ما تجد مدربا يشرح كيف فاز فريقه بمباراة صعبة، أو يفسر مدير فني لماذا خسر بنتيجة ثقيلة، أو يوضح لاعب مهام معينة تألق على إثرها في هذا اللقاء أو ذاك.
الأمر تجسد بصورة واضحة في برنامج "حصاد الأسبوع" الذي تبثه قناة "مودرن سبورت" والذي تجمع فيه لقطات لأبرز ما حدث في جميع مباريات المرحلة الفائتة في الدوري المصري، وتصريحات اللاعبين والمدربين عقب كل لقاء.
ومع متابعتي للحلقة الماضية بأكملها، والتركيز مع تصريحات جميع اللاعبين والمدربين عقب المباريات لم أجد أي منهم يتحدث في أي أمر يتعلق بكرة القدم على الإطلاق!
فالخاسر يردد عبارات من نوعية "قدر الله وما شاء فعل" .. "اجتهدنا ولكن التوفيق لم يكن معنا" .. "الحمد لله على أي نتيجة".
أما الفائز فلا تخرج تصريحاته عن "الحمد لله" .. "ربنا كافأنا بعد التدريب الطويل" .. "ربنا مش بيضيع مجهود حد".
ومبدئيا، فجميعنا يحمد الله ويشكره في السراء والضراء، والمصريون بشكل عام شعب متدين قريب من ربه، يذكرونه دائما وأبدا في كل أمور حياتهم، وبالتالي فلا غضاضة في ترديد مثل هذه العبارات عقب المباريات.
ولكن هذه العبارات هي جمل افتتاحية لحديث من المفترض أن يتعلق بالفنيات، والتكتيك، والأداء في الملعب، وأوجه القوة والضعف، إلا أن هذه الجمل الافتتاحية بدأت في التحول إلى تصريح كامل لا يسمن ولا يغني من جوع.
فجمهور الكرة تواق إلى معرفة ماذا حدث لفريقه في الملعب، كيف تحرك لاعبوه، وماذا فعل مدربه ليتغلب على قوة منافسه، ولماذا اختلف أداء لاعبيه عن المباراة الماضية سلبا أو إيجابا.
والدليل على ذلك هو آلاف المناقشات التي تجري يوميا بين المصريين عن فرقهم، وكيفية توظيف اللاعبين، والأخطاء التي يرون من وجهة نظرهم أن مدرب فريقهم وقع فيها أو الخدعة العبقرية التي طبقها في الملعب، وهو ما يجعل البعض يتندر بأن مصر بها "80 مليون مدير فني"
لا لوم على هؤلاء الملايين الـ80 من المصريين إذا حتى وإن كانوا "فتايين" لأن أهل الخبرة والعلم لا يتحدثون في أي فنيات على الإطلاق، وبالتالي يتركون للجمهور مجالا للاجتهاد في تفسير مجريات أي لقاء.
وربما يفسر هذا التوجه أيضا الشعبية الطاغية التي اكتسبها المعلق المخضرم محمود بكر على شعبيته الأصلية في الفترة الأخيرة إذ أنه الوحيد الذي يهتم بشرح أمور تكتيكية وتحركات اللاعبين أثناء سير المباراة وهو أمر لا يستمعون إليه من المدربين أنفسهم فيما بعد.
الأمر المحزن هو أن هذه التصريحات تتضمن في بعض الأحيان تطاولا لا يليق – حتى وإن كان غير مقصود – بالذات الإلهية.
فحينما تقول إنك اجتهدت ولكن توفيق الله لم يحالفك، فإنك بذلك تشكك دون أن تدري بالعدل الإلهي وهو أساس الملك، كما أنك كذلك تتهرب من تحمل مسؤولية تقصيرك أو أخطائك في الملعب والتي كانت السبب في الخسارة.
المدربون واللاعبون المصريون يدعمون الصورة التي يريد البعض إلصاقها بنا وهي "الدروشة" ويكشفون عن جهل كروي فاضح بتجنب الحديث عن أمور هي صلب عملهم.
وبالتالي فإنهم يمنحون الفرصة لظهور اتهامات باطلة كالتي تعرض لها حسن شحاتة في الفترة الماضية من تعصب ديني، أو ظهور اتهامات جديدة بأن المسابقة المحلية الأكبر في مصر هي دوري "القسمة والنصيب" وليس "الدوري الممتاز".
مقالات أخرى للكاتب
-
للمبتدئين والتقليديين .. كيف تختار مدربا في 5 خطوات؟ الخميس، 20 نوفمبر 2014 - 12:26
-
لماذا "7" بدلا من "3"؟ الأربعاء، 09 يوليه 2014 - 01:14
-
عضة سواريز.. والحضارة الانسانية الجمعة، 27 يونيو 2014 - 21:46
-
قصتان ينبغي على محمد يوسف أن يقرأهما الإثنين، 17 مارس 2014 - 22:15
نرشح لكم









