كتب : شريف حسن | الإثنين، 12 يوليه 2010 - 04:45

تحليل - أخطبوط إسبانيا

استغل الإسبان الأخطبوط للتتويج بكأس العالم، ليس فقط بتوقعاته "الصحيحة" ولكن في طريقة صيده لفرائسه والدفاع عن نفسه.

عفوا صديقي لن نتحدث عن الأخ "بول المنجم" لأني اعتبر أمره مجرد خرافات، ولكننا سنتحدث عن طريقة جديدة في كرة القدم ستسجل في التاريخ باسم الإسبان.

ظلت إسبانيا على مدار عقود طويلة تائهة بين طرق اللعب بالرغم من امتلاكها لدوري من أقوى دوريات العالم ولاعبين مميزين على مر العصور إلا أن التاريخ لم يسجل مدرسة خاصة باسم الإسبان.

حتى وصل الجيل الحالي الذي طبق طريقة جديدة على الساحة العالمية أثمرت عن تتويجه بكأسي أوروبا والعالم لأول مرة في تاريخ البلاد، وبأسلوب سيحفظه العالم كالسامبا البرازيلية والكتانتشو الإيطالي والكرة الشاملة الهولندية.

بدأ المشروع في يورو 2008 ومر بتصفيات كأس العالم وكأس القارات حتى قاد البلاد للكمال بعدما وضع اسم إسبانيا في سجلات الذهب للفائزين بكأس العالم.

كيف يصطاد الأخطبوط فرائسه ؟

يرقد الأخطبوط في قاع البحار والمحيطات هادئا منتظرا فريسته حتى تقترب منه، وحينها يلف أذرعه حولها حتى يشل حركاتها ثم التغذي عليها.

وهكذا يلعب المنتخب الإسباني هادئا مستغلا أذرعته المتعددة في منتصف الملعب للاتفاف حول خصمه ومحاصرته قبل تسجيل الأهداف الحاسمة.

وحتى وأن وجدت الطريقة صعوبات في بداية البطولة عندما واجه الأخطبوط الإسباني خصوم لا تقترب للهجوم ويصعب السيطرة عليها في مناطقها، فقد نجح ببراعة أمام ألمانيا في نصف النهائي وهولندا في النهائي.

فقد واجهت إسبانيا كل من ألمانيا و هولندا بطريقة 4-1-4-1 بوجود سيرجيو بوسكيتش أمام رباعي الدفاع خلف شابي ألونسو وشابي هيرنانديز وبيدرو وإنيستا وأمامهم ديفيد بيا.

وتحولت الطريقة في فترات كثيرة من المباراتين إلى 4-6-0 بانتقال بيا إلى الجناح الأيسر والاعتماد على اختراقات الأذرع من كل الاتجاهات.

فبوجود بيا على الجناح الأيسر يملك خماسي الوسط الإسباني حرية التقدم بالتبادل لاختراق دفاعات الخصوم مما يربك المدافعين بشدة لعدم معرفة من سيتقدم ومتى؟

في كل هجمة إسبانية ستجد وجها جديدا داخل منطقة جزاء الخصم في موقع المهاجم فتارة ستشاهد إنيستا أو شابي وتارة أخرى بيدرو وبيا أو البديل فابريجاس وصولا إلى ألونسو نفسه.

وحتى بعد نزول توريس واصل الأخطبوط اللعب بأذرعه، فإذا شاهدت هدف نهائي المونديال ستجد مهاجم ليفربول على الجانب الأيسر وإنيستا وسيسك داخل منطقة جزاء هولندا وخلفهم خيسوس نافاس.

ولكن كيف يدافع عن نفسه ؟

يتميز الأخطبوط بجلده الكثيف الذي يجعل من الصعب جرحه – رباعي دفاعي متماسك ومتجانس – ولكن هذا لا يمنعه من استغلال أذرعه أيضا لصد الهجمات الشرسة.

فأمام ألمانيا تكفل وجود الذراع الأيمن بيدرو أمام سيرجيو راموس مع مساندة من بوسكيتش للقضاء على خطورة بودولسكي بل وأجبروه للعودة للدفاع عن مرماه بعدما أرهقوا ظهره جيروم بواتنج.

ولكن في مواجهة هولندا الوضع كان أصعب، فوجود الثعلب روبين والداهية شنايدر كان يتطلب حيلة أذكى بمجهود أكبر.

فتحرك بيا على اليسار خلف روبين لا يكفي لإزعاجه خاصة أنه قادر وحده على إزعاج خوان كابدفيا، في ظل انشغال بوسكيتش بمراقبة شنايدر ومساندة راموس أمام كاوت.

فعاد الذراع ألونسو للتغطية بجوار كابدفيا – نادرا ما يتقدم للهجوم أساسا – كما مُنح كارليس بويول تعليمات بالتواجد قريبا من اليسار لمواجهة روبين حين ينضم للداخل للتسديد بالطريقة التي يعلمها الجميع بما فيهم "جدته نفسها" كما ذكر صديقي أحمد عز الدين في مقاله الأخير.

وخنقت تلك الطريقة روبين حتى فطن مدربه إلى خدعة أذكي، فجعله يستبدل موقعه مع روبن فان بيرسي (الذي لم يحضر إلى كأس العالم) لكي يباغت إسبانيا بالاختراق من العمق.

وبالفعل كادت الخدعة أن تمنح هولندا التقدم بعدما انفرد روبين في مناسبتين من خلال المساحة الفارغة بين قلبي دفاع إسبانيا، ولكنه اصطدم بكاسياس "الأخطبوط الأكبر".

تفوق إسبانيا هجوميا ودفاعيا على كل المنتخبات التي واجهتها يجعلها تستحق اعتلاء عرش الكرة العالمية حاليا، حتى عندما خسرت مباراتها الوحيدة أمام سويسرا في آخر 17 مباراة خاضتها كانت الأفضل لولا سوء التوفيق.

ملحوظة أخيرة:

وصول إسبانيا وهولندا إلى النهائي لا يعد انتصارا للكرة الهجومية كما أدعى البعض، ولكنه انتصارا للتخطيط الجيد والاستغلال المثالي للفرص فكلاهما لم يفز في أي مباراة بفارق أكثر من هدفين. وهو ما يؤكده تسجيل ألمانيا ما يوازي ضعف ما سجلته إسبانيا رغم اعتمادها الأساسي على التأمين الدفاعي والهجمات المرتدة.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات