
كتب : أحمد سعيد | السبت، 31 ديسمبر 2011 - 22:11
إحنا اللي خرمنا التعريفة .. وأشياء أخرى!
فالفهلوي الذي خرم التعريفة، وفي روايات أخرى "دهن الهوى دوكو"، يظن أنه يعرف كل شئ. فهو "يفهمها وهي طايرة" ولا يحتاج أن يتعلم، أو يتدرب، أو يمارس حتى يتقن عمله، إلى أن يصحو ذات يوم على مصيبة على رأسه ورأس المحيطين به.
ومن الواضح أن العاملين في استاد غزل المحلة من هؤلاء الذين خرموا التعريفة. فهم يعتقدون أنهم يستطيعون ربط الشبكة "على المغمض" ولكنها جاءت متراخية مترهلة تسمح بدخول الكرة وخروجها وكأنها زائر خفيف لا يشعر به أحد.
مساعد الحكم أيضا يمتلك قدرا لا بأس به من الفهلوة، فهو من المؤكد أن قام بزيارة الشباك كنوع من أداء الواجب، وداعبها قليلا بعصا رايته في شكل مسرحي اعتاد على ممارسته عشرات المرات، اعتقادا منه أن الشبكة المخرومة لا وجود لها، أو أنها لن تترك جميع مباريات العالم لتستقر في مصر وتحديدا ملعب الغزل في اليوم الذي اختير فيه لتحكيم لقاء المحلة والأهلي.
ولكن وقعت الواقعة، ودخلت الكرة وخرجت من ثقب صغير لم يسمح بمرور هدفين سجلهما المحلة في الشوط الأول، ليتسع هذا الخرم ويتحول إلى دوامة ابتلعت مباراة رائعة وحماسية في جوفها، قبل أن تلفظها في وجهنا جميعا شغبا وعنفا ومطاردات على أرض الملعب.
إنها نفس الحكاية التي نراها يوميا في كل مكان في مصر.
طبيب ينسى فوطة في بطن مريض لأنه فهلوي ولا يحتاج إلى التدقيق في عمله، فإذا تم كشف الأمر تحول إلى سبب لفضح مهازل نظام صحي متهاو. مهندس يدهن الهوى دوكو بدلا من أن يدقق في مقاييس البناية التي يشيدها، فإذا انهار باتت شرارة لكشف عورات فساد إداري.
وأشدد هنا على عبارة "إذا تم اكتشافها" تلك، لأنني أراهنكم أنكم سترون منذ الأسبوع المقبل جميع الحكام ومساعديهم يفحصون الشباك بجدية وأكثر من مرة بسبب ما حدث في مباراة جماهيرية. أما إذا كانت الواقعة نفسها في مباراة غير مذاعة تليفزيونيا ولا يحضرها أي شخص في الملعب بين المقاولون والجونة على سبيل المثال، فلم يكن أحد سيسمع عنها. وإذا سمع، فلن تكون هناك إلا قليل من الكلمات في بضع دقائق وتمر الأمور بسهولة ويسر ونعود لكم "بعد الفاصل".
مصيبة الفهلوة أنها تفتح أبوابا من جهنم. فما حدث في ملعب المحلة كان يمكن تجنبه تماما إذا كانت الشبكة سليمة. فالكرة التي وجهها عمرو رمضان خطأ في اتجاه مرماه كان سيكون لها مصير واضح: إما مستقرة داخل الشباك، فيحتفل الأهلاوية ويغضب المحلاوية على لاعبيهم. أو ينتهي أمرها إلى خارج الخطوط، فيستأنف اللعب وينتظر هؤلاء وأولئك كرة أخرى.
ولكن جمهور المحلة ولاعبيه المشحونين، والذين كانوا متقدمين على بطل الدوري بهدفين نظيفين، باتوا غير مهيأين نفسيا لتقبل خسارة أو حتى تعادل، وهم بأعينهم رأوا الكرة تتدحرج إلى خارج الملعب، فلم يكن هناك مجالا لتقبل احتساب هدف غير ساكن في الشباك.
ولاعبو الأهلي وجماهيره عادوا في مباراة صعبة بعد التأخر بهدفين، وجاء هدف التعادل بعدما تجاوزت الكرة خط المرمى، وهو الشرط القانوني لاحتساب الهدف، وأصبح من حقهم احتسابه حتى وإن لم يكن هناك شبكة على الإطلاق (معلومة من قانون الكرة: الشباك ليست شرطا لإقامة المباراة ويمكن للحكم لعب اللقاء بدونها أصلا.)
وعلى الرغم من أنني لا أقبل أو أبرر الاعتراضات العنيفة واقتحام الملعب والعنف والشغب المبالغ فيه بسبب هدف محتسب أو ملغي، فإنني لا أستطيع غض البصر عمن وضع البنزين بجانب النار ثم يسأل في اندهاش لماذا أشعل بعض الأغبياء النار بدون سبب؟
فهلوة أطباء الكرة كانت السبب في تأخر عودة بعض اللاعبين الدوليين المصريين من إصابات سهلة في السنوات القليلة الماضية، إداري فهلوي كان سببا في خصم نقاط من فريق الجونة مؤخرا حينما أشرك جهازه الفني لاعبا موقوفا بمباركة من الإداري.
عضو لجنة مسابقات فهلوي كان سببا في اندلاع أزمة الزمالك واتحاد الكرة بسبب اشتراك أحمد عيد عبد الملك الذي كان من المفترض إيقافه، إعلامي فهلوي كان سببا في عدم فهم ملايين المصريين ماذا سيحدث إذا فاز المنتخب على الجزائر بهدفين نظيفين في أخر مراحل تصفيات كأس العالم، محام فهلوي تسبب في تدبيس الزمالك في مصيبة جدو مع الاتحاد السكندري والاتحاد المصري لكرة القدم وكاد أن يتسبب في حبس بعض مسؤوليه.
عمال ملعب غزل المحلة ومساعد الحكم في المباراة ليسوا وحدهم فهلوية، ولكنهم ينضمون إلى طابور طويل يضم كل من سبق ذكرهم، ولكنهم يختلفون في أنهم لم يخرموا التعريفة فحسب، ولكنهم خرموا معها شبكة المرمى أيضا!
مقالات أخرى للكاتب
-
للمبتدئين والتقليديين .. كيف تختار مدربا في 5 خطوات؟ الخميس، 20 نوفمبر 2014 - 12:26
-
لماذا "7" بدلا من "3"؟ الأربعاء، 09 يوليه 2014 - 01:14
-
عضة سواريز.. والحضارة الانسانية الجمعة، 27 يونيو 2014 - 21:46
-
قصتان ينبغي على محمد يوسف أن يقرأهما الإثنين، 17 مارس 2014 - 22:15
نرشح لكم












