كتب : خالد مدحت | الإثنين، 23 يناير 2012 - 03:24

بيبي وفجوات في سد مورينيو

أمام جوزيه مورينيو تحدي لا يستطيع أحد تحمله ربما حتى لو كان استثنائي حين يواجه برشلونة يوم الأربعاء، وهو أن يغير وجه مدافع الفريق الملكي بيبي!

ففي كلاسيكو الاسبوع الماضي استخلصت من وجه بيبي كل ما يتعلق بالمباراة التي انتصر فيها برشلونة بأقل كلفة وتعب بهدفين لهدف في سانتياجو برنابيو.

رأيت فشل ريال مدريد في مجاراة برشلونة، إذ يمكنك استخلاص ألام الميرنجي في عصبية الفريق وشعوره بأنه خاسر حتى لو تقدم بهدف أو كان مدربه بعبقرية جوزيه مورينيو.

المثير هنا أن ربما مورينيو يقدم أفضل أداء لريال مدريد منذ سنين، يحقق نتائجا رائعة مع الجميع والكل يشعر بعمله .. لكن الحقيقة أن مباراة الكلاسيكو المقبلة قد تهد كل هذا المجهود.

فمباراة واحدة كانت كافية لأن يتحول فريق ريال مدريد من متماسك ومتوحد إلى مشتت ومنقسم، وبدأت تظهر خلافات مع المدرب ونقاشات يتبادل فيها الكل الاتهامات.

وهنا يمكن القول إن عندما تُغرق الفيضانات بلدة ما، تستعين بـ"مهندس" يبني لها سدا يواجه مد الأمواج العاتية التي تمثل دائما الكابوس الأوحد الذي يفصلهم عن الحياة الهادئة السعيدة.

وعندما تكون البلدة بحجم مدريد والمهندس بمكانة مورينيو ويفشل في إيجاد الحل لفيضان برشلونة بعد كل هذه التجارب فالأمر يحتاج وقفة.

ودعونا نلقي نظرة على المباراة الماضية لنستخلص ما قد يعين ريال مدريد، ربما ليس على الفوز لكن قد تساهم في تفادي إهانة تستطيع إنهاء موسم الميرنجي قبل أن ينتصف.

توظيف اللاعبين

الدفع بحميت ألتنتوب في مركز الظهير الأيمن اعتمادا على خبرته الكبيرة في محاولة لإيقاف أندريس إنيستا لم يثمر إذ أن النجم البرشلوني كان أكثر من هدد مرمى الريال خلال اللقاء.

وربما كان من الأفضل لمورينيو وضع ألتنتوب في وسط الملعب لإجادته الدورين الدفاعي والهجومي بالإضافة لتميزه في التصويبات بعيدة المدى.

فألتنتوب ربما كان خيارا أفضل من بيبي الذي اقتصرت مهامه على الدور الدفاعي فقط دون أي مساندة هجومية وهو ما أضعف التواصل بين الوسط وثلاثي هجوم الريال في ظل غياب أنخيل دي ماريا.

وبيبي ظهر خلال اللقاء بعصبية وعدوانية منذ البداية كانتا كفيلتان بطرده من المباراة، والغريب أن اللاعب لم يرتدع رغم حصوله على إنذار في الشوط الأول بعد تدخله العنيف على قدم سيرخيو بوسكيتس وقام بأكثر من تدخل متهور ضد لاعبي البرسا بالإضافة لدهسه يد ميسي متعمدا رغم وجوده على مقربة من حكم اللقاء.

مورينيو يرى أن بيبي مؤهل فنيا لأداء هذا الدور بنجاح بعد أن كان أحد العوامل المساهمة في الفوز ببطولة الكأس في الموسم الماضي والذي انتزعه من بين أنياب برشلونة، ولكن شخصية اللاعب وتصرفاته في لقاءات الكلاسيكو تظل خطرا على فريقه.

وأعتقد أن على مورينيو القيام بأحد الأمرين إذا استمر في الاعتماد على بيبي في هذا المركز، إما تأهيله نفسيا لتنفيذ هذه المهمة وتحذيره من أي تجاوز يتسبب في طرده من المباراة أو الاستعداد لمواجهة برشلونة بعد ذلك بعشرة لاعبين لعدد لا بأس به من الدقائق.

كذلك لو ابتعدنا عن بيبي ونظرنا لباقي تفاصيل ريال مدريد في الخسارة القاسية أمام برشلونة سنرى عدة نقاط واضحة.

لم أشعر بالتناغم بين سيرخيو راموس وريكاردو كارفاليو منذ البداية رغم عدم اهتزاز شباك الريال حتى الدقيقة 49 من المباراة.

فكل تمريرة بينية كانت ترسل خلف كارفاليو الذي بدا مفتقدا جاهزيته البدنية كانت تمثل فرصة محققة للبرسا.

كما أن الثنائي راموس بعدم انضباطه وكارفاليو بلياقته المتراجعة بسبب الإصابة كان مشتتا وأفسد مصيدة التسلل على فريقه ثلاث مرات على الأقل كانت أحدهم المتسببة في هدف الفوز لبرشلونة.

بينما ظهر جونزالو إيجواين بأداء متواضع وأعتقد أن مورينيو ظلمه بوضعه بجوار الثنائي بنزيمة ورونالدو دون وجود صانع ألعاب في وسط الملعب.

ورغم تفهمي لقرار البرتغالي بإبقاء ميسوت أوزيل على مقاعد البدلاء لفترة خوفا من نفاذ "البنزين" مبكرا كما حدث مع نهاية الشوط الأول من كلاسيكو الليجا الأخير، فإن وجوده بجوار الثلاثي شابي ألونسو ولاسانا ديارا وبيبي من بداية مواجهة ذهاب الكأس كان سيحسن كثيرا من أداء الريال عند استخلاصه للكرة من بين أقدام لاعبي البرسا.

وللإنصاف فإن سيناريو الشوط الأول سار تماما كما أراد مورينيو، فتسجيل رونالدو لهدف من خطأ ساذج لبينتو حارس برشلونة الاحتياطي الذي أثبت احتمال وجود حارس أسوأ من فالديز، بالإضافة للتوفيق الذي وقف بجانب فريقه خلال الشوط الأول وهو ما يجب أن يحدث للتغلب على فريق بـ"جبروت" برشلونة.

ولكن مورينيو وظف لاعبيه بالشكل الذي يعطل أسلحة برشلونة أكثر من سعيه نحو تحقيق أكبر استفادة من مميزاتهم الهجومية، ولذلك كان تقدم الريال مهددا بشكل دائم نظرا لوصول لاعبي البرسا إلى داخل منطقة الجزاء بشكل متتالي ومن كافة الجهات، ولذلك ففكرة استقبال شباك الريال لهدف التعادل كانت منطقية جدا حتى ولو طال صموده لدقائق أطول.

تغيير ديارا

مورينيو أشرك أوزيل وكاليخون بدلا من ديارا وإيجواين بحثا عن هدف يعيد فريقه إلى المقدمة مجددا.

ورغم أنني أعرف تماما إمكانيات أوزيل التي تجعله أحد أفضل لاعبي الوسط في العالم وأن جلوسه على مقاعد البدلاء كان لتحقيق أقصى استفادة من إمكاناته، وأن كاليخون سجل هدف الفوز لفريقه في المباراة الأخيرة في الدوري أمام مايوركا أهدى بها مدربه ثلاث نقاط ثمينة في مشوار الليجا، ولكن سحب البرتغالي لديارا لم يكن في محله.

فديارا قدم أداء جيدا سواء في تسليم وتسلم الكرة أو في مراقبته اللصيقة لميسي والتي حدت كثيرا من خطورته، بالإضافة لتدخلاته الآمنة والثقة التي لازمته حتى لحظة استبداله.

وانعكس خروج ديارا على فريقه سلبيا إذ تحرر ميسي بشكل أكبر وأصبح أكثر خطورة وكان نتيجة ذلك صناعته المميزة للهدف الثاني.

وأرى أن الدفع بأوزيل بدلا من بيبي كان الحل الأفضل، مع تنفيذ التغيير الآخر كما هو.

عصبية الملكي

العصبية كانت السمة السائدة لتصرفات لاعبي الريال منذ استقبال شباكهم للهدف الأول، وأظهرت العدسات الناقلة للمباراة أكثر من حالة خشونة متعمدة وبدون كرة ضد ميسي وزملائه، وازدادت بشكل "هيستيري" بعد الهدف الثاني

وأحمل مورينيو نصيبا كبيرا من مسؤولية العصبية الزائدة التي ظهر بها لاعبو الريال التي لم تقتصر على بيبي فقط.

فربما الشحن الزائد من مورينيو للاعبيه كان أحد الأسباب، أو هو "الملل" من تكرار سيناريو كل كلاسيكو، ولكن الاستثنائي كان مطالبا بالسيطرة على لاعبيه وتهدئتهم لتأدية الدقائق المتبقية من مباراة الذهاب بشكل أفضل، وحتى لا ينعكس ذلك سلبيا على أدائهم في مباراة العودة والتي سيدخلها الريال مضغوطا منذ اللحظة الأولى.

وكما عددت بعض الأخطاء التي ارتكبها مورينيو وكلفت فريقه من وجهة نظري خسارة لقاء الذهاب، سأتحدث سريعا وفي نقاط مختصرة عن برشلونة الذي استطاع النفاذ من الثغرات واستغلال هفوات الميرنجي.

لم يتغير أداء برشلونة حتى مع استقبال شباكه لهدف بعد 11 دقيقة فقط من بداية المباراة، وهو ما اعتدنا مشاهدته من لاعبي البرسا رغم تأخرهم أمام الريال في أكثر من مباراة ولعدد دقائق متفاوت.

ويستحق الصبر والثقة اللذان لازما أداء برشلونة رغم تأخره في النتيجة الإشادة، فكل لاعب ظهر أنه على ثقة تامة في إمكانيات زميله حتى مع إهداره لفرصة أو إساءته للتصرف بالكرة.

بدون كرة

وربما يكون تصريح كريم بنزيمة عقب المباراة الذي قال فيه إن كل ما يفعله لاعبو برشلونة هو التمرير ثم التمرير ثم التمرير واقعيا، ولكنه لا يصف سوى نصف الحقيقة.

فالمهاجم الفرنسي أغفل جانبا مهما وهو السبب الرئيسي في تحويل تأخر برشلونة لفوز غال ومستحق ألا وهو التحرك بدون كرة.

برشلونة قدم لوحة فريدة في تحركات لاعبيه بدون كرة، وأجبر الفريق الملكي على ترك الفجوات يمينا تارة ويسارا تارة أخرى، وحتى مع رقابة الريال لمفاتيح لعب البرسا أوجد الفريق الكتالوني المساحة الكافية لإريك أبيدال ليسجل هدف الفوز.

للتواصل عبر تويتر

https://twitter.com/#!/Khaledlody10

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات