كتب : أحمد سعيد | الأحد، 13 يناير 2013 - 17:37

خطايا الانتقالات (2) - العوامل المشتركة بين جدو ودينيلسون وجون ينسن!

ما هو أسوأ وقت ممكن للتعاقد مع نجم؟ الجناح الأيسر البرازيلي الشهير دينيلسون واللاعب الدنماركي المغمور جون ينسن ومحمد ناجي جدو معجزة كأس أمم إفريقيا يمكنهم جميعا إجابتك على هذا السؤال.

إذا كان الخطأ الأول الذي ترتكبه الأندية كثيرا هو تخصيص مبالغ كبيرة من موازنتها للتعاقد مع لاعبين بدلا من تخصيصها لزيادة رواتب اللاعبين الممتازين المتواجدين في الفريق، وهو الموضوع الذي كان محور الحلقة الأولى من هذه السلسلة، فإن الخطأ الثاني لا يقل فداحة، وهو دفع مبالغ باهظة للتعاقد مع لاعب تألق في بطولة كبرى.

التاريخ الكروي عبر السنوات الأخيرة يمتلئ بأمثلة للاعبين اتمموا صفقات انتقالهم بعد تقديم مستويات رفيعة في كأس العالم، أو كأس الأمم الأوروبية، أو حتى كأس الأمم الإفريقية ولكنهم لم يفلحوا أبدا في الوصول إلى نفس المستوى مع الأندية التي خصصت مبالغ ضخمة لضمهم باعتبارهم صفقات رابحة بلا أدنى مخاطرة.

دينيلسون = 21 مليون استرليني؟

ريال بيتيس ارتكب هذا الخطأ ولايزال يضرب به المثل إلى اليوم. فبعد مستوى مبهر مع البرازيل في كأس العالم 1998، وقع الجناح الأيسر دينيلسون عقدا مع بيتيس الإسباني مقابل 21 مليون جنيه استرليني في صفقة جعلته الأغلى في العالم في هذا الوقت.

وعلى الرغم من أن دينيلسون لعب كثيرا لريال بيتيس، فإن أحدا لا يختلف على أنه – مقارنة بالمبلغ المدفوع – يمثل واحدة من أفشل الصفقات في التاريخ، حتى أن بعض محبي كرة القدم من مواليد بداية التسعينات ربما لا يعرفون من هو دينيلسون أصلا!

المثال المحلي الأبرز هو جدو. الأهلي دفع أكثر من 7 ملايين جنيه مصري وخاض معركة قانونية وإعلامية مع غريمه التقليدي الزمالك لضم لاعب منتخب مصر الذي أبدع في كأس الأمم الإفريقية 2010. سعر جدو تضاعف كثيرا بعد البطولة، إذ كان الزمالك قد توصل معه لاتفاق بمبلغ أقل كثيرا قبل أن يصبح هدافا لإفريقيا، وكان الأهلي نفسه يمكنه الحصول على الصفقة بمقابل أقل إذا بدأ المفاوضات قبل رحلة أنجولا.

ومع كل هذا، لم يستطع جدو أبدا الوصول إلى مستوى أنجولا مع الأهلي، فهو على أفضل تقدير أصبح لاعبا متوسط الأهمية، لا يلعب دورا محوريا في خطط لعب الأهلي أو انتصاراته، كما أنه نال كثيرا من الانتقادات من مدربه السابق مانويل جوزيه، حتى أن الأخير صرح مرة للإعلام بأنه لا يعلم "لماذا كل هذه الضجة حول هذا اللاعب".

يمكنك من هنا مطالعة القائمة التي أعدها موقع FootballFanCast.com لأكثر الصفقات فشلا بعد البطولات الكبرى.

كنت هناك حين سجل ينسن!

يقول الباحثان سايمون كوبر وستيفان زيمانسكي في كتابهما المثير Soccernomics أي "اقتصاديات كرة القدم" أن هناك عدة أسباب لفشل الانتقالات باهظة الثمن عقب البطولات الكبرى.

ويوضحان "الإرهاق الشديد أحد الأسباب، الاكتفاء بالنجاح الذي تحقق مع المنتخب سبب أخر، ولكن الأهم هو أن النادي يحكم على مستوى اللاعب من خلال عدد قليل جدا من المباريات" فيما تحتاج إلى رؤية وتقييم على فترة أطول وفي بطولة مستمرة مثل الدوري كي تستطيع الحكم على مستواه.

أرسنال وقع في مصيدة المتابعة القصيرة هذه حينما تعاقد مع جون ينسن، لاعب الوسط الدنماركي المغمور، عقب مباريات كأس أمم أوروبا 1992 والتي حقق فيها المنتخب الإسكندنافي معجزة الفوز باللقب بعد الاشتراك مصادفة كبديل ليوجوسلافيا التي اندلعت بها الحرب في هذا الوقت.

وسجل ينسن في البطولة هدفا من تسديدة بعيدة، جعلت مدرب أرسنال في هذا الوقت جورج جراهام للتعاقد معه، قائلا في تصريحات صحفية إنه يحتاج للاعب وسط هداف يستطيع التصويب بدقة مثل ينسن.

ولكن اتضح أن هدف ينسن للدنمارك كان صدفة، وأنه ليس هدافا ولا مسددا جيدا، حتى أنه أمضى مع أرسنال 4 سنوات سجل فيهم هدفا واحدا أمام كوينز بارك رينجرز في 31 ديسمبر عام 1994 من تسديدة على حدود منطقة الجزاء. وكان الأمر نادرا جدا بحيث طبع مشجعو أرسنال تيشيرتات مكتوبا عليها "كنت هناك حين سجل ينسن" لتخليد هذه اللحظة التاريخية!

هدية للجماهير

أمر أخر يفسر استعداد الأندية لدفع مبالغ كبيرة في النجوم الصاعدين وهو التأكيد على قيمة النادي كفريق كبير يجتذب أهم اللاعبين، بغض النظر عن أهميتهم في بناء الفريق من عدمه.

ريال مدريد يتصدر هذه القائمة بالطبع.

فحينما دفع النادي الملكي 226 مليون دولار عام 2009 للتوقيع مع كريستيانو رونالدو وكاكا في نفس فترة الانتقالات، لم يكن الهدف هو تحقيق البطولات. ولكن الهدف استعادة القيمة التسويقية للنادي كأفضل فريق كرة في العالم، وإعطاء هدية للجمهور بضم الأفضل في العالم لتعويضهم عن فترة سيطرة من برشلونة.

رونالدو تألق كثيرا وأصبح أهم لاعب في الفريق الملكي، وحقق للفريق أرقاما قياسية على مستوى الكرة وأرباحا قياسية على مستوى التسويق والمبيعات، ولكن كاكا لم يفعل ذلك، وظلت قيمة الصفقة أعلى كثيرا جدا مما قدمه صانع الألعاب البرازيلي في الملعب. كما أن الثنائي مع باقي لاعبي ريال مدريد لم يستطعوا الفوز بدوري الأبطال كما انتزعوا لقب الدوري مرة واحدة.

--

"خطايا الانتقالات" هي سلسلة مقالات تنشر خلال يناير عن أبرز الأخطاء التي وقعت ولاتزال تقع فيها الأندية خلال السنوات الـ15 الأخيرة من زاوية نظر كروية وإحصائية. أستعين في هذه السلسلة بعدد من الموضوعات التي نشرت في وسائل إعلام مختلفة إضافة إلى مصدر رئيسي أخر وهو كتاب Soccernomics لمؤلفيه Simon Kuper وStefan Szymanski.

لاقتراحات عن أفكار عن الموضوع أو حالات أخرى في سوق الانتقالات ترغب في طرحها، سجل في FilGoal.com عن طريق Facebook واترك تعليقك هنا أو تواصل معي مباشرة على تويتر @asaied

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات