كتب : تامر ممدوح | الثلاثاء، 14 مارس 2023 - 16:16

الاتحاد الإفريقي غير الإفريقي!

كاف

كان الاتحاد الإفريقي لكرة القدم منذ نشأته الرسمية يوم 8 فبراير 1957 في الخرطوم، إفريقيا بامتياز. فبرغم أن اتحاد جنوب إفريقيا لكرة القدم هو أحد الاتحادات الأربعة المؤسسة وكان عضوا كاملا في الاتحاد الدولي لكرة القدم وقتها، إلا أن الاتحاد الإفريقي لم يتردد في تجميد عضويته واستبعاده من أولى بطولات الأمم الإفريقية التي أقيمت في السودان عام 1957 دفاعا عن قيم المساواة وعزلا لنظام الفصل العنصري.

وكذلك حارب الاتحاد الإفريقي الوليد من أجل تعليق عضوية جنوب إفريقيا العنصرية في الاتحاد الدولي ونجح بالفعل في ذلك عام 1961. كذلك رفض الاتحاد الإفريقي انضمام اتحاد كرة القدم بروديسيا (زيمبابوي حاليا) نظرا لكونه نظام عنصري مشابه لنظام جنوب إفريقيا وقتها، وهو ما أجبر روديسيا على المشاركة في تصفيات كأس العالم مع دول أوقيانوسيا عام 1970.

على الجانب الآخر كان الاتحاد الإفريقي حريصا منذ البداية على أن تكون بطولاته مناسبة لظروف إفريقيا المختلفة. فبطولة المنتخبات تقام كل عامين وليس كل أربعة أعوام لنشر اللعبة ورفع مستوى المنتخبات الإفريقية. كما تقام البطولة في الفترة بين يناير ومارس كونه الأنسب مناخيا لمعظم دول القارة، فهو موسم الشتاء الدافئ في شمال القارة وموسم المناخ المعتدل الجاف في وسط وغرب القارة وموسم الصيف المعتدل في جنوبها. ورغم ضغوط الأندية الأوروبية والتي بدأت أعداد المحترفين الأفارقة تزداد بين صفوفها بداية من تسعينات القرن الماضي من أجل تغيير موعد كأس الأمم الإفريقية ونقلها للصيف، إلا أن الاتحاد الإفريقي ظل متمسكا بموعدها.

كما تمسك أيضا بدورية عقدها كل سنتين لا أربع سنوات اقتناعا بأن الكرة الإفريقية تحتاج أن تلتقي منتخباتها في بطولة كبيرة دوريا لرفع مستواها.

أما على صعيد استضافة كأس الأمم الإفريقية، كان الاتحاد الإفريقي حريصا منذ التسعينات على إتاحة الفرصة للدول الصغيرة قليلة الإمكانات لاستضافتها، فتم منح الاستضافة لـ بوركينا فاسو عام 1998 ثم مالي في 2002 وأنجولا في 2010 والجابون مع غينيا الاستوائية في 2012 وغيرهم. وكان نظام البطولة المحدد بـ 16 فريقا يسمح لهذه الدول بالاستضافة كون البطولة تحتاج فقط أربعة ملاعب لإقامتها.

كما كان الاتحاد الإفريقي رائدا من حيث إدراكه لتزايد اعتماد المنتخبات الإفريقية على المحترفين بأوروبا، فقام عام 2009 باستحداث بطولة للمنتخبات للاعبين المحليين تقام بالتبادل مع كأس الأمم الإفريقية تحت اسم ”بطولة الأمم الإفريقية للمحليين". وهي التي وفرت احتكاكا جيدا جدا للاعبين الأفارقة داخل القارة وأتاحت لهم فرصة للاحتراف سواء داخل أو خارج القارة.

الجمهور الإفريقي أولا

أما على مستوى الأندية فعندما بدأت بطولة الأندية أبطال الدوري عام 1964، كان جدولها الزمني يبدأ في مارس وينتهي في ديسمبر من نفس العام. إذ كانت الأدوار التمهيدية تقام في الفترة من مارس إلى مايو، ثم تتوقف في الصيف تفاديا لموسم الأمطار الموسمية، لتعود بالأدوار الإقصائية النهائية في الفترة من سبتمبر إلى ديسمبر. وعندما تم استحداث بطولات أندية جديدة (كأس أبطال الكؤوس ثم كأس الاتحاد الإفريقي) اتبعت نفس الجدول الزمني. كذلك راعى الاتحاد الإفريقي في مواعيد مباريات الأندية أن تقام في عطلة نهاية الأسبوع (الجمعة أو السبت أو الأحد)، أولا لأن عدد كبير من الأندية الإفريقية لا تمتلك ملاعب بها إضاءة كاشفة ليلية وثانيا لضمان حضور أكبر عدد من الجماهير.

ومع اعتماد الاتحاد الأوروبي لنظام المباراة الواحدة في نهائي بطولات الأندية لم يحاول الاتحاد الإفريقي تقليده نظرا لظروف القارة من بعد المسافات ومحدودية إمكانات الأندية وجماهيرها، والذي يجعل إقامة النهائي في ملعب محايد بعيد عن بلدي طرفي النهائي اختيارا غير عملي. وقد قام الاتحاد الإفريقي عند استحداث كأس السوبر بين بطلي بطولة أبطال الدوري وأبطال الكئوس عام 1993 بتجربة إقامتها في دولة محايدة وباءت التجربة بالفشل. حيث كانت المباريات فقيرة في الحضور الجماهيري سواء من جمهور البلد المضيف أو جمهوري الفريقين طرفي اللقاء، مما جعله يعدل عن ذلك ويقيم المباراة في بلد النادي الفائز ببطولة أبطال الدوري (دوري الأبطال لاحقا) بدءا من العام 1996.

كما انفرد الاتحاد الإفريقي عن بقية الاتحادات القارية باحتضان وتشجيع الاتحادات المناطقية الخمسة داخل القارة. حيث تم تقسيم القارة إلى خمس مناطق جغرافية، كل منها له اتحاد كرة قدم إقليمي ينظم بطولاته للمنتخبات والأندية في إطار دول الجوار الجغرافي، ويتباين نشاط هذه الاتحادات بين تنظيم بطولات للمنتخبات الأولى بصورة منتظمة، مثل اتحاد شرق ووسط إفريقيا (سيكافا) واتحاد غرب إفريقيا (وافو)) إلى تنظيم بطولات لمنتخبات الشباب والناشئين فقط (مثل اتحاد شمال إفريقيا).

إلا أن كل ما سبق من خصوصية للاتحاد الإفريقي بدأ في التغير بشكل مفاجئ في السنوات الست الأخيرة.

كأس الأمم الإفريقية ووهم الـ24 فريقا

منذ فضيحة فساد فيفا التي انفجرت في 2015 وتردد بها اسم عيسى حياتو رئيس الاتحاد الإفريقي لأكثر من 20 عاما، والتي انتهت دون إدانته ثم ابتعاده عن رئاسة الاتحاد الإفريقي في 2017، تغيرت الأمور كثيرا داخل الاتحاد.

فمع قدوم الملغشي أحمد أحمد المدعوم من جياني إنفانتينو رئيس فيفا لسدة رئاسة الاتحاد الإفريقي، بدأ التيار يتجه إلى تغيير كل الترتيبات المستقرة منذ سنوات والمناسبة لطبيعة إفريقيا وظروفها، واستبدالها بما يناسب أولا مصالح الكرة الأوروبية وثانيا ما يؤدي لزيادة حقوق رعاية بطولات كاف بأي ثمن وتحت أي مسمى.

غداة انتهاء كأس الأمم الإفريقية بالجابون في يناير 2017، اتخذ الاتحاد الإفريقي قرارا بزيادة المنتخبات المشاركة في كأس الأمم الإفريقية إلى 24 فريقا أسوة بكأس الأمم الأوروبية التي قامت بتوسع مشابه بداية من 2016.

ورغم أن البلدان المضيفة لنسخ 2019 و2021 و2023 (الكاميرون وكوت ديفوار وغينيا) كان قد تم اختيارهم مبكرا في عام 2014 على أساس أن البطولة ستكون 16 من فريقا فقط، إلا أن الاتحاد الإفريقي قرر تطبيق الزيادة فورا بداية من بطولة 2019 في الكاميرون!

ولم يكتف الاتحاد الإفريقي بذلك، بل قرر إقامة البطولة صيفا دون أي اعتبار أن مناخ الدول الثلاث في غرب إفريقيا مطير في مثل هذا الوقت من السنة. وكانت النتيجة الطبيعية لهذا القرار المتعجل هو أن الكاميرون لم تقدر على الوفاء بمتطلبات التنظيم في الموعد المحدد، فقرر الاتحاد في نوفمبر 2018 تأجيل تنظيم الكاميرون للبطولة من صيف 2019 إلى صيف 2021 وترحيل استضافة كوت ديفوار إلى عام 2023 وغينيا إلى عام 2025. بجانب فتح باب التقدم لتنظيم البطولة لم يتقدم سوى مصر وجنوب إفريقيا وتم اختيار مصر. وهو ما لم يشكل مشكلة كونها بلدا تملك بنية تحتية جاهزة ومناخها صيفا رغم حرارته إلا أنه مناسب لاقامة البطولة.

وبعد مباحثات مع الكاميرون، قرر كاف في يناير 2020 تقديم بطولة 2021 من الصيف لشهر فبراير حتى لا تتزامن البطولة مع موسم الأمطار! ومع انتشار وباء كورونا في عام 2020 ووقف النشاط الكروي تأجلت التصفيات لبطولة 2021 مما جعل البطولة تؤجل مرة أخرى ليناير 2022.

ولنفس السبب (موسم الأمطار) قرر كاف في يوليو 2022 تأجيل بطولة 2023 من الصيف إلى يناير 2024. وفي سبتمبر 2022 بعد زيارة لجنة كاف لغينيا تقرر استبعادها من تنظيم بطولة 2025 لعدم اكتمال استعدادتها.

ورغم كل هذا التعثر في إقامة كأس الأمم صيفا وبعدد 24 فريق وكل عامين، إلا أن كاف ما زال متمسكا بقراره. ولم يتم حتى الآن اختيار بديل لغينيا ولا حتى اختيار البلد المنظم لبطولة 2027 حتى يبدأ البلد المضيف في الاستعداد مبكرا، مما ينذر باستمرار تعثر تنظيم البطولة بشكلها هذا والاضطرار للجوء لبلدان بعينها لتنظيمها عوضا عن تشجيع بلدان جديدة لم تستضف البطولة من قبل كما كان يحدث.

مباراة واحدة أم اثنين

وكما فعل كاف بكأس الأمم فعل ببطولات الأندية. ففي يوليو 2017 تم اتخاذ قرار بأن تبدأ بطولات الأندية في أغسطس وتنتهي في مايو من العام الذي يليه مع البدء في ذلك من موسم 2018-2019، ورغم انتهاء بطولات الأندية 2018 في نوفمبر تقرر ضغط بطولة 2018-2019 في فترة ستة أشهر فقط وهو ما شكل عبء كبيرا على الأندية المشاركة وعلى البطولات المحلية، ثم شهد نهائي البطولة كارثة في حق الكرة الإفريقية، إذ قرر كاف فجأة قبل مياراتي النهائي أن المباراتين سيتم استخدام تقنية حكم الفيديو المساعد (فار) فيهما. وهو ما انتهى إلى فضيحة انسحاب الوداد من مباراة العودة في تونس نظرا لتعطل التقنية بين الشوطين، ولم تنته الفضيحة عند هذا الحد إذ أن المكتب التنفيذي للاتحاد وفي مواجهة شكوى الوداد ومحاولة لاحتواء غضب الاتحاد المغربي قرر إعادة المباراة النهائية، إلا أن الترجي طعن في هذا القرار أمام المحكمة الرياضية والتي في النهاية أبطلت قرار المكتب التنفيذي للاتحاد في سابقة أولى.

وكرد فعل غير منطقي على هذه الأزمة ودون أي دراسة، قرر الاتحاد إجراء نهائي بطولات إفريقيا للأندية من مباراة واحدة بداية من موسم 2019-2020، وهو القرار الذي واجه سلسلة من الأزمات نظرا لعزوف معظم الدول عن التقدم لاستضافة المباراتين النهائيتين لدوري أبطال إفريقيا ولبطولة الكونفدرالية، مما أدى لأزمة كبيرة جديدة الموسم الماضي عندما تم تأخير اختيار مكان نهائي دوري الأبطال حتى ما بعد ذهاب الدور قبل النهائي وشبه معرفة الفرق المتأهلة للنهائي، إذ تم اختيار المغرب لاستضافة المباراة وفريق الوداد كان طرفا فيها مما عرض الاتحاد الإفريقي لنقد شديد من طرف المياراة الآخر النادي الأهلي، وهو ما أدى في النهاية لتراجع الاتحاد عن قراراه والعودة للنظام القديم بداية من موسم 2022-2023!

ولا ننسى أن المباراة النهائية في الموسم الماضي تم تأخير موعدها ليومين وأقيمت يوم اثنين لأول مرة في تاريخها لا لسبب واضح سوى أن موعدها الأصلي كان في نفس يوم نهائي دوري أبطال أوروبا والذي كان رئيس الاتحاد باتريس موتسيبي مدعو لحضوره !

لعب خارج البلاد وجدول مرتبك وإفريقيا خارج إفريقيا

واستمرارا لتقليد أوروبا في كل شيء، بدأ الاتحاد الإفريقي رفض لعب بعض الأندية على ملاعبها المحلية بحجة عدم مطابقة ملاعبها لمعايير كاف. ورغم ما قد يحمله هذا من وجاهة في إطار الملاعب التي ستستضيف كأس الأمم وغيرها من بطولات المنتخبات، إلا أن تطبيق ذلك في بطولات الأندية غير منطقي وغير عملي. إذ أن عدد كبير من الملاعب الإفريقية لن ينطبق عليه هذ المعايير، وهو ما أدى إلى إجبار أندية البلاد الصغيرة على اللعب خارج ملعبها بل وخارج بلادها!

وعلى سبيل المثال رفض الاتحاد الإفريقي في دوري ابطال إفريقيا هذا الموسم لعب نادي فلامبو البوروندي على أي ملعب داخل بوروندي لعدم اعتماد أيهم وطالب الفريق باللعب في مالاوي! وفي مواجهة زيادة النفقات قرر هذا النادي الذي واجه الزمالك في الدور التمهيدي الثاني لعب المباراتين في مصر، وهو الموقف الذي تكرر مع عدد من الأندية الصغيرة الأخرى في تعنت يضر بمبدأ تكافؤ الفرص ولا يراعي ظروف إفريقيا المعروفة للجميع.

أما عن مواعيد بطولات الأندية المفترض إقامتها من أغسطس حتى مايو فلم تقام بمواعيد ثابتة أبدا منذ تغيير موعدها، فكل موسم ننتظر إعلان كاف لمواعيد الجولات والذي يوضع -حسب الظروف-، وفي كل المرات كان يتم لسبب غير مفهوم ضغط دور المجموعات والأدوار النهائية في الفترة من فبراير حتى مايو (12 مباراة) بمعدل ثلاث مباريات شهريا، بينما يتم في الفترة من أغسطس حتى ديسمبر لعب الدورين التمهيدي الأول والثاني ودور الـ16 الإضافي لكأس الكونفدرالية فقط (6 مباريات).

وهو ما يؤدي إلى ارتباك شديد لكل المسابقات المحلية في فترة الدور الثاني. وإذا نظرنا للاتحاد الأوروبي سنجد أن المواعيد لكل الأدوار معروفة وشبه ثابتة كل عام وكذلك يتم توزيع المباريات توزيعا متوازنا على مدى الموسم على ألا تزيد المباريات عن مباراتين شهريا. ففي الفترة من أغسطس إلى ديسمبر تلعب الأدوار التمهيدية ودور المجموعات (10 مباريات في حالة الفرق التي تبدأ من الدور التمهيدي الثالث) ثم من فبراير إلى مايو يتم لعب الأدوار النهائية (7 مباريات). فلماذا لا نقلدهم في ذلك؟.

أما عن كأس السوبر الذي كان في الماضي يقام في موعد ثابت في فبراير من كل عام قبل انطلاق الموسم الجديد لبطولات الأندية في مارس، فمنذ تعديل موعد البطولات لتبدأ في أغسطس فلم يقم في موعد محدد، فتارة يقام في مايو وتارة يقام في ديسمبر. بل أقيم في الفترة من العام 2019 حتى 2021 خارج قارة إفريقيا كليا حيث استضافته قطر. ولولا أن طرفا المباراة الأخيرة من المغرب لما أقيم هناك. ولا

أعلم ما فائدة استضافة قطر لهذه المباراة للكرة الإفريقية، أو كيف ستحضر الجماهير الإفريقية تلك المباراة! والغرض كما يبدو هو جني أرباح الرعاية دون التفكير في شيء آخر.

دوري السوبر الإفريقي

زاد الطين بلة تبني الاتحاد الإفريقي في مارس 2021 بتشجيع من إنفانتينو لفكرة دوري السوبر الإفريقي التي فشلت في أوروبا! على وهم اجتذاب المزيد من الرعاة والأموال للاتحاد وأعضاءه من الاتحادات المحلية وبمجموع جوائز 100 مليون دولار، وما رشح في العام الماضي من أفكار لنظام البطولة يدل على تخبط شديد وانعدام تام للرؤية السليمة. فابتداء تردد أن البطولة سيشترك فيها 24 فريقا هم الأعلى تصنيفا في القارة مع تقسيمهم لثلاث مجموعات على أساس جغرافي. أي أن كل فريق سيلعب في دور المجموعات فقط 14 مباراة! بمجموع مباريات لدوري المجموعات فقط يبلغ 168 مباراة! وإذا افترضنا أنه سيتأهل 16 فريق من 24 إلى الاقصائيات، سيبلغ عدد المباريات التي سيخوضها الفريق المتأهل للمباراة النهائية 22 مباراة! عدد كبير جدا بالمقارنة بالوضع الحالي الذي يخوض قيه الفريق المتأهل لنهائي دوري أبطال إفريقيا 14 مباراة فقط. وهو ما يمثل عبئا شديدا على الفرق المشاركة في هذه البطولة وعلى بطولاتهم المحلية.

كما لم تحدد التسريبات علاقة هذه البطولة بالبطولتين الحاليتين ونظامهما في ظل وجود دوري السوبر هذا. ثم تردد مؤخرا أن نظام البطولة مرشح للتغيير في ظل أزمة إيجاد رعاة لهذه البطولة حيث تقرر أن تقتصر البطولة على ثماني فرق فقط!

ولم يتم حتى الآن معرفة كيف وعلى أي أساس سيتم اختيار هذه الفرق الثمانية رغم أن البطولة نظريا ستبدأ بعد ستة أشهر من الآن. لأنه إذا صح ما تردد عن اختيار أندية بعينها لتحقيق التمثيل الجغرافي مع مبدأ الأعلى تصنيفا وفقا لنتائج البطولات الإفريقية في الخمس سنوات الأخيرة (على سبيل المثال)، فذلك يضرب مبدأ الجدارة المحلية من تمثيل الاتحادات المحلية في البطولات القارية في مقتل ويحول بطولتي كاف الأخرتين لبطولتين من الدرجة الثانية، فالطبيعي أن المشارك في البطولة القارية هم الأبطال المحليين في هذا الموسم وليس الأندية التي لها سجل سابق من الإنجازات القارية.

قد يتم منح ميزة لهذه الأندية كما يحدث حاليا بتجنيبهم اللعب في الدور التمهيدي ولكن بشرط تأهلهم من الأساس عن طريق الفوز بالبطولة المحلية أو احتلال المراكز المؤهلة للبطولة القارية في البطولة المحلية. تحقيق هدف زيادة عقود الرعاية قد يتحقق بصورة أفضل عن طريق تطوير البطولتين الحاليتين وتوسيع قاعدتهما مع ضمان مشاركة الفرق الأكبر في القارة وضمان كذلك مبدأ الجدارة المحلية، وهو ما يفعله الاتحاد الأوروبي عبر مراجعة نظام بطولاته كل ثلاث سنوات لضمان استمرار جذبها للرعاة عبر توسيع القاعدة وليس قصرها على عدد محدود من أندية النخبة إلى جانب ضمان قوة المنافسة.

والحل؟

كل هذه الأزمات أضرت بشكل كبير بالكرة الإفريقية وبمصداقية الاتحاد الإفريقي أمام الاتحادات والأندية المحلية. حيث أصبح من الواضح للجميع أن الاتحاد لا يفكر في مصلحة الكرة الإفريقية ولا تقدمها بل في أموال الرعاية وفي مصالح الأندية الأوروبية.

لن ينصلح حال الاتحاد الإفريقي إلا إذا عاد "إفريقيا" مرة أخرى. أن تعود بطولة الأمم لتقام في يناير لتناسب مناخ معظم دول القارة ومن 16 فريقا ليسهل تنظيمها كل عامين، وإذا كان هناك إصرار على إقامتها من 24 فريقا فلتكن كل أربعة أعوام مع اختيار البلد المنظم قبلها بـ 5 أعوام على الأقل لإتاحة الفرصة للبلد المنظم للاستعداد.

مع إقامة بطولة المحليين في الأعوام الزوجية كل عامين. كذلك يجب تشجيع كل الاتحادات المناطقية لإقامة بطولات للمنتخبات الأولى (بعضها موجود بالفعل) لتعويض نقص الاحتكاك الدولي الذي سينتج عن إقامة كأس الأمم كل عامين، وهذه البطولات المناطقية ستكون هي البديل الإفريقي الأنسب لفكرة دوري الأمم التي تبنتها أوروبا لزيادة منافسات المنتخبات.

أما عن بطولات الأندية فيجب أن تبدأ في موعد محدد ثابت وتنتهي في موعد ثابت ككل البطولات المحترمة. مع توزيع المباريات بين نصفي الموسم بشكل متوازن (على سبيل المثال: الأدوار التمهيدية + نصف مباريات دور المجموعات في الفترة من أغسطس إلى ديسمبر ثم بقية المباريات في الفترة من فبراير إلى مايو). كذلك يجب التخلي عن فكرة دوري السوبر لمصلحة تطوير البطولتين القائمتين بهدف تحقيق زيادة حقوق الرعاية (على سبيل المثال: توسيع دور المجموعات ليكون من 24 فريقا توزع على 4 مجموعات من 6 فرق مع منح مقاعد مباشرة في دوري المجموعات لأول 8 اتحادات قارية في تصنيف كاف للأندية، وهو ما سيرفع عدد مباريات المجموعات لـ90 مباراة عوضا عن 36 حاليا).

قي كل الأحوال فأفكار التطوير التي تخدم الكرة الإفريقية حقا وتعود بالاتحاد الإفريقي لاستقلاليته وخصوصيته الإفريقية كثيرة. ولكن تنفيذها مرتبط بأن يعود الاتحاد إفريقيا بحق كما كان منذ نشأته.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات