كتب : وليد الحسيني | الجمعة، 07 أغسطس 2020 - 10:08

التعصب بين مراهقة الصغار إلى نوايا الكبار ودفن الرؤوس

جمهور

طل التعصب الجماهيري برأسه على الكرة المصرية بشكل واضح منذ عدة سنوات، وأصبح الغضب يسيطر على رأسها بعدما فقدت عقلها بلا رجعة كما تشير مؤشراتها.

إذا تحدثنا عن التعصب الكروي فقط دون النظر إلى التعصب الذي يجتاح أوصال المجتمع في كل مناحيه فإننا كمن يدفن رأسه في الرمال لأن التعصب لم يترك مجالا في مجتمعنا إلا وطاله.

إن حاولنا إرجاع أسباب عدم استقرار المجتمع ككل إلى مراهقي كرة القدم فإننا ننشد الراحة دون البحث عن الأسباب الحقيقية لهذا التعصب، لكن علينا أن ننظر إلى أبعد من موطئ أقدامنا كما نفعل الآن حتى نحدد أسباب ذلك المرض.

حينما تغيب المشروعات الكبرى والمثل العليا في أي مجتمع يبحث البعض عن مكان أخر يتعلق به ويفرغ فيه طاقته بداخله ويجد فيه أمله ولا يوجد أفضل من كرة القدم بما لها من شعبية لتفريغ هذه الطاقة المتدفقة.

حينما لا توجد سوى كرة القدم ليتعلق بها الناس خاصة الشباب الصغير يكون التعلق بها زائدا عن الحد ومن هنا يظهر التعصب للفرق ولا يرى البعض نفسه إلا في هذه اللعبة.

الآن كل طرف في كرة القدم يتمسك بوجهة نظره وشغفه بفريقه ، ويرى في الطرف الأخر كل العيوب ومن هنا يظهر التعصب بعضه عن جهل وعدم معرفة بماهية الرياضة، والبعض الآخر عن عمد لجر كل الأطراف لطريق التعصب المليء بالأشواك.

لا تتوقف الصراعات والأزمات عن ملاحقة كرة القدم المصرية بما لها من شعبية وكأنها ناقصة ملاسنات مرة و" تلقيح" مرة أخرى.

ولأن الكرة في مصر حالتها "بعافية شويتين"، فإن الصراعات تملأ الفراغ الموجود داخل ثناياها في ظل تراجع مستواها الفني منذ ما يقرب من عقد كامل، ولم تجد من يحنو عليها من أبنائها، وأصبحت جسدا بلا روح. لقيطة تبحث عن أهل.

إذا كان التعصب الجماهيري قد سيطر على الحال الكروي في مصر فإن نسج هذا التعصب الكريه من صنع أيدي بعض المسؤولين بحثا عن بطولات زائفة مرة وإدعاء الرزينة مرة أخرى.

لعبت مواقع التواصل الاجتماعي "السوشيال ميديا" دورا لا تخطئه العين في تنامي وانتشار هذا التعصب الذي أصبح عنوانا لتلك المرحلة المزرية بالبحث عن متابعين على السوشيال ميديا.

تخوف بعض نجوم الكورة بكل اسف من غضب مراهقي "السوشيال ميديا" ومحاولة استرضائهم ودغدغة مشاعرهم بحثا عن جماهيرية زائفة ولو على حساب الحقيقة أحد أسباب تصاعد حدة التعصب بين الجماهير.

لعب بعض نجوم كرة القدم بحثا عن بريق نجومية خفت أو ضاع وكذلك بعض مسؤولي الأندية دورا لا ينكر في إشعال نار التعصب بين مراهقي كرة القدم بتصريحات غير مسؤولة ولأغراض في نواياهم.

هؤلاء المسؤولون والنجوم قاموا بدور كبير في إزكاء نار التعصب بين جماهير الكرة، بعضهم قام بهذا الدور عن جهل مرة وعن تعمد مرات عدة بحثا عن شعبية خادعة بين مراهقي السوشيال ميديا.

أصبحت وسائل الإعلام التليفزيونية سببا مباشرا في زيادة حدة التعصب الجماهيري، ما بين مذيع يخرج ليثير قضية لمجرد إثارة الجدل وآخر باحث عن زيادة نسبة مشاهدته، وثالث باحث عن مصالح شخصية رخيصة، ورابع يطلق كلاما لدغدغة مشاعر مسؤولين حفاظا على وضعه شبه المهني، وخامس باحث عن زيادة نسبة معجبيه على السوشيال ميديا بين كل هؤلاء ضاع كل شيء.

ما يوصف الآن تجاوزا بالإعلام الرياضي، نادرا ما يناقش قضايا رياضية بقدر ما تفرغ لـ"الخناقات والملاسنات" بين أطراف عدة في هذا الوسط وتاهت القضايا الرياضية وسط هذا الكم من الأزمات.

قلة الثقافة ولا أريد قول الجهل وغياب المشروع الكبير في المجتمع وتراجع مستوى التعليم وعدم تربية النشئ على قبول الآخر أسباب رئيسة في تفشي ظاهرة التعصب التي تجد كل يوم من ينفخ فيها ويملأ انبوب أوكسجين لتحيا.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات