حكايات في رمضان – ألفارو ريكوبا.. "كان بإمكانه أن يصبح الأفضل لكنه لم يرغب في ذلك"

الأحد، 12 مايو 2019 - 20:09

كتب : إسلام مجدي

ألفارو ريكوبا

"لم يكن مجرد لاعب كرة قدم، إنه كرة القدم نفسها، لقد فعل الكثير من الأشياء لا يفعلها اللاعبين العاديين، وأحببتها لأنها كانت موجودة به وفي رونالدو كذلك". ماسيمو موراتي رئيس إنتر السابق عن ألفارو ريكوبا.

ماذا لو امتلكت موهبة كبيرة للغاية لكنك كنت كسولا وعاطفيا بما يكفي ما يجعلك لا تستغل 100% من تلك الموهبة والمميزات الكثيرة، ورغم بعض التخاذل إلا أنك ستظل مستمرا في قلوب عشاق الفريق ولك عشاقك أيضا.

حالة غريبة خاصة وإن فقت التوقعات في البداية ووصلت للكثير وكتبت تاريخا خاص بك وجعلت من منحك الفرصة فخورا لكنك توقفت عند حد معين.

بإمكانك قراءة بقية الحكايات من هنا.

ألفارو أليكساندر ريكوبا ريفيرو، ابن مدينة مونتفيديو عاصمة أوروجواي، الفتى الصغير سرعان ما اكتسب لقبا ليس لموهبة أو أي شيء بل لشكله. "ال تشينو" أو El Chino ولا أعتقد أن ذلك اللقب بحاجة لتعريف. لكنه مقتبص عن كلمة الصيني.

بدأ مسيرته مع كرة القدم في فريق دانبيو لعب لفئات الشباب مع عدد كبير من المواهب الأخرة، لكن ريكوبا لم يكن ذلك الفتى الذي يتنفس كرة القدم ويتدرب لساعات، على النقيض كان يحبها لكنه لا يحب التدريبات.

"عرفت ألفارو منذ أن كان في الـ10 وربما أقل من ذلك، والدي رافاييل بيرون عاد إلى مونتفيديو بعدما لعب لنادي أولمبياكوس في أثينا حيث ولدت، كان يدرب شباب فريق دانبيو". لورينا بيرون زوجة ريكوبا عام 2000.

بيرون الذي كان صديقا لوالد ألفارو وعراب الفتى الصغير، قرر أن يتولى إدارة شؤونه، كان يشعر بالضجر والغضب كلما خسر مباراة مع فريق دانبيو، وقتها لم يكن الفتى ريكوبا الصغير قد انضم بعد إلى دانبيو، كان يسجل الكثير من الأهداف ضده وامتلك يسارية تجيد توجيه الكرة كيفما شاء، فقرر ضمه إلى الأكاديمية.

Image result for young alvaro recoba

قال بيرون :"كان يشتكي كثيرا من إرهاق المسافة بين النادي ومنزله بجانب أنه كان يستقل الحافلة كل يوم وأيضا اهتمامه الشديد بالفتيات، الأمر مثل أن كل شيء كان يشتته، اضطررت وقتها لمنحه غرفة في منزلي لأنني قريب من النادي".

ريكوبا لم يكن يحب التدريبات، كان يكرهها ويشعر أن بها بعض الأشياء غير الضرورية :"الأمر مثل الذهاب إلى المدرسة، هناك مواد لا أحب أن أذاكرها، في التدريبات هناك جزء لا أحبه أيضا".

تألق ريكوبا كثيرا بفضل تلك المساعدات من بيرون، في حين أن دانبيو تأهل للدرجات الأعلى في الدوريات واستمر ريكوبا مع الفريق لعامين، كانت هناك الكثير من الإغراءات بين الحين والآخر لاعتزال كرة القدم بالنسبة له، حتى أن والده وبيرون طلبا من لورين أن تفعل شيئا حيال زوجها.

الأجواء التي أصبحت مألوفة له في دانبيو مع عدم تسجيل الكثير من الأهداف لكن صناعتها وبعض المسؤولية للفتى الصغير جعله ينضج أكثر، ليسجل 14 هدفا في 20 مباراة في موسمه الثاني، والكثير منها شارك كبديل. وموهبته الواعدة استقطبت كل من بينارول وناسيونال.

اختار إل تشينو تمثيل ناسيونال، لككن لموسم وحيد أظهر خلاله مستوى متميزا للغاية، وبدا واضحا أن أمريكا الجنوبية لديها نجم جديد، وخلال ذلك الموسم كان يتواجد في المدرجات كل من ماسيمو موراتي رئيس نادي إنتر وساندرو ماتسولا أسطورة الفريق.

ماتسولا كان قد شاهده أولا، وألمح إلى موراتي بضرورة متابعة هذا اللاعب وربما ضمه لأنه موهبة واعدة للغاية.

المباراة كانت تجمع فريق ناسيونال أمام مونتيفيديو واندررز، هذه المباراة التي غيرت كل شيء.

قال موراتي :"تحركاته كانت رائعة للغاية، كان من الصعب تعقبه داخل الملعب".

ريكوبا بدأ الهجمة من منطقة الظهير الأيسر في منتصف ملعبه ثم ركض بالكرة لمسافة كبيرة متخطيا 5 لاعبين ومتجنبا مواجهة 3 مدافعين، ثم سدد بطريقة رائعة لتسكن الكرة المرمى. وكأنه كان يقول لموراتي رحلتك لن تذهب سدى.

ألفارو صاحب الـ20 عاما سجل هدفا خياليا دفع الجميع للتصفيق له وكانت تلك أولى اللحظات التي أوقعت موراتي في حبه، والمستقبل كان من الواضح أنه كبير أمامه.

في صيف 1997، كانت كل الأخبار تتمحور حول صفقة كبيرة للغاية، الموهبة البرازيلية ذات الابتسامة العريضة رونالدو ضد انضم إلى إنتر ميلان بعد رحلته في هولندا وإسبانيا.

قام إنتر في ذلك الوقت بضم زي إلياس وبينوا كاوت ودييجو سيميوني وفرانشيسكو مورييرو، أما ريكوبا فكان بعيدا عن الأضواء، على الرغم من منافسة يوفنتوس على ضمه، لكن ريكوبا اخترا إنتر بناء على نصيحة من مواطنه ولاعب إنتر السابق روبن سوسا.

ظهوره الأول جاء أمام بريشيا، الجماهير احتشدت لمشاهدة الظاهرة رونالدو، كانت تلك أول مباراة في الموسم على ملعب جوسيبي مياتزا، الكل انتظر الظاهرة ومرت الدقائق لكن النتيجة كما هي ثم تقدم بريشيا في النتيجة بعد تمريرة حاسمة من اللاعب الشاب أندريا بيرلو.

كان ريكوبا قد دخل إلى الملعب كبديل، وفي الدقيقة 80 استقبل ألفارو الكرة من كاوت على بعد 35 ياردة وسجل هدفا بطريقة ممتازة، لتزداد صيحات وتشجيعات الجماهير بشكل كبير. ولم ينته الأمر عند ذلك الحد، وكأنه سيناريو يتحول لحقيقة، ركلة ثابتة من مسافة بعيدة، يثبت ريكوبا الكرة ويسددها بيسارية دقيقة وممتازة للغاية ليفوز إنتر باللقاء.

لم يكن ريكوبا أو موراتي يحلمان بمثل هذه البداية، حلم تحول لحقيقة، هدفان وتحويل الهزيمة لانتصار أمام جماهير الفريق، وفي مباراة لم يتوقع أحد أن يكون بطلها.

بعد تلك البداية الرائعة شارك لمدة 7 دقائق في انتصار إنتر ضد بولونيا في الجولة الثانية، ثم غاب حتى شهر يناير 1998 حينما أنقذ إنتر لمرة ثانية في الدوري وسجل هدف التعادل أمام إمبولي في الجولة الـ17.

ما بدا أنها بداية كبيرة للغاية اصطدمت بواقع صعب، خط هجوم إنتر احتوى على لاعبين مثل رونالدو ويوري جوركاييف وإيفان زامورانو، ولاعبون اعتادوا على اللعب في أكبر المستويات في أوروبا، وبالنسبة لريكوبا؟ نعم هو فتى موهوب للغاية لكن مازال موهبة شابة تحاول التكيف على الثقافة الجديدة وهذا المستوى من كرة القدم.

في موسمه الأول أنهى إنتر الدوري في المركز الثاني، لتكون أقوى منافسة للفريق في سنوات، وفاز بالدوري الأوروبي.

خلال الموسم الثاني انضم خلال شهر يناير إلى فينزيا على سبيل الإعارة، ومجددا أصبح بطلا يلفت الأنظار، خلال 19 مباراة سجل 11 هدفا وصنع 9 آخرين وأنقذ النادي من الهبوط، وواحد من أفضل مستوياته جاء ضد فريقه إنتر، حينما سجل من ركلة حرة مباشرة أمام الأفاعي الذين كانوا يمرون بموسم سيء للغاية وأنهاه في المركز الثامن على بعد 4 من فينيزيا.

قرر مارشيللو ليبي مدرب إنتر الجديد أن يستعيد خدمات ريكوبا ليمثل إنتر مجددا، ووقتها ظهر بشكل اعتيادي في المباريات أكثر مما كان يفعل مع لويجي سيموني أو ميرتشا لوتشيسكو، بدا وكأن ذلك ما كان ينتظره ريكوبا فعليا ليلمع. وأصبح لاعبا حيويا في موسم مخيب للآمال مجددا في إنتر ويغيب النادي عن المشاركة في دوري الأبطال مجددا ليقال ليبي من منصبه.

على الرغم من ذلك قام موراتي بعرض عقد جديد يمتد لـ6 أعوام لريكوبا وجعله اللاعب صاحب الأعلى أجرا في العالم، بعد تقارير قالت إن اللاعب سينضم إلى يوفنتوس.

فجأة انهار كل شيء، وتم إيقاف ريكوبا لمدة عام من ممارسة كرة القدم ثم تم تقليص العقوبة إلى 4 أشهر بعد الاستئناف، وذلك بسبب حيازته جواز سفر مزور فور وصوله إلى ميلان، فيما عرف بفضيحة جوازات السفر المزورة في الكرة الإيطالية.

فضيحة جوازات السفر المزورة ضربت الكرة الإيطالية عام 2001، وتورط فيها عدد كبير من اللاعبين غير الأوروبيين، وكانت أول حالة للتزوير الفج في الكرة الأوروبية، وبجانب تورط ريكوبا كان هناك أيضا جورجينيو لاعب أودينيزي السابق وديدا حارس ميلان السابق والكاميروني توماس جوب لاعب سامبدوريا، وجوستافو بارتليت لاعب روما السابق وخوان سيباستيان فيرون لاعب لاتسيو السابق وغيرهم.

بجانب العديد من الإصابات سبب ذلك انهيارا كبيرا لمسيرته مع إنتر، سواء في ركبته أو كاحله أو كتفه.

فجأة انقلب المحللون والصحف ضده، خاصة وأن مستواه وتأثيره أصبح متذبذبا، ولم يعد يتحكم في مجرى ونتائج المباريات كما اعتاد، نعم كانت هناك لحظات رائعة للغاية منه ومستويات خطفت الأنفاس مثل مواجهة روما عام 2002 عندما سجل هدفين وصنع آخر في انتصار إنتر بنتيجة 3-1.

وبجانب هدفا خياليا سجله النجم الأوروجوياني بمجهور رائع أمام ليتشي.

كانت هناك الكثير من الانتقادات التي وجهت لأسلوبه، حتى أن هيكتور كوبر مدربه السابق خرج علنا وانتقده بعد مستواه السيء أمام لاتسيو في آخر يوم من موسم 2002، وبعد ذلك بعام خرج إنتر من نصف نهائي دوري الأبطال أمام ميلان ما دفع الإدارة لإقالة كوبر من منصبه خاصة وأنه كان قد رفض إشراك ريكوبا الأمر الذي أغضب موراتي كثيرا.

"في بعض الأحيان تفكر فقط في نفسك، لكن عليك أن تفكر بباقي الفريق، ما فعله ريكوبا يفتقر للذكاء". كوبر معلقا على طرد ريكوبا أمام برشلونة في دوري الأبطال 2003.

الكثير من المستويات المتميزة لكن على مراحل متقطعة للغاية وفي مباريات وعلى فترات متباعدة، قصة ريكوبا لا يمكن إدراجها تحت بند الدراما أبدا، لكنها محبطة نوعا ما، لأن لاعب امتلك كل هذه الموهبة والطريقة الرائعة والقدم اليسارية المتميزة ولكنه لم يستغل كل ذلك.

قال خوان سيباستيان فيرون عنه :"كان بإمكانه أن يصبح الأفضل في العالم، لكنه لم يرغب في ذلك".

طال بقاء ريكوبا مع إنتر حتى عام 2007، حينما قرر صاحب الـ30 عاما أن ينهي ذلك الفصل من مسيرته وبعد عام في تورينو وإجازة في اليونان عاد إلى حيث بدأ كل شيء، دانبيو، ثم ينضم إلى ناسيونال ويعتزل الكرة في 2016.

"الأمر ليس حول أنني لم أرغب في أن أصبح الأفضل، لكنني أعتقد أنني فعلت أفضل ما يمكنني، كنت قادرا على تقديم كل ما أعرفه، لكنني بكل تأكيد لم أقدم المزيد، لم أكن قادرا فعليا على الالتزام بنفسي".

"حتى اليوم أتساءل كثيرا، إن كان فعلا بإمكاني فعل المزيد أم لا، من يعلم؟ رمبا في أعوام قليلة، باردة، قد أصل إلى نفس الوصف الذي وصل إليه سيباسيتان فيرون".

أما موراتي فقال :"رونالدو أم ريكوبا؟ كلاهما مختلفان، رونالدو كان أفضل لاعب في العالم وأعجبنا به لذلك، أما ريكوبا فلم نتوقع أن يكون قويا للغاية، لذا ربما انتهى بك المطاف وأنت تحبه كثيرا وقد قدمت أكبر مفاجأة لفريقك، فسأختاره".

** المصادر (مجلة سبورتي أليت الإيطالية - مجلة فور فور تو - فيلم إنتر: الظهور الأول لألفارو ريكوبا - لا جازيتا ديلو سبورت - موقع باك بيدج فوتبول - مجلة Thesefootballtimes - بودكاست: ألفارو ريكوبا: موهبة مهدرة أو نجم كبير؟ - كتاب: ماذا كان ألفارو ريكوبا)

طالع أيضا:

حسم الدوري الإنجليزي – حقائق ومعلومات عن كأس البطولة والميداليات

حسم الدوري الإنجليزي - ليفربول وسيتي قد يحتكمان لمباراة فاصلة في هذه الحالة فقط

أجانب منسيون – حوار في الجول.. رحيم أيو: عبيدي بيليه نصحني بـ بالزمالك ولا أعرف لماذا لم يحبني حسام حسن

حسم الدوري الإنجليزي - ليفربول ينتظر من برايتون ما لم يحدث منذ أكثر من 36 عاما

تشكيل الزمالك المتوقع - تغييرات دفاعية والحفاظ على القوام الهجومي

الصباحي حكما لمواجهة الداخلية والزمالك في الدوري المصري

التعليقات