كيليان مبابي.. وكأن نُضجه فٍطرة تقبع في داخله

وفيما يتعلق بهذا أو ذاك فقد بدا أن وضع كيليان مختلف. الموهبة واضحة وضوح الشمس في نهار صيفي حار، والعقلية لا ترسم ملامح نجم على الطريق وإنما أسطورة بانتظار البريق.

كتب : لؤي هشام

الجمعة، 15 فبراير 2019 - 21:32
كيليان مبابي - الصورة من thesefootballtimes

ينطلق بسرعة كبيرة مبهرة، يركض كما يركض الغزال في سهل واسع بلا أنياب. في خطواته تشعر وكأنها رقصة باليه أما مهاراته فمزيج مختلف ينتهي دوما عند نقطة الإبهار.

الموهبة الحقيقية لا تحتاج إلى الكثير كي تلفت الأنظار، فمنذ الصغر تيقن من رأوه أن مستقبلا باهرا يجلس في مكان ما متشوقا لمقابلته، والإيمان بما يملكه اعترى جميع من حوله قبل أن يعتريه.. الحكم واضح وصريح.

ولكن كم من شخص بتلك المواصفات مر على ذاك المستطيل الأخضر ولم يكمل المسير وبدا وكأنه نسى أو تناسى حقا ما كان بإمكانه.

عند تلك النقطة تفرض الشخصية كلمتها وتوجه العقلية رؤيتها، وأما من تركوا أنفسهم لما في أنفسهم فقد ذهبت مساعيهم أدراك الرياح.

وفيما يتعلق بهذا أو ذاك فقد بدا أن وضع كيليان مختلف. الموهبة واضحة وضوح الشمس في نهار صيفي حار، والعقلية لا ترسم ملامح نجم على الطريق وإنما أسطورة بانتظار البريق.

فلنقل: الأمر كله احتاج للنضج لا أكثر.. نضج يبدو وأنه للاعب مر بالكثير في رحلته وهو الآن على مشارف الاعتزال فتمخضت خُلاصة تجاربه لتُظهر شخصيته التي تشكلت مع مرور الأعوام.. أما الحقيقة فكانت أنه فتى صغير في الـ20 من عمره.

قد جاوز النضج مداه يا مبابي.

جلس الفتى صاحب الـ14 عاما في غرفته الصغيرة ليلا وقد أُحيط بصور نجومه المفضلين على الحائط. اعتاد أن ينظر إلى نجمه المفضل كريستيانو بالكثير من الإعجاب والأحلام.. أحلام أن يسير على خطاه ويتعلم من مسيرته.

بعد مرور 5 سنوات فقط كان القدر يرسم ما لم يدر بالخلد. الفتى الذي وضع صورة نجمه المفضل على الحائط في مواجهته كان يقف في تلك اللحظة بمواجهته وهذه المرة شخصيا، وفي المسابقة الأهم دوري أبطال أوروبا.

يقول كيليان: "كان قدوتي في الصغر ولكنه لم يعد كذلك الآن".. لا تحمل تلك الكلمات تقليلا أو إهانة وإنما تشرح كيف يتعامل الشاب مع ذاته بكل صراحة وكيف يدرك أننا نتغير مع مرور الوقت وتتغير رؤيتنا ومطامحنا.

التنشئة الرياضية لعبت دورها مع مبابي فوالده كان مدرب كرة قدم لأحد أندية الهواة، ووالدته كانت لاعب كرة يد محترفة، والإرشاد الرياضي ساهم في التوجيه الصحيح ومثل أفضلية له.

بدأ كيليان مسيرته مع نادي بوندي الواقع في أحد ضواحي باريس الشمالية حيث عمل والده كلاعب ومدرب.

ويحكي أتمان إيروش رئيس النادي "عندما كنا نلعب المباريات، وفقط قبل ركلة البداية كنت أرى طفلا صغيرا لم يتجاوز الثلاث سنوات من عمره يسير وهو يحمل كرة بين يديه، ويجلس معنا ويستمع إلى أحاديث الفريق".

ويضيف أنطونيو ريكاردي مدربه في نفس النادي عندما كان كيليان عمره 6 سنوات "كان بإمكانه أن يفعل أكثر من الأطفال الآخرين، مراوغاته كانت مذهلة، وسرعته كانت أكبر من الآخرين بفارق شاسع. كان أفضل لاعب رأيته خلال 15 عاما من التدريب هنا".

رغبة مبابي في التنافس وجهت أنظاره نحو إنجلترا، وتشيلسي كان مهتما للغاية بهذا الطفل الذي ذاع صيته في ضواحي باريس.

دانيل بوجا كشاف سابق في البلوز كشف عن أن والدة مبابي منعت نجلها من انتقال محتمل إلى مدينة لندن عام 2012، والسبب تشكيك مسؤولي النادي في قدرات نجلها.

ويقول بوجا في تصريحات نقلتها صحيفة ديلي ميل البريطانية: "جلبته للاختبار وكان برفقة أسرته، كان مهاريا مثلما كان الحال الآن، ولعب أمام تشارلتون وحقق الفوز بسبعة أهداف نظيفة".

وأوضح "بعد أسبوع تقريبا قلنا له [اسمع، نحن نقدر ما رأيناه منك ولكن علينا أن ندعوك لاختبار آخر وسوف نرى بعد ذلك]".

"أتذكر ما قالته والدته حينها، كانت تتحدث بالفرنسية وأنا أترجم.. قالت لي [اسمع، فتاي لن يعود للاختبارات مرة أخرى، إن أرادوا التعاقد معه فعليهم فعل ذلك الآن أو سيتوجب عليهم في خلال 5 سنوات أن يشتروه مقابل 50 مليون يورو]".

هكذا كان الإيمان.. إيمان بما يملكه اعترى جميع من حوله قبل أن يعتريه.

مبابي نفسه تتطرق إلى تلك الرحلة في لندن في حوار مع صحيفة تليجراف البريطانية قبل عامين.

وقال: "كانت تجربة رائعة أكسبتني الخبرة، تشيلسي كان أول نادي كبير أذهب إليه، لذا كان الأمر بمثابة اكتشاف لما أملكه بالنسبة لي".

"كان عالما جديدا لي، كنت أعرف كم أن النادي كبير ولكن ما رأيته من بيئة العمل وسعي دائم كثقافة للتطور والتحسن أذهلاني".

"هذا ساعدني على التطور لأن ما رأيته جعلني أرغب في التواجد بأماكن مثل هذه، أردت أن أصبح لاعبا كبيرا لكي أقدم المتعة إلى الجماهير".

وهكذا دائما يكون النضج: قدرة على رؤية الإيجابيات من بين ثنايا السلبيات، فبقدر ما تتعلم بقدر مالا تتألم.

طالع أيضا

محمد زيدان يسترجع ذكرياته مع شباك نوير

نفس الاسم والإمكانيات.. باريس سان جيرمان يراقب كيليان مبابي!

مدرب صن داونز يرغب في تفادي مواجهة الأهلي

مواجهة خاصة بـ رؤوف وجونيور أجايي

ميدو يسقط أمام الشباب

فالفيردي يتحدى ريال مدريد