كتب : معتز سيد | السبت، 10 نوفمبر 2018 - 20:41

إدارة الأهلي.. ونظرية قتل الضفدع الحزين

مجلس إدارة الأهلي

في عام 1872 أجرى العالم الألماني هاينزمان تجربة أطلق عليها اسم "الضفدع المغلي" أحضر طبقا مملوئا بماء عند درجة حرارة معتدلة، ووضع به ضفدعا، وبدأ تدريجيا في رفع درجة الحرارة. درجة، درجة.

ماذا حدث بعد ذلك؟ مات الضفدع بسبب ارتفاع درجة الحرارة.

في تجارب ألمانية عديدة سابقة لم يمت الضفدع وكان يحاول الهرب بسبب ارتفاع درجة الحرارة.

فما الفارق؟ هاينزمان كان يعتمد على رفع درجة الحرارة بشكل تدريجي بطيء، على عكس التجارب الأخرى التي كانت ترفع درجة الحرارة بمعدل سريع للغاية.

اختلاف النتيجة في التجارب، أطلقت سؤالا واحدا "ما الذي قتل الضفدع الحزين؟".

بعض الفلاسفة اتخذوا من تلك التجربة ترميزا مهما للغاية لما يمكن أن يسببه لنا التأقلم من الضرر ما قتل الضفدع هو عدم قدرته على اتخاذ قرار القفز من المياة، معتبرا التغيرات التدريجية التي تحدث لا تحتاج للرفض. تأقلم على الضرر.

قد تظن أنه ليس مهما أن ترفض التغيرات التي تحدث في حياتك لأنها بسيطة وطفيفة ولا تحتاج لقرار واضح رغم أنك لا تكون راضيا عن تلك التغيرات ولكنك لا تقاومها لأنها طفيفة، بل وتبدأ في التأقلم معها.

تلك التغيرات ستزيد حدتها تدريجيا وببطئ، وأنت لن تتحرك. مبروك، أنت الآن في طبق الضفدع الملغي. عندما تصل درجة الحرارة إلى الغليان ستكتشف أن أوان المقاومة قد فات، وأنت الآن أصبحت في كارثة سوداء. كارثة سوداء في ملعب رادس.

مجلس إدارة النادي الأهلي برئاسة محمود الخطيب وقف ساكنا، رافضا أن يقاوم التغيرات التي تحدث داخل النادي، لأنها من وجهة نظره، تغيرات طفيفة وبسيطة لا تحتاج لقرارات. النادي تأقلم على التعايش مع الضرر، فاستيقظ على كابوس خسارة نهائي دوري أبطال إفريقيا للمرة الثانية على التوالي.

الكارثة لم تكن في خسارة الأهلي أمام الترجي، بل في استسلام الأهلي. الترجي لم يجد أي مقاومة تذكر من الفريق الأحمر. والسقوط سيتواصل إذا استمر التأقلم على الضرر.

التأقلم على الضرر في لجنة الكرة

منذ الـ 21 من شهر ديسمبر من العام الماضي، وهو يوم تشكيل لجنة كرة جديدة في الأهلي، اتضحت طريقة عمل اللجنة.

لنتحدث هنا عن 4 نقاط من وجهة نظري هي من الأسباب الرئيسية في أزمة الأهلي.

نقطة الصفقات. نقطة تجديد العقود. نقطة قطاع الناشئين. نقطة شخصية الإدارة

لنبدأ بالصفقات الجديدة. تعامل الأهلي مع ملف الصفقات الجديدة للفريق خلال سوقي انتقالات، الوصف المثالي له هو "العيش على الماضي".

الأهلي اعتمد على الماضي في مفاوضاته مع اللاعبين. تناسى التطورات التي تحدث في الكرة حول العالم من أجل أمور هو نفسه عاد وناقض نفسه فيها!

مفاوضات مع حسين الشحات ومحمود متولي ومحمد مجدي "أفشة" ومحمد عنتر وعبد الله بكري ومحمود علاء ورامي صبري ومهند لاشين ومحمد حسن.

تنويه بسيط قبل الدخول في تفاصيل، هنا لا أتحدث عن فارق جوهري كان سيظهر إذا ضم الأهلي أي لاعب من الأسماء السابقة، الحديث سيكون عن الأسلوب والتأقلم على الضرر.

مسؤولو الأهلي شاهدوا بأعينهم ما يحدث في الكرة العالمية بشكل عام والمصرية بشكل خاص في سوق الانتقالات. شاهدوا الزمالك، المنافس المباشر يعزز صفوفه. شاهدوا نادي جديد يتأسس أمامهم بوابل من الصفقات وغيرها.

الأهلي تمسك بأسلوب "لن ننساق خلف الأسعار المجنونة. سنبحث عن لاعب بشخصية الأهلي"، لا مشكلة في ذلك.

إذا لماذا تعاقد الأهلي مع صلاح محسن بسعر يُصنف بكل تأكيد "سعر مجنون"؟

جميعنا نعرف كيف ارتدى صلاح محسن قميص الأهلي، بدعم كامل من تركي آل الشيخ رئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية.

الأهلي لم يُخرج من أمواله أي مقابل في صفقة صلاح محسن. إذا هل الأزمة هنا كانت في سعر الصفقات "المجنونة" أم أن الأهلي سيدفع من أمواله هذا السعر؟

صلاح محسن كان الصفقة الوحيدة في سوق الانتقالات الشتوية الماضي للأهلي. لا أتحدث هنا عن تأثير اللاعب من عدمه مع الفريق، بل أتحدث عن تناقض في مبدأ "لن ننساق" ثم "إعلان صفقة هي الأغلى لأي لاعب مصري".

في الصيف أعاد الأهلي ناصر ماهر وتعاقد مع أحمد علاء من الداخلية وساليف كوليبالي بطلب من باتريس كارتيرون.

وهنا سؤال جديد، كيف علمت لجنة الكرة أن هذا الثلاثي يمتلك شخصية الأهلي؟ كيف علموا بأن الثلاثي يمتلك كل المواصفات التي تقال دائما عن أي لاعب يريد اللعب في الأهلي؟

والنتيجة واضحة أيضا. ناصر ماهر "الذي يمتلك شخصية الأهلي ومن هنا عاد للنادي" فضل المشاركة في مباراة خماسية ودية قبل ربع نهائي دوري أبطال إفريقيا. شخصية رائعة.

اعتذر لكم، لنعود للماضي قليلا. كيف عرف الأهلي أن وليد أزارو وجونيور أجاي يمتلكان شخصية الأهلي؟

"هل يوجد أي لاعب محلي من الممكن أن يصنع الفارق مع الأهلي؟".. جملة تتكرر داخل لجنة الكرة في الأهلي ولدى بعض الجماهير. لا مشكلة ولكن دعونا نقلب السؤال.

كم لاعب من الأهلي إذا رحل الآن لفريق آخر سيصنع الفارق بشكل كبير مع فريقه الجديد؟ ربما إذا قمنا باستثناء 5 أو 6 لاعبين فالإجابة ستكون "لن يصنع أي أحد الفارق".

لجنة الكرة في الأهلي تأقلمت على ضرر عدم التعاقد مع صفقات قوية، متمسكة بأن "الأهلي سينتصر بأي 11 لاعبا يشارك". والآن بعد الوصول لدرجة "الغليان" هل ستتمسك اللجنة بمبادئها؟ ننتظر ونرى.

ضرر تجديد العقود

عبد الله السعيد. مثال جديد على التناقض الشديد في الأهلي.

في البداية، اشترط عبد الله السعيد مبلغا معينا للتجديد – وهذا حقه -، الأهلي حدد مبلغا معينا للاعب – وهذا حقه أيضا – إذا لماذا الإطالة الشديد في أزمة السعيد ثم التراجع؟

إذا ذهبت في مقابلة عمل جديدة، وطلبت الحصول على راتب 10 آلاف جنيه، ووجدت أن الشركة تعرض عليك الحصول على 500 جنيه، هل ستتفاوض أم سترحل؟ بالتأكيد سترحل لأن الفارق كبير للغاية للتفاوض. فارق يجعلك لا تتفاوض من الأساس على عكس لو عُرض عليك الحصول على 6 آلاف جنيه على سبيل المثال، وقتها ستتفاوض.

هذا ما حدث مع السعيد. الفارق كان كبيرا للغاية بين مطالب اللاعب وقرار الأهلي – معلومة وليس افتراضا-.

بعد وابل من الأيام المهدرة، الأهلي أبلغ السعيد بأن يبحث عن مستقبله والنادي لن يجدد له. السعيد بدوره بحث عن مستقبله ووجده في حقيبة ملونة بالأبيض والأحمر وتحتوي على 40 مليون جنيه.

وجميعنا نعرف ماذا حدث عندما عرف الأهلي ذلك. تراجع جديد وتنفيذ طلبات عبد الله السعيد، التي كان يصفها النادي في البداية بالمبالغة. تنفيذ المطالب جاء عن طريق تركي آل الشيخ.

لا يهم من نفذ المطالب في النهاية، ولكن لماذا التناقض؟ الإجابة بسيطة، لأنه ذهب لمنافس و"شكلنا هيبقى وحش".

الأهلي في تلك الأزمة ظهر خائفا وتائها وبلا أي قرار واضح وصريح. لن نجدد ثم جدد وبنفس المطالب.

قرار الاستغناء عن السعيد في النهاية، أراه قرارا صحيحا ولكن ما لا أراه صحيحا على الإطلاق هو التعامل مع ملف السعيد منذ البداية.

ونفس الأمر يتكرر الآن مع مؤمن زكريا. وأعلم جيدا أن الأهلي سيتراجع عن قراره إذا علم برحيل اللاعب لمنافس. إذا كنت لا تريد اللاعب فلتجعله يرحل دون أن تتراجع عن قرارك إذا علمت وجهته المقبلة.

ونفس الأمر سيتكرر مع أي لاعب في صفوف الأهلي في حالة استمرار التأقلم على الضرر.

ضرر قطاع الناشئين

** الأهلي يتعاقد مع ناشئين من فرق درجة ثانية وثالثة لتدعيم فريق الناشئين.

** رمضان صبحي هو آخر ناشئ مُفيد خرج من أكاديمية الأهلي للفريق الأول.

هل لجنة الكرة التي من ضمن مسؤوليتها "متابعة الناشئين وتقييم كافة الفرق في الأهلي" لا ترى وجود أزمة هنا؟

تبحث عن "شخصية الأهلي" وأنت أصبحت لا تُخرج أي لاعب يختلف عن أي لاعب متواجد في أي فريق آخر. والمشكلة ستستمر.

التأقلم على ضرر مستوى قطاع الناشئين سيستمر. والكل يدفع الثمن.

ضرر الشخصية

شخصية الفريق من شخصية الإدارة.

في النهائي أمام الترجي، الأهلي افتقده شخصيته وهيبته في المباراة. الفريق ظهر بلا أي شخصية داخل الملعب. ولكن ليس بالداخل فقط بل بالخارج أيضا.

مجلس إدارة الأهلي لم يتحرك وبقى ساكنا منذ لحظة إطلاق صافرة نهاية مباراة الذهاب وعلى الرغم مما يراه من تحرك مجلس إدارة الترجي.

منذ اليوم الأول للمجلس واعتمد على "الكبير لا يرد" أمام كل الإساءات التي نالت من المجلس. إساءات بشكل فج وواضح تجاه الشخصيات بأسمائها في المجلس.

الأزمة لم تكن في النقطة السابقة بل في هذا المنهج الذي اتخذه المجلس أمام كل الأزمات. لم يردوا أو يتحركوا أمام تحرك الترجي لأن "الكبير لا يرد".

مجلس إدارة الترجي تحرك وضغط بقوة وتسبب في رفع الإيقاف عن مدرج الفيراج – رغم صحة العقوبة – وكاد أن يتسبب في رفع الإيقاف عن ثنائي الفريق – رغم صحة الإيقاف أيضا –

هل إذا لم يتحرك الترجي، كانت ستخرج تلك القرارات من الاتحاد الإفريقي؟ هل كان سيعاقب أزارو – رغم اقتناعي بصحة القرار - ؟ الإجابة الأقرب هي لا.

والآن تعرض هشام محمد لإصابة بسبب اعتداء من بعض جماهير الترجي، والصمت مستمر.

هذا الصمت نُقل من شخصية المجلس لشخصية فريق الكرة. لا تنتظر أن تنتفض شخصية فرق الأهلي وشخصية الإدارة صامته ولا تتحرك.

عليكم بالمقاومة الإدارية والفنية لأن "التغيرات الطفيفة" ستزداد وتزداد لتصل لدرجة الغليان. ولا أحد يعلم توابع الانفجار الجديد هذه المرة.

** الجزء الأول من المقال مقتبس من جزء من مقال مطول رائع للكاتبة شروق مجدي في موقع منشور. وتم استئذانها لاستخدام الفكرة.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات