فريق سوريا.. عندما تمنح كرة القدم معنى جديدا لحياة لاجئ

الجمعة، 09 نوفمبر 2018 - 14:22

كتب : لؤي هشام

فريق سوريا أثناء مشاركته في كأس العالم للمجتمعات

"رحلت بسبب الحرب. مدينتي خطيرة للغاية. فقدت كل شيء. فقدت منزلي وعملي وسيارتي، وبعد الحرب توقفت عن كل شيء. توقفت عن لعب الكرة والعمل، كل شيء.. فقدت أصدقائي كذلك. أحيانا افتقدهم ولكن الحياة في مدينتي كانت صعبة وخطيرة".

قال مصطفى تلك الكلمات وهو ترتسم على وجهه ما يشبه ابتسامة.

لن يمكنك أن تتخيل أبدا أن هذا الفتى الشاب قد هرب من مدينته حمص قبل 3 أعوام بدون أي شيء على الإطلاق، وخلال الرحلة مر بالعديد من اللحظات المرعبة قبل أن يصل في النهاية إلى المملكة المتحدة.

ولكن كل ذلك سيتغير في ليلة حارة بشهر أكتوبر.

حينها سيقود مصطفى زملاءه من اللاجئين للوصول إلى نهائي كأس العالم للمجتمعات في أحد الملاعب المغلقة بسانت جورج بارك.. حينها ستعطيه كرة القدم معنى جديدا لحياته.

عندما ترى مصطفى لابد أن تنظر إليه مرتين للتأكد أنه ليس ذاك الشخص الذي تشاهده دوما على التلفاز.

ابتسامته التي تُظهر أسنانه الكبيرة، طريقة ركضه السريع دون توقف، كلها أشياء جعلته يشبه إلى حد كبير لويس سواريز مهاجم برشلونة، حتى أنه يقول: "الناس دوما ما يخبرونني بذلك، يقولون لي: سواريز، سواريز".

ربما لا يكون جيدا بما فيه الكفاية كي يلعب في برشلونة :) ولكن كرة القدم كانت ترافقه في موطنه إذ كان لاعبا شبه محترف في صفوف نادي الكرامة، الفريق الذي حقق لقب الدوري السوري 8 مرات من قبل.

وقصتنا بدأت قبل 3 أعوام. كان مصطفى يقضي أيامه الأولى في إنجلترا وكالعادة كان يلعب كرة القدم في الحدائق رفقة بعض الأصدقاء.. قبل أن يسمع عن منظمة "الشباب الإيجابي" وهي هيئة خيرية تأسست في مدينة كوفينتري.

الفريق الذي أسسته المنظمة الخيرية لم يكن هدفه لعب الكرة بالأساس وإنما بناء مجتمعات جديدة حول كرة القدم. كان ذلك قبل أن يسمعوا عن كأس العالم للمجتمعات.

بطولة تمثل العديد من الجنسيات المختلفة حول العالم والذين يتشاركون في لعب كرة القدم، والفريق الذي يلعب له مصطفى بدأ ينضم إليه أفراد آخرون ويزداد عدده أكثر فأكثر.

يحكي كومارك ويلان منسق منظمة الشباب الإيجابي للصحة والرياضة ومؤسس الفريق عن الحماس الكبير الذي تملك أشخاص عدة للانضمام إلى الفريق.

ويقول: "بعض الفتيان كانوا ينضموا إلى الفريق بعد مرور 3 أيام فقط على وصولهم إلى كوفينتري، من الرائع رؤية الطريقة التي ينظرون بها إلى بعضهم البعض، ورؤية تأقلمهم في بيئة جديدة تماما".

قصة مصطفى ضمن قصص أخرى كثيرة متشابهة في هذا الفريق من اللاجئين، بعضهم سيفترق عن أهله الذين ذهبوا إلى معسكر لاجئين في لبنان والبعض الآخر سيتوحد مع من يحبهم.

ولكن الأغلبية سيكون عليها التأقلم في إنجلترا حيث لا يوجد أحد معهم، ولهذا أتت فكرة فريق كرة القدم بحسب ما يؤكد ويلان.

حتى قدوم فصل الصيف لم يكن هذا الفريق قد اعتاد اللعب بأحد عشر لاعبا ولكنهم تجمعوا معا من أجل المشاركة في كأس العالم للمجتمعات تحت اسم.. "فريق سوريا".

والأمر سينتهي بعشر جنسيات تنطوي تحت لواء هذا الفريق.

خرجت فكرة كأس العالم للمجتمعات من ذهن حسين عبيد مسؤول المساواة في اتحاد بيرمينجام. البطولة أقيمت بالفعل و19 عشر مجتمعا مختلفا أبدوا اهتمامهم بالمشاركة فيما شارك 8 فرق بالفعل.

يوضح حسين عبيد الدفاع وراء ذلك قائلا: "الغرض الأساسي لم يكن رؤية كم كرة القدم جيدة ولكن كانت بشان توفير فرصة لتلك المجتمعات لكي يحتفلوا بثقافتهم وحبهم للعبة".

ويضيف "كنت أعلم ما يمر به هؤلاء الأشخاص من خلال الأخبار ولكن أن تسمعها منهم الأمر مختلف.. كيف يمكن لفتى في الـ18 أو الـ19 من عمره أن يمر بكل تلك الأشياء التي مر بها، هذا لا يجب أن يحدث".

"لكن كل هذه الأشياء أصبحت خلف ظهورهم لـ90 دقيقة، هذا ما يجب أن تكون عليه كرة القدم".

التكهنات كلها كانت تشير إلى أن هذا الفريق صغير السن الذي لا يتمتع بخبرة كبيرة سيغادر البطولة مبكرا ولكن بعد هزيمتين ثقيلتين - واحدة منها أمام فريق الجزائر بنتيجة 10 مقابل 3 - انقلبت الأمور رأسا على عقب.

فريق سوريا نجح في احتلال المركز الرابع بالمجموعة الوحيدة في البطولة التي ضمت 8 فريق، وكان ذلك يعني تأهله إلى نصف النهائي.

وأمام فريق "برازيل بيرمينجام" أتى الانتصار ملحميا. هدف في الدقيقة الأخيرة أعلن وصولهم إلى النهائي، وهم الذين توقع الكل مغادرتهم سريعا.

النهائي فرض مواجهة متجددة أمام فريق الجزائر، والأخير يمثله مجموعة من اللاعبين الأقوياء الذين يلعبون مع بعضهم البعض منذ عدة سنوات.

حسنا، لم تكن هناك قصة خرافية جديدة، وسوريا خسرت أمام الجزائر 4-0، ولكن ذلك لا يهم.

مصطفى انضم للعمل في مؤسسة "الشباب الإيجابي" وكان دوره مساعدة الوافدين الجديد. وفريق كرة القدم كان مجرد جزءا من محاولة خلق حياة عادية في بلد جديد.

يبدو مصطفى مكتئبا أحيانا ولكنه رغم ذلك يشعر بالأمل، ربما لم يكن ليغادر حمص إن كان بمفرده ولكنه غادر من أجل زوجته وأطفاله الثلاثة.

"لا أعلم إن كنت قادرا على العودة إلى بلدي من جديد، لا أعلم المستقبل. ولكن هنا بدأت حياة جديدة وعمل جديد رفقة أصدقاء جدد، أنا سعيد ولدي أحلام كبيرة".

ربما لن يعود مصطفى إلى بلاده من جديد ولكن الأكيد أن كرة القدم ساهمت في منحه فرصة التعرف على حياة جديدة.. حياة لن يسمع فيها أصوات الانفجارات وصرخات الضحايا.

*التقرير مقتبس من صحيفة جارديان البريطانية

اقرأ أيضا:

ملف في الجول.. استعد للنهائي الموعود بين الأهلي والترجي

صحف تونس تتوقع تشكيل الترجي أمام الأهلي

ديل بييرو.. رجل فاقت سيرته سقوط جدار برلين

مورينيو: علينا التفكير في اللقاء بحد ذاته بعيدا عن فارق النقاط مع سيتي

لاعب الترجي السابق: ما حدث في الإسكندرية لا يقارن بما واجهناه أمام مازيمبي

التعليقات