أسرار المونديال – صدمة في ماراكانا

الجمعة، 18 مايو 2018 - 16:30

كتب : إسلام مجدي

البرازيل ضد أوروجواي

مدينة ريو دي جانيرو معقدة للغاية، طريق سريع يفصل الأثرياء والفقراء، مناطق شهيرة للغاية مثل جبل شوجر لوف، وتمثال المسيح الشهير وبالطبع ملعب ماراكانا ذلك الملعب الذي شهد العديد من لحظات الإثارة والمتعة وحبس الأنفاس والجنائز أيضا.

المنتخب البرازيلي الذي اشتهر بنجومه الكبار واحتفالاته وكرته الجميلة، امتلك أيضا ذكرى وتاريخ يرغب في نسيانه، ومتهم عوقب للموت على جرم لم يرتكبه قط.

مرت 20 عاما على كأس العالم الأولى 1930، العديد من الدول تقدمت لاستضافة كأس العالم 1950، لكن تلك الكأس حملت للبرازيل الكثير من الحزن في طياتها.

البرازيل امتلكت في ذلك الوقت ما عرف بالثلاثي المميت، زيزينيو وأديمير وجاير، وقتها كانت الدولة خاضعة لحكم الجنرال يوريكو دوترا، والذي حاول تقديم بنية ديموقراطية لإدارة الدولة بعد عقد من الزمان تحت سيطرة الجنرال فارجاس وحكمه الديكتاتوري.

وقتها أيضا كان هناك العديد من المهاجرين سواء من السلفادور أو دول أخرى قد وصلوا إلى الأرجنتين وعملوا في آخر عامين لبناء ملعب جديد سمى بـ"ماراكانا" قبل بداية كأس العالم.

افتقرت البرازيل في ذلك الوقت للصناعات وبينة تحتية قوية لوسائل النقل، الدولة لم تبدأ في التحضر سوى مؤخرا وبالتالي كان كل شيء في أوله تقريبا، التفاهم الاجتماعي كان يتحسن في ذلك الوقت لكنه ليس الأفضل، لازال هناك ترقبا لما عرف وقتها بينهم بـ"ديموقراطية دوترا".

طالع أيضا.. (شعوب المونديال - البرازيل 1950.. حلم التحول إلى دولة عظيمة انتهى على كابوس الماراكانا)

Image result for brazil wc 1950

الفكرة الرئيسية هي أن بناء استاد قوي وحديث في مدينة ريو سيوضح أن البرازيل أصبحت تمتلك نوعا من القوة الاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي احتاج آلاف العمال لكي يشيدوا هذا الصرح بأرواحهم لتنفيذ المشروع الصعب في سباق مع عقارب الساعة.

البرازيليون شاهدوا ذلك الأمر وكأنه بداية حياة جديدة، الآباء والأبناء عملوا سويا لبناء ماراكانا، العديد من المهاجرين بنوا ذلك الملعب، والبرازيل أقنعتهم أنها مرنة وتحتوي الجميع.

ووقت اكتمال الاستاد سارعت الصحف بالثناء على هذا الصرح والاحتفاء به. "اليوم أصبحت تمتلك البرازيل أكبر استاد متكامل في العالم، يوضح التزام شعبها وتطورها في كل الأفرع الخاصة بالنشاط البشري". كان ذلك عنوان صحيفة "آ نويت".

كان مسطحا بنسبة 360 درجة، وتصميمه في ذلك الوقت كان خياليا مقارنة بتلك الحقبة.

Image result for maracana 1950

النقاد لم يعجبهم ذلك الأمر وقالوا إن تلك الأموال كانت يجب أن تصرف على المدارس أو المستشفيات لكن ليس ملاعب كرة القدم، لكن كان هناك ردا واحدا "كرة القدم بإمكانها أن تعالج هذه الأمة". لم تعارض الحكومة طلب النقاد لكنها طلبت منهم دعم فكرة الملاعب لأنها يوما ما قد تصبح أكثر أهمية.

كانت هناك علاقة وطيدة بين العديد من اللاعبين وعمال البناء الذين شيدوا الاستاد وبالتالي خلق ذلك حسا وطنيا في ادلولة بالكامل، كان هناك عددا من اللاعبين خاصة أصحاب البشرة السمراء مثل باربوسا وبيجودي يتحدثون كثيرا مع العمال ويحاولون بث الروح أثناء البناء، كانت علاقة فريدة حتى أنهم أصبحوا أصدقاء فيما بعد.

Image result for brazil wc 1950

أوروبا على الجانب الآخر شاهدت البرازيل بترقب، خاصة لأن الأمر لم يكن يتمحور حول طبيعة الشعب أو الفن أو الموسيقى، لكن لامتلاكها أفضل اللاعبين المهاريين في العالم وأيضا كانوا سمر البشرة.

وفي الأشهر القليلة قبل بداية كأس العالم اشتعلت الحرب الباردة، الموقف ساء كثيرا في كوريا واستمر الوضع حتى قبل انطلاق البطولة بيوم وحيد.

جوزيف ماكارثي السيناتور الأمريكي بدأ حربه ضد "الحمر الملعونين من الله" وكان ذلك التمهيد لحرب فيتنام الشهيرة، ثم ظهرت أنباء تقول إن إسكتلندا لن تشارك في كأس العالم.

إسكتلندا في ذلك الوقت قالت إنها لن تشارك في البطولة إلا لو فازت بالمركز الأول في بطولة بريطانيا، لكنها حلت في المركز الثاني خلف إنجلترا التي شاركت للمرة الأولى في تاريخها بكأس العالم عام 1950. أما إسكتلندا فرفضت المشاركة. الهند رفضت المشاركة في كأس العالم بدورها اعتراضا على قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بمنعهم من اللعب حفاة القدم.

بدأت روح كأس العالم تظهر على مدينة ريو، العديد من الملصقات الدعائية وصور اللاعبين وصور كأس العالم نفسه خاصة المجسم الكبير لكأس العالم الذي جاب الشوارع في كرنفال ريو.

Image result for brazil world cup 1950

أسرار أخرى في المونديال.. (معركة ريفير بليت)

المنتخب البرازيلي كان قد أعد عدته ليبهر العالم خاصة وأن الثقة كانت تملؤه بأنه سيتوج بطلا، بامتلاكه للثلاثي القاتل وخط وسط قوي وباربوسا في حراسة المرمى خاصة وأن الأخير لم يكن يرتدي قفازات في يده لأنه كان يحب الشعور بالكرة بين يديه العاريتين.

في افتتاح البطولة تم إطلاق 5000 حمامة في السماء وو21 رصاصة للتحية، البرازيل بدأت بعد ذلك البطولة وكان واضحا أنه لا أحد يستطيع إيقافها، انتصار كبير ضد المكسيك برباعية نظيفة ثم تعادل بنتيجة 2-2 ضد سويسرا وأخيرا في المباراة الثالثة ضد يوغوسلافيا وأمام 160 ألف متفرجا ومع العديد من حالات الإغماء بسبب درجة الحرارة الشديدة وتم تجاوز مراكز الإسعافات الأولية، حتى أن البرازيل استفادت من الاستاد الذي لم يكتمل بناؤه بالكامل بعد عندما اصطدم رأس ميتي اللاعب اليوغوسلافي بعارضة حديدية قبل المباراة مباشرة لتبدأ يوغوسلافيا المباراة بـ10 لاعبين. وفازت البرازيل بنتيجة 2-0.

تأهلت البرازيل بعد ذلك لتواجه السويد وتحطمها تماما بنتيجة 7-1 ثم إسبانيا بنتيجة 6-1 كل ذلك أمام عدد مشاهدين تخطى الـ150 ألف. ما يعني أن الانتصار أخيرا ضد أوروجواي يمنحهم اللقب الغالي في أول نهائي لهم.

كان تقريبا أجمل يوم في حياة عديد من البرازيلين، طريقة اللعب كانت رائعة والأهداف غزيرة والجميع كان يغني "أوليه أوليه" كلما لمس لاعب برازيلي الكرة. المباريات كانت تلعب وسط عزف الموسيقى وصرخوا للإسبانيين Adios.

في تلك المرحلة بدأت المشاكل تظهر للبلد المضيف، أثقلوا كاهل المنتخب بالعديد من التوقعات الكبيرة، أحد أعضاء مثلث الموت جاير شرح الأمر بعد ذلك مشددا على أن الضغط تزايد على عدد من اللاعبين حتى أنهم كانوا يخشون اقتراب موعد المباراة.

"على الرغم من أننا لعبنا بطريقة رائعة في المراحل الأولى من البطولة، كان هناك عبء كبير علينا كنا نشعر بذلك الثقل على كاهلنا وروحنا، قبل كأس العالم كنا نعيش كالرهبان ويتم إخبارنا متى نأكل ومتى ننام وحتى متى ندخل إلى دورة المياه، يوم بعد يوم، في بعض الأيام كان ذلك يقودك إلى الجنون".

"بعد الفوز ضد إسبانيا والسويد كل شيء تحول إلى جنون في البرازيل، في ذلك الوقت كانت هناك انتخابات البلدية في ريو، وكل السياسيين فجأة أرادوا أن يعرفوننا، الأمر كان جنونا، زيزينيو قال للمدرب أرغب في أن أتناول عشائي ولا أريد مقابلتهم، لكن فجأة كنا نرقص بناء على نغماتهم ووفقا لما يرغبون".

"لمدة أسابيع لم يكن مسموحا لنا أن نرى زوجاتنا أو أبنائنا، لم نحب الأمر، المدربون يجب أن يتحملوا قليلا من اللوم بسبب ذلك الأمر، أعتقد أنه قبل مواجهة أوروجواي في 1950 كان دليلا على أن النيران سترتد في وجهنا، أسوأ شيء قد أتذكره هو أننا تم تقديم ساعات ذهبية لنا وكتب عليها لأبطال كأس العالم، مجددا أنا وزيزينيو نظرا لبعضنا البعض وقلنا إننا لم نفز بعد، تم إخبارنا أن نرتدي الساعات على أي حال لأنها للدعاية".

كان هناك يومان فقط كفاصل بين مباراة إسبانيا ومواجهة أوروجواي، خلال ذلك الوقت الذي يبدو قصيرا لنا تم بيع ما يقرب من مليون قميص حمل شعار "أبطال العالم". وقبل المباراة بيوم كتبت صحيفة "جازيتا سبورتيفا" :"غدا سنفوز ضد أوروجواي". أما صحيفة "دياريو جاريوكا" :"عالم كرة القدم لديه سيد جديد، البرازيل اسم نجم جديد".

أسرار أخرى في المونديال.. (أبناء زائير "اللقطاء")

قال جاير :"كانت تراهات صاخبة وسيئة للغاية، لقد كانت تراهات كثيرة لم نتحملها، لم يبالغ أي من اللاعبين في ثقته بنفسه، يمكنني أن أؤكد لكم ذلك، علمنا أن هذا الهراء سيحدث منذ أشهر، بعضنا لم يفهم موقف فلافيو كوستا مدربنا، على جانب كان يتحدث مع الصحفيين على أننا لا يجب أن نقلل من الأوروجوانيين وكيف أن إراحة ليونيداس في 1938 جعلتنا نخرج من نصف النهائي، لذا كان مدركا للسقطات، وعلى الرغم من ذلك كوستا كان مرشحا في انتخابات ريو وكان جزء من السيرك المنصوب حولنا".

"جعلنا كل ذلك نتوتر، لم نعلم ماذا نفعله، كنا بلا مدرب والجميع كان يستغلنا، هل هذه هي كأس العالم؟".

Image result for brazil world cup 1950

يوم المباراة ضد أوروجواي ما يقرب من 200 ألف شخص –العديد منهم كانوا بلا تذاكر- يحاولون الدخول إلى ملعب ماراكانا، واحتاج المنتخب البرازيلي فقط للتعادل لكي يتوج بطلا لكأس العالم لأول مرة في تاريخه.

أهم شيء حدث قبل المباراة أنه لم يمت أحد في التدافع للدخول، كان هناك عشرات الآلاف من الجماهير بدون تذاكر ويدفعون ويرغمون الجميع على السماح لهم بحضور المباراة.

قبل بداية المباراة قام أنجيلو مينديز عمدة ريو بالتحدث عبر 254 مكبر صوت للجماهير واللاعبين وقال :"أنتم واللاعبون بعد ساعات قليلة ستتم تهنئتكم كأبطال بواسطة الملايين، لا يوجد منافس لنا في العالم، أنا أحيي المنتصر فعليا الآن".

الدفاع الأوروجواياني كان منظما للغاية على الرغم من قوة مثلث الموت، إلا أنهم دافعوا بقوة كبيرة حتى أتت الدقيقة الـ28 وبدا واضحا فارق القوة، إذ أن أوبدوليو فاريلا قائد أوروجواي قد قام بضرب بيجودي الظهير البرازيلي الذي ظل يتعافى لوقت من تلك الضربة.

تقدم فرياكا للبرازيل مع بداية الشوط الثاني، بدأت الألعاب النارية في الانفجار داخل ماراكانا، كان هذا الهدف كترسيخ للاعتقاد لدى البرازيليين أنهم الأبطال فعلا، وتم رفع الضغط الكبير الذي كان على عاتق اللاعبين. لكن موعد الصدمة لم يحن بعد.

تحول لعب البرازيليين إلى الحذر الكبير والدفاع، وفجأة غطت الحماسة التي طغت على الجماهير كامل أركان ماراكانا، لم تهاجم البرازيل بعد الهدف، لأول مرة في البطولة اعتمد البرازيليون على الدفاع، ولكنهم لم يلحظوا أنه لم يختبر فعليا طيلة كأس العالم، ثم جاءت كرة وحيدة لـ جاير اصطدمت بالعارضة، كان ذلك الهدف الثاني لينهي الأمور تماما لأوروجواي. التكتيك كان غريبا على البرازيليين ومنحوا أوروجواي الفرصة.

في الدقيقة 66 أرسل فاريلا الكرة إلى غيجيا الذي راوغ بيجودي كما لو أن مدافع البرازيل لم يكن موجودا ومرر الكرة إلى سيكيافينيو الذي سجل هدف التعادل.

"بعد ذلك الهدف كان يمكنك سماع أي شيء يسقط على الأرض، صمت مطبق رهيب وكأن الملعب خالي، لكن التعادل كان كافيا لنا لنتوج بالبطولة".

مع تبقي ما يقرب من 10 دقائق على نهاية المباراة، مرر غيجيا الكرة بينه وبين بيريز ليتخطيا الثنائي جاير وبيجودي وسجل غيجيا الكرة ببراعة لتسكن الشباك. باربوسا كان أفضل حارس قبل النهائي، لكن في المباراة النهائية كان بعيدا عن مستواه حسب وصف جاير.

الجماهير في ماراكانا صعقت، الصدمة كانت كبيرة، والصمت أطبق على المكان، الدقائق الأخيرة لعبت كما لو أنها اللحظات الأخيرة في عمر هذا المنتخب.

جول ريميه وقف من مقعده بعد الهدف الثاني رغم مرضه لم يتمكن من الجلوس حتى نهاية المباراة، لكنه صامت مثله مثل الملعب والصدمة كبيرة للغاية.

ما كسر ذلك الصمت المطبق على المكان هي صافرة الحكم الإنجليزي جورج ريدر لتسلم الجائزة أمام أعين البرازيليين إلى فاريلا قائد أوروجواي. ليتبع ذلك حالات انتحار من الملعب وأيضا حالات إصابة بالسكتة القلبية من الحزن.

الأمر كان أشبه بالجنازة خارج الملعب، والمشهد كان كالتالي المباراة كانت في تمام الثالثة مساء بتوقيت البرازيل وحتى الخامسة، بعدها كنت تسير في شوارع ريو إما ترى الصمت مطبق على وجوه البعض، أو تجد البعض يجلس على الطريق ويبكي بشدة أو البعض يصرخ في ألم شديد، أو حتى هناك من يتحدث إلى نفسه ويطرح العديد من الأسئلة دون هدف واضح. الصدمة كانت قوية للغاية.

التخيلات حول ذهبية البرازيل والأغنية المعدة مسبقا من أجل الانتصار، لم يخرج أي من هذه الأشياء إلى النور، ثم تم تحطيم تمثال الانتصار لعمدة المدينة خارج ملعب ماراكانا، كانت تلك أول كأس عالم بعد الحرب وأول بطولة حديثة لكن اسم البرازيل الديموقراطية لم يكتب بجانبها.

Image result for brazil world cup 1950

العديد من النظريات وضعت بعد تلك الخسارة، لكن الأحداث التي تمت كانت سيئة للغاية وتلك كانت المأساة بالفعل.

جوناثان ويلسون شرح في كتابه الشهير "الهرم المقلوب" طريقة لعب فلافيو كوستا مدرب البرازيل، وضمن شرحه كان بيجودي الذي بدا كجناح أيسر أكثر من ظهير أيسر، ما جعله مكشوفا للغاية أمام سرعة غيجيا.

أما النقاد في البرازيل فقالوا إن القمصان البيضاء ذات الياقات البيضاء لم تكن وطنية كفاية وكان لها تأثير نفسي وأخلاقي على تمثيل المنتخب في المباراة.

شيكو بواهكي الموسيقي البرازيلي الشهير قال :"حينما احتاج اللاعبون إلى ماراكانا، ماراكانا كان صامتا".

بين اللاعبين البرازيليين خاصة في الأعوام التي تلك كأس العالم كان هناك تقبلا طفيفا أن أوروجواي وعزيمتها في القتال والتقليل منها كان السبب الرئيسي وراء الخسارة، حتى أن رئيس الاتحاد الأوروجوياني في ذلك الوقت قلل من قيمة منتخبه وهو ما دفع اللاعبين للرد. إذ أن جاكوبو صرح عشية المباراة :"ما يهمنا أن البرازيل لا تسجل 6 أهداف، إن سجلوا 4 فمهمتنا قد نجحت". حتى أن أعضاء الاتحاد الأوروجوياني ذهبوا إلى منازلهم ولم يشاهدوا المباراة من الملعب خشية مما سيحدث لفريقهم.

Related image

فاريلا قائد أوروجواي كان يسير في الفندق ووجد صحيفة "أو موندو" وطبعت صورة المنتخب وكتبت عليها هؤلاء أبطال العالم، فقام اللاعب بشراء نسخا عديدة ووزعها على زملائه قبل المباراة وأخبرهم ألا يطيعوا تعليمات مدربهم خوان لوبيز وأن يهاجموا البرازيل بضراوة خاصة من الجانب الأيمن عوضا عن اللعب بطريقة دفاعية بحتة.

قال جاير :"أعرف فاريلا جيدا، كان لديه تأثيرا كبيرا على أوروجواي، أكثر من أي شخص آخر فعل بالنسبة لنا، حتى حينما سجلنا، فاريلا جادل الحكم على أن الكرة تسللا، وكان يقود فريقه بكل الطرق في ذلك اليوم".

Image result for brazil world cup 1950 obdulio Varela uruguay

بعد المباراة وليلا اتجه عدد من مسؤولي الفريق الأوروجوياني إلى الملاهي الليلة في ريو للاحتفال لكنهم نصحوا اللاعبين بالبقاء في الفندق تجنبا للمشاكل، وفاريلا تم منحه سيارة "فورد" جديدة كمكافأة على جهوده لكنها سرقت بعد أسبوع في مدينة مونتفيديو.

فاريلا لم يستمع إلى كلمات أحد واتجه إلى الملاهي الليلة للاحتفال ووقتها عرفته الجماهير البرازيلية لكن على غير المتوقع قاموا بتحيته لما قام به في المباراة. لم يكن هناك غضبا تجاه أوروجواي، لكنه تجاه الوطن.

الصحافة البرازيلية في الأيام التالية كانت تبحث عن كبش فداء، والأمر كان سهلا عليهم اختيار بيجودي وجوفينال وباربوسا، الثلاثي لم يكن جيدا في الإجابات مثل زيزينيو وجاير كلاهما كان يتحدث بطريقة جيدة ويعلم لماذا خسر المنتخب لكن هؤلاء فلا.

تم إلقاء اللوم على باربوسا وتحولت حياته إلى جحيم، الثلاثي كان أسمر البشرة وعانوا كثيرا خاصة وأنهم لم يكونوا بالجرأة الكافية لخوض ذلك القتال. وجاير حاول الدفاع عنهم بتصريحه الشهير :"أوروجواي كان لديها 4 لاعبين سمر البشرة وفازوا، لون البشرة لا علاقة له بالفوز أو الخسارة".

"الدولة جعلت من بيليه أيقونة، لكن باربوسا تم تعذيبه باللوم حتى مات، المشكلة كانت أنه شخص مرح وجيد للغاية وصحبته جيدة جدا ولم يكن سيئا بأي شكل وحتى أنه لم يكن خطأه، زيزينيو فعل أفضل ما لديه لحمايته، أما الثنائي جوفينيال وبيجودي ارتحل كثيرا، وكانا يتجنبان الحديث عن صدمة ماراكانا".

Image result for brazil world cup 1950 barbosa

وهناك واقعة شهيرة توثق تلك التصريحات هي اتجاه باربوسا بعد عدة أعوام من كأس العالم 1950 إلى مخبز، لتقول امرأة إلى طفلها وهي تشير إليه :"انظر هذا هو الرجل الذي جعل كل البرازيل تبكي".

لم يلعب باربوسا مع البرازيل مرة أخرى، والجميع كان يتجنبه بل ووصل الأمر إلى حد البصق عليه وكأنهم لم يشاهدوا المباراة أو يعرفوا ظروفها جيدا. آخر حاثة سيئة حدثت لباربوسا كانت حينما ذهب لمقابلة فريق البرازيل عام 1994 لكنهم رفضوا خوفا من أن يلعنهم ويكون نذير شؤم.

ومع انتشار العنصرية ربما كان ما حدث لباربوسا ومع تجاهل كونه واحد من أفضل الحراس في ذلك الوقت يرجع إلى لون بشرته لا أكثر.

بعد وفاته اتجه زيزينيو إلى برنامج تلفزيوني ووجه حديثه إلى الصحفيين الذين فضلوا مهاجمته على ذكر الظروف الحقيقية للخسارة :"أنتم قتلتموه، أنتم عذبتموه حتى وصل إلى القبر".

أما آخر تصريح عرف لباربوسا كان :"في البرازيل أقصى عقوبة لجريمة قد تعاقب عليها هي الحبس ل،30 عاما، أما أنا فأدفع لمدة 43 عاما ثمن جريمة لم أرتكبها".

*المصادر: (كتاب قصة كأس العالم - كتاب التاريخ المظلم لكأس العالم - عدد من الصحفيين البرازيليين - فيلم جاير - كتاب الهرم المقلوب)

طالع كل تغطية FilGoal.com وتقارير كأس العالم من هنا

التعليقات